أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جلال حسن - الى أصدقائي المسيحيين الغائبين... سلاما














المزيد.....

الى أصدقائي المسيحيين الغائبين... سلاما


جلال حسن

الحوار المتمدن-العدد: 5740 - 2017 / 12 / 28 - 15:32
المحور: الادب والفن
    


الى أصدقائي المسيحيين الغائبين... سلاما
جلال حسن
مساء كل يوم أذهب الى منطقة البتاوين في منبسط الربض الجنوبي من شارع السعدون. أقف عند دكان صديقي المسيحي ( أبو يوسف) أسلم عليه ويأخذنا الحديث الى ذكريات نهر دجلة ودائرة شهادة الجنسية وعربات الربل وحديقة الأمة ونصب الحرية، وطيلة الحديث أنظر الى عدالة ميزانه وتباهيه في حق الوزن وحق الناس، ورضا الضمير، كان يبيع الكرزات والحلويات والسكائر، وينصحني أن أترك التدخين، كنا نتحدث عن أشعيا وعن السيد المسيح وأمه العذراء كأنهم عراقيين يعيشون في بيوتنا، كان يقول ان السيد المسيح لا يختلف عن النبي محمد، أنهم أنبياء الله على الأرض ويضيف إليهم النبي موسى ويحيى المعمدان وكل الصالحين.
.(أبو يوسف) رحل عن البلاد كما أخبرني صديقي ( فادي) صاحب أرقى محلات في البتاوين. وقال: أن ( أبو يوسف) رحل الى بلد أخر وانه مستوحش فيه، ويبكي على العراق ، وطفلته الصغيرة تبكي على صديقاتها في المدرسة وابنه الكبير يحن الى أصدقاء الحي، وزوجته خائفة من مجهول أيامها في الغربة . وأضاف : ان (ابو يوسف) في ستينيات العمر وتربى في هذه البلاد منذ نعومة أظفاره، ولا بد أن يرجع ، حينها شعرت بالراحة وسألته : متى يا فادي ؟ قال : انتظر.
ولم أنتظر حيث رحل ( فادي) هذه المرة وترك البلاد الى الأبد، ولم تبق غير ذكرى وداعته ونبله وطيبته، وآخر حديث دار بيننا قال: إن هذه البلاد صارت لا تتسع لأحزاننا ومعاناتنا ودموعنا، لم يكمل كلامه حتى أجهش بالبكاء!،
لم يبق غير صديقي ( توني) الذي يشكو من البطالة ومعاناة أمه المريضة، قال ليّ بامتعاض، سنرحل يا جلال، لقد وضعوا مكبرات صوت فوق العمارة التي نسكن فيها، وأشد ما يؤلمنا أذان الصبح حيث تفز أمي مرعوبة لأن الصوت يدوي في شقتنا، سنرحل مرغمين، ونبيع محل أخي (ستيفن) لتغطية نفقات السفر. لم أرد عليه، كنت مؤيداً له ورافضاً في الوقت نفسه. لكن ليس هناك من وسيلة. ليس هناك من حل، حزموا أمتعتهم ورحلوا جميعا، وتركوا أسمائهم للنسيان.
إذا كانت مفارقات الحياة كثيرة، فان الاستثناء هو فراق الأحبة والأصدقاء وابتعادهم قسراً على أمل ضعيف وبعيد في رجوعهم، هكذا تعصرنا العبرات وباطل الوطن الطارد بغياب أنقى الناس وأشرفهم وأخلصهم، بعدما وشموا أخلاقهم وطيبتهم علامات تخترق أسوار قلوبنا الضعيفة بضمانة الصدق والوفاء والحب.
جلال حسن
[email protected]



#جلال_حسن (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صفصافة الحطاب
- رائحة الطائر المائي
- حلم فاسد
- متوارياً عن السراب
- على تلك المنضدة
- حوارية البحر
- شئ ما يخصني
- قيامة البحر
- ما فائدة أن نرثيهم!
- كتب بائرة
- الرجل الأنيق
- التوغل في الحدث المسرحي
- شجن منفرد
- صامتاً أهذي بالنسيان
- ألم بلا ضمير
- هل نصدق الإفلاس؟
- لوعة الصحراء
- الغثيان
- تساؤلات في الكشف
- الخشبة ورصانة المضمون


المزيد.....




- اكتشاف طريق روماني قديم بين برقة وطلميثة يكشف ألغازا أثرية ج ...
- حوارية مع سقراط
- موسيقى الـ-راب- العربية.. هل يحافظ -فن الشارع- على وفائه لجذ ...
- الإعلان عن الفائزين بجائزة فلسطين للكتاب 2025 في دورتها الـ1 ...
- اكتشاف طريق روماني قديم بين برقة وطلميثة يكشف ألغازا أثرية ج ...
- من الجو..مصور يكشف لوحات فنية شكلتها أنامل الطبيعة في قلب ال ...
- التمثيل الشعري للذاكرة الثقافية العربية في اتحاد الأدباء
- الكوتا المسيحية: خسارة ريان الكلداني وعودة الجدل حول “التمثي ...
- مؤرخ وعالم آثار أميركي يُحلل صور ملوك البطالمة في مصر
- -المعرفة- في خدمة الإمبريالية والفاشية والاستبداد


المزيد.....

- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جلال حسن - الى أصدقائي المسيحيين الغائبين... سلاما