أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رحيم العراقي - إدغار ألن بو..قصائده وتنظيره للشعر















المزيد.....

إدغار ألن بو..قصائده وتنظيره للشعر


رحيم العراقي

الحوار المتمدن-العدد: 1470 - 2006 / 2 / 23 - 04:46
المحور: الادب والفن
    


مؤلف لكتاب (إدغار ألن بو..قصائده وتنظيره) هو الشاعر والناقد الاميركي ريتشارد ويلبور. وكان قد نال سابقا عدة جوائز أدبية من بينها جائزة الكتاب القومي، وجائزة بوليتزر وجائزة بولينجين للترجمة. نذكر من بين كتبه العديدة كتابه الذي يحمل العنوان التالي: «قصائد جديدة» وكتاب الآخر «أشياء عابرة».
وفي هذا الكتاب الجديد يتحدث المؤلف عن واحد من اشهر الشعراء الذين انجبتهم اميركا: ادغار آلان بو. وهو يتحدث عنه كشاعر وكناقد في ان معا. ومعلوم انا «بو» برع في شتى الانواع الادبية: من النقد، الى المقالة، الى الرواية، الى الشعر، الى الكتابة الفلسفية، بل وحتى الرواية البوليسية.
وقد اثارت حياته وأعماله مناقشات حامية في اوساط الادباء داخل اميركا وخارجها. ومعلوم ان شارل بودلير كان يرفعه الى اعلى عليّين ولا يحلف الا باسمه وقد امضى وقتا طويلا في ترجمته الى الفرنسية. وكان يفتخر بأنه يعرف ادغار آلان بو، اي يعرف انتاجه ويقرأه باستمرار ويستلهمه.
ثم يقول المؤلف الذي قدم لاعمال ادغار آلان بو: يقال بأن احد المعاصرين عندما سمعه ينشد شعره بصوت مرتفع راح يرتجف من شدة الانفعال. لقد احس وكأنه واقع تحت تأثير شيء يشبه السحر او المغناطيس. ومعلوم ان الدوس هوكسلي كان يقول: كل قصائد بو ساحرة.
ولكن المؤلف يضيف قائلا في مقدمته: هناك شيء آخر بالاضافة الى السحر في هذه القصائد. هناك العمق الفكري والنزعة الانسانية الصافية.
ثم يضيف المؤلف قائلا: كان ادغار آلان بو يعتبر نفسه شاعرا بالدرجة الاولى. ولكن ضرورات الحياة المادية اجبرته على امتهان الكتابة الصحفية وتناول مختلف المواضيع لكي يكسب رزقه .
ولو سمحت له الاقدار لما كتب غير الشعر وتفرغ له كليا. وفي اشعاره نلاحظ ذلك البحث عن المطلق عن الحقائق السماوية العليا التي تتجاوزنا وتتخطانا فنحن عابرون في هذا العالم. نحن لسنا كل شيء. هناك حقائق عليا اكبر منا.
ولد ادغار آلان بو في مدينة بوسطن عام 1809 ولكن ابويه ماتا بعد سنتين فقط من ولادته. وهكذا اصبح يتيما بدءا من عام 1811 وعندئذ تلقاه تاجر غني وأشرف على تربيته ولكن دون ان يتبناه رسميا.
ثم حصلت له مشاكل كثيرة مع والده بالتبني وهرب من البيت وهام على وجهه. وانخرط في الجيش الاميركي لفترة، ثم تركه واشتغل في الصحافة. وراح ينشر بعدئذ اعماله الشعرية والنثرية حتى وجدوه ميتا في الشارع بمدينة بالتيمور عام 1849. هذا يعني انه لم يعش اكثر من اربعين عاما، ومع ذلك فقد ملأ الدنيا وشغل الناس بأدبه وانتاجه.
ويرى المؤلف ان ادغار آلان بو كان ناقدا صارما لا يرحم. ولم يكتف بكتابة الشعر والقصة وإنما نظرّ للأدب ايضا. ويعتبره البعض بمثابة المؤسس للنقد الاميركي الجديد.
وقد ناضل بكل قوة ضد تأثير الادب الاوروبي على الادب الاميركي من اجل التوصل الى الاستقلالية الذاتية لهذا الاخير. ومن اهم دراساته النقدية نذكر دراسة بعنوان: ولادة القصيدة وفيها يحلل قصيدته الشهيرة: العذاب.
