أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - رياض الأسدي - الإعلان الرسمي للحرب الاهلية في العراق















المزيد.....


الإعلان الرسمي للحرب الاهلية في العراق


رياض الأسدي

الحوار المتمدن-العدد: 1488 - 2006 / 3 / 13 - 00:17
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


أيها العراقيون إقرأوا مستقبلكم قبل تصفح ابراج ماغي فرح!

ثمة علاقة ما بين الدراسات السياسية المستقبلية، واولئك العاملين في الأبراج العادية والصينية، والكتاب السياسيين المستقبليين حقيقة - ولو قيض لهم العمل مع المنجمة ماغي فرح - لأصبحوا في وضع أفضل بسبب العناء والهم والمكابدة في البحث عن مستقبل وطن مثل العراق لم يمنح أبناءه غير الموت او الغربة وكلاهما حالة واحدة في المحصلة النهائية..
فتوقع قيام حرب أهلية في العراق - إذا سمحت لي ماغي فرح!- أصبح موضوعا مطروقا، الآن، أكثر من أي وقت مضى. ففي لقاء اخير بين رئيس الجمهورية جلال الطلباني مع أحدى القنوات الفضائية يوم 10/3 /2006 أكد على نحو واضح إمكانية ولوج البلاد في حرب أهلية مالم يتم تدارك ذلك عن طريق حكومة وحدة وطنية.
ويبدو ان (عقار) حكومة الوحدة يتم تداوله من جميع المعنيين بالشأن العراقي دون أن يبينوا الأسس والقواعد التي تستند إليها تلك الحكومة، وعما إذا كانت حكومة محاصصة أو حكومة إنقاذ وطني؟ وما الذي يمكن ان يحدث في حالة سقوط تلك الحكومة (ذات العصا السحرية) تحت وطاة الخلافات الحزبية المبطنة بالطائفية أو العرقية. وهل تستطيع الكتل الفائزة بالانتخابات تجاوز عقدها العملية في خانقي العرقية والطائفية فعلا؟ ومن ثم الارتقاء نحو فضاء الوطنية العراقية الارحب والاهم؟ وهل تستطيع القوى السياسية الفاعلة على الساحة العراقية سحب فتيل الحرب الأهلية حقا؟ ام أن الحرب الاهلية قد بدأت وليس امامنا إلا إسقاط الحكومة والإعلان عنها رسميا؟
لا بدّ للكتاب الوطنيين الوقوف أمام هذه (الطروحات والتوقعات) من وقت لآخر، وأن يدلو بدلوهم من أجل وطنيتهم اولا؛ وليس من أجل الوصول إلى وجهة نظر (ما) طالما وجدها البعض من المحذورات اوالمحظورات، او مما يوضع تحته خطا احمر أيضا؛ ولكن من أجل العمل لأولئك الفقراء والمعدمين والمهمشين من العراقيين الذين تغيب الحقائق عنهم دائما وفي جميع العهود للأسف الشديد.
ننشره هنا من أجل (النخبة الخاصة) من المهتمين بالشأن العراقي الذين طالما تاقوا إلى تلمس المستقبل الغامض للعراق بعد 2003. اما عموم العراقيين الفقراء والمعدمين من اولئك الذين لا يسهمون في صنع القرار بل يجهدون نفوسهم للحاق بصناديق الأقتراع فقط لأيصال هذا النائب إلى البرلمان او ذاك؛ فإنهم اكثر المتضررين في كلّ الاحوال. إنهم (العراقيون المستقلون) دائما وأبدا، ممن يجيدون سبّ وشتم الساسة بعد منحهم أصواتهم في هذه الايام، أو الخروج سابقا في مظاهراتهم المليونية! لدعم رموز النظام السابق، وفي مختلف الحقب وطوال عهودهم لم يحصدوا غير الفقر في بلد هو الأغنى في منطقة غنية. هذه الكتلة البشرية الكبيرة هي التي يتوجب عليها ان تفكّ أسار التفرج الأبله في أقرب وقت لأنها ستكون حطب المعركة القادمة أيضا, كما كانت الحطب الاحتياطي سابقا في معارك النظام الفاشي السابق.
إن الكتلة الكبرى هذه المرة تذهب إلى صناديق الأقتراع: شكرا في الأقل .. يحدوها (وهم) تغيير الاوضاع الاقتصادية.. شكرا لما تفعله حكومة (الوحدة الوطنية) المقبلة من قرارات في رفع أسعار الوقود التي ترفع معها أسعار كلّ شيء طبعا: هاهو الانجاز التاريخي الكبير الذي حصده العراقيون بعد الانتخابات الاخيرة.. ألف شكر أغاتي! ماذا يمكن ان يعمل القطع العراقي الكبير غير النظر إلى ما ستؤول إليه الامور؟! فالموضوعات الحساسة والمؤثرة لا تعني "القطيع الإنساني الصامت" من الأغلبية إلا بعد وقوعها.. شكرا للصمت العراقي مرة أخرى..
ومن هنا فإن ثمة هامش (ما) في موضوع الحرب الأهلية يتردد من حين لآخر على ألسنة الساسة الأميركان من اصحاب القرار في الشأن العراقي. ففي آخر تصريح لزلماي خليل زاده السفير الاميركي في العراق اوضح ان إمكان قيام حرب أهلية في العراق هو امر وارد، لكنة بإمكان القوى السياسية الحالية تلافيه. هل تستطيع القوى السياسية الفاعلة في العراق تلافي وقوع الكارثة على نطاق واسع فعلا؟ إنه أمر مشكوك فيه تماما لأن مستوى التفكير السياسي المبني على الطائفية والعرقية والمصالح الحزبية الضيقة لدى هذه القوى لم يرتق - وربما لن يرتقي أبدا - إلى مستوى المسؤولية الوطنية وحتى المسؤولية الأخلاقية تجاه الشعب العراقي.
وثمة حكمة قديمة تقول: ان كلّ الحروب (طبقية) في مضمونها. ومهما حاولنا ان ننأى بأنفسنا عن التحليل الطبقي للحرب، فإننا نجد نفوسنا نغرق فيها من جديد. لماذا نخشى عدم مواجهة أسوأ الاحتمالات؟ فالأمم والشعوب الحية التي أتخذت من النهضة والوحدة الوطنية والاجتماعية أسلوبا حياتيا ومرت دائما بخوانق الحرب الأهلية كالصين والولايات المتحدة على سبيل المثال في التاريخ الحديث. فهل ان مرور العراق بهذا الخوانق الرهيبة هو حتمي لتوكيد هوية الامة العراقية لذاتها؟ وهل أن الحرب الأهلية في العراق ستفضي إلى تمزيقه ام وحدته؟ وهل ستفرز قوى العراق الوطنية النائمة " المستقلة" منذ 2500 عام؟! يصعب التأكد من ذلك لأن العراق لم يسبق له ان مرّ بحرب اهلية منذ عصر فجر السلالات السومرية قبل أكثر من ألفي عام.
على الرغم مما يصاحب سيناريو تلك الحرب دائما من مآس وويلات ودمار.. إلا إنها حرب الطبقات الفقيرة والمعدمة التي تتربع على اكبر عرش بترولي في العالم دون ان تنال منه غير الموت في الشوارع والسواتر الترابية والخنادق الشقية, والمدن المخربة التي تتعرض للقصف المدفعي او الصاروخي. ومن الصعب ان تراها غير حرب بين عموم الشعب المعدم - نسبة الفقر في العراق تتجاوز 90%- والعراقيون دون خط الفقرأكثر من 30%- والعاطلون عن العمل 40%- ولو اردنا الحقيقة الاقتصادية الكاملة فإن اكثر من 90% من الشعب العراقي هم عاطلون عن العمل بسبب البطالة المقنعة والمستشرية على نطاق واسع في العراق؛ ففي احدث تقرير أقتصادي ان الاقتصاد العراقي يعتمد على أكثر من 95% من ناتجه المحلي على تصدير البترول، وان الاموال التي تنفقها الدولة العراقية لا تعود لها غالبا، بل تهرب إلى خارج العراق، لأنعدام الاستثمار فيه فضلا عن عمليات نهب المال العام وما يرافقها من عمليات تهريب النفط العراقي ومشتقاته حتى أصبح من الطبيعي ظهور (مافيات) متخصصة في هذا المجال يمكن للإنسان العراقي البسيط تلمسها يوميا. فعلام لا تقوم حرب أهلية بين الشعب العراقي وسارقي قوته اليومي ومستقبله؟!! وما الذي فعلته قوى الاحتلال غير مزيد من العنف والقتل اليومي المجاني للعراقيين؟ بل ما الذي فعلته الحكومات العراقية على مدى ثلاث سنوات غير دستور هش لم يتفق عليه؟!!
