أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شاكر فريد حسن - ليس دفاعاً عن اميل حبيبي : من المستفيد من نبش التاريخ ..؟!















المزيد.....

ليس دفاعاً عن اميل حبيبي : من المستفيد من نبش التاريخ ..؟!


شاكر فريد حسن

الحوار المتمدن-العدد: 5708 - 2017 / 11 / 24 - 09:17
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




لم يتسن لي مشاهدة البرنامج الذي أعدته وبثته فضائية " الميادين " عن الكاتب والروائي والصحفي والقائد والمناضل الشيوعي الكبير المعروف الراحل ، الذي ملأ الدنيا وشغل الناس ، اميل حبيبي ، هذا البرنامج الذي أثار الجدل والسجال واللغط والتجريح ، ولكنني قرأت عددا

من التعليقات والتعقيبات والكتابات التي تطرقت للفيلم وما طرح من آراء حول مواقف وممارسات اميل حبيبي .

وهذه ليست المرة الأولى التي ينبش فيهاq القومجيون والمزايدون والمغامرون والحاقدون التاريخ ، ويعودون بنا القهقرى الى الوراء والماضي البعيد السحيق ، وينهشون لحم اميل حبيبي و " تخوينه " والافتراء عليه وتجريحه وهو في القبر ، وهو الانسان المكافح والمنافح عن قضية شعبه وقضايا واجندة شعبه المتعددة ، الذي ارتبط بتاريخ الحزب الشيوعي والحركة الشيوعية والوطنية ونضال عصبة التحرر الوطني ومسيرة وكفاح جماهيرنا العربية الفلسطينية لاجل البقاء والانزراع في الوطن والارض والتراب وصيانة الهوية والتراث .

اميل حبيبي شخصية مشاكسة واستثنائية واشكالية مثيرة للجدل ، وهو ككل انسان يخطىء ويصيب ، وليس منزهاً ومعصوماً عن الخطأ ، وليس بقرة مقدسة فوق النقد ، فالانتقاد مطلوب وحيوي وهو اساس كل المجتمعات المدنية العصرية والحضارية ، التي تسعى الى التطور وترسيخ التعددية ومفاهيم الديمقراطية وارساء الحوارات والسجالات البناءة الهادفة وصولاً للحقيقة ، لكن ما يجري من توجيه اتهامات باطلة وافتراءات وتجريحات ومهاترات ضد اميل حبيبي بعد عشرين عاماً على رحيله ووفاته هو امر مرفوض وفتح لجراح قديمة ولصفحات طويت من زمن بعيد ، وغمامة سوداء مرت في سماء حياتنا السياسية الحالكة المعتمة .

وكانت الحركة التقدمية من قبل ، وعبر صحيفتها التي اصدرتها في الناصرة نبشت الماضي والتاريخ وفتحت النيران على اميل حبيبي وهو حي ، والصقت به تهمة صفقة السلاح التشيكي ، وهي التهمة الخطيرة التي طاردته وازعجته، واول من الصقها به هو الشاعر راشد حسين عندما كان يعمل محرراً في صحيفة حزب مبام الصهيوني " الفجر " حين تفجرت الخلافات بين الشيوعيين وعبد الناصر والقوميين العرب .

وهنا لست بصدد الدفاع عن اميل حبيبي ، فلو كان على قيد الحياة لاسكت واخرس كل الاقلام وكل المزايدين والمتطاولين على التاريخ والمشوهين له بصلافته وصلابته واسلوبه الساخر وكتابته الحادة اللاذعة ومفرداته البليغة المستقاة من التراث العربي الأصيل ومن القرآن الكريم الذي قرأه مراراً وتكراراً ، وكان يحض على قراءته والاستفادة منه وهو المسيحي الشيوعي المادي الجدلي لما له من اثراء لغوي وومضات مادية ، ولكن لماذا هذا النبش في التاريخ من جديد والتهجمات على اميل حبيبي الباقي في حيفا وهو يرقد رقدته الأبدية في ضريحه ، ولا يمكنه الرد على كل المفترين والمتطاولين .

ولا شك ان المستفيد الوحيد من اثارة التهم التي وجهت له والمغالطات ضده ، هو المؤسسة الصهيونية التي تريد تفتيتنا وتجزئتنا والهائنا في نقاشات سفسطائية لا تغني ولا تسمن من جوع .