كما وكتب دراسة اخرى بعنوان: المبدأ الشعري ويرى البعض انه اسس فيها ما يمكن ان ندعوه بالفن من اجل الفن. ولكن يبدو ان هدفه الاساسي كان يكمن في دراسة التأثير الانفعالي الذي تولده القصيدة على القاريء. على الرغم من ان الشاعر وصل الى الشهرة والمجد في حياته لفترة قصيرة الا ان الظروف تآمرت عليه فاحتقره معاصروه ونبذوه وعاش السنوات الاخيرة في حياته في فقر مدقع. ويبدو انه لم يربح من كتبه اكثر من ثلاثمئة دولار طيلة حياته كلها!
وقد حصل له ما حصل للرسام الشهير فان غوخ الذي انتحر بسبب الفقر والجوع والآن تباع اللوحة الواحدة من لوحاته بثلاثمئة مليون دولار نستمع اليه يقول في دراسته: مبدأ الشعر:
في هذا الخطاب عن المبدأ الشعري ليس مقصدي ان اكون شاملا او عميقا اريد فقط ان اتحدث بشكل موضوعي وبدون منهج منظم عن الطبيعة الاساسية لما ندعوه بالشعر وأريد ان اضع بين ايديكم بعض العينات من هذه القصائد الصغيرة سواء أكانت انجليزية ام اميركية.
ثم يردف ادغار آلان بو قائلا:
وهي قصائد تتناسب مع ذوقي الشعري وقد اثرت علي كثيرا عندما قرأتها ولكن بالقصائد الصغرى لا اقصد القصائد الضعيفة وإنما القصائد القصيرة. واسمحوا لي بهذا الصدد ان اقول لكم بأن القصيرة الحقيقية هي القصيدة القصيرة، وأن القصيدة الطويلة لا معنى لها.
هل انا بحاجة لان اقول لكم بأن القصيدة لا تستحق هذا الاسم الا اذا هزتنا من الداخل، الا اذا ارتفعت بنا الى ما هو اعلى منا؟ وقيمة كل قصيدة تتناسب عكسا او طردا مع هذا المبدأ.
كل قصيدة لا تحرضني لا تنهرني لا ترتفع بي الى ما فوق الحياة اليومية ليست قصيدة ولكن كل تحريض هو بالضروري نفساني، عابر مؤقت.
وبما ان التوتر لا يمكن ان يستمر لفترة طويلة فان القصيدة ينبغي ان تكون قصيرة بالضرورة. ولهذا السبب قلت بأن القصيدة الطويلة هي كذبة مفتعلة. فلا يوجد شاعر بقادر على المحافظة على التوتر لفترة طويلة مهما كان عبقريا ثم يتوقف ادغار آلان بو هنا عند الاعتراض التالي: وماذا تفعل بالجنة الضائعة او الفردوس المفقود لميلتون وهي قصيدة طويلة جدا؟
وماذا تفعل بالالياذة لهوميروس وهي ايضا قصيدة لا نهاية لها؟
ويجيب قائلا: بأن هاتين الملحمتين واشكالهما عبارة عن قصائد قصيرة ولكن متتالية وراء بعضها البعض. وبالتالي فلا ينبغي ان نعتبرها شعرية من اولها الى آخرها. فهناك لحظات يتوقف فيها التوتر الشعري ويتباطأ قبل ان يتوصل الشاعر الى زخم جديد وهكذا دواليك
ثم يتوصل ادغار آلان بو الى القول بأن هدف القصيدة هو الجمال، هو القصيدة ذاتها. وبالتالي فعلاقتها الحقيقة او بالواجب ضعيفة، وحتى معدومة. القصيدة ليس هدفها ان تعلمنا المباديء الاخلاقية، واذا ما فعلت ذلك فإنها تبطل ان تكون قصيدة. كل شاعريتها تموت اذا ما تحولت الى وعظ تربوي او تلقين اخلاقي.
وفي النهاية يقول بأن جوهر الشعر يكمن في التطلع الانساني نحو الجمال فوق الطبيعي او الخارق للطبيعة. واذا لم تستطع القصيدة ان تحدث فينا هذا الانفعال والاهتزاز، اذا لم تستطع ان ترتفع بنا الى اعالي السماوات فهذا يعني انها ليست قصيدة. القصيدة، الحقيقية، ترتفع بروحك الى آفاق لم تكن في الحسبان.
وفي مكان آخر يقول ادغار آلان بو بالنسبة لي فإن الشعر ليس هدفا وانما هو هوس انفعالي يسيطر علي.. نعم ان الشعر هوس غالب مثله في ذلك مثل الحب، او الحرية، او الجنون.
الشعر ليس عقلا، انه يتجاوز العقل او ينطلق خارج اغلاله وقوانينه لنستمع اليه مرة اخرى وهو يتحدث عن العلاقة بين العبقرية والجنون: ما يدعوه الناس بالعبقرية ليس الا مرضا عقليا ناتجا عن تطور لا طبيعي، اي تطور مسرف لاحدى ملكاتنا او مواهبنا.
وأعمال مثل هؤلاء العباقرة ليست ابدا صلبة بحد ذاتها وانما تعبر عن استلاب جماعي.. وبالتالي ينبغي ان نفهم الحقيقة التالية: كل الشعراء الكبار مجانين، او مستفزي الاعصاب، او متوترين الى الحد الاقصى والا لما اصبحوا شعراء. وعندما اقول شعراء فإني اقصد كل انواع الفنانين والموسيقيين والكتاب، والرسامين، والنحاتين، والمبدعين اجمعين فالشعر هو غاية كل كتابة وكل فن ايا يكن.
والفنان لا يصبح فنانا الا لانه مهووس بالجمال فالجمال يؤمن له متعة شهوية تصل الى حد النشوة العليا.
ولكن الشاعر شخص مريض بمعنى انه يحس بالاهانة الشخصية اذا ما وجهت له بشكل اكبر بكثير مما يحس الانسان العادي. وبالتالي فهو يجعل من الحبة قبة بسبب حساسيته المتطرفة او الزائدة عن الحد. الشعراء لا يجدون الظلم حيث ليس هو ولكنهم يحسون به بشكل اكبر بكثير من الاخرين فمنظر امرأة فقيرة او طفل محروم يجرحهم من الداخل ويتحول الى مشكلة شخصية هذا في حين ان الآخرين يمرون عليه مرور الكرام.
ينتج عن ذلك ان الانسان غير الحساس او غير المريض من فرط الحساسية لا يمكن ان يكون شاعرا. ولكن الشاعر بالاضافة الى ذلك او بسبب ذلك مهووس بالعدل والحق والجمال.
من المعلوم ان الشاعر الفرنسي الشهير بودلير كان معجبا بادغار الان بو الى درجة تفوق المتصور وكما قلنا سابقا منذ ترجم معظم اعماله الى اللغة الفرنسية والواقع انه وجد فيه ضالته او بالاحرى نفسه.
ويمكن القول بأنه لولا بودلير لما لقي ادغار آلان بو كل هذا الاعجاب ليس فقط في فرنسا وإنما حتى في اميركا ذاتها. فالاميركيون كانوا يحتقرونه ولا يعترفون به الا قليلا، ولكن عندما وجدوا اكبر شاعر فرنسي يهتم به الى مثل هذا الحد قالوا بينهم وبين انفسهم: لو لم يكن مهما لما اهتم به بودلير!
وهكذا عادوا الى دراسته والاهتمام به من جديد.
يضاف الى ذلك ان بودلير وجد في عذاب ادغار آلان بو شيئا من عذابه هو وقد عبر عن ذلك افضل تعبير في نص يحمل العنوان التالي: «ادغار آلان بو، حياته وأعماله. بقلم شارل بودلير».
وفيه يقول الشاعر الفرنسي الكبير بما معناه: هناك مصائر قاتلة، مصائر مأساوية، ويوجد في ادب كل بلد كتاب يحملون كلمة النحس على وجوههم انها مطبوعة بأحرف سرية مجهولة على جباههم.
ويقال انهم قبل فترة قصيرة اقتادوا الى المحكمة شخصا منقوشا على جبهته هذه العبارة: يلاحظ.
وهكذا يحمل في كل مكان ايتيكيت حياته تماما كما يحمل الكتاب عنوانه وبعد ان استجوبوه اكتشفوا ان الامر صحيح. وفي تاريخ الأداب هناك مصائر مشابهة. يحصل ذلك كما لو ان القدر العاثر قد اصاب بعض الاشخاص واختارهم من بين كل خلق الله ككبش فداء. وأصبح يجلدهم الواحد بعد الآخر لكي يتعظ بهم الآخرون. ولكن عندما نطلع على حياتهم نجد انهم كانوا مليئين بالطيبة، والموهبة، والنزعة الانسانية.
فما ذنبهم اذا كان حظهم عاثرا، ما ذنبهم اذا كان القدر قد حط عينه عليهم؟ والأنكى من ذلك هو ان المجتمع ينكل بهم وينبذهم ويضطهدهم. لقد فعل «هوفمان» كل شيء لكي يتحاشى ضربات القدر! وفعل بلزاك كل شيء لكي يتحاشى الحظ العاثر ويخرج من ورطة الحياة.
لقد اجبر هوفمان على حرق عموده الفقري عندما اصبح بمنأى عن العوز والحاجة، وعندما اصبح الناشرون يتقاتلون على حكاياته وكتاباته، وعندما وصل الى ذروة المجد.ضربه القدر في اللحظة التي وصل فيها الى مبتغاه.
وبلزاك كان يحلم بثلاثة اشياء: طبع اعماله الكاملة اداء ديونه، والزواج بالمرأة التي يحبها. وعندما تحقق له كل ذلك مات! ولم يمهله القدر لكي يسعد بالوصول. ويمكن ان نقول ذات الشيء عن ادغار آلان بو.