فالحرب الاهلية وإمكانات قيامها او حتمية ذلك سوف تأتي على البقية الباقية من العراقيين بلا شك، كما هو متوقع أيضا، حتى يصبح العراق قاعا صفصفا لغير العراقيين.. فهي ليست حربا بين الطبقات المحرومة من نعم البترول او تلك المتنعمة فيه ( المهربون المتسيسون) فحسب بل هي حرب - من وجهة نظرنا- لأطاحة ما تبقى من نزعة عراقية على الساحة بعد ان اطاح نظام صدام بجلّ الشعور الوطني العراقي على مدى اكثر من ثلاثين عاما. إنها العودة بالعراق إلى ما قبل عام 1920 فهل يدرك العراقيون المعدمون والفقراء ممن لا يشترون الصحف ويكونون مواقفهم في ظل مواكب اللطم والزنجيل وخطب يوم الجمعة وليست لديهم معرفة بالمواقع الإلكترونية ذلك؟
يجد بعض الكتاب والمحللين السياسيين: ان الحرب الاهلية بدأت في العراق منذ ربيع 2003، أي بعد الاحتلال مباشرة، لكن الوقائع تشير إلى ان الصراعات الاجتماعية( الطائفية والعرقية) في العراق سبقت ذلك التاريخ كثيرا.. وقد يجد بعض الكتاب أيضا بأنها بدأت منذ تأسيس الدولة العراقية عام 1921 ، وهي وجهة نظر تحتاج إلى كثير من التأمل والتمحيص والتدقيق أيضا. فإعلان الحرب الأهلية في أي مكان من العالم هو الأستعداد النهائي لها, وليس بدايتها دائما. والسؤ في بناء الدولة واستبعاد فئات ما من الشعب يبذر الحروب الأهلية على المدى البعيد. وهذا ما حدث في العراق, ولن تستطيع أية قوى طائفية الغاء التاريخ..
كانت جميع الحكومات العراقية في العهدين الملكي والجمهوري طائفية ما عدا حكومة الزعيم عبد الكريم قاسم فلم نتطير من شبح الطائفية الآن؟! وحتى الحكومات الحالية بعد 2003 هي حكومات معبأة بالطائفية والعرقية، وعلى أساس المحاصصة المقيتة، فلم الصراخ بعد ذلك من دستور يحمل بين طياته (عداء مبطنا) لحقوق الإنسان؟ أليس الضرب عرض الحائط بمباديء حقوق الإنسان العراقي وحذفها أخيرا من الدستور بحجة معارضتها للشريعة الإسلامية- كذا!!- نقطة البداية للتراجع، نحو الرجعية الجديدة!
وعلى الرغم من الجهود الطيبة التي يبذلها من حين لآخر رجال دين من الشيعة والسنة، او من المسيحيين أيضا، والظهور بمظهر (التلاحم الإسلامي والوطني) والصلاة جماعة، وتدبيج الخطب حول أهمية الوحدة الوطنية والدينية، وكذلك التذكير بعرى المودة والصلات القبلية والعائلية بين العراقيين؛ وان نسبة من الشيعة والسنة متزاوجون! - هكذا يعلن دائما كصمام امان وحيد تقريبا- وكأن العراقيين لا يتوحدون إلا بفعل العوامل الجنسية فحسب، ولا روابط مهمة اخرى بينهم غير الروابط الجنسية القائمة على المصاهرة سواء بين السنة والشيعة او بين العرب والكرد. ولذلك فإن الحرب الاهلية إذا ما نشبت فستبدأ بمخادع الزوجية - يالها من تحليلات فارغة!- وأن العلاقة بين السنة والشيعة قد تصل في بعض التقديرات إلى 26% من الزيجات! ولو اننا نشكّ في هذه (النسب) التي تذكر في الاعلام المكتوب والمسموع والمرئي، لعدم وجود مثل هذا الاحصاء الفريد في الدولة العراقية سابقا، إذ أنها لا تذكر بأية حال المذهب الذي ينتمي إليه المواطن العراقي كماهو معمول به في بعض الدول الخليجية ( سلطنةعمان مثلا) لكن تلك المحاولات الطيبة السريرة غالبا ما يتمّ خرقها وعدم الإلتزام بالفتاوى الدينية التي تصدر من مختلف المراجع الدينية، وان التهدئات تتم بواسطة قوى الامن والجيش وليس ألتزاما كاملا بالفتاوى على أية حال.. وقد اظهرت الأحداث الأخيرة في سامراء( تفجير المرقدين) ان احتمال شنّ حرب طائفية ساخنة على نطاق واسع هو امر وارد جدا.
