دولة تعثر القانون أفضل من دولة اللاقانون

كمال آيت بن يوبا
كاتب
(Kamal Ait Ben Yuba)

الحوار المتمدن-العدد: 5685 - 2017 / 11 / 1 - 05:39
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

شعارنا : حرية -- مساواة -- أخوة
رأي حر و محايد
دولة اللاقانون ليس المقصود بها هنا دولة مكتملة الأركان بالمفهوم الحديث و إنما المقصود دولة فاشلة كالصومال أو سوريا أو اليمن حيث تجد على الأقل قوتين تتنازعان على السيادة وبسط السيطرة على باقي أرجاء البلد و تسود فيها الفوضى و تجارة السلاح و التدخلات الأجنبية و غير ذلك. و تكون الكلمة الفصل فيها للسلاح و يغيب الأمن و القانون و التنظيم الإداري و الأمني و غير ذلك.
و دولة تعثر القانون ، ليست كالدولة السابقة التي عرفناها أعلاه ، هي دولة لها تنظيم إداري و أمني و غير ذلك و تريد أن تكون حديثة و ديموقراطية و دولة قانون و عدالة إجتماعية و برلمان و إنتخابات و غرف مهنية و مجالس إستشارية و غير ذلك و تنتج قوانين. لكنها لأسباب تتعلق بالأولويات الأمنية أو التدخلات الخارجية أوالتزايد السكاني و إنخفاض المداخيل سواء من إنتاج الثروة أو من المصادر الطبيعية للخزينة العامة أوالتغير المناخي (الذي ليس هو الإنحباس الحراري) أو إزدياد المصاريف على القطاعات المختلفة أو تفشي الفساد والمناخ الدولي ، تجد نفسها عاجزة عن المغامرة بالدخول الصريح في تطبيق الديموقراطية و القوانين وتحيين ما تقادم منها لتتلاءم مع العصر الحديث .و إذن فهي ليست دولة فاشلة. و في نفس الوقت ليست دولة القانون و المساواة ..
تذكرت هذه المفاهيم بمناسبة تتبع فيديو لأحد الأشخاص المغاربة حين تساءل : لماذا لا تكون لنا دولة مثل السويد ؟
و معلوم أن السويد كدولة ديموقراطية عريقة في الديموقراطية و مختلف تاريخها و محيطها الدولي تماما عما حاول الشاب مقارنتها به .إذ أن عصر الأنوار الأوروبي لم تعرفه منطقة الشرق الأوسط و شمال إفريقيا بعد .و لا عرفت تلك الثورات التي إقتلعت جذور الإستبداد من أوروبا طوبة طوبة حتى وصلت لما نراه اليوم عبر قرون .
لذلك لا مجال للمقارنة مع إختلاف التاريخ .
في نظري كان يجب المقارنة مع دولة ديموقراطية و دولة قانون لم تتأسس ، كواقع يفرض نفسه على الملاحظ المحايد و الموضوعي و بغض النظر عن الشرعية السياسية أو التاريخية ، إلا في القرن العشرين في المنطقة مقارنة مع تاريخ دول شمال افريقيا والشرق الأوسط القديمة نسبيا عنها.و المقصود بهذه الدولة هي دولة إسرائيل ذات الثقافة والثراث الديني المشابه لدول المنطقة الذي يتأسس على كتاب مشابه هو الكتاب المقدس اليهودي . و هي الدولة التي صارت ديموقراطية في وقت وجيز مقارنة مع دول شمال افريقيا والشرق الأوسط و لها مواطنين في هذه الدول و لها علاقات عديدة و معاهدات و علاقات أمنية و عسكرية وتجارية و دبلوماسية علنية مع البعض و سرية مع البعض الآخر من دول المنطقة.
هذه الدولة لا تساوي مساحتها حتى ثلث مساحة تونس أصغر دولة من حيث المساحة في المنطقة .لكنها تعرف نموا إقتصاديا و فائضا في ميزانها التجاري و حركة دؤوبة فنية و ثقافية و أدبية وعلمية و تكنولوجية و فلاحية تفوق الخيال .
و قد حققت هذا فقط منذ 1948 أي خلال سبعين سنة عند وصول سنة 2018.
الفرق إذن بين تاريخ دولة إسرائيل و تاريخ الدول الأخرى التي أراد الشاب مقارنة دولته بها هو الذي يمكن أن يجيب على سؤاله.
بالمقابل في ظل المناخ الدولي الحالي و لأسباب داخلية في الدول المقصودة يمكن تصوير دولة تعثر القانون كشخص قام بجرد لجميع أعطاب سفينته التي تمنع ظهورها بشكل أنيق ، لائق و جميل من أجل إصلاحها .لكن المشكلة أن السفينة بما أنها دوما فوق الماء فهي ليل نهارتقاوم الغرق.و كلما خصص قسطا من الوقت للإصلاح و بدأ بمباشرة ذلك إلا و حدث ثقب في السفينة يجعله يترك الإصلاحات الأخرى التي تبدو ثانوية بالنسبة لحدوث ثقب في السفينة ليهتم بما هو أهم و هو منع غرق السفينة .
و بهذه الطريقة تتأجل الإصلاحات الأخرى إلى ما لا نهاية.
و إذن تبقى الدولة التي تريد أن تكون دولة القانون و الديموقراطية هي فقط دولة تعثر القانون في إنتظار تحول و ظروف تسمح ببلوغ أهدافها دون أن يكون بالضرورة في نية مسؤوليها ربما أي إرادة فعلية لتركها كما هي أي فقط دولة لتعثر القانون.
لكن في كل الأحوال هذه الدولة في نظري أفضل من دولة اللاقانون .

#كمال_آيت_بن_يوبا (هاشتاغ)       Kamal_Ait_Ben_Yuba#          

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل