أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - ألفُ هُوْلة وهولة: الفصل الثاني 4














المزيد.....

ألفُ هُوْلة وهولة: الفصل الثاني 4


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 5779 - 2018 / 2 / 6 - 05:44
المحور: الادب والفن
    


إتفقَ أن إحتفلَ سكرتيرُ الخانم، " آلان "، بحصوله على وظيفته في يوم عيد ميلادها. وكان على صاحبة المناسبة، من ناحيتها، ألا تسلوَ يوماً مماثلاً من السنة المنصرمة، أحتفل فيه البلدُ معها وعلى طريقته الخاصة.. يوم الرابع عشر من دجنبر، الدامي، الشاهد نهاره على انتفاضة الفقراء في عموم المملكة.. انتفاضة، خمدَ وميضُها مساءً، ليسطعَ على الأثر نورُ شمعةِ ميلاد " سوسن خانم ".
في نفس اليوم إذاً، من عامٍ فائت، كانت مرايا صالة إقامة الخانم، الرحبة والباذخة، تعكسُ سَحَناتِ عشرات الرجال والنساء. كان أغلبهم من وجوه المجتمع المراكشيّ، الذين قدموا للحفل بحللهم وحليهم، هداياهم وأزهارهم، وقارهم وحِكَمهم، مجونهم وتهتكهم، آمالهم وأمانيهم، خيباتهم وإحباطاتهم.. هؤلاء جميعاً، بدوا وكأنهم قدموا لمناسبة وأد إنتفاضة الغوغاء أكثرَ منه إحتفالاً بميلاد السيّدة السورية.. وجميعهم، في مقابل ذلك، كانوا يتجنبون النظرَ في عيون بعضهم البعض ـ كما يفعل زوجٌ من الخيل، مشدودان إلى عربة واحدة، لسَعَ كفليهما للتوّ سوطُ حوذيّ فظٍ.
إلا حلقة أصدقاء الخانم الضيقة ( وفيهم البعض من عصبة الرواق )، ممن أتوا للإحتفال بإطفاء شمعة عُمرها السادسة والعشرون. كانوا أقل غلوّاً من الآخرين، ولا غرو، سواءً في زيناتهم أو عنعناتهم. لقد أنتحوا بأنفسهم في ركن المدفأة حول طاولةٍ مربعة الشكل، منشرحٍ صدرها الأبيض بكل ما يمكن تصوّره من أطايب الطعام المشرقيّ والمغربيّ. فما لبثت أقداح الشمبانيا أن أترعت، فتبودلت الأنخابُ بصوتٍ عال وبلهجاتٍ عدّة. كانوا هناك إذاً، قبل عام مضى.. وما زالوا لابثين في المكان نفسه، في صورةٍ نادرة؛ هم من باغتتهم العدسة المحترفة للأستاذ الشاعر، " المهدي البغدادي ": زوجته المتكبّرة؛ شقيق هذه الأخيرة، " الأستاذ محمد "، وامرأته الطيبة؛ المسيو الفرنسيّ، " غوستاف "، وسكرتيرته " شيرين "؛ المرافقة، " الشريفة "، وزوجها " سيمو "؛ وبالطبع صاحبة الدعوة مع سكرتيرها " فرهاد ".

*
" سوسن خانم "، أستعادت إذاً ذكريات ذلك اليوم من عام مضى، وهيَ صُحبة الشاب " آلان ". لم تنسَ تقريباً سوى تفصيل صغير، أو بالأصح، أهملته عمداً. إذ ارتفع الجدل من ذلك الركن الحميم ( أين تجلس الآن مع سكرتيرها الجديد )، وكان صدىً لفوضى النهار المنتفض. عادت إلى أولئك الأصدقاء، كي تطلب بلطف أن يَدَعوا موضوع السياسة وينصرفوا إلى صبّ المزيد من الشمبانيا. حينئذٍ تكلم أحدهم من خلف ظهرها مباشرةً، بلكنةٍ مقيتة ذكّرتها بزوجها السابق: " السياسة موجودة في كلّ شيء، حتى في الشمبانيا! ".
ذاك كان " رفيق "؛ رجل أعمالٍ عراقيّ الأصل، فرنسيّ الجنسية. الخانم، أكّدت أمام خواصها مرةً بأنّ الرجل حاول إجتذابها في تلك الآونة. ولكن عبثاً كانت ابتساماته المصفرّة وعباراته المقتضبة، الممجوجة. فلما فشل، لم يترك مناسبة إلا وعبّرَ فيها عن ألمه من عداوتها له. عزى ذلك بدايةً إلى ما أسماهُ " أفكاره المتحررة، الغريبة عن عقلية البيئة الأرستقراطية ". ثم ما عتَمَ أن راحَ ينوّح كطفلٍ فقدَ لعبته، قائلاً أنّ الأمرَ متواشجٌ مع مذهبه الشيعيّ. في مستهل وجوده في مراكش، كان العراقيّ شريكاً لكلّ من " غوستاف " ومواطنه المدعو " إريك ". هذا الأخير، هوَ من تكفّل بجذب الرجل من باريس بغية استثمار أحد رياضات باب دكالة.
في بستان مراكش، تنقل " رفيق " من زهرة إلى زهرة مثلما يفعلُ زنبورٌ خبيث. فساده، لم يوفر حتى الشقيقة الصغرى لزوجة " إريك " المغربية. إنها ابنة الأسرة الكريمة ذاتها، التي سبقَ أن ألتقطت الشقيقين الدمشقيين من على رصيف إحدى العَرَصات، فمكثا بضيافتهم أشهراً ثلاثة في فيللا تقع بالقرب من ساحة الحرية. لم تستحق هذه الأسرة الفضيحة المدوية، المتسبب بها خطيب الفتاة في ليلة عقد قرانهما. على غالب الظن، فإنه ودّ التملّصَ من خطيبته من خلال تمثيلية أشتركت فيها ابنة خالة لها، تعيش في باريس، وقيل أنها كانت عشيقته. كان الزنبورُ سعيداً، بعيدَ فضّ عقد قرانه بالفتاة، حينَ أذاعَ في المدينة أنها على علاقة سرية مع سكرتير " سوسن خانم ".