ومن الملاحظ كثيرا ان الحروب الأهلية تشنّ بعد احداث أغتيال مفاجيء لقيادات فاعلة على المستوى السياسي، وهي قيادات طائفية أو عرقية بالدرجة الاساس. وقد وضع العراق في حالة انذار قصوى بعد أغتيال السيد محمد باقر الحكيم في الاشهر الاولى من الاحتلال. كما وضع العراق في حالة اقل من الأنذار ذاك إبان قيام التكفيريين بقتل مئات الشيعة امام المراقد المقدسة. ولعل ثمة تساؤل مهم في هذا الصدد وهو: من جاء بالتكفيريين إلى العراق؟ ومن يؤويهم دائما كحاضنات سود؟ ولم لمْ تستطع مخابرات أقوى دولة في العالم كالولايات المتحدة الحدّ من نشاطاتهم البشعة التي تمثلت أخيرا في الانذار الاخير الأكبر الذي صاحب تفجير (مرقد سامراء) أخيرا؟!
إن حتمية قيام حرب أهلية في العراق غير منوطة بنوايا الفئات السياسية المختلفة ( الطائفية والعرقية) وهي حالة تدفع بها عوامل شتى اكبر من مساحة الارض التي تعمل بها تلك الفئات الآن. وفي الواقع ان قوى المحتل لا تستطيع - كما أنها غير معنية في مرحلة لاحقة، وهي التي تركت الحبل الامني على الغارب منذ البداية - الحيلولة دون وقوع حرب أهلية شاملة. كما أنها معنية - فقط - بتصدير البترول واستمرار ذلك، وهذا ما يمكن أن تؤمنه لها ميليشيات معينة بعد ان يتم تقاسم حصص التهريب بالطرق التقليدية المعمول بها حاليا. فطبيعة الحرب الاهلية في العراق - وهو بلد يزخر بالبترول كثاني احتياطي عالمي- ليس شرطا ان تجري به الحرب الأهلية كما هو الحال في الصومال الفقير مثلا او لبنان المحاذي لأسرائيل وسوريا.
يكفي ان يجزأ العراق إلى ثلاث او أربع كانتونات، وان يكون ذلك واقعا مصطنعا وقائما فيعد مثل هذا الأمر إعلانا عن حرب أهلية، وإن لم تثر طلقة واحدة بعد ذلك.. ومن هنا فإن العراقيين كأمة - ما تزال حية من وجهة نظرنا- سوف يحتاجون إلى عشرات السنين- بعد ذلك- من التجارب لوضع أسس للوطنية العراقية والنضال من أجلها، وبعد ان يتكبد الشعب العراقي من المآسي والويلات الناتجة عن التقسيم ما يكفي، وبعد ان يدفع دماء زكية طهور - بما يكفي أيضا- من رجاله ونساءه المؤمنين به وبوحدته الوطنية. فالاجيال العراقية القادمة لن تكون اجيال مواض متعددة بل هم اجيال جغرافيا بالدرجة الاساس وما التاريخ إلا ضوء كاشف فقط.
لقد بقي العراق موحدا طوال تاريخه القديم والوسيط والحديث. ومن الصعب ان ننظر - كما يروج إلى ذلك عرضحالجية المحتل - بأن العراق كوحدة سياسية و جغرافية وتاريخية بدأ منذ عام 1921 فقط!! وان العراق صناعة بريطانية بالدرجة الاساس - كذا- لكن التاريخ المعاصر للعراقيين قد كشف بأن رجالات ثورة العشرين من العرب والكرد القوميتان الرئيستان هم صناع العراق المعاصر.
