أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - السبيل إلى إحياء دور الدين كرافعة حضارية في الحياة ح1















المزيد.....

السبيل إلى إحياء دور الدين كرافعة حضارية في الحياة ح1


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5805 - 2018 / 3 / 4 - 00:32
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


السبيل إلى إحياء دور الدين كرافعة حضارية في الحياة


لا شك أن الدين لعب دورا محوريا على طول مراحل التأريخ في صنع واقع الإنسان وترك بصماته العملية في كل تفاصيل وجودنا سلبا وإيجابا، وحسب رؤية وقراءة الإنسان فرد والإنسان مجتمع له ولا خلاف في ذلك وما نتج من ذلك كإرث مقدس بكل ما فيه وعليه من أفكار في الغالب أنها صنع البشر وليس من صلب الفكرة الدينية، الإشكالية تدور في تقوقع (الدين) داخل أطر جامدة وتعطيل الحركة الوجودية في تفاصيلها المتحركة داخل الكيان الديني (مفاهيم ورؤى وأفكار) وداخل النظام البنائي العامل (المؤسسة الدينية والفرد المتدين) نتيجة فهم خاطئ للدين ومتجاوز على جوهرية الدور الكوني له، هذه الإشكالية كما يراها الغالب من الباحثين أن الدين يقوم على ثوابت وأحكام سابقة لا يمكن لها أن تتطور أو تتحرك في الزمن، فهي أشبه بالأصنام التي لا بد أن تحترم لقيمتها التاريخية فقط وليس من حق الناس وهم الأكثر أحتكاكا بالدين وأصحاب المصلحة الحقيقية فيه أن يتحركوا نحو التجديد والتحديث بدعوى البدعة أو الأتهام بالهرطقة.
ولكي نضع النقاط على الحروف ونجمع مقاصد الدين الحقيقية مع أسس ومبادئ التكليف الإيماني وجوهر القضية الدينية، حتى نعري الحجج والأعذار التي يسوقها البعض حول دور الدين توسعة وتضيقيا في حياتنا وما هو المطلوب منه ومنا على حد سواء، لا بد لنا أن نبحث في قضية أهم وأجدى وتتعلق بسؤال محوري يرتكز عليه المشروع التنويري الطموح، هل الدين للناس ومسخر لخدمة قضية الوجود وبالتالي فهو يخضع لمبدأ الموائمة والتماثل مع حركة الوجود؟ أم أنه أمر حتمي مصمم ومبرمج على ما كان عليه لا يقبل التغير والتجديد لأنه كامل وتام وقطعي في رؤيته وحلوله التي قدمها لنا في بداية وجوده؟ لو تمكنا من حسم هذا الموضوع يمكننا أن ننطلق في ضوء الأجابة إلى فضاءات الحلول والمقترحات العملية التي تحفظ للدين دوره المحوري حاملا للمعرفة وخالقا لها، وبين مصلحة الإنسان والحرص على تأمين توافقه مع الوجود المتحرك وبذلك نجدد للدين حركته وتفعيل ما كان أصلا لأجله.
أولا قام الدين على علاقة طوليه بين الإنسان وخالقه أساسها الفوز والفلاح والخير بهدف أعمار الأرض وأستعمارها وفق مبدأ التعارف وهذا أساس قضية الدين وجوهر المقاصد فيه، بالتالي فأي عمل أو تصرف أو عبادة خارج هذه المفاهيم هو تسفيه وتحوير وأنحراف عن الهدف والغاية والنتيجة، والتي أرتكبها الإنسان حينما حول هذه العلاقة إلى خط أفقي عريض تدخل هو في رسمها ووضع وفقا لقراءته هو حدودها فضاع الأساس وتشبث بنتيجته هو، وهذا ما أخرج الدين من أطاره المعرفي العقلي إلى دائرة التعبد الشكلي وربط بين التدين وبين وظيفة الكهنوت على أنها المساحة المتاحة أمام الإنسان فقط وما عليه سوى السير خلفه، تاركا المقاصد الغائية مؤجلة أو مهملة، حتى خطاب الله للذين أمنوا أنه وليهم يدخلهم إلى النور من عالم الظلمات، ربطها بحالة معاكسة أن أولياء الطاغوت يتبعون من يخرجهم من النور إلى الظلمات، فكل عمل أو أمر أو فكرة أو رؤية تخرج الإنسان عالم النور إلى الظلام هو عمل طاغوتي، حتى لو صدر ممن يقول انه رجل دين وباسم الله يتكلم، لأن المهم بالنتائج العملية وليس بالمقدمات المطروحة.
ثانيا وهذا المهم أن الله رب الجميع وليس خصما لأحد أو عدوا لأحد لأنه مسؤول عن الجميع وخطابه للجميع، حتى يظهر الإنسان عداوته لله وللإنسانية عند ذاك سيكون مستحقا الخصومه بفعله لا بإرادة الله، فالمؤمن وغير المؤمن كلاهما عند الله في منطقة الشروع التكليفي واحد ولا يمكننا أن نفصل بين المشروع وهدفه أبدا، على هذا الأساس فالله رب العالمين وليس فقط رب المؤمنين وعليه فالكل بنظر الله مخاطب ومكلف ومسؤول، ولا علاقة للإنسان أن يحل محل الله في تقدير هذه العلاقة أو بيانها وشرحها أو ترتيب نتائجها، لأنه هو وحده الأعلم بها وهو المالك حق التقرير والتقدير ثوابا وعقابا، فمن أين جاء حق الإنسان بتكفير الأخر أو أخراجه من دائرة مسؤولية الله، وعليه فالإنسان هنا ملزم بسياسة الله مع الناس وواجب عليه أن يكون حياديا في هذه المسألة.
