أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح محسن جاسم - راجمو سعدي يوسف .. لا توغلوا في المأساة















المزيد.....

راجمو سعدي يوسف .. لا توغلوا في المأساة


صباح محسن جاسم

الحوار المتمدن-العدد: 1467 - 2006 / 2 / 20 - 09:51
المحور: الادب والفن
    


تثار بين الحين والآخر في صحيفة وأخرى بين الكم الصحفي الهائل في العراق أثر الضربة الشبه قاضية للدكتاتورية بعض من تشنجات بقصد الإساءة لا لشخص سعدي يوسف الشاعر فحسب بل لحركة وطنية سياسية معروفة شهد لها ويشهد تاريخ العراق المعاصر بضمن حملة محمومة معروفة دوافعها، فراح البعض ممن صوّر له خياله (الصدامي) أنه أنما سيلقم فم الحقيقة برماد عجزه الهش عما يدار ويحاك ضد كل ما هو وطني يرفض وكالة مستعمر متجبر معروف بماضيه الإجرامي وتلونه الحربائي في دعوى مناصرة الشعوب وتحررها مغلفا نواياه السيئة في استغلال خيراتها وبالذات مصادر طاقتها وجعلها سوق استهلاكي (يعلف) منتجاتها و (يرمّ) صناعاتها.
ليس من اللامعقول إن عجز شعب من الشعوب – خروجا على مبدأ حق تقرير المصير – أن يستعين بمساندة خارجية – وطبيعي وفق المصلحة المعينة التي لا تطال كرامة الشعب فتذله وتصبح هي البديل الأكثر طغيانا والأبشع قتلا والأبلغ إيلاما -. ولست هنا ميالا للتوسع وحقيقة يعرفها الكثيرون كيف رفض أحد أطراف المعارضة العراقية الأساسيين في الاستعانة بالمساعدة الخارجية للغزو العسكري الأمريكي للعراق بهدف الإطاحة بنظام الدكتاتور الحاكم بأمره والعاق بأمر أسياده وعن الثمن الذي لابد أن يدفعوه لمثل ذلك الموقف وما ترتب على ذلك من حسابات محاولات التهميش.
سأذكر واقعة حدّث بها أحد الأصدقاء ممن شهد فصولها المتسلسلة ويومها كان سعدي يوسف الشاعر جالسا في نادي اتحاد الأدباء بداية السبعينيات أبان الجبهة الوطنية– يقرأ نتفات من قصائده فتقدم إليه أحد (المعجبين) ولكمه على وجهه بضربة من يده وهرول منسحبا – وهذه حادثة من أبسط ما كان يوجه به نظام الدكتاتور حينها للاعتداء على القوى التقدمية ومناصريها ابتغاء محاربتهم وازاحتهم- وحين هرع بالرد من صحب سعدي أمسك بهم قائلا ( دعوه وشأنه .. فهذا بعثي ).
التغيير بأمر الوعي أمر مفرح .. والإنسان يتغير. وطموحنا أن يتغير نحو ما هو أحسن فيتقدم ويزدهر لا أن يتغير بمعنى التطور إلى وراء فيفسد.
في (تحالفات) سعدي الثلاثة – المنشورة في موقعه المتميز على الحوار المتمدن- انتقاد قاس للوضع السياسي في العراق وما آل إليه مشروع الاحتلال. فهو يرى تحالف شمالي انحدر مع طلائع قوات الاحتلال ليمعن في القتل والنهب والسلب والاستيلاء على الأموال والممتلكات بنوعيها – وهذا صحيح ليس برأيي فحسب. وكذا الحال بالنسبة إلى التحالف الجنوبي حيث زحف على بغداد ممعنا في القتل والنهب والسلب. وهناك تحالف الجواسيس المحترفين الذين لا يمتلكون ميليشيات يستعينوا بها في انقضاضهم على بغداد – الشاعر يذكر بغداد في دلالتها الممتدة للوطن ككل- فيستعينون ويعينون على الانقضاض على البلاد.
بعدها يشبه سعدي الانتخابات بالجريمة الكبرى – كونها رتبت لفوز تلكم الثلاثة تحالفات وبذا فهي برأي سعدي يوسف تحالفات " قذرة" . إذ عليها أثر ذلك تأدية ما تورطت به من ديون للمستعمرين ، يلخصها بثلاث: المعاهدات الأمنية ، الاتفاقيات العسكرية حول القواعد وأخيرا إقرار تشريعات تمزيق البلد إلى دويلات.
وأخيرا يتنبأ الشاعر بحتمية تصدع هذه التحالفات بنهاية مرة وعودتها إلى حيث قدمت: جهنم.
هذا رأي سعدي يوسف وهو السياسي ورائد حركة الحداثة الشعرية الثانية بعد جيل الرواد وقد أكسب كل ذلك بحلة من قالبه الشعري وخياله الخاص.
هو يرى ذلك .. وهو ليس وحده الذي يرى.
سعدي الغير مداهن أحس به متأثرا بالتحريضية- التنبؤية وداعيا لها من خلال الشعر وسواه من مقالات يؤطرها باعتبار الشعر هو التجربة الموسيقية الحرة المكثّفة:

