أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - رحيم العراقي - كامو وسارتر..قصة القطيعة














المزيد.....

كامو وسارتر..قصة القطيعة


رحيم العراقي

الحوار المتمدن-العدد: 1455 - 2006 / 2 / 8 - 09:36
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


مؤلف هذا الكتاب هو الناقد الاميركي رونالد ارونسون المختص بشئون الأدب الفرنسي المعاصر وفيه يتحدث عن علاقة اثنين من كبار الأدباء والمفكرين في القرن العشرين: البير كامو وجان بول سارتر. انه يروي القصة الكاملة للقطيعة التي حصلت بين الرجلين بعد علاقة صداقة رائعة استمرت لبضع سنوات. ويرى المؤلف ان هذه القطيعة ناتجة عن خلاف في الرأي حول بعض القضايا الفكرية والسياسية. ومن القضايا التي اختلفا عليها قضية العنف ومشروعيته او عدم مشروعيته بمعنى آخر: هل يحق لنا كثوريين ان نلجأ الى استخدام العنف من اجل تغيير الواقع القائم ام لا؟ سارتر قال نعم وكاموا قال لا.
وعلى هذا الاساس افترقا وحصلت بينهما المشاكل المعروفة التي شغلت الصحافة الفرنسية ردحاً من الزمن. لقد حصلت القطيعة والمشادات بين الرجلين على أثر نشر كامو لكتابه المعروف: الانسان المتمرد.
وقد حظي الكتاب بترحيب الصحافة الكبرى في فرنسا فجريدة الفيغارد قالت عنه: انه ليس فقط اهم الكتب التي نشرها البير كامو حتى الآن وانما اهم كتاب في العصور الحديثة!وأما جريدة اللوموند فقالت إنه لا يوجد كتاب آخر يعادله قيمة منذ الحرب العالمية الثانية ولكن الشيء المقلق هو ان بعض جرائد اليمين المتطرف حيَّت الكتاب ايضا!
وقالت عنه احداها بأنه يمثل عودة الى القومية الفرنسية، بل وحتى الى الايمان بالمسيحية وهاجمت الصحيفة اليسار الفرنسي كما هو معتاد لانه ملحد وكافر وزنديق. وأثنت على البير كامو ورحبت بعودته الى حضن القيم المحافظة لفرنسا. وقالت إن كامو يدافع عن النظام ضد الفوضى التي ينشرها الاباحيون واليساريون والعدميون. فبعد كتابه السابق «اسطورة سيزيف» الذي بشر فيه بالعبث واللامعقول وأساء بذلك الى الشبيبة الفرنسية نجد ألبير كامو يعود الى حظيرة القيم التقليدية للأمة الفرنسية وهذا خبر مفرح بالطبع لان كامو كاتب كبير.
بالطبع فإن سارتر وجماعته رأوا في الكتاب هجوما مقنعا عليهم وعلى تيارهم السياسي والفكري. فسارتر كان لا يخفي في ذلك الوقت انضمامه الى المعسكر الستاليني الشيوعي ومحاربته للمعسكر البورجوازي وقد رأى في كتاب صديقه القديم البير كامو خيانة للخط الثوري الانقلابي وطعنة للأصدقاء في الظهر.
ولذلك كلف احد اعضاء مجلته «الازمنة الحديثة» بعرضه ونقده وتفنيده. وهذا ما كان وقد فوجيء كاموا بالهجوم الذي لم يكن يتوقعه. ويقال انه لم يعد يعرف كيف يكتب واختل توازنه لفترة من الزمن.
ثم استعاد بعد ذلك طاقته وأعصابه ورد على جماعة سارتر بحزم. وبعدئذ اندلعت المناوشات بين الطرفين على مصراعيها ولم تنته إلا بموت كامو بشكل مفاجيء في حادث سيارة عام 1960 وهذا دليل على ان المعارك الفكرية عنيفة ومنهكة مثلها في ذلك مثل المعارك السياسية بل وحتى العسكرية!
وتقول سيمون دوبوفوار عن هذه القطيعة ما يلي:
اذا كانت صداقتهما قد انتهت بفرقعة كبيرة فذلك لان اسباب انهيارها كانت تتفاعل منذ زمن طويل.
ثم يردف المؤلف قائلا: الواقع ان التعارض الايديولوجي بين الرجلين كان قد تزايد سنة بعد سنة منذ عام 1945. فالبير كامو كان عبارة عن شخص مثالي اخلاقي مضاد للشيوعية واما سارتر فكان منذ عام 1940 قد حاول رفض المثالية والانخراط في التاريخ والواقعية النضالية.
وكان سارتر يزاوج بين الوجودية والماركسية ويحاول الاقتراب من الشيوعيين والحزب الشيوعي كان آنذاك اكبر حزب في فرنسا وكانت تحيط به هالة المجد بسبب بطولاته ومآثره اثناء المقاومة الفرنسية ضد الاحتلال النازي.
كان سارتر يؤمن بالاشتراكية ويعتقد بامكانية تطبيقها على ارض الواقع وانهاء الحكم البورجوازي الرأسمالي في فرنسا وعموم أوروبا والغرب. وأما البير كامو فكان يدافع عن القيم البورجوازية للمجتمع الفرنسي. وبما ان العداء بين المعسكرين السوفييتي والاميركي كان على اشده ولا يسمح بالحياد فإنه اصبح محتوماً على كل مثقف ان يختار معسكره. وهذا السبب افترق الصديقان القديمان عن بعضهما البعض وأصبحا عدوين متناحرين فسارتر راح يقترب من الاتحاد السوفييتي بل ويقبل بزيارته والثناء عليه ومهاجمة اميركا والرأسمالية بعنف.
وأما البير كامو فكان يكره الاتحاد السوفييتي وفي ذات الوقت لا يحب الولايات المتحدة! وكان كامو ينتقد سارتر باستمرار بسبب تسامحه مع النظام الاستبدادي السوفييتي وبالطبع فإن ذلك كان يزعج سارتر ويزيد من غضبه على هذا الصديق غير الوفي في نظره.
في الواقع ان سارتر كان عبارة عن ستاليني بورجوازي في نظر كامو. فسارتر ولد في عائلة غنية ولم يعرف الفقر في حياته على عكس كامو. ولذلك فإنه يستطيع ان يعلن تأييده للاتحاد السوفييتي دون ان يخسر شيئاً. فأمه كانت تساعده مادياً وتدفع له حتى الضريبة! وبالتالي فلا يهمه غضب البورجوازية الفرنسية عليه لانه يملك من النقود ما يكفيه للاستغناء عنها. ويمكن القول بأن سارتر كان يستطيع ان يرفض جائزة نوبل البورجوازية الرأسمالية وقد رفضها ولكن البير كامو ما كان بامكانه ان يفعل ذلك ولهذا قبلها. فقد حلت له مشاكله المادية تماماً.
ضمن هذا السياق ينبغي ان نموضع كلا الرجلين لكي نفهم سر القطيعة المدوية التي حصلت بينهما يقول سارتر ملخصاً علاقتهما كلها: في الآونة الاخيرة ما عدنا نلتقي الا قليلا وعندما كنت اصطدام به بالصدفة في احد الشوارع او الاماكن كان يلومني لانني فعلت كذا وكتبت كذا.. الخ وهكذا لاحظت انه تغير كثيرا تجاهي ولم يعد كما كان في السابق،
وأما في بداية علاقتنا فما كان يعرف انه كاتب كبير كان شخصاً فكاهياً مليئاً بحب المزاح، بل والمزاح الثقيل وكنا نروي قصصا مبتذلة وسوقية امام سيمون دوبوفوار وزوجته. وكانتا تشعران بالانزعاج من هذه المزحات الجنسية السوقية.. ولكن على المستوى الفكري ما كان بامكاني ان اذهب معه بعيداً لانه كان يخاف الغوض بعيدا في الاعماق الفكرية كان في بعض جوانبه يشبه زعران الجزائر، كان مرحا جدا. وربما كان آخر صديق جيد تعرفت عليه. انتهى كلام سارتر.



