أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - سعد الشديدي - المشهد السياسي العراقي واحداث سامراء















المزيد.....

المشهد السياسي العراقي واحداث سامراء


سعد الشديدي

الحوار المتمدن-العدد: 1476 - 2006 / 3 / 1 - 11:26
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


بعد خمسة ايام على الزلزال الذي هزّ العراق والمنطقة يبدو المشهد السياسي العراقي مختلفاً عمّا كان عليه قبل الحدث. فالعراق اليوم هو ليس كما كان يوم الثلاثاء الماضي، قبل التفجير الأجرامي لمرقد الأمامين العسكريين في سامراء.
فقد اثبتت الأحداث المتسارعة خلال الأيام الخمسة الماضية بأن المعادلة السياسية التي افرزتها صناديق الأقتراع باتت تتأرجح ليس على كف عفريت واحد بل على اكف قبيلة كاملة من العفاريت المنفلتة التي غادرت باطن الأرض لتلقي بظلالها على الوضع العراقي برمته.ّ
ولا يمكن للمتتبع لسير الأحداث إلا ان يلاحظ ان تفجير مرقد الأمامين الهادي والعسكري قد اماط اللثام عن جملة من الحقائق التي كانت خافية عن الجميع ربما بسبب حالة خلط الأوراق التي سادت خلال السنوات الثلاث الماضية اي منذ دخول القوات الأمريكية بغداد واسقاطها النظام الديكتاتوري. فاصبحنا نحن العراقيون، نتيجة لتلك الحالة، غبر قادرين على استقراء الوضع السياسي في بلادنا. ولم يكن بمقدورنا حتى الأجابة على اسئلةٍ مفصلية هامة تتعلق بحاضر هذا البلد ناهيك عن تلك التي تتعلق بمستقبله.
اسئلة تتكرر كل يوم عن الجهات التي تتحكم بالقرار السياسي والعسكري في بلادنا، عن مدى الصلاحيات الفعلية للقيادات العراقية في الحكومة والدولة التي تؤهلها لأتخاذ القرار في المجالات السياسية والعسكرية والاقتصادية...الخ، عن قدرة القوات المسلحة العراقية والأجنبية على ضبط الأمن وتطبيق القانون، عن مكانة المرجعيات الدينية شيعية وسنية لدى العراقيين، والحديث المستمر في وسائل الأعلام عن الأختراقات الأمنية لقوات الجيش والشرطة والجهات ذات المصلحة في حدوث هكذا اختراقات، وأخيراً عن مصداقية تلك الأرقام التي افرزتها صناديق الأقتراع في الأنتخابات التشريعية الأخيرة. وهنا لا يمكن لأحد ان يشكك بصدق نتائج الأنتخابات التشريعية العراقية الأخيرة بل بما اذا كان العراقيون قد منحوا اصواتهم بوعي ودراية للأحزاب وما اذا كانت تلك الأحزاب تعتقد حقاً وصدقاً بأن لها قاعدة شعبية عريضة تثق بها وتستطيع الأستناد عليها في ساعات الشدّة.
فما هي الأجابات التي اظهرتها احداث الأيام الماضية على هذه الأسئلة؟
اثبتت الأحداث وبوضوح ان قيادة البلاد وبعد ثلاث سنوات من اسقاط النظام البائد مازالت بيد الادارة الأمريكية التي تتحكم بها وإن عن بعد على طريقة الريموتكونترول.
وليس بأدل من توجيه السيد عبد العزيز الحكيم بانتقادات واضحة الى تصريحات السفير الأمريكي في بغداد والمتعلقة بالموقف الأمريكي من اسناد حقائب وزارية لما اسماهم السفير الأمريكي بالوزراء الطائفيين. والقاء السيد الحكيم بجزء من مسؤولية ما حدث في سامراء على التصريحات الأمريكية التي اعطت الضوء الأخضر للارهابيين- حسب السيد الحكيم- لأرتكاب عملهم الأجرامي. ان تصريحات السيد الحكيم تلك ذات دلالة خاصة فهي تشير بشكل غير مباشر الى أن نشاط جميع الأطراف في الساحة العراقية، بما في ذلك قوى الأرهاب، يتمحور حول الدور الأمريكي لا غيره. والا فكيف تستطيع منظمات ارهابية، تقف ضد الولايات المتحدة الأمريكية، استغلال واستثمار تصريحات عابرة للسفيرالأمريكي في بغداد اذا لم تكن تعلم وتثق بأن القرار الأمريكي هو الحاسم في العراق اليوم وان كلمة السفير الأمريكي هي العليا؟ ينبغي هنا التوقف قليلاً امام تصريحات السيد الحكيم وجعلها في السياق العام للأحداث لما لها من أهمية استثنائية خصوصاً وانها جاءت على لسان احد اكبر الشخصيات السياسية في العراق.