#رحيم_العراقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القصة العائلية لفرويد
- منعطفات ارثر ميللرالزمنية
- ماركسية ماركس
- قراءات في الفلسفة المثالية الألمانية
- كيف ظهرت الحداثة في غرب اوربا وأميركا.. ؟
- خمس سكان العالم تحت مستوى خط الفقر...لماذا..؟.
- فوكو..ما يزال يثير الجدل..
- أطفالنا يحلمون
- الأدب عبر الإنترنت
- وحشة وحلم
- الصحافة الدينية في إسرائيل
- ذكريات رياضية...فريق إتحاد التضامن.
- كامو وسارتر..قصة القطيعة
- الأسس اللاهوتية في بناء حوار المسيحية والاسلام
- راسين..ثلاثة قرون من المسرح..
- جمعة اللامي في عزلته
- الإنسان أمام غياب اليقين
- كوبا ..كل شيء سيتغير غدا..
- برجوازي صغير
- الرقابة على الفكر او قمع الحرية الفكرية


المزيد.....




- مارسيل خليفة في بيت الفلسفة.. أوبرا لـ-جدارية درويش-
- أدونيس: الابداع يوحد البشر والقدماء كانوا أكثر حداثة
- نيكول كيدمان تصبح أول أسترالية تُمنح جائزة -إنجاز الحياة- من ...
- روحي فتوح: منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطي ...
- طرد السفير ووزير الثقافة الإيطالي من معرض تونس الدولي للكتاب ...
- الفيلم اليمني -المرهقون- يفوز بالجائزة الخاصة لمهرجان مالمو ...
- الغاوون,قصيدة عامية مصرية بعنوان (بُكى البنفسج) الشاعرة روض ...
- الغاوون,قصيدة عارفة للشاعر:علاء شعبان الخطيب تغنيها الفنانة( ...
- شغال مجاني.. رابط موقع ايجي بست EgyBest الأصلي 2024 لتحميل و ...
- في وداعها الأخير


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رحيم العراقي - إدغار ألن بو..قصائده وتنظيره للشعر