#رحيم_العراقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأسس اللاهوتية في بناء حوار المسيحية والاسلام
- راسين..ثلاثة قرون من المسرح..
- جمعة اللامي في عزلته
- الإنسان أمام غياب اليقين
- كوبا ..كل شيء سيتغير غدا..
- برجوازي صغير
- الرقابة على الفكر او قمع الحرية الفكرية
- الشاهدة...مونودراما....
- المسرح العراقي :بين الإرهاب والفتاوي..
- أنواع الشعر وأشكاله
- مستقبل العراق.. هل هو الديكتاتورية، ام الديمقراطية ام التقسي ...
- قبل أن أنسى ..قحطان العطار ...الجزء الأول
- ربيع الأرمل....قصة قصيرة جداً..
- صورة الإسلام في الإعلام الغربي
- الروائية الأميركية أرسولا لوغين: لغتي قريبة من ملحمة جلجامش
- . .. العلمانية...وكيف نشأت...؟
- الأديان الكبرى ..
- محاكم التفتيش..
- حياة موليير..
- كاركترات ح1..- الخال عوده


المزيد.....




- -إسرائيل تنتهك قوانينا.. وإدارة بايدن لديها حسابات-.. مسؤولة ...
- الجيش الإسرائيلي يواصل عملياته في محيط مستشفى الشفاء بغزة لل ...
- موسكو تدمر عددا من الدبابات الأوكرانية وكييف تؤكد صدّ عشرات ...
- مفتي روسيا يمنح وسام الاستحقاق لفتى أنقذ 100 شخص أثناء هجوم ...
- مصر.. السفيرة الأمريكية تثير حفيظة مصريين في الصعيد
- بايدن يسمي دولا عربية -مستعدة للاعتراف بإسرائيل-
- مسؤول تركي يكشف موعد لقاء أردوغان وبايدن
- الجيش الاسرائيلي ينشر فيديو استهدافه -قائد وحدة الصواريخ- في ...
- مشاهد خراب ودمار بمسجد سعد بن أبي وقاص بمخيم جباليا جراء قصف ...
- قتيل بغارة إسرائيلية على جنوب لبنان والمقاومة تقصف شبعا


المزيد.....

- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة
- فريدريك إنجلس . باحثا وثوريا / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - رحيم العراقي - كامو وسارتر..قصة القطيعة