أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله بير - الذي لي ليس لي دائماً














المزيد.....

الذي لي ليس لي دائماً


عبدالله بير

الحوار المتمدن-العدد: 5789 - 2018 / 2 / 16 - 00:15
المحور: الادب والفن
    


لو نظرت اليه عن كثب ، كان مجرد قن للدجاج ولكن كلما اقتربت اكثر ظهر كأنه ثكنة عسكرية تستعد لصد هجوم عنيف. وضعت فخاخ لاصطياد الارانب و الثعالب من جهتي الشرق و الشمال ، ومن جهة الجنوب اسلاك شائكة ، الطريق الوحيد لدخول القن كان من جهة الغرب و كانت هناك مسافة بين باب من الأسلاك المشبكة و باب القن .
كان القن لفلاح عجوز يعيش مع زوجته ، تركهما ابنائهما لقدرهما . كانا يملكان مزرعة صغيرة زُرع على حافتها بعض اشجار الفواكه و في الوسط زُرع الخضراوات للبيت و قد يُباع منها احياناً لتوفير حاجات اخرى. كان قن الدجاج يقع خارج المزرعة لتلافي دخول الدجاجات إليها و تخريب الزرع . كان في القن قبل الهجوم عليه ديكٌ مع سبع دجاجات ، وهن تمدن العجوز بالبيض يومياً .
في احدى الصباحات و كالمعتاد ، ذهب العجوز و فتح باب القن ، لم تخرج إلا ثلاث دجاجات و تبعهم الديك وهو يترنح و مخضب بالدم ، جسمه مليء بالجراح وفي حالة يرثى لها ، اندهش العجوز من ذلك ، مال العجوز براسه و نظر إلى داخل القن ، كانت هناك اربع دجاجات في الداخل جثث هامدة في الارض ، سحبها العجوز و نظر اليها، وجد عليها اثار العض و هن مخنوقات ، فقال في نفسه :
- ما هذا ؟ هذا اكيد من افعال ابن عرس لا محال .
ثم نظر إلى الديك و قال له :
- حسناً فعلت ، يبدو إنك قاتلت بشجاعة و دافعت عن بيتك بقوة ، ولكن لم تنجح جهودك كلها، قتلَ اربعة من افراد عائلتك ، لا يهم ، لديه انياب و مخالب و ليس لديك سوى مخالب ، سأعاونك لتنتصر عليه ، لا تشغل بالك كثيراً ، الليلة او غداً سنراه معلقاً بإحدى الفخاخ التي سأنصبها هنا ، سوف تراه يصرخ و يزعق بلا فائدة ، إنه حيوان متهور .
جال العجوز في القرية ليجمع ما يستطيع من الفخاخ ، فكانت الحصيلة اربعة فخاخ و لفة كبيرة من الاسلاك الشائكة و خلال ساعات حتى المغيب كان قن الدجاج و كأنه ثكنة عسكرية تستعد لصد هجوم كبير ، هناك فخاخ من جهتي الشرق و الشمال ، وهناك اسلاك شائكة من جهة الجنوب ، الطريق الوحيد لدخول القن من جهة الغرب .
وفي الصباح التالي ، اكتشف العجوز أن جهوده ، ذهبت هباءً ، ووجد الديك مخنوقاً ، وهناك دجاجة اخرى جثة هامدة ، بحث العجوز عن طريق دخول عدوه إلى القن ، لم يجد إلا بعض شعيرات من فرو ابن العرس في احدى عقد الاسلاك الشائكة ، فأخذها معه إلى البيت ، قال لزوجته :
- هذه بعض شعيرات ذلك المجرم ، إنها مجرد شعيرات ، ولكن ليشمها كلب الجيران قد يستطيع هو أن يمسك به أو على الاقل يمنعه من خنق الدجاجتين الباقيتين .
فردت زوجته :
- يا عزيزي ، إن الذي لي ليس دائماً لي ، فها انت ترى ، كان المنزل مليئاً بالضجيج و الصراخ ، والآن لا تسمع فيها إلا همساتنا نحن الاثنان ، لا تثقل حملك كثيرا ، شمسنا تكاد تغيب ، لم يبقى لدينا إلا عشاءً واحد او أثنان .
لكن العجوز نظر إليها بامتعاض و كانت نظراته يشوبها الياس و التحدي في آن واحد ، ثم تمتم وهو يخرج من عتبة الباب ، ثم التفت إلى زوجته وقال :
- سأذهب إلى الكلب حتى لم اتعشى هذا اليوم ، قد يشفي غليلي وانا راقد في قبري ، لن استسلم لكلمات عجوزة مثلك ، سأحارب حتى النهاية .
نادى العجوز جاره ، وطلب منه أن يشم كلبه الشعيرات التي بيده ، واوضح له ما فعل هذا الحيوان اللعين بدجاجاته و ديكه الجميل ، واصبحت المسألة عنده ، مسألة ثأر .
في الصباح التالي وجد العجوز أن دجاجة اخرى قد خُنقت ، لم يبقى لديه إلا دجاجة واحدة ، عندئذٍ شعر العجوز بإحباط شديد و لما ذهب إلى بستانه لبعض الاشغال وُجد كلب الجيران مستلقياً قرب الحائط في طريقه ، ما أن رفع الكلب راسه حتى بادر العجوز إلى مخاطبته :
- قتل دجاجة اخرى يا هذا ، ولم يصدر منك صوت ، ألا أنك عديم النفع ، جبان ، ربما خفتَ أن يخنقك ايضاً ، ماذا حصل في هذه الدنيا يا إلهي ، حتى انتم معشر الكلاب لا تقومون بعملكم كما كنتم في السابق ، كنتم احسن الحراس ، والآن لستم إلا افواه مفتوحة للأكل لا اكثر . سحقاً لكم . تغير الزمان ، تغير الزمان .
مر العجوز بجانب الكلب ، لم يحرك الكلب ساكناً ، دخل العجوز البستان وهو منشغل البال ، وهو يفكر بابتكار وسيلة ما للانتقام من ذلك الحيوان ، لكنه لم يفلح بشيء ، وفجأة خطرت على باله فكرة مثيرة ، فحصها من كل جوانبها في عقله و قرر تنفيذها اللية ، لما عاد إلى البيت ، ذهب إلى القن و رفع كل الفخاخ و الاسلاك الشائكة وقال في نفسه:
- لن يفلت هذه المرة ابدا ، من الآن سأنام هنا ، على باب القن ، اجل سأنام هنا الليلة ، لا بد أن انتقم من عدوي ، سأكون كلب الحراسة و تباً للكلاب التي لا تستطيع فعل شيء ، فليأتي ذلك المجرم و سيرى كيف سأمسك به و سأجعله عبرة لكل بني جنسه .
ما أن عاد العجوز إلى البيت اخبر زوجته بفكرته ، فتعجبت العجوزة منها ،لكنها لم تعلق عليها لأنها تعرف العجوز و تصرفاته الغريبة التي لا يستطيع احد المناقشة فيها ، و رضخت لرأيه مجبرة و جهزت له فراشاً كي ينام فيه . بعد العشاء تناول العجوز فراشه و ذهب و مده على باب القن و استلقى عليه قال للدجاجة التي في الداخل :
- لا تخافي يا عزيزتي ، سأكون انا حارسك من الآن فصاعداً حتى نمسك بذلك اللص ، الحيوان القذر ، الليلة سنمسك به و سنحتفل غداً بتعذيبه .
كان العجوز يكلم الدجاجة من وراء الباب ، و بقي ساهراً لفترة من الوقت ثم غفا و غاص في نوم عميق حتى الصباح ، لما استيقظ العجوز لم تشرق الشمس بعد ، فاسرع بفتح باب القن ، فوجدت دجاجته على العش ، و اسرعت في الخروج لترعى من خشاش الارض ، كرر العجوز ليالي كثيرة في الحراسة ولكن لم يظهر ابن عرس ابداً .



