أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - حسن الهويدي - تدمر في الذاكرة.. في الطريق إلى تدمر... مشاهد من التعذيب في سجون التحقيق5















المزيد.....

تدمر في الذاكرة.. في الطريق إلى تدمر... مشاهد من التعذيب في سجون التحقيق5


حسن الهويدي

الحوار المتمدن-العدد: 1482 - 2006 / 3 / 7 - 11:28
المحور: أوراق كتبت في وعن السجن
    


أستيقظت من نومي، لا ادري كم دامت ساعات الالم العميقة رغم النوم، كانت ليلة صعبة في غرف التحقيق، منتقلا من محقق إلى آخر، بدا لي انه النهار حيث بدأت آذناني تسمع أصوات أجراس كنسية تقرع ، وجوقة من أصوات أطفال صغار وكأنهم في باحة مدرسة، آذناني التي فقدت السمع بها من كثرة الصفع عليها بدأت تستعيد عافيتها رويداَ رويدا..
فتح احدهم الباب الرئيسي، وهو يدمم بصوت منخفض قائلا
- حط البلاو هون يا ابن القحبة .
وبدأ بفتح باب الزنزانات إلى أن وصل إلى الزنزانة التي أنا فيها، وطلب مني إخراج الأواني ليوضع لي الطعام المخصص فيها، ولأتمكن من الخروج إلى دورات المياه.
طلب من كل سجين إن يذهب لقضاء حاجتة في أقل من دقيقة واحدة، وهي الزمن الذي يتوجب عليك فيه أن تقضي فيها حاجتك من التبول أو لتغوط وغسل الأواني التي تضع فيها الطعام وتكون في أغلب الأحيان مليئة بالبول نتيجة لعدم السماح لنا بالخروج إلى دورات المياه الا مرة كل 24 ساعة، الامر الذي يضطرنا للتبول فيها أوالتغوط أحيانا نتيجة الإسهال المفاجىء الذي كان يصيبنا، ثم افراغها عند الصباح ووضع الطعام فيها بأوقاته.
ضرب بسوطه باب الزنزانة...
- اخرج يا ابن القحبة معك دقيقة ونصف تذهب إلى دورة المياه وتأخذ الطعام مفهوم.
نظر إلى يده ومن ثم إلى الساعة وصاح: انطلق،
خرجت مسرعا ودخلت إلى دورة المياه قضيت حاجتي وغسلت الأواني التي بيدي وخرجت، طلب مني أن أضع الأواني على الأرض كي يضع السخرة فيها طعام الفطور.
صاح بي قائلا: يا ابن الشرموطة لقد تأخرت عشرة ثواني ولازم تتعاقب على التأخير، مد يدك
مددت يدي وطلب مني أن اعكسها ورد قائلا.. كل ثانية بكرباج عشرة ثواني عشرة كرابيج.. رفع يده إلى الأعلى وبدأ يضرني بقوة إلى أن انتفخت يداي وازرق الجلد وخاصة أظافري، وبخششني بضربة أخيرة على الرأس وطلب مني حمل الطعام والدخول إلى الزنزانة، دخلت وأغلق الباب، وفتح نافذة صغيرة متداخلة ضمن الباب وهمس لي قائلا
اليوم يابن العرصة راح تكون نهاية حياتك، جاسوس وعميل، ولك حرام ها الأكل يدخل في بطنك والله اليوم أوريك شي ما شفتوا من يوم ولدتك أمك...
وأغلق النافذة وتابع عمله، لكن شرد ذهني في الكلام الذي قاله عما كنت قد فعلت شيء في حياتي، والرعب والخوف من تهديده اجتاح كل جسدي ولم استطع أن أكل لقمة واحدة
بقيت أفكر بكلامه..
الوقت يمربطئياَ، هو يوم الأحد وقد عرفته من خلال أجراس الكنسية التي كانت تقرع وجوقة الصغار
والظهيرة من خلال صوت المآذن في المسجد القريب من المكان استطعت أن احدد الوقت ما بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء.
طول النهار والساعات الماضية من الليل، وبعد آذان العشاء، فتح احدهم باب الزنزانة وقال:
شو اسمك..
حسن
دير وجهك باتجاه الحيط وأيديك ورا ظهرك
قيد يدي وعصب عيني وأمسك بي من يدي وسرت معه وأنا متجه عكسه إلى إن وصل بي إلي المكان الذي يريد، طلب مني الجلوس على الأرض، كان الجو باردا بعض الشيء قياساً على الأيام الثلاثة الماضية، كنت اسمع أصوات ناس يعذبون في الداخل والضرب والصراخ يملؤ المكان، كانوا يحققون مع احد الأشخاص الذي اعرفهم وكان السؤال عني وعلاقتي بتنظيم العراق انه صوت احد أقاربي كان يقدم الاعترافات لهم وعلاقته بي، ولكن ما أراحني من الكلام الذي سمعته منه هو أنني لست على علاقة بتنظيم (اليمين المشبوه) حسب قوله، اخذ ذلك بعض الوقت ثم جاء احدهم ومسك بيدي وجرّني إلي داخل الغرفة، وبدأ يسألني عن علاقتي بالتنظيم والجناح العسكري من التنظيم، أكّدت له أنني من المستحيل أن انتمي إلي تنظيم حزب البعث سواء كان في سورية أو العراق، طلب مني أن أوضح معنى ذلك فقلت له دون أي سبب، فرد لي قائلا هذا الكلام لا ينفع هنالك أشخاص قد اعترفوا عليك بعلاقتك بتنظيم العراق، طلبت منه أن يقابلني بهم وأنا مستعد أن أواجه أي شخص يعترف بهذا الكلام..