ثالثا في عموم النظرية الدينية هناك أشياء بديهية يمكن للعقل أن يدركها ويقبل بها كما هي ولا مجال للمناورة فيها، سماها البعض ثوابت وهي تسمية توحي على أنها من المناطق المحرمة الدخول فيها أو مناقشتها وهي كذلك لا لأنها محرمة ولكن خلافها هو خلاف التعقل والعلمية المنطقية، إذا هناك فرق بين مفهوم ودلالة البديهية وبين الثابت كما يقولون من حيث جوهرية المعنى، مثلا وحدة الله وأحديته هذا منطق عقلي وعملي سهل التسليم به، لأن التعدد له أثار تتعدى مسألة الإقرار بها من عدمها ولو كان هناك ألهة لأختلف ميزان الوجود وتضارب الكون المخلوق على أساس أختلاف المنهج أو الغايات تختلف طرق التنفيذ والفرض، هذه بديهية عقلية أساسية وليست ثابت حكمي لا يجب مناقشته أو حتى عرضه بهذا الشكل، عليه فلا بد أن نعي عمق دلالة ما نطرح قبل أن نثبت ما هو ممكن التحرك فيه وعليه وبين ما لا يستوجب التحرك لأنه بديهي.
رابعا مما تقدم نفهم الدين كما يلي (سلسلة من الأفكار والرؤى المتكاملة التي وضعها الديان لتنظيم حياة البشر مرتبطة بتحقيق نتيجة الخير والصلاح وحث الإنسان على العمل الإيجابي من خلال مبدأ المكافأة التحضيضية أو مبدأ الوعيد في حالة أن الإنسان لا يساهم في تحقيق ما يطمح إليه مشروع الديان)، فهو أذن مشروع أصلاحي وليس طوقا أو مجموعة أغلال في عنق الإنسان لتبقية في دائرة الشك والخوف والرهبة في أن يكون مرتهنا إلى نتائج لا يدركها في وجوده، لذا قال الله تعالى أعملوا وقال أعقلوا وتدبروا وتفكروا ولينظر الإنسان، بهذا المنطق هو يحث الإنسان على الأنجازالعملي والعلمي وليس على الإعجاز الظني الغيبي، فمن يريد الحياة إيجابية لا بد له من العمل الإيجابي المنتج ولا بد من وسائل تساهم في خلق هذا المنتج المطلوب، أما العبادات المفترضة فهي جزء من عملية جعل الأستقرار النفسي بالإستطاعة التكليفية الميسرة وسيطا لطمأنة الإنسان على وجوده وصنع سلامه الداخلي المرافق للعمل الوجودي.
خامسا هناك قضايا وأساليب وممارسات أرتبطت بالدين ليس لأنها عناصر فيه أو منه أو ضرورية أبدية له، ولكنها جاءت على أثر تنفيذ شكلي لموضوع ما حسب ظروف ومعطيات زمكانية، والآن قد تبدلت تلك الظروف والمعطيات بتغير الأزمان وأختلاف المكان وتجدد حاجات أهم وأجدى بتلبيتها وترتبط أصلا بوظيفة الدين، فالجوامع مثلا كانت دائرة متكاملة من الخدمات الأجتماعية العامة فهي دار قضاء ومدرسة ومستشفى ومكان عبادة وحتى ملتقى للناس يتشاورون فيه بأمورهم لعامة والخاصة، الآن تحولت إلى مجرد أماكن للعبادة فقط نقضي فيها دقائق معدودة وينتهي دورها رغم أنها تشغل حيز واسع في المكان والتكاليف والأهتمام، إذا لا مانع أن تعود لوظيفتها وأعادة تسخير المكان وفق الظرف العام وحسب حاجة المجتمع، فتتحول إلى مدرسة تربوية وتعليمية في وقت الفروغ من العبادات، أو تتحول إلى منتديات أو دار علم أو أي وظيفة قد يحتاجها المجتمع، فالله عندما جعل بيوته بيوت للناس إنما يقصد من حيث هدفيتها أن تكون في خدمة الإنسان، وإلا فما حاجتنا لبيوت تهجر غالب الوقت فقط لأننا نتعبد فيها لله وكأن الله لا يقبل العبادة إلا فيها.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العنب والناطور
- رجال الدين بين الوظيفة الإنسانية وظاهرة الأستبداد الديني
- العراق وقراءة في أحداث قادمة ح3
- تنهدات موجعة
- العراق وقراءة في أحداث قادمة ح2
- المثقف أمام تحديات الواقع والمسؤولية الفكرية
- العراق وقراءة في أحداث قادمة ح1
- نضحك ويضحكون والكل يضحك علينا....
- أنا وهو......
- اللوثرية وتجديد الإسلام تنويرا
- إنهم يسرقون العراق....
- رسالة.... إلى صديقي الرب
- الحالة العراقية بين توقعات التغيير وضغط الواقع الراهن
- الزمن القادم.... تأمل أبداعي أم هروب من واقعية الحاضر
- ليس للفقراء مكانا في الجنة الجحيم هو المأوى
- السبات خارج الوعي وإشكالية التطور
- الأمل دراسة في تأمل المعنى
- ساعة القيامة ....... الآن
- حالوب بائع الفحم الطويل
- أسلمة المجتمع أم تديين المجتمع


المزيد.....




- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...
- مئات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى في ثالث أيام عيد الفصح ...
- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - السبيل إلى إحياء دور الدين كرافعة حضارية في الحياة ح1