صباح محسن جاسم
الحوار المتمدن-العدد: 1394 - 2005 / 12 / 9 - 11:34
المحور:
حقوق الانسان
في الشهادة الرابعة ضد (القائد الضرورة) وأزلامه وحومه الذي جرّ وراءه الخيبات ، أسقط في يد الدكتاتور و( جعيدته) و(سركال) مخابراته وهم يستمعون إلى إحدى الفتيات من أهالي الدجيل البسطاء الأنقياء ، تبكي عفتها وهدر شبابها وضياع مستقبلها فضلا عن تشتيت وتمزيق وقتل عائلتها من قبل (ماجديّ ) العراق و (فرسانه) الورعين ممن لا يتخلوا عن حملهم للقرآن في ترحال وتجوال. تشهد على ذلك لحاهم الكثّة والجديدة .
ربما موضوع الإباحية الجنسية أمر ليس بالبدعة في أمريكا بالذات ولكن موضوع الاغتصاب والتعذيب له خصوصياته. فهل سيمسح السيد رامزي كلارك على شواربه المحلوقة أصلا ويتغاضى عن مثل تلك الجريمة؟
تلك جريمة مثال .. غالبا ما تكررت طيلة فترة سلطة البعث في العراق وما زال مرتكبيها وسواها العديد طلقاء كما هم طلقاء الآن بعض من سلم من شهود الحزب الشيوعي العراقي وحزب الدعوة والحزب الديمقراطي الكردستاني ومستقلين آخرين ذنبهم الوحيد أنهم رفضوا الانتماء إلى جحيم البغض . لو تسنى لأخريات من ضحايا عِرْض العراق البوح بما عانينه طيلة فترة سلطة البعث لاضطربت حتى ملائكة السماء.
حتما سيندم السيد رامزي كلارك وربما مثله معاونه المحامي القطري بعد أن تزكمهم عفونة موكلهم وما سيسمعونه ويشاهدوه من أهوال.
ما أأسف له هو عدم انضمام بقية المحامين العرب إلى زميلهم القطري للتمتع بكنوز حضيض ما اترع فيه هكذا (قائد مقدام). حتما أمام ما اطلعوا عليه كمقدمة لمأساة شعب ستجعلهم يحمدون الله أنهم ما تورطوا لمثل هذا المنزلق فيما هم يتفحصوا بواطن أيديهم التي كان لها أن تأخذ دورها في القسم على القرآن. الأردنيون بالذات يعرفون تماما عقوبة من يتحرش بفتاة ، فكيف اغتصابها وتعذيبها !
القانون علم مهما بلغت الجريمة من هول. واعتراض الكثيرين على عملية سير المحكمة إنما بسبب من أن الطاغية ما زال متربعا في داخل نفوس الكثيرين منا. ليس صحيحا ما روج له وتطير منه البعض للدفع بطرد كل من المحامي الأمريكي والمحامي القطري وعلى الفور، بل على العكس تماما فبهما استكملت المحكمة شرعيتها الدولية وأضحت حجة دامغة للإقناع.. بل أرى فيهم الباب الواسع المفتوح على مصراعيه لدخول تلك الزمرة الفاسقة إلى قاعة الحضارة ومثولها للحساب.
ليس أبلغ سذاجة من رأي التخلي عن هذين المحاميين بالذات. العالم كله يراقب محاكمة الدكتاتور. ما عاد ما يجري في بقعة صغيرة من هذا العالم بخاف على أحد. نحن في القرن الواحد والعشرين. حتى لمن يظن إن ما يسرقه في الظلمة لن يراه أحد إنما أصبح مكشوفا تماما أمام الملأ كله أأدرك ذلك ، تغابى أم أبى .
إنها ابلغ طريقة يتخذها القاضي الأول السيد رزكار في سير التحقيق بحيث شجع الجناة لأن يتصرفوا بكامل حريتهم لكي يكشف عن كل ما يعتمل في دواخل المجرمين من قذى ومن سفاهة أيضا ليكشف عن أي سلوك وأخلاق يتحلى بها هؤلاء المجرمين.
القاضي رزكار ، الوديع والهاديء الذي يوحي إلينا صعوبة في لم أفكاره ، سوف نرى براعته في القضاء حين تبدأ مرحلة إفادات المتهمين بعد الانتهاء من إفادات الشهود وحين يعرض الوثائق الدامغة الموقعة من قبل الدكتاتور نفسه والقاضية بتكريم كل من ساهم بمجزرة الدجيل.. ووثيقة أخرى بتكليف طه ياسين رمضان بإكمال تجريف البيوت والبساتين. إن إدعاء المتهمين بكذب الشهود سوف تدمغه الوثائق التي سيعرضها القاضي - رزكار محمد أمين – بذات الهدوء المعهود . قديما قيل من فمك أدينك. ونحن نقول : من توقيعك تدان.
