|
رسالة مفتوحة إلى السيد على السيستاني ووكلاءه بالعراق
كاظم حبيب
(Kadhim Habib)
الحوار المتمدن-العدد: 5839 - 2018 / 4 / 8 - 21:43
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
سماحة آية الله العظمى السيد على السيستاني المحترم/ الحوزة الدينية بالنجف تحية طيبة، وبعد، كُنتُ قد وجهت في السنين المنصرمة أكثر من رسالة إلى جنابكم حول عدد من الأمور التي تمس المجتمع العراقي بالصميم، ومنها ما يمس أتباع الدين الإسلامي والمذهب الشيعي أو ما تعرض له أتباع الديانات الأخرى بالعراق وفي ظل حكومات تترأسها وتقودها أحزاب إسلامية سياسية حظيت بتأييدكم وبركاتكم. ولم احظ بجواب منكم. وكان من المفترض، وأنتم في المقام الديني الرفيع، أن تجيبوا على رسائلي ذات المضامين غير الشخصية والتي تمس الشأن العراقي الديني والاجتماعي العام مباشرة. ومع ذلك فأن من فوائد رسائلي المفتوحة أنها تُقرأ من عدد كبير من القارئات والقراء بالعراق وبدول عربية أخرى وحيثما وجد قراء بالعربية. إذ إن لها بعداً تنويرياً يعالج العيوب التي يعاني منها المجتمع والتي لا تجد أذاناً صاغية لدى الغالبية العظمى من شيوخ الدين بالعراق، لأن عدداً كبيراً منهم منشغل بأكتناز وتكديس الأموال والتعاون مع جمهرة من سياسيي الصدفة من رجال الدين والأحزاب الإسلامية السياسية. وفي الغالب الأعم، فأن هذه الأموال هي من السحت الحرام، إضافة إلى العقارات ودور السكن التي احتلوها وسكنوا فيها أو حولوها إلى مراكز لعملهم الحزبي و"الديني!". وهذا ليس ادعاءً أهوجاً أو غير مسؤول من جانبي، بل هو التعبير الصارخ عن حقيقة دامغة تحدثَ البعض من وكلائكم عنها، ومنهم الشيخ عبد المهدي الكربلائي. ولم يهتف الشعب عبثاً أو رغبة في الإساءة إلى أحد، حين قالوا "باسم الدين باگونه الحراميه"، و"باسم الله هتكونة الشلايتية"!!، بل كان هذا الشعار المزدوج واقعاً يعيشه الناس يومياً وفي كل شبر من أرض الدولة العراقية دون استثناء. السيد المحترم لقد تدخلتم، وما زلتم، بالسياسة من أوسع أبوابها، وهي ليست من صلب مهمات موقعكم ومركزكم الديني، وتسببتم بوصول أشخاص وأحزاب سياسية إسلامية طائفية مريضة بكراهية الشعب والفساد والرغبة في إيذاء أوسع دائرة ممكنة من الناس، ولاسيما أتباع الديانات والمذاهب الأخرى، وتسببتم في هيمنتهم على سلطات الدولة الثلاث، التنفيذية والتشريعية والقضاء، ودعمتم أسوأ هذه الشخصيات التي تسببت بمآسي وكوارث العراق خلال السنوات الـ 15 المنصرمة، التي سرقت وسهلت نهب أموال الشعب وقوته اليومي ، كما سلَّمَتْ، بعدوانيتها وطائفيتها المقيتة، مدينة الموصل وسهل نينوى، وكل محافظة نينوى، ومحافظات غرب العراق، إلى المحتل الدموي، تنظيم داعش المجرم، والذي أدى إلى موت مئات الآلاف من أبناء وبنات العراق ومن كل الأعمار وإلى جرائم الإبادة الجماعية. ومن موقع المسؤولية الدينية التي في أيديكم وعنقكم لم تقفوا بوجه البدع الدخيلة على الإسلام التي تمارس سنوياً في عشرة عاشوراء أو أربعينية الشهيد الحسين وصحبه الكرام، ولا في المناسبات الأخرى التي أصبحت تشمل ثلثي أيام العمل بالعراق. كما لم تساهموا في مساعدة فقراء العراق من خلال تبيان رأيكم الديني، وليس السياسي، في واقع الفجوة المتسعة بين الأغنياء والفقراء، بين "بحبوحة" شيوخ الدين ومعممي السياسة من جهة، والعوز الشديد الذي يلف نسبة عالية جداً من سكان العراق من جهة أخرى. لا أدعوكم هنا إلى التدخل في السياسة أبداً، أو الوقوف إلى جانب هذا وضد ذاك، بل أدعوكم إلى الالتزام بمهامكم الدينية، تلك التي تخليتم عن الكثير منها منذ سقوط الدكتاتورية البعثية الغاشمة وقيام النظام السياسي الطائفي المقيت على أنقاضه، وتدخلتم في مهمات ليست ضمن واجباتكم الدينية،من خلال: ** عدم التدخل في السياسة والالتزام بمبدأ الفصل بين الدين والسياسة، وبين الدين والدولة، وهو مبدأ لصالح الدين وأتباعه، ولصالح