لقد رد اميل حبيبي على التهمة الموجهة له بخصوص صفقة الاسلحة التشيكية ، التي تتلخص انه ارسل في أوج احتدام المعارك في فلسطين بين القوات العربية والقوات البهودية ضمن بعثة مع شموئيل ميكونيس الى تشكوسلوفاكيا لشراء أسلحة للقوات اليهودية ، وهي تهمة اثيرت كثيراً من قبل أعداء وخصوم الحزب الشيوعي ، وخاصة في مواسم الانتخابات للكنيست ، وفي مناخ التوترات والخلافات السياسية مع الحزب الشيوعي ، وذلك في مقال مطول نشرته الاتحاد في ١٨/ ١٠/ ١٩٨٤ رداً على ما نشرته " تضامن " الحركة التقدمية في عددها الصادر بتاريخ ١٤/ ١٠/ ١٩٨٤ ، وكانت الاتحاد اعادت نشر مقال اميل حبيبي الذي ينفي ويفند فيه كل هذه القصة بقوله : " أنا لم أسافر مع المذكور ميكونيس في ٨ آذار ١٩٤٨ الى بلغراد أو الى غيرها ، لا في ذلك الزمن ولا في غيره قبل قيام دولة اسرائيل وأنا لم التق بقادة سوفيتيين ولم ازر الاتحاد السوفييتي الا ابتداءً من العام ١٩٥٦، وكنت سافرت الى بلغراد مبعوثاً من قبل عصبة التحرر الوطني ، وكنت سافرت لوحدي ، والتقيت ميكونيس في بلغراد ، وكان يأمل توسط الرفاق هناك باعادة اللحمة بين الشيوعيين في البلاد ، ولكن لم يتم ذلك ، ولم يجر بحث أمر السلاح وما شابه " .

ولكن في حقيقة الامر ان اميل حبيبي هو مثقف اشكالي كان صاحب السلطة والقول الفصل واللسان الحاد الجارح كحد السيف ، وقد تميز بالسخرية ، وكان يبت في المواقف الصعبة ورأيه هو المقبول في اكثر الحالات والمتفق عليه ولا يقبل الا بذلك ، وحضوره وهيبته كان يفرض الالتزام من الجميع .

وكان لاميل حبيبي على امتداد السنوات الحاسمة في تاريخ شعبنا وجماهيرنا الفلسطينية الأثر الكبير والبالغ والدور الطليعي الهام في بلورة الوعي السياسي والايديولوجي والثقافي والاجتماعي ، ومن خلال موقعه القيادي في الحزب كان القائد والمنظر والمفكر الموجه لجماهيرنا التي بقيت وصمدت وتشبثت بارضها ووطنها وجذورها وزيتونها ، والأيام التي اعقبت النكبة الفلسطينية وفرض الحكم العسكري على جماهيرنا العربية هي السنوات المثيرة والمميزة والصعبة في مسيرة نضال الحزب الشيوعي وكفاحه السياسي ، وفي مسيرة اميل حبيبي خاصة ، وبسبب هذا الموقع القيادي فرض نفسه أن يكون الموجه الفكري والثقافي والأدبي من خلال الصحف والدوريات الشيوعية " الاتحاد " و" الغد " و" الجديد " و" المهماز " و" الدرب " ، مؤكداً على أن الأدب الذي يجب على المبدع انتاجه أن يكون انسانياً تقدمياً واشتراكياً في مضمونه وقومياً في شكله .

وهو روائي مبدع تجلى الابداع الحقيقي في روايته الشهيرة " المتشائل " التي اثارت النقاد والدارسين والباحثين وكتبت عنها عشرات الدراسات والمقالات والتعليقات ، واعيد طباعتها مرات عدة في الاقطار العربية .

وكانت مقالات اميل حبيبي الاسبوعية في " الاتحاد " التي كان يوقعها تحت اسم جهينة زاداً فكرياً ومرشداً ودليلاً سياسياً واجتماعياً وفكرياً للمستقبل والتعامل في الحياة العامة والسياسية ، وكانت خطاباته السياسية في المهرجانات والاجتماعات الشعبية والمظاهرات الكفاحية تشد الناس وتثيرهم وتحرضهم على الكفاح بمضمونها وقوة حجتها ،

وباسلوبه المقنع وقدرته الخطابية وذكائه الحاد استطاع النفاذ الى قلب وعقل الحاضرين .

وحين منحت وزارة الثقافة الاسرائيلية في العام ١٩٩٢ جائزة الدولة العليا في الأدب " جائزة اسرائيل " اثارت هذه الجائزة عواصف كثيرة وجدلاً وخلافاً واسعاً بين الاوساط السياسية والفكرية والثقافية والادبية في الداخل والخارج ، وتعرض بسببها الى الانتقادات اللاذعة من أكثر الناس قرباً والفة له ، من الشخصيات والنخب الثقافية وعلى راسها سميح القاسم ومحمود درويش واحمد حسين واحمد دحبور وفيصل دراج وفخري قعوار ويوسف أبو لوز ومحمد علي طه ويوسف القعيد وغيرهم الكثير .