سوف يذهب هذا العراق إلى آخر المقبرة
سوف يدفن أبناءه جيلا فجيلا
وُيمنحُ جلادَه المغفرة

لاحظ قوة التحريض هنا.
لكن سعدي يوسف هنا لا يؤشر إلى الحلول الأنسب والبدائل الأقل ضررا والأثمر أيتاءً! وهل يكفي إيقاع الصدمة؟
وهو لا يرتضي الزرقاوي واشباهه- كما يتهمه ظلما البعض- كوسيلة او بديل ، مطلقا. كما ليس لسعدي أتباع نازيين دمويين! بل على العكس هو من بين من قارع النازية وواجه الفاشية وأنشد مع رفاقه:
السجن ليس لنا نحن الأباة ، السجن للمجرمين الطغاة
لكننا سنصمد نصمد وإن لنا غد سيشرق سيشرق

على أني أعود لأختلف مع سعدي هنا : لنفرض إن أياد علاوي كان في جهاز (جنين) ، الا يكفي أنه اكتشف طبيعة ذلك الجهاز عام 1972 فأنقلب عليه إلى صف الديمقراطيين كما انقلب بولص الرسول على الفريسيين لصالح المسيحية ؟ ويسري في ضوء ذلك قول شاعر قديم:

ومن يجعل الضرغام بازا لصيده ... تصيّده الضرغام فيما تصيدا

من قال أيضا إن سعدي يؤمن بـ " البربرية الخلاقة" - يقصد بها الفوضوية الخلاقة- ؟ ما تمارسه أمريكا الآن يؤكد ما أتهم به الشاعر عدا كونها غير خلاّقة. واذا كان هناك من " سيبصق " على الإرهاب فأن سعدي قد بصق عليه قبلا. يكفي سعدي أنه قد أتعب البعثيين طيلة السبعينيات من القرن الفائت في أن يكتب قصيدة واحدة في مدحهم ولم يفعل.
كيف يتجاوز البعض القول إن سعدي بعيد عن الوطنية والتقدمية والإنسانية ؟ هل نسي هذا البعض أن سعدي لا سيد له عدا الشعر ولا مقظ لمضجعه سوى وطنه العراق ؟
هو ذا الشاعرُ قد عَرضَ عقدُه لأمريكا لتَبَادُل المهاراتِ:

لنتبادل ثرواتنا يا أمريكا
خذي اللحية الأفغانية
وأعطينا لحية والت ويتمان الملأى بالفراشات
خذي صدام حسين وأعطينا لنكولن .

وبالمثل فسعدي بعيد عن أية طائفية مقيتة ومن أي نوع.
سألت أحد الأصدقاء البصريين عن الطائفة التي اصطبغ بها جذع شجرة سعدي يوسف فقال : ربما هو "سني"! فضحكت معقبا : وهل سعدي يضد سواها في شيء؟ أجابني جوابه العراقي: سعدي يحب بل يعشق كل العراق وكل العراقيين وهو يعبُد وطنه ولن يتخلى عنه. هو البريء دائما . المذنب الرئيس هو أميركا على لسان شاهد من أهلها وأحد جنرالاتها السيد جاي غارنر الذي صرح بعد احتلال العراق : "سنقع في أخطاء كثيرة." والسؤال:
على حساب من والى متى؟
كما أفاد صديق آخر عن سعدي:
" كان سعدي قد طفح به الغيض كأي عراقي آخر قاسى من لظى الغربة وقبلها حروب الدكتاتور الشعواء فدعا أمريكا وبريطانيا إلى ضرب (عراق) صدام . حتى أن أحد الشعراء الشعبيين الأردنيين قال في ما قال مخاطبا توني بلير:
إسمع من سعدي يوسف يا توني بلير ... واضرب بغداد وقصقص جنحان الطير".

