أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مؤيد عليوي - شعريةُ - يقظة النعناع - * للشاعر أحمد الخيّال















المزيد.....

شعريةُ - يقظة النعناع - * للشاعر أحمد الخيّال


مؤيد عليوي

الحوار المتمدن-العدد: 5731 - 2017 / 12 / 18 - 00:32
المحور: الادب والفن
    


تنبلجُ هذه السطور عن تعريف الشعرية عند أدونيس - التي اعتمدها النقد ها هنا- والتي مفادها: نزعة إنسانية قائمة على أخراج مكنوناتها بلغة شعرية لم تحاكِ النسج الشعري السابق لها أو المعاصر، بل هي انتهاك الظاهر بلغة الغيب والباطن النابع من الذات مما يؤدي إلى غرابة وغموض وإدهاش المتلقي ،سواء في زمن الشاعر أبي تمام أو في زمن بدر شاكر السيّاب ،أو في زمن قصيدة النثر .
من هذا المفهوم نستطيع سبر غور سر جمع الشاعر أحمد الخيّال لنصوصه الشعرية المتباينة الشكل الفني في" يقظة النعناع " : بين ذي الشطرين الموزون المقفى،وأحيانا موزون مقفى ليس بذي الشطرين ويطلق عليه ( العمود الومضة )-1-، وبين قصيدة النثر التي أشبهتْ النهر الجاري بين نخيل باسقة من الموزون الشعري، فالشاعر خيّال خاض غبار النقد والثقافة عموماً ،وفتق الدرس الأكاديمي بالبحث الأصيل، كما أنه قد مارس لعبة الألم والشعر منذ ثلاثين سنة أو أكثر، ولو وجّهنا سؤالنا التالي له : لمَ جمعتَ نصوصك الشعرية على هذا الوجه من الإصدار،وهي لم تنتمِ لشكل واحد ،ولا تمثل زماناً واحد ولا حتى تسلسلا زمنياً لها بحسب لحظة الانفلات الشعري كما أؤرخ في حاشية كل منها ؟، بل جاءت دفقة من المشاعر الإنسانية المتواصلة تأخذنا من موضوع وشكل فني إلى موضوع وشكل فني آخر،وكل ما يوصلها ببعضها هي الروح الشعرية الملتاعة في وصفها لظاهرة اجتماعية مفعمة بالإحساس واللغة الفنية ،ومِن حلم لم يتحقق بعد، وعشق صوفي لم يكتمل وصاله،إلى الآمٍ أغلب علاجاتها مؤجلة ولهذا المدلول الأخير ( التأجيل ) بعدٌّ روحي ، أو هو ركيزة ومرتكن لفكرة ما لدى الشاعر في مدوّنه " يقظة النعناع " ، كما نجد الإهداء جاء بدلالة التأجيل أيضاً : (إلى أحلامي المؤجلة)،ومن قصيدة " غياب حلمِ الخطى" :( وكم حلُمتْ... / وكم نزفتْ خطاها / وكم قبل الـ( متى)... خافت فتاها/ وكم ريحٍ بها لفُتْ منافٍ / إلى منفىً / تراه ولا يراها / وكم عشقٍ ... / يؤجّلهُ شروقٌ / فيشرقُ جرحُها... يروي ثراها / كأنّ التيهَ....أنى قد تلاشى/ يواصلُها الوضوحَ/ كما نفاها / ... ) ومن مدلول التأجيل المفعم بالشعرية في صورته الفنية ليؤدي دور الانزياح الدلالي مع الصور الفنية التي سبقته والتي لحقته في وحدة عضوية لكل بيت في القصيدة برمتها ، إذ لا غياب حقيقي في شروق الجرح الذي يروي الأرض بل سيكوّن امتداداً طبيعياً ،حيث يخرج من الأرض المروية دائما ثمار نتيجة الإرواء أو السقي ، لذا نجد مدلول التأجيل يفعل فعله بمعنى أن العشق حقيقي واستمراره هو على أمل اللقاء مهما طال غياب حلم الخطى ،بينما تأخذ شعرية مدلول التأجيل منحىً روحيا من الفجر المنُتظر كما في أخر قصيدة " يقظة النعناع " : ( وتيمّ الماءَ حتى صار أنهرهُ / وأوجع الليل في ناياته السفلى ///// مذُ كان يغسلُ لونَ الورد أجّلهُ / فجرٌ بطعم الندى تهويمةٌ جذلى )، وفي قصائد النثر نتلمس شعرية مدلول التأجيل في نص " باب ": ( " باب " / مثل دموعك / في جسد الندم / ومثل حزني / في تمثال الرحيل / نقف .... / لنفتح باباً / بيدٍ من ريح / وعينين من ضباب / وقلبٍ من شك ) فمِن ( لنفتح بابا) إلى أخر النص مثّـل مدلولاً مستقبلياً لم يحدث بعد بمعنى انه مؤجلٌ أيضاً ، مرهونٌ بموافقة الآخر يعزز هذا المعنى السطر الأخير من النص (وقلبٍ من شك).