ما يهمنا بالاساس هو المكانة الحزبية والشعبية والفكرية والاجتماعية والأدبية التي تمتع بها اميل حبيبي ومنحته القوة لان يكتب ويقول ما يشاء ، ولعل القرار الحاسم الذي اتخذه الحزب هو فصله من تحرير صحيفة " الاتحاد " سنة ١٩٨٩ وفصله أو استقالته من كل مهماته وعضويته الحزبية ، ما جعله يتحول الى خصم قوي لقيادة الحزب التي اتهمها بالدكتاتورية والستالينية ، لتنتهي حقبة زمنية طويلة الامد ممتدة في تاريخ ومسيرة اميل حبيبي واعلانه التفرغ للابداع الادبي حتى وفاته ، واصداره مجلة " مشارف " الثقافية - الفكرية التي حققت انتشاراً وتقديراً واسعين بين المبدعين الفلسطينيين والعرب في البلاد والخارج .

وتبقى الحقيقة أن اميل حبيبي رغم كل التهم والافتراءات الموجهة ضده ، يظل قائداً جماهيرياً وخطيباً قديراً وسياسياً داهية وصحفياً لامعاً ومناضلاً بارزاً وروائيا متميزاً وقصصياً مبدعاً ورائداً ومؤسساً لادب السخرية في ثقافتنا الفلسطينية ، فلتكف الاقلام عن النهش في اللحم الميت ، وعاشت ذكرى الاميل خالدة ، وكما عنونت " الاتحاد " كلمتها الوداعية غداة وفاته " من الورد الى الورد يعود " .



#شاكر_فريد_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فهيم أبو ركن عاشق الكلمة الجميلة الى حد العطش ..!!
- - صفقة القرن - مشروع سياسي امريكي لوأد الحقوق الفلسطينية ..! ...
- رحيل الاعلامي والقيادي والكاتب السياسي عبد الحكيم مفيد
- بغداد ترقص فرحاً وزهواً بانتصار الموصل ..!
- في ذكرى الوعد المشؤوم ..!
- الى أين يتجه الشرق الاوسط ..؟!
- غاليا أبو صلاح تكتب شعرها بنبيذ الروح ..!
- الصراع الفكري بين قوى الاستنارة والظلام ..!
- ماذا وراء تفجير النفق في غزة
- مع دراسة الباحث الفلسطيني سعيد مضيه
- في تاريخ العراق السياسي ..!!
- لماذا استعجلت الرحيل يا رزق ..!
- تحية حب وتقدير ووفاء للرفيق المناضل قدري أبو واصل ..!!
- آمال عواد رضوان شاعرة الرقة والجمال والانوثة وسحر الكلمات .. ...
- في احتجاب - الموقد الثقافي - ..!!
- الشاعرة العراقية وفاء عبد الرزاق تحاكي وجدانها ، وتغمس يراعه ...
- شبابنا العرب الى أين ..!!
- الواقع العربي وثقافة المستقبل ..!
- مع الفنانة الفلسطينية هويدا نمر زعاترة
- محمود درويش واتفاق اوسلو المشؤوم ..!!


المزيد.....




- متى تتوقعون الهجوم على رفح؟ شاهد كيف أجاب سامح شكري لـCNN
- السعودية.. القبض على شخصين لترويجهما مواد مخدرة بفيديو عبر و ...
- مئات الغزيين على شاطئ دير البلح.. والمشهد يستفز الإسرائيليين ...
- بايدن يعلن فرض الولايات المتحدة وحلفائها عقوبات على إيران بس ...
- لماذا تعد انتخابات الهند مهمة بالنسبة للعالم؟
- تلخص المأساة الفلسطينية في غزة.. هذه هي الصورة التي فازت بجا ...
- شاهد: لقطات نشرها حزب الله توثق لحظة استهدافه بمُسيرة موقعًا ...
- ألمانيا تطالب بعزل إيران.. وطهران تهدد بمراجعة عقيدتها النوو ...
- مهمات جديدة أمام القوات الروسية
- مسؤول إيراني: منشآتنا النووية محمية بالكامل ومستعدون لمواجهة ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شاكر فريد حسن - ليس دفاعاً عن اميل حبيبي : من المستفيد من نبش التاريخ ..؟!