وتحاول فئة من الكتاب والمحللين والسياسيين الذين يطلون علينا من الفضائيات المختلفة او بعض المواقع الإلكترونية دائما ان يوحوا للعراقيين وغيرهم من المهتمين بالشؤون العراقية وعلى نحو غير مباشر: ان من نعم النظام الدموي السابق على العراقيين هو عدم وجود حرب اهلية معلنة فيه. لكن الحقائق التي كشفتها المقابر الجماعية على نطاق واسع، وضرب حلبجة بالاسلحة الكيمياوية (عمليات الأنفال سيئة الصيت) وتسميم منطقة الاهوار، والاعدامات التي طالت رموز الشيعة الدينية وكذلك محاولات اغتيال القادة الكرد، وغيرها من الحوادث المروعة تؤكد على ان ثمة حربا داخلية (ما) كانت تشن على نطاق كبير ضد فئات مهمة من الشعب العراقي، وتحديدا: الشيعة والكرد.
ومن البؤس في الوقت نفسه ان يصور النظام السابق بان عنفه قد وزع بالتساوي على أبناء الشعب العراقي؛ حيث أنه قد قرب جماعات جهوية بعينها وجعل منها اداة ضاربة، وأبعد اخرى عنوة، كما عمل على ترتيب أجهزة امنية مفعمة بالطائفية خاصة. ولذلك يندر ان تجد كرديا او شيعيا في اجهزة صدام القمعية. ما لم تكن تلك الظاهرة أقرب إلى العدم غالبا. فلم نلحظ وجود ضباط امن او مخابرات من الشيعة او الكرد على الاطلاق، وبقي تركزهم اما في المراتب او المنتسبين، وهم على العموم ادوات تنفيذية لا تمتلك القرار حسب سلسلة المراجع في الإدارة البعثية الفاشية.
وفي أطار الحرب الأهلية غير المعلنة في زمن صدام يحاول بعض السياسيين العراقيين ممن تربوا على مفاهيم البعث الفاشي ان يوجدوا نوعا من الفصل بين حزب البعث والنظام الصدامي؛ فيصوروا الأوضاع بسذاجة مطلقة: على ان صدام كان منحرفا عن مسار البعث الصحيح- كذا! - ولذلك من الممكن عودة (بعث جديد) بحزب جديد غير صدامي! ولو دققنا مليا في التاريخ القريب للفاشية الصدامية نجد انها من افضل ممثلي البعث باعتباره حزبا يرفض (الآخر) بكل اشكاله، كما هو تراثه العملي المعروف. وهو قد أقرّ "مبدأ الإنقلابية" منذ البداية؛ بل عدّها واحدة من اهم سماته الأيديولوجية.. وعلى الرغم من محاولة "مفكريه السوريين واللبنانيين" تغطية مفهوم الإنقلابية العام إلا أنها بقيت تعني (العنف) بالدرجة الاساس.. فقد كان البعث يمارس العنف كوسيلة طبيعية ودائمة منذ تأسيسيه وحتى زواله على يد الاميركان عن صدر العراق عام 2003 حيث بدأت موجة من العنف أشد واعتى من سابقتها.
فلماذا يصرّ السيد صالح المطلك من جبهة الحوار على إشراك حزب البعث في السلطة ؟ ولماذا يصرّ السيد الهاشمي زعيم الحزب الإسلامي العراقي على رفع قانون أجتثاث البعث؟! وهل يظن القادة الكرد باصرارهم على المطالب - غير المشروعة - أنهم سيكونون بمنأى عن شرور الحرب الاهلية إذا ما حدثت على نطاق اوسع في العراق؟ ومن المستفيد من كلّ ذلك غير قوى المحتل التي تخطط للبقاء في العراق إلى ما بعد عام 2030حيث يتم تصدير آخر قطرة نفط من الشرق الاوسط، ومن العراق طبعا؟؟ ودون ان يجني العراقيون ممن صوتوا بنسبة كبيرة لقائمة الائتلاف وقائمة التحالف الكردستاني والتوافق والوطنية إلا مزيدا من القتل وتكديس الأسلحة والمتفجرات والمزيد المزيد من (القتلة الرسميين) الذين يتجولون بحرية كاملة وسط الناس كامراء حرب أفغان. هذا ما سوف ينتج عن حتمية وقوع الحرب الاهلية أو إمكانية قيامها ليس إلا.. والخاسر الاكبر دائما هم العراقيون الفقراء والمعدمون فقط. اما اولئك الذين يهربون اموالهم الآن إلى خارج العراق فإن ملاجئهم دائما هي البلدان التي حصلوا على جنسيات منها.