#عبدالله_بير (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخير يأتي اولاَ
- العباءة
- افتح قلبك لتسمع روحك
- الظل
- لا تدع الديدان تقترب
- قراءة في رواية - الخيميائي - لباولو كويلو Paulo Coelho -.
- قراءة في قصيدة (كلما أنَّ الجسدُ من أسره رَفرَفت الروح) للشا ...
- ملائكة في طريق الجحيم
- ميادة
- قراءة في رواية - الجريمة والعقاب - لفيودور دوستويفسكي - .
- الهرمنيوطيقا (فلسفة التأويل).
- قراءة لديوان (نارنج) للشاعرة نارين ديركي
- ماركس وفوكو والصراع أو الحرب
- اليمن و تجسيد أزمة الإسلام


المزيد.....




- فرقة موسيقية بريطانية تقود حملة تضامن مع الفنانين المناهضين ...
- مسرح تمارا السعدي يسلّط الضوء على أطفال الرعاية الاجتماعية ف ...
- الأكاديمي العراقي عبد الصاحب مهدي علي: ترجمة الشعر إبداع يوط ...
- دراسة تنصح بعزف الموسيقى للوقاية من الشيخوخة المعرفية.. كيف؟ ...
- كتّاب وأدباء يوثقون الإبادة في غزة بطريقتهم الخاصة
- حين أكل الهولنديون -رئيس وزرائهم-.. القصة المروّعة ليوهان دي ...
- تكريم الإبداع والنهضة الثقافية بإطلاق جائزة الشيخ يوسف بن عي ...
- أهمية الروايات والوثائق التاريخية في حفظ الموروث المقدسي
- -خطر على الفن المصري-.. أشرف زكي يجدد رفضه مشاركة المؤثرين ف ...
- هل يحب أطفالك الحيوانات؟ أفلام عائلية أبطالها الرئيسيين ليسو ...


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله بير - الذي لي ليس لي دائماً