الدولة ومواطناتها ومواطنيها في آن واحد. ** أن توجهوا أنظاركم وجهودكم صوب الدفاع الديني عن الإنسان، أياً كان، دينه أو مذهبه، قوميته أو لغته أو جنسه، أي الدفاع عن أتباع الديانات والمذاهب الأخرى، الذين تعرضوا للعسف والاضطهاد والقتل على الهوية والسبي والاغتصاب وبيع النساء الإيزيديات في سوق النخاسة الإسلامي وممارسة العبودية بحق الإنسان غير المسلم!!! ** أن تلعبوا دوركم الديني في الاستعداد الفعلي للكشف دون رحمة عن الذين استخدموا وما زالوا يستخدمون الدين للخديعة والكذب وتشويه العقول وسرقة المال العام، سواء أكانوا من شيوخ الدين، أم من العاملين في الأحزاب الإسلامية السياسية وفي السلطة، لأنهم باسم الدين يمارسون كل ذلك. ** أن تساهموا من موقعكم الديني في الدفاع عن الأيتام والأرامل والمعوقين من ذوي الحاجات الخاصة، والابتعاد عن الدفاع عن كل مَن ارتدى العمامة، لكن جيوبه مليئة بالسحت الحرام، فهؤلاء ذئاب وليسوا بشراً. وكم كان أبن النجف الشاعر محمد صالح بحر العلوم محقاً حين قال وهو يخاطب تلك الذئاب بالذات: يا ذئاباً فتكت بالناس ألاف القرون اتركيني أنا والدين فما أنت وديني أمن الله قد استحصلت صكاً في شؤوني وكتاب الله في الجامع يشكو اين حقي! ** أن تقوموا بتوزيع الأموال التي في حوزتكم، ولاسيما الخمس، لإعمار العراق، ومنها إقامة بيوت للأرامل والفقراء ودور حضانة ومدارس لليتامى من الأطفال، بدلاً من توجيه تلك الأموال إلى بناء ما يشاء ويريد حكام إيران، على حسب ما قرأته في موقعكم على الإنترنت، وما يتحدث به اقرانكم. ** إن تبحثوا مع شيوخ الدين بإيران ليتخلوا حقاً وصدقاً عن التدخل الفظ في الشأن الديني العراقي، وأن يكفوا عن تصدير الجمعيات والبدع التي تشوه الدين والمذهب بالعراق، في حين لا يمارس كل ذلك بإيران. ** أن تطلبوا من إيران الكف عن تمويل المليشيات الطائفية المسلحة بالأموال والسلاح والعتاد والخبراء والقياديين والجواسيس الذي يتولون العمل في الحشد الشعبي برموزه المعروفة التي لا تلتزم بالإرادة العراقية، بل بإرادة المرشد الإيراني السيد علي خامنئي، وهو ما يصرح به أغلب قادة المليشيات الطائفية المسلحة. إن هذه المهمة واحدة من مهماتكم وواجباتكم الدينية وليس السياسية. ** ومن واجبكم الديني والاجتماعي أن تمنعوا شيوخ الدين من وكلائكم أو غيرهم، من شتم المدنيين والديمقراطيين والشيوعيين والإساءة لسمعتهم باسم الدين وباسمكم وبأسماء مراجع دينية أخرى بالنجف. لأنهم بذلك يسيئون بقصد التشويه إلى أناس شرفاء لم تتدنس أيديهم بالسحت الحرام أو خطايا الكذب والتزوير والتهريب والقتل.. ألخ. وهو ما يعرفه الإنسان العراقي جيداً. ** كم أتمنى عليكم أن تمنعوا رفع صور شيوخ الدين الإيرانيين والعراقيين في الساحات العامة وفي الدعاية الانتخابية مستثمرين بساطة الناس لتشويه إرادة العراقيات والعراقيين باسم الدين وباسمكم. ** من واجبكم الديني، وليس السياسي، تحريم الرشوة وشراء وبيع أصوات الناخبين أو ممارسة التزوير والغيبة لأنها كلها مخالفات تتناقض ما هو ملزم ومطلوب من المسلم والمسلمة عموماً، فـ "المسلم من سلم الناس من لسانه ويده!". ** ومطلوب منكم أن تحرموا مثلاً شراء أعضاء من جسم الإنسان، ولاسيما الأطفال، بسبب حاجة العائلات للمال، أو عهر الأطفال من الذكور والإناث الذي أصبح تجارة رابحة بالعراق، أو تصدير المخدرات من افغانستان وإيران إلى العراق وتدمير صحة أطفال وشباب العراق، والتي أصبح موسم الزيارات الحسينية أحد الأبواب المهمة في تهريب المخدرات إلى العراق! لديّ، سماحة السيد، قائمة طويلة بما هو مطلوب منكم باعتباركم تحتلون الموقع الأهم والأول بين مراتب شيوخ الدين بالعراق، إذ يمكن أن يُسمع صوتكم الديني من قبل المسلمات والمسلمين الشيعة بجانبه الديني وليس السياسي. فما ذكرته في أعلاه يعتبر جملة من المجالات التي يمكنكم أن تخدموا الإنسان العراقي