ولذلك نجد ان معظم الحروب الاهلية تفرز امراء حرب من هذا الطرف او ذاك. كما أنها قد تحدث صراعات مسلحة بين أبناء الطائفة الواحدة ايضا. فالمصالح الاقتصادية المتضاربة، والبحث عن المغانم السياسية السريعة، وضياع القانون، والتدهور الاخلاقي العام، وضعف القيم الدينية والأجتماعية" الأعراف"؛ كلّ تلك الظواهر يمكن ان تقود إلى نشوب حرب أهلية ساخنة وعلى نحو واسع في العراق.
وتشير كلّ الظواهر إلى احتمالات قيام هذه الحرب على نطاق واسع في العراق، وان شروطها تلوح في الافق القريب ما لم تتخذ سلسلة من التدابير اللازمة والحاسمة لدرء مخاطر احتمال وقوعها.. ومن الخطأ أيضا أن ننتظر قيام حرب اهلية بسقوط الحكومة والبرلمان وضياع هيبة الدولة (لبننة الحرب الأهلية 1975-1989) فإن تلك المظاهر في طبيعتها ومن خلال دراسة الحرب الاهلية اللبنانية بأعتبارها من أقرب النماذج لقيام حرب اهلية في العراق تعدّ صورة غير مطابقة لمجريات الاوضاع الداخلية في العراق. ومن المؤسف جدا ان الحكومة العراقية المنتخبة والمؤقتة الحالية برئاسة السيد الجعفري هي من الضعف بمكان في أيجاد البدائل الستراتيجية لوضع خطط شاملة وأساسية للخروج بالبلاد من مأزق الازمة الدائمة. فكيف إذا ما أريد لهذه الحكومة ان تستمر مدة اربع سنوات وهي بهذا الوهن والتشتت العام؟ وهل يستطيع فصيل السنة أنقاذ الموقف بعد ان قرر المشاركة في إدارة ماكنة السلطة العراقية المعطلة والخربة؟
كما ان كبار المسؤولين الاميركان كدونالد رامسفيلد وزير الدفاع الاميركي والجنرال جون ابو زيد قائد القوات الاميركية في الشرق الاوسط لم يستبعدا قيام حرب اهلية في العراق.. وان الجنرال جورج كيسي قائد القوات الاميركية في العراق لم يستبعد هو الآخر قيام حرب اهلية بعد مرور عاصفة سامراء الأخيرة التي ذهب ضحيتها مئات من العراقيين بفعل التصادم الطائفي قائلا "اي شيء يمكن ان يحدث.. ولكن اعتقد انه ما دامت قوات التحالف تعمل هنا على الارض مع قوات الامن العراقية وتظل الاغلبية الكبيرة من الشعب العراقي ملتزمة بتشكيل حكومة وحدة وطنية وهو ما اعتقد تماما انهم يفعلونه.. فانني اعتقد ان فرص تلك (الحرب الاهلية) ليست جيدة." وحينما يربط الجنرال كيسي أبتعاد العراق عن حمى الحرب الاهلية بضرورة قيام حكومة وحدة وطنية فإنه لا يترك ثمة مجال مستقبلي واسع للصعوبات التي يمكن أن تكتنف هذه الحكومة.. وما يترتب فشلها، وضعف آلياتها، وسؤ إدارتها على قيام حرب اهلية داخل العراق.. إنهم يضعون العربة امام الحصان دائما. شكرا عراقية لماغي فرح التي تحاول التنبؤ بما سيؤول إليه أمر الافراد لا الجماعات غالبا.



#رياض_الأسدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكتاب المستقلون العراقيون.. لماذا؟ وإلى أين؟
- ميكروسكوب عراقي- عراق الداخل
- بيان إلى (بلابل جنجون
- الاواني المستطرقة
- أدب الحرب العراقي:كتابات إنسانية ام اكذوبة حكومية؟
- دراسات في الفكر الوطني
- الأوتجية واللوكية
- سياسات دمقرطة الشرق الإسلامي،طروحات الولايات المتحدة حول (ال ...
- شعارات القطيع الاسمنتية - سياسات إفراغ المحتوى الإنساني- الع ...
- توماس فريدمان: قناعاتنا الأميركية بازاء عالم متغيّر
- الأغلبية الصمتة في العراق دراسة سياية وميدانية
- قراءة في كتاب ( علي ومناوئوه) المنهجيتان العلمية والتقليدية
- الليبراليون العراقيون: طريق غير ممهّدة وسير متعثر
- تكرار فولتير،دراسة أولية في النظرية الأجتماعية الوردية


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - رياض الأسدي - الإعلان الرسمي للحرب الاهلية في العراق