فأين هي الحلقة المفقودة يا سعدي؟
يبقى يا سعدينا أن تدلنا على البديل الأنسب ، ولو فقط لتؤشر وإن بعد فوات أوان . لا بأس إن كان بصمْتك – كأضعف الأيمان- ونعرف من بعدها أنه سؤالك الفلسفي.
كما يبقى على الآخرين ممن أحبوا سعدي يوما وتخلوا عنه متأخرين وشاركوا مدفوعين أو متبرعين في رجمه أن يتعلموا كيف يخاطبوا مناضلا ما يزال معطاء .. فالوطن ليس قدح بركات أو عشّـة خاوية بل هو كل ما تحتضنه من بيض وطير زَغُبَ ريشُه أو حلق عاليا ، وهو الشجرة وجدول الماء وخرير الساقية والشمس والقمر والجبل الأشم والوادي والهور ونحلة العسل والوردة المتفتحة الفواحة الزاهية الألوان حتى بعنكبوتها الأصفر وهو حبيبة سعدي وأصدقاءه أيضا.

ما العيب إذا كنا مثل سناجب بستانك في ايستبورن
أو كنا رف الطير ينقـّر خبزك كل صباح
من زمن وكؤوس بيضاء
من أغصان كستناء الحصان
نشرب فيها بعض نبيذ وفاء
تهبط فوق دفاترنا ترفا.. وقصائد

من قصيدة (شجرة سعدي يوسف) لـ - فاروق سلوم –

تبقى لنا من كل ذلك كلمة نود من الخصوم التبرع بإجابتنا على سؤال لما يزل يقلق الكثيرين:
هل حقا بتنا من بين ركاب الطائرات التجارية الأمريكية وما علينا سوى أن نلتزم بنصح ما يصدر من جهاز المراقبة:
" الزموا أماكنكم .. إسترخوا .. واستمتعوا بالرحلة فسوف تضمن لكم الولايات المتحدة وصولا آمنا "؟!



#صباح_محسن_جاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فُروغ فاروخزاد وعيد الحب ..قادمة كما وعدت
- على هامش رسوم الكاريكاتير: أمام التحريضية وما وراءها
- أزنا.. هو ذا المعْبر .. فأقفزوا
- د. الصائغ.. هو ذا المحك للعراقية الحقّة يا حكومة
- جاك هيرشمان شاعر أمريكا الشيوعي يثقّف للحب
- *سعدي يوسف على غرار - إملأها علنا مولاي
- فزيكلي البعث والجبكلك جبكلي
- جبران تويني : من يطفيء الشمس من يعدم القلم!
- لهونا كفايتنا فنسينا شواربنا
- في اليابان :علاقتنا مستقلة مع إيران
- إلى بن عبود .. وصراحته وفرارية الحزب الشيوعي العراقي!
- قف .. آثار عراقية
- النعم واللا .. كلاهما ، وثقافة دمقرطة الخيار الوطني للأستفتا ...
- كفكفوا دموعكم ... فليس ذلكم بيت القصيد
- زرر قميصك من أسفل إلى أعلى
- آن للموسيقى أن تقول للفقر لاءها
- !دي ودي مش ممكن تكون زي دي
- يوم لم تعتمر جدتي عمامة الجهلاء !


المزيد.....




- روحي فتوح: منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطي ...
- طرد السفير ووزير الثقافة الإيطالي من معرض تونس الدولي للكتاب ...
- الفيلم اليمني -المرهقون- يفوز بالجائزة الخاصة لمهرجان مالمو ...
- الغاوون,قصيدة عامية مصرية بعنوان (بُكى البنفسج) الشاعرة روض ...
- الغاوون,قصيدة عارفة للشاعر:علاء شعبان الخطيب تغنيها الفنانة( ...
- شغال مجاني.. رابط موقع ايجي بست EgyBest الأصلي 2024 لتحميل و ...
- في وداعها الأخير
- ماريو فارغاس يوسا وفردوسهُ الإيروسيُّ المفقود
- عوالم -جامع الفنا- في -إحدى عشرة حكاية من مراكش- للمغربي أني ...
- شعراء أرادوا أن يغيروا العالم


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح محسن جاسم - راجمو سعدي يوسف .. لا توغلوا في المأساة