في الجانب الآخر لاحظ العراقيون بأن التحرك الرسمي العراقي لأحتواء الأزمة كان خجولاً للغاية في الأيام الأولى. ولم يكن بأمكان السلطة التنفيذية ممثلةً بالسيدين رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء الا ادانة العملية الأجرامية والدعوة الى ضبط النفس ثم اعلان عدم التجوال في اربع محافظات عراقية تعاني من احتقانات طائفية مستمرة. ويتضح من ذلك مقدار الشلل الذي اصاب قيادة البلاد المنتخبة ساعة الحدث وعدم استغلالها الفرصة لتفعيل الآليات المتاحة للخروج من الأزمة بأسرع وقت وبأقل الخسائر الممكنة. فعلى الرغم من وجود مجلس نواب منتخب فأن رئيس الجمهورية لم يدعُ الى اجتماع المجلس ولو بشكل طارئ. ورغم ان الحدث يشكل كارثة على المستوى الوطني ويمسّ جميع العراقيين من جميع الأعراق والطوائف والديانات فقد تجاوزت رئاستا الجمهورية ومجلس الوزراء ارادة الشعب عن طريق تجاوزها نواب الشعب المنتخبين وحصرها حلول ومحاولات الخروج من الأزمة برئيس جمهورية انتقالي وحكومة تصريف أعمال مؤقتة. في الوقت الذي كان بأمكان نواب الشعب المنتخبين التسلل الى المشهد الساسي العراقي ولو بشكل خجول ومن الأبواب الخلفية وطرح الحدث الكارثة على مائدة الحوار تحت قبة البرلمان ومناقشته بشكل هادئ امام الشعب العراقي كله. الأمر الذي كان سيعطي اشارات واضحة وحاسمة لاعداء الديمقراطية بأن العملية الديمقراطية سائرة قدماً وان محاولاتهم مهما اخذت من ابعادٍ كارثية فلن تكون الا كزوبعة طارئةٍ في الفنجان العراقي.
ومن المثير للتساؤل حقاً هو موقف دول الجوار التي وقفت موقف المنتظر والمتفرج على ما يحدث في العراق دون ان تعلن حتى ولو ادانتها الشفهية للعملية الأرهابية.
ثم حدثت المفاجئة وجاء الأتصال الهاتفي للرئيس الأمريكي جورج بوش الأبن بالقيادات السياسية العراقية. ويبدو ان تلك المكالمات الهاتفية كانت قد درست بعناية فلم يسثنى احد من القيادات السياسية منها. الامر الذي عكس قلقاً امريكياً بالغاً مما يحدث في العراق. وبدأت كرة الثلج بالدوران. ولم تتوقف حتى هذه اللحظة. ابتداءاً بدعوة تشكيل خلية أزمة واجتماع لقيادات الأحزاب ثم والأكثر من ذلك بدء حوار موسع حول تشكيل الحكومة القادمة.
كما وشاهد المواطن العراقي الحجم الهائل الذي بدأ بالتدفق فجأة في برقيات الأستنكار والأدانة التي استقبلها رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء من القادة العرب والأجانب. وحجم التحرك العربي الذي توَّجهُ شيخ الأزهر بزيارته ومفتي الديار المصرية الى السفارة العراقية في القاهرة وتصريحاته المعتدلة جداً والمساندة لشعب العراق بشيعته وسنته في محنتهم هذه.
ان من يدعي ان القيادات العراقية المنتخبة، ممثلة برئيسي الجمهورية والوزراء تعرف جيداً بأنها لا تمتلك عمقاً شعبياً يؤهلها الخروج من ازمة عميقة بهذا الحجم لا يعدو الصواب. فلم يتحرك الرئيسان الا بعد ان توفر لهما الغطاء الأمريكي المطلوب وهذا بحد ذاته كارثة تضاف الى كارثة تفجير المرقد الشريف في سامراء. ويتبدى للمحلل دونما صعوبة بأن الأرقام التي فرزتها صناديق الأقتراع لا تعني شيئاً في الحقيقة لقادة الأحزاب السياسية وان ذلك التأييد الكبير من قطاعات شعبية واسعة لا يمثل شيئاً في حقيقة الأمر. ان هذا الموقف لا يعني الا احد امرين: فأما ان يعرف رئيسا الجمهورية والوزراء بأن الأرقام التي حملتها نتائج الأنتخابات الأخيرة لا تعني شيئاً في ارض الواقع وأن الكلمة الفصل في نهاية الأمر هي للبيت الأبيض الأمريكي وإما انهما لا يثقان بأولئك الذين منحوهما اصواتهم وانهما، والحكومة بكاملها والدولة العراقية قيد الأنشاء، معزولون عن الشعب الذي منحهم ثقته في الأنتخابات الأخيرة.
الشئ الأخير والذي قد يكون الأكثر اهمية من كل ذلك ان التيارات الشعبية، متمثلة بالتيار الصدري، قد اخذت زمام المبادرة منذ اللحظة الأولى للحدث وتجاوزت المواقف الرسمية الخجولة، بالدعوة الى وحدة العراق على المستوى الشعبي وتطبيق ذلك على ارض الواقع. وهذا بالذات ما افتقدته مبادرات رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء وبقية قادة الأحزاب التي منحها العراقيون ثقتهم لتمثيلهم في مجلس النواب المنتخب.
لقد تحرك التيار الصدري بشكل اذهل السادة من قادة الأحزاب الشيعية الأخرى وحصد بتحركه هذا للتقارب مع الأحزاب والمنظمات السنية جميع الميداليات الذهبية في سباق الحصول على تأييد الجماهير العراقية وعرض قدرته على احتواء اكثر الأزمات تعقيداً. كما اظهر الصدريون مقدرة فائقة في قيادة الشارع وعزل القيادات الأخرى عن بعدها الشعبي ولو لفترة مؤقتة. لقد بقي السيدان الجعفري والحكيم اسيرا المنطقة الخضراء. بينما نزل قادة التيار الصدري الى الشارع مظهرين بذلك قدرتهم، اذا ما ارادوا، على قلب المعادلة السياسية على رؤوس الساسة والقيادات العراقية المنتخبة.
لقد نجح الأرهابيون في هدم قبة ضريح الأمامين الهادي والعسكري في عمليتهم الاجرامية ولكن هل كان احد يعتقد بأن تداعيات العملية تلك ستفضح بل وتهدم جزءاً مهماً من المشهد السياسي العراقي؟