رد قائلا اسكت ياعرصة نحن من يقدر ذلك
رقيب محمد هات الدولاب وحط هل العرصه فيه حتى يعترف امسك بي اثنان من كتفي وبطحوني أرضا وأدخلوا رأسي وقدمي بالعكس وربطوا رجلي بحبل من النايلون مربوط على ما أظن بعصا ولفّ الحبل حول قدمي بقوة حتى شعرت أن الحبل بدأ يغرز في اللحم، وبدؤوا بضربي بكابل رباعي مصنوع من البلاستيك والفولاذ والنحاس.
وهذا الكبل عادة يستخدم في القطاعات العسكرية لوصل التيار الكهربائي ويسمى الكبل الرباعي، وكان احدهم يطلب مني أن اعترف أنني منظم لصالح العراق وأنني نقلت أسلحة من العراق إلى سورية، ومن ثم نقلها إلى حماه عن طريق الصحراء، أدركت أن ذلك الكلام خطير رغم الوجع والعذاب الذي أنا فيه وهذا فعلاً ليس لي به علاقة لا من بعيد ولا من قريب، وصممت أن لا أتكلم، رفسني أحدهم بحذائه على وجهي وهو يقول لي والله يا ابن الشرموطة بدك تعترف غصباً عن ربك..
شوف ولاك أموتك اليوم إذا ما اعترفت..
سيدي ما عندي شيء اعترف من أجله
شو يا ابن القحبة
صاح أحدهم أنه لي
أحسست أن صاحب الصوت قد أقترب مني، تلقيت منه ضربة على وجهي ووضع حذائه داخل فمي وطلب مني الاعتراف بينما كان آخر يجلدني بالكرباج على أسفل قدمي، كان الوقت يمر ولا أدري عنه شيئا إلا أنني أرغب في الخلاص من هذا العذاب والألم الذي أنا فيه..
طلب أحدهم من الذين يعذبونني أن يخروجوني من الدولاب، وخلع ثيابي التي تغطي ظهري
فكوا لي القيود ونزعوا كل الثياب التي تغطي ظهري، وبدأو بجلدي على الظهر ألي أن فقدت جزءا من الوعي الذي كنت أحاول أن أبقيه كي أدرك ماذا أفعل إلا أن ذلك خرج عن أرادتي وفقدت كامل وعيي.
أستيقظت وأنا ارتجف من البرد، أحسست أن شيئا رطبا يسيل من تحت جسدي المفروش على الأرض
لا أدري هل هو بول أم انه الماء الذي ربما صبوه على جسدي لأستعيد وعيي، وكي أتأكد من ذلك ممدت يدي ألي شعر رأسي وجدت انه مبلل بالماء، ارتحت لأنني لم افعلها.
بقيت ممدا على الأرض والأصوات من حولي.
سمعت صوتا يبدو أنه صوت المساعد يحيى.. قال لي شو يا حسن اعترف ما أحسن إلك من أن تموت وأنت ما زلت شابا والحياة أمامك.. تعترف الآن أطلق سراحك..وحياة رسول الله
حسن في يمثل يقول (ألف أم تبكي ولا أمي ) أعترف على هؤلاء الكلاب وتخلص من التعذيب الذي أنت فيه
رددت عليه.. يا سيدي عن شو أعترف أنا لستْ على علاقة مع أحد لا من بعيد ولا من قريب ليش سيادتك مصرّ أنني منظم أنا لست منظم.
رد قائلا .. شوف إذا أنت مصدق أنك ما ألك علاقة هذه صعبة شوية عليَ لأنو أنا مش مصدق أنك غير منظم
يا حمار ربعك الي هون كلهم اعترفوا ولا واحد منهم أكل كف وأسالهم إذا ردت
عم نضيفهم شاي ودخان ليش ما تكون مثلهم ؟
احلفلك يا سيدي ويا حياة الله ومحمد والرسل أنني لست منظم
اها معناه أحدهم عرض عليك التنظيم أو طلب منك إيصال أموال أو سلاح
سيدي، لا أعرف أي شيء عما تتكلم عنه
اسكت يا كلب يا أبن القحبة عم تكذب علينا يا ابن الشرموطة
والله يا سيدي وحياة محمد لم أكذب
وبدأ يسب ويشتم الله ومحمد بكلمات نابية وبذيئة أستحي الان والله من تذكرها فكيف بكتابتها.
عرصات خونة عملاء، ولاك انتم تبيعوا وطنكم مشان كم دينار من عميل الصهيونية صدام
ولاك انتم عائلة خونة عملاء لصدام حسين
خالك وينوا هلا
ابن عمك الدكتور محمد وينوا هلأ
عمك الي مات الله لا يرحموا ما كان عميل لصدام، انتم كلكم عملاء لصدام وأسياده
لسّاتك تقول ما لي علاقة....
أبو على أضبط أقواله وخلي عظامه تختخ بالسجن
ثم ساد الصمت في تلك الغرفة اللعينة...
يتبع...



