أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - مفيد بدر عبدالله - مدرسة بمعلم واحد














المزيد.....

مدرسة بمعلم واحد


مفيد بدر عبدالله

الحوار المتمدن-العدد: 5809 - 2018 / 3 / 8 - 09:45
المحور: المجتمع المدني
    


الفرحة لم تسعني حين طلب مني أستاذي الكاتب الكبير طالب عبدالعزيز أن أصحبه معي بسيارتي الى القاعة الرياضية الذي كنت أتمرن فيها، فاللقاءات القصيرة التي كانت تحصل بيننا بين الفينة والاخرى لم ترو سوى جزء يسير من عطشي للقائه والاستماع لكلماته، فهي تبعث في نفسي الامل وتكسر حالة الضجر والياس التي تتسلل الى نفسي، الفرحة تترجم علاقتي الوطيدة التي تربطني بنتاجاته الادبية، لها نكهة خاصة وسحر، أستسيغها وأهضمها بيسر، تمور في ذاتي وتفتح أبواب الجمال الكامن فتزيدني حبا للحياة، لا تشبهها غيرها من الكلمات، تصنع للحياة معنى آخر، وتضع الانسان بمرتبة أعلى، وتتغزل بالمكان، فعشق طالب كبير وابدي للنخل التي أنس لأفيائها، والأنهار التي عام فيها، وغيرها من الاشياء الساحرة الخلابة شكلت له ذكريات يحملها معه، كلماته ترجمة لتلكم العلاقة الحميمة التي تربطه بالأمكنة التي تقلب فيها ايام الطفولة والصبا، وتشكل مفاتيح للأبعاد الانسانية التي تتضمنها مفرداته، وحافزا مهما وكبيرا لمواجهة تيار الخراب، فالسيد طالب يحرق حياته قرباناً لأجل الآخرين يكتب بصدق الانبياء وحكمة الاوصياء، لدي ثقة كبيرة أن أكثر من 90% من الكتّاب المعاصرين لا يمتلكون شجاعته، ينسون أو يتناسون عن عمد أننا نمر بمرحلة شديدة الخطورة تقتضي من النخب شجاعة حقة، وقدرة على مواجهة الردى بصدر مفتوح .
في الطريق الواصل بين منزله والقاعة الرياضية كنت احرص أن أسير ببطيء، وأحرص على الاستماع لكل ما يقول، فصحبة المفكرين مكسب كبير، لم يبخل علي بالنصائح، ولعل أهم ما علق منها في ذهني " كن منسجما مع ذاتك وأحرص ان تعيش بلا أقنعة "، ما اروعها من عبارة، لا زلت أذكر أنني رددت قائلا : قليلون من يمتلكون تلك الشجاعة سيما واننا نعيش مجتمع التناقض الأخلاقي طغت فيه المصالح على ما سواها . من يتمعن بكتابات طالب يجده عراقيا، بصريا، خصيبيا حد النخاع، الطفولة والصبا لاتزال تلازم ذاكرته، له قدرة فريدة في جر الماضي إلى ساحة الحاضر، رجل مسكون بالجمال وسحر الطبيعة، يبكيه قتل نخلة او ردم نهر، تؤرقه العشوائيات التي انبثقت في إحياء مختلفة من البصرة وغيّرت من طبيعة مجتمعها الآمن، المتآخي، المتسامح وجعلت من الفرقة واعمال القتل امراً ملموساً، أننا ندفع ثمنا باهضا لإفرازات السياسة الخاطئة في الإدارة ولدت الخراب والفساد والهدر في المال العام والسرقات، فلقد أضحت المدينة غير قادرة على استيعاب ساكنيها.
شهر مضى مسرعا، غادر القاعة الرياضية ومعه غادرتني الابتسامة واللغة والصور، كلماته لم تزل حاضرة في ذهني حتى الساعة، تعلمت منها المعنى الحقيقي للوطنية، وأننا عندما نريد ان نبني دولة لابد ان نتنازل عن كل ما يثنينا عن ذلك، تعلمت منه كيف أكتب بفضاءات حرة بعيدا كل أنواع التبعية، وأن امنح مدننا حيزا فيما أكتب، فهي عشقنا الاول ومأوانا الابدي، فنحن لسنا كالأخرين نحمل جنسية لوطن آخر نذهب اليه عندما يجف ضرع البقرة الحلوب. شهر مضى وأنا أنهل من تلك المدرسة الفكرية الرائدة ، مدرسة رصينة وعظيمة معلمها الوحيد الاستاذ طالب عبدالعزيز .



#مفيد_بدر_عبدالله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بعيد عن طنين الذباب
- الرحمة لبتور والشكر لصديقي السفير
- كتائب المهام الصعبة
- سوق الغزل بين الامس واليوم
- وريث (الملك غازي)
- لأجل العراق ساعدوا المساعد
- متنزه السيبة، المقارنة المبكية
- عبد الرضا بتور العطاء الكبير
- -براء- ومسيرنا الى الوراء
- السلم الجديد خلطة الفرح والحزن
- ما بين البصرة والقصرين
- ما لنا وما علينا
- لأسباب مهمة رفضت ان اكون وزيرا
- موظفون تجوز عليهم الصدقة
- (الدرزن) الاخير والوانه القاتمة
- أحمد عبدالحسين مكي أنموذجا في العطاء
- عين الحسود فيها عود
- الحاج متولي والتدهور الاقتصادي
- مسؤولونا ونظرية حجي شامل
- زنود الست


المزيد.....




- العفو الدولية: الحق في الاحتجاج هام للتحدث بحرية عما يحدث بغ ...
- جامعات أميركية تواصل التظاهرات دعماً لفلسطين: اعتقالات وتحري ...
- العفو الدولية تدين قمع احتجاجات داعمة لفلسطين في جامعات أمري ...
- اعتقالات بالجامعات الأميركية ونعمت شفيق تعترف بتأجيجها المشك ...
- منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية تؤكد مسئولية المجتمع ال ...
- ارتفاع حصيلة عدد المعتقلين الفلسطينيين في الضفة الغربية منذ ...
- العفو الدولية: المقابر الجماعية بغزة تستدعي ضمان الحفاظ على ...
- إسرائيل تشن حربا على وكالة الأونروا
- العفو الدولية: الكشف عن مقابر جماعية في غزة يؤكد الحاجة لمحق ...
- -سين وجيم الجنسانية-.. كتاب يثير ضجة في تونس بسبب أسئلة عن ا ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - مفيد بدر عبدالله - مدرسة بمعلم واحد