أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مؤيد عليوي - التحايل الدلالي والسؤال الفلسفي في قصص - واسألهم عن القرية -















المزيد.....

التحايل الدلالي والسؤال الفلسفي في قصص - واسألهم عن القرية -


مؤيد عليوي

الحوار المتمدن-العدد: 5731 - 2017 / 12 / 18 - 10:20
المحور: الادب والفن
    


تفضي قصص أنمار رحمة الله " واسألهم عن القرية "، إلى سؤالٍ فلسفي، يختفي بين طيات حركة الشخصيات والمواقف،بين المُتخيل والواقعي، في هذه المتاهة التي يتورط بها المتلقي، ينبلج السؤال الفلسفي بعد نهاية كل قصة بين ما هو مادي ملموس وما هو أسطورة العجائبي الأدبي،لتكشف القصصُ الواقعَ اليومي المعاش ،الواقع المُغلف بقناع بالإبداع وهي تتماهى نوعاً ما من بعض قصص " أوشام سرية " للقاصة التونسية هيام الفرشيشي، في قضية توظيف التحايل الدلالي ضمن البناء القصصي، والتي قدمتُ لها بدراسة نقدية وصدرتْ في تونس 2015سنة .
ولنبدأ من عنوان المجموعة " وأسألهم عن القرية " واستعمال (سأل) في كتاب الجاحظ البيان والتبيين : ضمن بيت علقمة الفحل:(فأن تسألوني عن النساء فأنني//// بصيرٌ بأدواء النساء طبيبُ) ،الذي يؤكد اقتران الفعل سأل بحرف الجر (عن) وبيان دلالة التركيب السليم للعنوان مكوناً تناصه مع الآية (( فاسلوا أهل الذكر أن كنتم لا تعلمون )) وهو التناص الأقرب من ناحية توجيه السؤال، لكن نسأل مَن؟ أكيد السؤال سيكون لـ( الرسام ، وعودة الحكّاء ، والمعلم ، العازف، حارس المكتبة ،الجرو ،الهتر ) وهي عناوين القصص و تمثل أسماء الشخصيات الرئيسة فيها، فهم أهل المعرفة بالقرية المكان، ولماذا القرية المغلقة التي تحتاج إلى سؤال عنها هذا ما أفشتْ به القصص لتتوافق تماماً مع العنوان، حيث( يعمل المكان في مقصوراته المغلقة التي لا حصر لها على احتواء الزمان مكثفاً ) باشلار، فقد كانت القرية في القصص عبارة عن نظام كامل من العلاقات الاقتصادية الاجتماعية والإشارات والقوانين المُتفق عليها الخاضعة للسلطة، المبنية على أساس مفاهيمي سوسيولوجي متين في كل قصة، بحسب تعريف فوكو للنظام، وكان تكثيف الزمان فيها يقع ضمن منطقة الأسطورة والعجائبي القروي المشيد بهندسة استعمال اللغة القصصية المكتزنة بجماليات التشبيه والكناية والاستعارة،منها مثلاً في قصة الرسام: ( يمرُّ الليل ثقيلاً ، كسحاب تدفعه رياح كسولة . الوقت يلضم نفسه بنفسه ليكون مشنقة ملتفة حول عنق الرسام ) ص 15- 16، ومن قصة المعلم ( كان المعلم يستغيث تارة وتارة يسرقه الصمت كما يسرق النهر الغريق، وحين ينفجر من ألمه ودهشته السوداوية ، يصرخ عالياً في السوق ( أيها الناس .. ماذا جرى لكم ..؟ أنقذوني وفكوا لجامي هذا وحرروني من قيدي .. أنا معلم القرية .. إلا تذكرون ..) . ولكن كل ما كان يراه المعلم حين يصرخ ، هو نظرة امتعاض من المارة ) ص 30- 31 ، ومن نهاية قصة الهتر : ( تعلو ثم تعلو لتعلن أطيافكم الضئيلة اختفائكم بين ذراعي السماء ، تاركاً خلفك قبرا فاغراً الفم مدهوشاً مثلي، وقريةً سألتحق بحشدها الذي غادر عائداً )75 وغيرها من القصص، بهذه اللغة ومثيلاتها تشكلت السمة الأسلوبية في القسم الأول من" وأسألهم عن القرية "، هذه اللغة التي صُنعت منها عوالم الأسطورة والقريبة منها لينفلت منها العالم العجائبي مكوناً السمة الثانية لهذا القسم ،كما كانت تبدأ جميع قصصه في نسق واحد من عناوينها لشخصيات رئيسة في السرد القصصي، الملتصقة بعنوانها منذ الكلمة الأولى، ثم ينفتح النص بالعجائبي موظفاً الأسطورة تارة، وتارة المتخيل الأدبي في ذات البنى المثالية المتماهية من الأسطورة، حتى نصل إلى نهاية القصص حيث تُحل عقدة الصراع فيها وينكشف التحايل الدلالي، وتكون ذاتها متصلة بالبداية وعنوان كل قصة،ومن هذه المنطقة في البناء القصصي كانت العلاقات والإشارات في النظام الفوكوفي لا يعرفها إلا أهل القرية المنغلقة على ذواتها، والتي يقع في فخاخها الغريب عن مفاهيمهم في الأعم الأغلب ،منتجة نظام يسوقه الجهل والأنانية والحقد والزيف حتى يغدو الإبداع والعلم والفن والإنسان الطيب فيها مظلوماً،وهنا تتحول القرية بهذه المواصفات إلى رمزٍ لمدن كثيرة في الماضي القريب والحاضر ، المدن التي ريُفيتْ منذ أكثر من خمس وعشرين سنة إلى ألآن إذ ( من التقاليد التي كرستها السلطة الريفية أو البدوية الحاكمة، هو تجاوز المدنية نفسها في البحث عن هوية ساكنيها ، فيتم التعريف على أساس العشيرة أو العِرق أو الطائفة ) أحمد السعداوي في جدلية المكان . ففي نهاية كل قصة يكون السؤال الفلسفي هل من الممكن أن تكون الحياة بهذا العنف وهذا الزيف في عملية ارتداد للقارئ من القصص إلى واقعه المعاش، يعود من عالم قصص الرمز والخيال والأسطورة ، يعود من بين السطور بعد أن فهم شفرة القناع في " واسألهم عن القرية " ،الذي أنتجه سرد بعد ما بعد الحداثة كما تقول أماني أبو رحمة، وقد حاول القاص أعادة مفاهيم الحداثة في المجتمع العراقي التي كانت تتفاعل مع العلمي المادي والتنويري في الحداثة العراقية- عبر النص المغلف بالقناع الأسطوري والعجائبي- الذي أزاح اللثام عن الواقع المعاش، عن تعامل سلطة الزيف والجهل والانغلاق مع الفن وجمالياته في قصتي ( الرسام والعازف ) وعملية تهشيم التعليم في قصة ( المعلم ) وما السوط بيد الحوذي فيها إلا رمز لسلطة الجهل والأنانية والحقد على العلم كونه علماً،وهذا الظلم يقع على المادي الملموس والدين الحق على حد سواء، باتفاق وإشارات بين الأغلبية ليمثل نسق لثقافة النفور من الآخر بسلطة ما - لما بعد الحداثة وما تلاها -الذي يتجلى بوضوح في الواقع القصصي للقسم الأول منه، والذي عبرتْ عنه الكتب من خلال أنسنت الكتاب وتجسيمها في قصة ( حارس المكتبة ) بصورة فنية وربما نادرة ،كما تتجسد هذا الأغلبية السوسيولوجي للمجتمع في قصص ( عودة الحكاء ، والهتر ، والجرو ) .
أما قصص القسم الثاني : فأنها تتناول المدينة مباشرة دون ذلك التحايل الدلالي الذي اشرنا له في السطور السابقة ، وهي تنطوي أيضا ضمن سرد بعد مابعد الحداثة، فمشاكل العمل والبطالة وزحمة الانشغال وبرود العاطفة الإنسانية وتلوث البيئة، ومع انزياح التحايل الدلالي في القسم الأول، تظهر مشاكل الإنسان مع الواقع المادي في قصص القسم الثاني، وعلى الرغم من كونها تتصف بمواصفات بعض البناء القصصي – البداية والنهاية – إلا أنها تختلف من حيث اللغة والجو النفسي العام للقصة عن قصص القسم الأول ،ففي قصة (أضراس) أول قصص القسم الثاني، كان جوها النفسي المُعبر عنه بلغة تختلف جذرياً عن لغة قصص القسم الأول واستعمالاتها وسياقها النصي، والتي تعرضتْ إلى مشكلة العمل والبطالة التي دفعت الشخصية الرئيسة إلى العمل دفانا غير أمينٍ على جثث الموتى، وفي قصة (التضاؤل ) ينكشف جانب الانغماس في العمل المتواصل إلى الإهمال في العلاقات الإنسانية بين الزوج والزوجة ، لكن تعود بعض العجائبية في قصة ( الصبار ) لكنها عجائبية مدينة كما هي عجائبية (التضاؤل) وهي تقترب من غرائبية كافكا وهي غرائبية مدينة أيضاً ، المهم ليس ثمة تحايل دلالي في قصص القسم الثاني كما في قصص القسم الأول ، أما قصة ( رحيل ) من أخر المجموعة فهي تفضح تلوث البيئة وهجرت انهار المدن، واغلب القصص في المجموعة تتناول مشاكل الإنسان بعد مابعد الحداثة وصراعه مع الواقع ، حتى تنتهي بسؤال فلسفي هل الحل من هذه المشاكل هو الأسطورة ، أم الحل علمي ومادي ؟من خلال قراءة مشاكل الواقع اليومي المعاش وحلها بما يمنح الإنسان حرية الاختيار للدين والفكرة و العمل ومكان العيش والتعليم والصحة والبيئة النظيفة .