وبعد الجلاء من نماذج شعرية التأجيل في " يقظة النعناع " نقرأ عن التحديث في شعرية المدلول التي هي أشبه بالشعر الصوفي من حيث مجازه عند ادونيس والمراد به : ( المجاز، بحسب التجربة الصوفية، ليس بماضٍ ،أعني أنه بداية دائمة، هذه البدايةُ جسر يربط بين المرئي وغير المرئي ، ....) -2- ، وتتجلى في أول يقظة من ديوان النعناع للشاعر احمد الخيّال،إذ المدلول النصي مشاعر فخر وشكر وانتماء لفتوى الجهاد الكفائي دفاعا عن المقدسات والوطن، التي صدرت عن المرجع الأعلى السيد علي السستاني ( دام ظله )،ومن حداثة المدلول في الموضوع والصور الفنية لهذه القصيدة "بياض الياس "– إذ القتال في العراق بأمر ديني يحصل لأول مرة منذ عشرات السنين عند شيعة الإمام علي بن أبي طالب عليهما السلام - ، منها :
(قلبي مع الحشد المقدس يهتف / ودمي على ماينزفون سينزفُ
وهبوا جراح الرمل نبض دمائهم / عادوا لرسم الماء حين تلهفوا
من أمنيات النهر فجرُ قيامهم / وعلى اخضرار السعف نصرا يعزفُ
وعلى ضفاف الحزن شاب نداؤهم / بالحزن أحلام ٌ لهم تتلطّفُ
كانوا السنابل حين كان يبابا / في لون حنطتهم تباهى يوسفُ
فحقولُهم خضرٌ وصوتُ دمائهم / آياتُ ضوءٍ لم تسعفها الأحرفُ
كان العراق مجرةً وهم الكوا / كبُ في مدار العشق حين تصوّفوا )
ومن خلال هذه القصيدة أيضا يشار إلى كل أبناء العراق الذين قاتلوا دفاعا المقدسات وترابه ، وفي مقاربة لموضوع الوطن نقرأ مدلول التأجيل الذي يأبى مفارقة شعرية " يقظة النعناع " إذ على أعتاب قصيدة " أمنيات الماء " نقرأ مطلعها :
( من آخر الوقت المؤجل يشرقُ / من أفق ضحكة وردةٍ تتفقُ
من أمنيات الماء تحت قميصه / يجري ليدرك مشتهاه فيورقُ
صلى على طين الدعاء مرتلاً / إيمانَ لحن الناي سرا يشهقُ
وطنٌ كصوم الأنبياء مطهّرٌ / يغفو على قصب ابتهاله زورقُ )
من الشطر الأول ( أخر الوقت المؤجل تشرق) نرى النفحة الروحية هنا في مدلول التأجيل بإشارة خفيّة إلى الإمام المهدي -عج- ،وهكذا تجري القصيدة ومدلولاتها الوطنية المُعبر عنها بالضمير الغائب مرة – ضمير مستتر للفعل يشرقُ – والضمير الظاهر المتصل - الهاء في قميصه - وكل الضمائر في القصيدة هكذا المراد بها العراق وطن معجون بالروح النقية فـيجيء البيت الأخير :(وطني عراق الحزن ريحه عنبر / همسا بسمع القلب لحنه يطرقُ ) ليكشف عائدية استعمال الضمير في النص بفنية شعرية تجعل الغموض والإدهاش مستمرا ،مكوناً صوره الفنية بكل شروطها من مناسبة الوزن والقافية والمدلول الشعري،مثلما تتكون الصورة الفنية في قصيدة النثر بشعرتيها وشروطها الفنية من ذات الديوان ففي قصيدة " انتظار " هذه الصورة الفنية :( كأن رحيقَ القصيدة / ينتظرُ صبا النحل المغامر /وأجهشُ ببكاء .... في فم النبوءاتِ /والعالمُ الهشُّ / يحترق كأنه .. ... / الليلُ في يد طفل ) أن شعرية هذه الصورة الفنية في داخل المتلقي وهو يرى العالم الهش عالم اليوم وهو يحترق كلعبة بيد طفل دون مبالاة من أغلب سكان هذا الكوكب ، وهذا البعد الإنساني لا تخلو منه قصيدة من ديوان " يقظة النعناع " وكأن الشاعر احمد الخيّال يبوح بحرائق ذاتية معبرة عن لوعة الإنسان في كل مكان، بل كأنه الطبيب لكل الحالات التي كتبها،وهو يشابه إلى حدٍ ما وصف الشاعر محمد رضا الشبيبي في " رسالة الشاعر"،وكلام الناقد د. علي جواد الطاهر عن الموضوع -3- ، حيث قال الشبيبي : ( ولا ريب أن رسالة الشاعر فيما نحن فيه لا تعدو وصفة الدواء بعد تشخيص الداء) .
..................................................................................................
*يقظة النعناع ، شعر أحمد الخيال، دار الفرات للثقافة والإعلام في الحلة ،2015 .
1 - مقاربات النص، د. مشتاق عباس معن ، طبعة إتحاد الأدباء والكتاب في اليمن ، صنعاء ،2006 .
2 – الشعرية العربية ، علي احمد سعيد المشهور في عالم الأدب والشعر بـ( أدونيس )،الطبعة الثالثة ،بيروت، 2000 ، 77 .
3 – الفكر النقدي عند الدكتور علي جواد الطاهر في ضوء القراءة النسقية ، أ . د قيس حمزة الخفاجي، مطبعة دار الصادق، نشر جامعة بابل ، الحلة ، 2012 :284 .