#حسن_الهويدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تدمر في الذاكرة في الطريق إلى تدمر
- تدمر في الذاكرة في الطريق إلى تدمر.. تدمر في الذاكرة في الطر ...
- الطريق الى تدمر...مشاهد من التعذيب في سجون التحقيق2:
- تدمر في الذاكرة ..الطريق إلى تدمر مشاهد من التعذيب في سجون ا ...
- الطريق الى تدمر...مشاهد من التعذيب في سجون التحقيق
- تدمر في الذاكرة12في الطريق الى تدمرشهادات عن التعذيب1
- تدمر في الذاكرة -10- (ضحايا تشابه الأسماء)
- تدمر في الذاكرة (9) محاكم استثنائية
- الإعلام السوري طنة ورنة ومدارات:
- في مؤتمره القادم هل يعتذر حزب البعث للشعب السوري
- تدمر في الذاكرة8 ليلةمن2000يوم وليلة
- تدمرفي الذاكرة(6): شبح عون المخيف 1989
- تدمر في الذاكرة(5) طبابة متميزة
- تدمر في الذاكرة(4) طبابة متميزة
- تدمر في الذاكرة (4): الثمن الباهظ
- تدمر في الذاكرة3...حمامات الدم الساخن
- العيد في سجن تدمر
- الكرد والمغمورون في سوريا
- فوبيا المؤامرة


المزيد.....




- مسئول إسرائيلي يدعو بايدن لمنع مذكرات اعتقال ضد نتنياهو وجال ...
- هيئة الأسرى الفلسطينيين: سياسة الاحتلال بحق الأسرى لم تشهدها ...
- أيرلندا تهدد بإعادة طالبي اللجوء إلى المملكة المتحدة
- مصدر: المملكة المتحدة لن تستعيد طالبي اللجوء من أيرلندا حتى ...
- القوات الإسرائيلية تقتحم عدة مناطق في الضفة الغربية وتنفذ حم ...
- الأمم المتحدة توقف أعمالها في مدينة دير الزور حتى إشعار آخر ...
- في غضون 3 أشهر.. الأمم المتحدة تكشف أعداد اللاجئين السوريين ...
- حميدتي: قواتنا ستواصل الدفاع عن نفسها في كافة الجبهات ومستعد ...
- مسؤولون إسرائيليون: نعتقد أن الجنائية الدولية تجهز مذكرات اع ...
- فلسطين في الأمم المتحدة.. من مراقب غير عضو إلى المطالبة بعضو ...


المزيد.....

- في الذكرى 103 لاستشهادها روزا لوكسمبورغ حول الثورة الروسية * / رشيد غويلب
- الحياة الثقافية في السجن / ضرغام الدباغ
- سجين الشعبة الخامسة / محمد السعدي
- مذكراتي في السجن - ج 2 / صلاح الدين محسن
- سنابل العمر، بين القرية والمعتقل / محمد علي مقلد
- مصريات في السجون و المعتقلات- المراة المصرية و اليسار / اعداد و تقديم رمسيس لبيب
- الاقدام العارية - الشيوعيون المصريون- 5 سنوات في معسكرات الت ... / طاهر عبدالحكيم
- قراءة في اضراب الطعام بالسجون الاسرائيلية ( 2012) / معركة ال ... / كفاح طافش
- ذكرياتِي في سُجُون العراق السِّياسِيّة / حـسـقـيل قُوجـمَـان
- نقش على جدران الزنازن / إدريس ولد القابلة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - حسن الهويدي - تدمر في الذاكرة.. في الطريق إلى تدمر... مشاهد من التعذيب في سجون التحقيق5