#مؤيد_عليوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصيدة صديقتي الآن
- شعريةُ - يقظة النعناع - * للشاعر أحمد الخيّال
- قصيدة - نسيتُ -
- الخطاب الأيدلوجي ودوره في تزييف الصراع الطبقي
- المكان في قصص عراقية
- - الفقراء - والتظاهرات والمناهج النقدية
- قصيدة أنين المحرومين
- قصيدة مرثية الفقراء على وطن
- قصيدة عشق
- ظلُّ كِتاب.. وبقايا شعب
- مفهوم ( التكييف الهيكلي ) الامبريالي واضراره على الشعوب النا ...
- سوريا الاسد أفضل لسوريا وللمنطقة برمتها
- قصيدة صراع الطين 2
- قصيدة صراع الطين
- تصاعد الانفراد الرأسمالي الأمريكي باتجاه حرب عالمية ثالثة
- تعقيباً على مقال : - تبدل أولويات الإستراتجية الأمريكية وأثر ...
- قصيدة غزل شعبي بعنوان -- يا ترف --
- بناء القص في سرد المزار للقاص عباس الحداد
- شفاهية الكتابة في الخطاب الشعري في قصيدة (لا تتركني) للشاعر ...
- ليس انحيازا بل أكثر ماركسية


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مؤيد عليوي - التحايل الدلالي والسؤال الفلسفي في قصص - واسألهم عن القرية -