#سعد_الشديدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشيعة الى السلطة.. والعراق الى الجحيم؟
- العراق ومقدمات الحرب الأهلية
- سامراء.. الرهان.. والتداعيات
- الأنتخابات التشريعية العراقية: فضيحة أم كارثة؟
- هوامش على ملحمة جلجامش
- تعلّم كيف تبني عراقك الجديد.. في 3 ايام.. بدون معلّم
- الرئيس الطالباني: صلاحيات أوسع أم دور سياسي أكبر؟
- اينانا في سجن النساء
- انهم يفّجرون حتى قبور الموتى
- رسائل الموبايل
- هل العراق الجديد.. جديد حقاً؟
- نبوءةُ عُرسٍ اسوَد
- سانتا لوسيا والشعر الأسود الفاحم
- مجنون يحكي .. وعاقل يسمع
- البوري رقم 2
- الأسلاميون والفخ الأمريكي
- وأبيع ريّا في المزاد
- ألمرجعية ولعبة السياسة
- مذكرات لقلق مصاب بأنفلونزا الطيور
- الصحافة الوطنية العراقية في خدمة الأرهاب؟!


المزيد.....




- بعد جملة -بلّغ حتى محمد بن سلمان- المزعومة.. القبض على يمني ...
- تقارير عبرية ترجح أن تكر سبحة الاستقالات بالجيش الإسرائيلي
- عراقي يبدأ معركة قانونية ضد شركة -بريتيش بتروليوم- بسبب وفاة ...
- خليفة باثيلي..مهمة ثقيلة لإنهاء الوضع الراهن الخطير في ليبيا ...
- كيف تؤثر الحروب على نمو الأطفال
- الدفاع الروسية تعلن إسقاط 4 صواريخ أوكرانية فوق مقاطعة بيلغو ...
- مراسلتنا: مقتل شخص بغارة إسرائيلية استهدفت سيارة في منطقة ال ...
- تحالف Victorie يفيد بأنه تم استجواب ممثليه بعد عودتهم من موس ...
- مادورو: قرار الكونغرس الأمريكي بتقديم مساعدات عسكرية لأوكران ...
- تفاصيل مبادرة بالجنوب السوري لتطبيق القرار رقم 2254


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - سعد الشديدي - المشهد السياسي العراقي واحداث سامراء