أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - معتز حيسو - ماذا عن مركزية الدولة السورية














المزيد.....

ماذا عن مركزية الدولة السورية


معتز حيسو

الحوار المتمدن-العدد: 5669 - 2017 / 10 / 14 - 10:58
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




ظاهرياً، تكشف التحولات الميدانية والمواقف السياسية الدولية عن نجاح النظام في تجاوز أزمته، لكنها في اللحظة ذاتها لا تشير إلى أنه سيكون قادراً على إعادة إنتاج أدوات وآليات السيطرة المركزية التي ميّزت حكمه طوال عقود ماضية. ويدرك حلفاء النظام مكامن الضعف لديه، لذلك فإنهم يلجأون إلى إنشاء مناطق خفض التوتر والمصالحات والتسويات والهدن، علماً بأن جميعها وبشكل خاص المتعلقة منها بمناطق خفض التوتر يكتنفها الهشاشة وعدم الاستقرار، إضافة إلى غموض مستقبلها.
ويفاقم من ذلك استمرار التباين بين الدول الضامنة، وتمكين دورها ومناطق وجودها بناءً على موقفها من النظام والمعارضة. وبالنظر إلى أوضاع الصراع السوري، يمكن أن تؤدي تلك الآليات إلى اعتماد سياسات توفيقية تؤسس لتهميش المعارضات السياسية، وتقليص سلطة الدولة المركزية، علماً بأنه بالتوازي مع ذلك يتم تحويل مفاوضات جنيف إلى ثقب أسود يبتلع جهود السوريين وأهدافهم.
فالمعارضة السياسية، وتحديداً من ركب منها موجة الصراع وتماهى مع فصائل إسلامية مقاتلة بهدف إسقاط النظام، أظهرت عجزاً واضحاً في التحوّل إلى تجمُّع منسجم ومتماسك، كما عجزت عن توليد قيادات سياسية قادرة على استقطاب السوريين المعنيين بالتغيير السياسي. ومثلما بات واضحاً، فإن التغيير السياسي يحتاج إلى مشروع سياسي شامل وعميق، وإلى منظومات فكرية وآليات اشتغال وتفكير سياسية تختلف عما هو سائد حالياً. وهذا ما عجزت عن إنجازه أطراف المعارضة السورية بأطيافها المتنوعة نتيجة افتقادها القدرة التنظيمية والقيادة المتبصِّرة والرؤية البرنامجية السياسية الشاملة والاستراتيجية، وأيضاً تشرذمها. وفاقم من عجز تيارات المعارضة ومن تناقضاتها البنيوية والبينية، تعويلها على دعم غير دولة تحمل مصالح وأهدافاً وخطابات متضاربة. ذلك أسس إلى استبدال الشرعية المستمدة من السوريين بأخرى خارجية خاضعة لتناقضات وتجاذبات المواقف الدولية.
أما في ما يخص أوضاع النظام، فيبدو أنه سيواجه صعوبات كثيرة تحدّ من قدرته على إعادة أوضاع المجتمع المدني والسياسي السوري إلى ما كانت عليه قبل «الثورة السورية». ورغبة إيران وروسيا في إعادة إنتاجه وتمكين سلطته السياسية وأدوات اشتغاله، تخالف ميول غير دولة لها مصالح مختلفة، وأيضاً الأوضاع والمتغيرات الطارئة على المجتمع السوري بفعل عناصر وحيثيات الصراع وآلياته، وأخرى تتعلق بتراجع قدرات النظام المالية والعسكرية والبشرية.
نصل إلى إعادة إعمار البنى التحتية المادية، وأيضاً الطاقات البشرية. هذا يحتاج إلى إمكانات غير متوافرة للنظام السوري، وتتقاطع مع ذلك هجرة الرساميل الوطنية والكفاءات العلمية خارج البلاد، إضافة إلى الأعباء الاقتصادية المالية والعسكرية التي تحمّلها حلفاء النظام. وجميعها عوامل تحول دون ذلك. لكنّها تفتح الأبواب أمام الرساميل وشركات الاستثمار فوق الوطنية. هذا يعني أن مستقبل سوريا والسوريين سيبقى رهينة تناقضات وتدخلات خارجية، وأيضاً يحمل إمكانية تحويل سوريا المنقسمة على ذاتها إلى مجالات لاستثمار شركات كبرى ودول تتسابق للاستحواذ على عقود إعادة الإعمار واستخراج الثروات والموارد النفطية والغاز وغير ذلك. ونشير إلى أن ذلك سوف يدفع إلى تقليص مركزية سلطة الدولة وتراجع دورها الاجتماعي، ما يعني أننا سنشهد تحولاً نيوليبرالياً سيكون فيه لزعماء الحرب ومن اغتنى من النهب وغير ذلك دور واضح وخطير.
في السياق، نشير إلى أن اندفاعة القوات الكردية المدعومة أميركياً «قسد»، إضافة إلى فصائل أخرى يعتمدها التحالف الدولي كأدوات متنقلة، وأيضاً ما يجري من تحضيرات سياسية لمستقبل إدلب والغوطة والجنوب السوري، سوف يساهم في تقليص مركزية الدولة ويحدّ من سلطة النظام، ويعيق استعادته للسيطرة على كامل الجغرافيا السياسية. ويتزامن ذلك مع اشتغال غير دولة لضبط وتوضيب مستقبل سوريا والإقليم ضماناً لنفوذها مثل «روسيا، واشنطن، إيران، تركيا والرياض...»، ما يدلل على إمكانية تكريس أوضاع جهوية وطائفية وفئوية، علماً بأن تجاوز أسباب الصراع يحتاج إلى وضع خطط تغيير شاملة وعميقة تلحظ أوضاع السوريين ومصالحهم وتراعي تمايزاتهم السياسية. ويحتاج أيضاً إلى اعتماد آليات اشتغال ديموقراطية تشاركية، وبرامج محاسبة ومصالحة شاملة وعميقة. ويبدو حتى اللحظة أنَّ أطراف الصراع لا يريدون تحقيق ذلك. ويفاقم من مخاطر الأوضاع السورية وتداعياتها، استمرار تأثير حركات التشدد الإسلامي، العاجزة بداهة عن قيادة المجتمع السوري، ما يعني أننا سوف نواجه إشكاليات متعددة؛ بعضها يتجاوز حدود الأزمة السياسية للنظام ومكونات المعارضة، إلى أخرى ثقافية تتعلق بالقيم والمفاهيم التي يخضع لها الإنسان السوري في تحركاته السياسية وآليات تفكيره النمطية السائدة.
إن غياب الجهود الحقيقية لتمكين مشاريع سياسية ديموقراطية وطنية، سيكون له دور واضح في تمكين الانقسامات العمودية الإثنية والطائفية والعشائرية، ما يفضي في ظل الأوضاع والمعطيات الراهنة إلى فرض حكم توفيقي يحمل إمكانية نشوء تحولات إشكالية تساهم في تفاقم التناقض والتباين داخل مكونات المجتمع السوري وبينها. ويزيد من خطورة التحولات المذكورة تراجع تأثير هيئات المجتمع المدني والأحزاب السياسية الديموقراطية اليسارية والعلمانية.