*
في مذكراته، كتب " غوستاف " عن الشريك العراقيّ: " صدّام الصغير هذا، هوَ من الوضاعة والحطة أنه لا شاغل لديه هنا سوى إغواء الفتيات بوساطة مركزه وجواز سفره. ومع كونه في منتصف العقد الرابع من عُمره، فإنّ هاته البنيات الغبيات مغرمات على مرجوح الظنّ ببشرته النضرة ذات اللون الحنطيّ.. يا له من فخّ مُحكم، كانت لي معه تجربة ناجعة أنا من قاربَ آنذاك سنّ الستين! ".
هذه المذكرات، أمتلكت الخانم نسخة عنها مصوّرة بالفوتوكوبي؛ وهي النسخة الوحيدة بتصوّرها. النصّ الأصل، وعنوانه " إعترافات "، كان قد سبقَ أن اشتغلت عليه " شيرين " تدقيقاً وتنقيحاً بأمر من مؤلّفه والذي تزوجها فيما بعد. مرافقة الخانم السابقة، " الشريفة "، عملت آنَ تركها خدمتها لديها، في رياضٍ أقام فيه الزوجان بمنطقة باب دكالة. لقد أستلت مخطوطة النصّ خفيةً من درج المكتب، هنالك في الرياض، ومن ثمّ عمدت لاحقاً إلى اتلافها حرقاً. فعلت ذلك، متشجعةً بوجود " شيرين " في السجن بتهمة قتل الزوج. حَسَب معرفة الخانم لمستوى ثقافة مرافقتها، كان في وسعها الجزم بأنها لم تقرأ المخطوطة قط بداعي المتعة الذهنية. ألا إنها إمرأة من الغموض، حدّ وصفها على لسان صاحب المذكرات علانيةً وعلى الملأ: " هيَ حيّة كوبرا، هاربة من ساحة جامع الفنا، تقمّصتها روحُ هُوْلةِ الألغاز والأحاجي ". على أنه ليسَ من الصَعْب على الخانم، مع ذلك، التكهّن بسبب حرق المرافقة للمخطوطة.. تماماً، مثلما لم يَصْعُب فيما بعد على السيّدة السورية، قرار عدم إرسال الصورة المحتفظة بها إلى " فرهاد "، وهوَ مهمَلٌ هنالك في موسكو، بالرغم من كونه الأحق بإرث شقيقته الراحلة.



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ألفُ هُوْلة وهولة: الفصل الثاني 3
- ألفُ هُوْلة وهولة: الفصل الثاني 2
- ألفُ هُوْلة وهولة: الفصل الثاني 1
- ألفُ هُوْلة وهولة: الفصل الأول 5
- أدباء ورهبان 4
- ألفُ هُوْلة وهولة: الفصل الأول 4
- ألفُ هُوْلة وهولة: الفصل الأول 3
- ألفُ هُوْلة وهولة: الفصل الأول 2
- أدباء ورهبان 3
- ألفُ هُوْلة وهولة: الفصل الأول 1
- أدباء ورهبان 2
- كعبةُ العَماء: كلمة لا بد منها 3
- كعبةُ العَماء: كلمة لا بد منها 2
- كعبةُ العَماء: كلمة لا بد منها
- كعبةُ العَماء: حاشيَة
- سيرة أخرى 67
- المركبة الملعونة
- سيرة أخرى 66
- أدباء ورهبان
- سيرة أخرى 65


المزيد.....




- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...
- الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع ...
- ثبتها الآن تردد قناة تنة ورنة الفضائية للأطفال وشاهدوا أروع ...
- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - ألفُ هُوْلة وهولة: الفصل الثاني 4