والحياة الدينية والاجتماعية العراقية، وأن تدعوا للتآخي بين اتباع جميع الديانات والمذاهب بالعراق وتحرموا الصراع والنزاع الديني والمذهبي والقومي، فقد سالت بالعراق دماء ودموع كثيرة وكثيرة جداً لا طاقة لهذا الشعب في تحمل المزيد منها، والظلم، كما تعرفون، إن دام دمّر. لم يكن البعثيون وحدهم من تسبب بسيول الدماء في الحروب وفي الاستبداد، بل الأحزاب والقوى الإسلامية السياسية بميلشياتها الطائفية المسلحة وسياساتها التي مزقت النسيج الوطني العراق أكثر فأكثر. ارجو لكم الصحة والعمر المديد للقيام بالواجبات الدينية والاجتماعية الملقاة على عاتقكم، على حسب اجتهادي وقناعتي. مع خالص التقدير د. كاظم حبيب
#كاظم_حبيب (هاشتاغ)
Kadhim_Habib#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نقاش متعدد الجوانب مع أفكار كريم مروة حول اليسار
-
هل الإسلام ينتمي إلى المانيا؟، هل هو جزء منها؟
-
رسالة مفتوحة ومستعجلة إلى السيد رئيس وزراء إقليم كردستان نيچ
...
-
العسكرة الفارسية الجديدة وحرب يمنية مماثلة بالعراق!!
-
هل أصبح أردوغان شرطي المنطقة ومجرم حرب في آن؟
-
هل الفساد خيانة والفاسدون خونة للشعب والوطن؟
-
لا لجرائم الإبادة العنصرية والفاشية، لا للدكتاتور أردوغان في
...
-
حوار بين كاتبين حول فكر وأبحاث علي الوردي وفالح عبد الجبار
-
نظرات في كتاب -مسيحيو العراق.. أصالة.. انتماء.. مواطنة- للدك
...
-
كيف يساهم الإعلام في خلق وتأليه المستبدين؟
-
المرأة العراقية والذكورية الجاحدة! في الذكر السنوية ليوم الم
...
-
تزايد قلق الديمقراطيين من اليمين واليمين المتطرف في أوروبا!
-
احتفالية تكريمية في منتدى بغداد للثقافة والفنون ببرلين
-
فالح عبد الجبار، الإنسان الطيب والمناضل الشجاع والعالم الرصي
...
-
الأسس المادية لظواهر لاستبداد والقسوة والتعذيب والتمييز في ا
...
-
الأسس المادية لظواهر لاستبداد والقسوة والتعذيب والتمييز في ا
...
-
هل ستكون الانتخابات القادمة نزيهة في ظل نظام طائفي فاسد؟
-
الأسس المادية لظواهر لاستبداد والقسوة والتعذيب والتمييز في ا
...
-
الأسس المادية لظواهر لاستبداد والقسوة والتعذيب والتمييز في ا
...
-
أينما تمتد الأصابع الإيرانية تشتعل نيران الكراهية ويرتفع دخا
...
المزيد.....
-
كريم محمود عبدالعزيز كما لم ترونه من قبل في -مملكة الحرير-
-
متظاهرو البندقية يزعمون انتصارهم في تغيير مكان حفل زفاف جيف
...
-
ترامب يرد على طرح أن إيران نقلت اليورانيوم المخصب قبل ضربة أ
...
-
ترامب يُشبه ضربات إيران باستخدام النووي في هيروشيما وناغازاك
...
-
دبلوماسي ومفاوض إيراني سابق يحذّر عبر CNN: إذا سعت واشنطن إل
...
-
ترامب يُشبّه ضربة إيران بـ -هيروشيما- ويؤكد: أخبار جيدة عن غ
...
-
الرئيس الإيراني يعلن -نهاية حرب الـ 12 يوما المفروضة على بلا
...
-
بقرار إداري.. هبوط أولمبيك ليون بطل فرنسا سبع مرات إلى دوري
...
-
افتتاح فندق إسرائيلي فاخر في حي فلسطيني مسلوب غربي القدس
-
10 أشخاص كانوا خلف تطور الذكاء الاصطناعي بشكله اليوم
المزيد.....
-
كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف
/ اكرم طربوش
-
كذبة الناسخ والمنسوخ
/ اكرم طربوش
-
الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر
...
/ عبدو اللهبي
-
في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك
/ عبد الرحمان النوضة
-
الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول
/ رسلان جادالله عامر
-
أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب
...
/ بشير الحامدي
-
الحرب الأهليةحرب على الدولة
/ محمد علي مقلد
-
خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية
/ احمد صالح سلوم
-
دونالد ترامب - النص الكامل
/ جيلاني الهمامي
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4
/ عبد الرحمان النوضة
المزيد.....
|