كذلك هنالك وثيقة دامغة وبتوقيع كل من الدكتاتور وبرزان إبراهيم وعواد البندر بإعدام (143) رجلا وامرأة وكلهم من الدجيل المستباحة. عند ذاك سيقول العراقيون : على نفسها جنت براقش.
هذه طبيعة المحاكمات التي لم نتعودها لأننا لم نحضر محاكمة أصولية طيلة الخمسة والثلاثين عاما التي خلت.
نحن أمام مجرمين عتاة يتمتعون بأنواع من فنون التمثيل والخداع. وكلما زادوا من حذلقة تصرفاتهم ومهاتراتهم سواء تلقائية أو مفتعلة فذلك سيساهم في خدمة سير عملية التحقيق وسيعزز تقبلا للعقاب الحق.
لا يغرنكم أسلوب التعالي وفبركة لـتعابير أريد بها تعاليا من مثل anyhow و O.K. البائسين من فم برزان المدعي أو طريقة تصرفه محاولا" الطعن بكادر القضاء أو كما يفعل رئيسه لتسييس القضية عودة إلى شعاراته المغالطة المكشوفة. بل هي ذي بداية الانهيار والسقوط.
يكفي فضح المجرم الدكتاتور وإدانته لواحدة من جرائمه بالكشف عن توقيعه للقرار 200 الذي صادق بموجبه على إعدام كل من ينتمي إلى حزب غير حزبه، أن يقوده إلى حبل المشنقة.. فلم يسلم من هكذا قرار لا لمن انتمى إلى حزب الدعوة ولا الشيوعي فضلا عن المستقل حتى.. هل ننسى آخر ما تفتقت عنه أيديولوجية البعث " من ليس معي فهو ضدي" والتي راح يطبقها الآن البعض من قوائم المتنافسين على الانتخابات وممن يدعي متبجحاً إجتثاث البعث ؟
إن ما يحصل على ارض الواقع هو ليس محض من خيال . قد يعزوه البعض إلى نوع من الغيبيات الأمر الذي يمنح تفكيرنا راحة وإبعاد عن قلق تمحيص ما يجري وكيف .
الموضوع أعمق مما نتصور. نحن بمواجهة صراع للأيديولوجيات. صراع رؤى وأفكار تؤسس له تقاطعات المصالح والأضداد.
أقول بثقة إننا لم نعد لوحدنا نتصرف كيفما يحلو لنا دون الأخذ بعين الاعتبار أبعاد سلوكنا على الآخرين من بني البشر. هناك تطورات كبيرة تحصل يوميا في العملية السياسية. كما ستخضع كل انتهاكات حقوق الإنسان لعين منظمات المجتمع المدني وبشكل تعاوني وحتى منظمة حقوق الإنسان العالمية.
أي ما عادت بفاعلة مقولة ( بيتنا ونلعب بيه .. شلهه غرض بينا الناس ). ذلك إننا جربنا نتائج مثل ذلك اللعب واكتشفنا متأخرين أننا لم نكن نلعب أبدا بل هناك من كان يلعب بنا وعلينا وقد صادر في غفلة منا كل ضحكاتنا وتضحياتنا وقدمنا بكذب ادعائه للوطنية والقومية لغول الرأسمالية على طبق من ذهب.
على من تتباكى وتغمز إليه في قاعة المحكمة ؟ هل عرفت من هي " زبيبة" الآن وهل أدركت أي ملك قدمت قربانا له شعبك؟
على من ينتخبه الشعب قائدا أن يفكر ألف مرة قبل أن يتجاسر متوهما وهو يردد مقولة من كان قائده لأكثر من خمسة وثلاثين عاما: " إذا قال صدام قال العراق!". اليوم يقاضى الدكتاتور وفقا لمقولاته وقبح أفعاله. فلا مكان للكذب والشعارات المشنوقة على جدران القاعات الفارهة ، مثلما لا يشرفنا أن يقودنا رجل ينادي باجتثاث البعث فيترجم شعاره إلى اجتثاث الشعب أو يلقي بأبنائه داخل زنازين ودهاليز حمراء.
حتى كلمة (رفيق) حين يتعمد برزان التفوه بها وهو يلوكها بغرض استفزاز الدفاع قد قصد منها الإهانة. هم أول من أهانوها وحولوها إلى ُسبّة ، فما بالك بالقواعد المغلوب على أمرهم حين يؤكدون أمرا شخصيا أو مصلحة يتسابقون لها فسرعان ما يبتدعون قسمهم المقزز ( بعرضي بشرفي بضميري بالعقيدة).
الدكتاتورية أثبتت فشلها تماما ومثلها العنصرية والطائفية. ماذا بعد؟
الأمس ولّى والقول والفصل والفعل أضحى اليوم وغدا للشعب.
#صباح_محسن_جاسم (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