#معتز_حيسو (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- متلازمة العمى العصبوي
- تآكل خيار علمانية الدولة السورية
- في لغة الحوار السائدة بين الرأسماليات
- عن التهالك «الداعشي»
- العولمة بكونها سبباً للنكوص إلى عصر القوميات؟
- هل تجاوزنا نحن السوريين عتبة الخوف؟!
- البلدان العربية وإشكالية المشروع التنموي
- محددات انتقاد الدولة الوطنية؟.
- المصالحات في سوريا: حدود وآفاق
- حاجتنا إلى استنهاض تيار وطني ديموقراطي سوري
- إشكالية اندماج الدولة بالسلطة
- التسلط بكونه مدخلاً للتطرف والعنف
- حاجة السوريين إلى آليات تفكير مختلفة
- بخصوص أوضاع منصَّات الحوار السورية وآفاقها
- بخصوص العولمة والعولمة البديلة
- السوريون بين اقتصاد الأزمة وأزمة الاقتصاد
- «العقل العربي» في دائرة الاتهام
- «المعارضة السورية» وإشكالية النقد الذاتي
- من تناقضات العولمة في سوريا
- إشكالية الهوية بين الاستبداد والديموقراطية


المزيد.....




- كعبٌ عالٍ وسقوطٌ مدوٍّ... حين تعثّرت نعومي كامبل ونهضت نجمة ...
- مدير IAEA: أجهزة الطرد المركزي بمنشأة فوردو النووية بإيران - ...
- مصور وناشط فلسطيني وثق الحرب بغزة في جولة أمريكية لجمع التبر ...
- قمة الناتو: إسبانيا تتحدى ترامب... تساؤلات: هل يظهر خامنئي ف ...
- السعودية..جدل بعد منع -البقالات- من بيع التبغ واللحوم
- تحطمت أسطورة إيران التي لا تقهر.. ما عليك معرفته الآن عمّا ق ...
- غزة: قتلى وجرحى في قصف على مدرسة وسموتريتش يهدد: إما وقف الم ...
- وصفه بالبطل.. ترامب يدعو لإلغاء محاكمة نتنياهو بتهم الفساد
- محللون والحرب الصهيونية الأمريكية على إيران
- تصريح صحفي صادر عن اللجنة التحضيرية للجبهة الوطنية الشعبية


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - معتز حيسو - ماذا عن مركزية الدولة السورية