#مؤيد_عليوي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصيدة - نسيتُ -
- الخطاب الأيدلوجي ودوره في تزييف الصراع الطبقي
- المكان في قصص عراقية
- - الفقراء - والتظاهرات والمناهج النقدية
- قصيدة أنين المحرومين
- قصيدة مرثية الفقراء على وطن
- قصيدة عشق
- ظلُّ كِتاب.. وبقايا شعب
- مفهوم ( التكييف الهيكلي ) الامبريالي واضراره على الشعوب النا ...
- سوريا الاسد أفضل لسوريا وللمنطقة برمتها
- قصيدة صراع الطين 2
- قصيدة صراع الطين
- تصاعد الانفراد الرأسمالي الأمريكي باتجاه حرب عالمية ثالثة
- تعقيباً على مقال : - تبدل أولويات الإستراتجية الأمريكية وأثر ...
- قصيدة غزل شعبي بعنوان -- يا ترف --
- بناء القص في سرد المزار للقاص عباس الحداد
- شفاهية الكتابة في الخطاب الشعري في قصيدة (لا تتركني) للشاعر ...
- ليس انحيازا بل أكثر ماركسية
- تباين عوالم القص في - للخفاش أثر - للقاصة التونسية هيام الفر ...
- الاممية الخامسة


المزيد.....




- يحقق أرباح غير متوقعة إطلاقًا .. ايرادات فيلم احمد واحمد بطو ...
- الإسهامات العربية في علم الآثار
- -واليتم رزق بعضه وذكاء-.. كيف تفنن الشعراء في تناول مفهوم ال ...
- “العلمية والأدبية”.. خطوات الاستعلام عن نتيجة الثانوية العام ...
- تنسيق كلية الهندسة 2025 لخريجي الدبلومات الفنية “توقعات”
- المجتمع المدني بغزة يفنّد تصريح الممثل الأوروبي عن المعابر و ...
- دنيا سمير غانم تعود من جديد في فيلم روكي الغلابة بجميع ادوار ...
- تنسيق الجامعات لطلاب الدبلومات الفنية في جميع التخصصات 2025 ...
- -خماسية النهر-.. صراع أفريقيا بين النهب والاستبداد
- لهذا السبب ..استخبارات الاحتلال تجبر قواتها على تعلم اللغة ا ...


المزيد.....

- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مؤيد عليوي - شعريةُ - يقظة النعناع - * للشاعر أحمد الخيّال