أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - معتز حيسو - من تناقضات العولمة في سوريا














المزيد.....

من تناقضات العولمة في سوريا


معتز حيسو

الحوار المتمدن-العدد: 5453 - 2017 / 3 / 7 - 07:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من تناقضات العولمة في سوريا
معتز حيسو
شكَّلت طبيعة نظام الحكم في سوريا، وآليات اشتغاله، إضافة إلى عسكرة«الثورة»، مدخلاً لتحويل الصراع إلى حرب مدوَّلة محكومة بتناقضات دولية. والأخيرة تربطها علاقة غير مرئية بتناقض إشكالي يتعلق بما تمرُّ به العولمة من تحولات تخالف الأسس المحدِّدة لطبيعتها القائمة على دمج دول طرفية تحكمها سلطات مركزية، بمراكز العولمة الرئيسية. والتناقض المقصود يتعلق بطبيعة وشكل الكيانات التي يتمُّ الاشتغال على تمكينها. ويتجلى ذلك في سياق تهديم الدول الكيانية المركزية. ويتزامن مع التحولات المذكورة، اشتغال سدنة العولمة على إعادة إنتاج آليات نهب وشفط ثروات الشعوب المفقَّرة وفق أشكال تفضي إلى زيادة حدة الاحتكار، وتمركز رؤوس الأموال. ما يعني إن تجاوز بعض القوانين الناظمة للعولمة، أو حتى استبدلها بأخرى مختلفة، سوف يُزيد من مستويات النهب والاحتكار والهيمنة السياسية. فالشركات العملاقة، منها شركات صناعة الأسلحة وأيضاً الشركات المصرفية والنفطية والمؤسسات المالية «صندوق النقد والبنك الدولي» تتحكَّم بالاقتصاد العالمي. وجميعها تمتلك فائضاً مالياً يجوب العالم باحثاً عن مجالات للتوظيف. وعليه فإنَّ تجاوزها للحدود والأطر القومية يبدوا أمراً بديهياً. ويتجلى ذلك في سياق الاشتغال على تحويل بلداننا إلى مجالات للاستثمار والتوظيف المالي. ما يقود لاستكمال نهب الثروات الوطنية، وتعميق ربطنا بعجلة رأس المال المالي المعولم. ومن المتوقع أن يتجلى ذلك بشكل أوضح بعد إيقاف الأعمال القتالية والانتقال إلى مرحلة إعادة الإعمار.
وإذا عُدنا إلى ما قبل الغزو الأمريكي للعراق، نلاحظ إن شكل الدولة «الوطنية»، بغض النظر عن طابعها السياسي السلطوي. كانت هي الأنسب لتأمين مصالح الدول الغربية المتزعِّمة للنموذج الاقتصادي الليبرالي المعولم. لكن بعد الأزمة المالية العالمية الأخيرة يبدو أن دوائر صناعة القرار السياسية والمالية غيَّرت من نظرتها لطبيعة وتركيبة الدولة في منطقتنا العربية. ويتجلى ذلك في سياق اشتغالها على تدمير نماذج الدولة «الوطنية، الأمة، والقومية». والدفع باتجاه إقامة كانتونات«عرقية إثنية طائفية وقبلية» سياسية حاملة لعوامل التوتر والاضطراب. وذلك يناقض أسس العولمة التي حافظ دعاتها حتى وقت قريب على دول كيانية تحكمها سلطة مركزية تقبض على المجال السياسي، وتفرض إضافة لذلك سيطرتها على كافة المكونات الاجتماعية، والموارد الاقتصادية والبشرية. ويُعتبر أيضاً تقهقراً إلى الدولة الطبيعية. أي أن التحولات التي تشهدها بلداننا وكذلك مجتمعاتنا، تتناقض مع قوانين التطور الموضوعية. علماً إن التوجهات العامة للأنظمة العربية ومنها أنظمة دول«الربيع العربي» ما زالت تحافظ على علاقات التبعية الاقتصادية والارتهان السياسي للغرب الرأسمالي. وإذا كان رأس المال ينزع إلى الاستثمار في مناخات آمنة. فإن شكل الاستثمار في اللحظة الراهنة، وتحديداً المتعلق منه بالمجمعات الصناعية العسكرية المرتبطة عضوياً بالمصارف، يُركِّز على الاستثمار العسكري المرتبط مباشرة بالحروب الدائرة رحاها في سوريا وغير دولة عربية. ولا ينفصل ذلك عن اشتغال بعض دول الشمال، ومنها الولايات المتحدة على صناعة الحروب وإدارتها للخروج من أزماتها الاقتصادية. ولا تشذُّ روسيا عن السياق المذكور، حتى وإن اعتمدت آليات مختلفة. فجميعها يتقاطع على أهداف مشتركة تتمثل في تحويل بلداننا إلى مناطق نفوذ، وأدوات في إطار التناقضات والمشاريع الدولية.
وفي سياق ذلك تشتغل مراكز صناعة القرار العالمي على إعادة إنتاج وتشكيل دول المنطقة انطلاقاً من كونها مصادر للنهب، ومجالات للتوظيف المالي المفتوح والحر. ويتصل ذلك مع ما يتم العمل على تمكينه في سوريا وغير دولة عربية من سيناريوهات جيو سياسية تقسيمية تقود إلى زيادة تفتيت البنى الاجتماعية. ما يعني استبدال سوريا المنفتحة على ذاتها، بسورية متشظية ومغلقة على مكوناتها الأولية. ورغم الصعوبات الإقليمية والدولية التي تكتنف تحقيق ذلك. لكنه يبقى احتمالاً قائماً، وذلك نتيجة ارتباط الحرب السورية بمصالح وتناقضات دول كبرى وأخرى إقليمية. ويدلل على ذلك إنَّ الجهات المتحكمة بأطراف الصراع تؤكد إن شكل الدولة السورية وبنيتها المركزية لن تعود كما كانت قبل «الربيع السوري». ولن يكون ذلك محصوراً على سوريا فقط، لكن من المتوقع أن ينسحب على مستقبل غير دولة عربية.
ننوّه أخيراً إن تفكيك الدولة المركزية، أو إضعافها وتحويلها إلى أداة وظيفية لخدمة رأس المال المعولم. يثير تساؤلات كثيرة وأساسية عن طبيعة الترابط بين المستويين السياسي والاقتصادي للعولمة. ويدفع للبحث في جوهر التناقضات البنيوية للعولمة.
------------



#معتز_حيسو (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إشكالية الهوية بين الاستبداد والديموقراطية
- مقاربة سورية: ماذا بعد تحويلنا إلى جمهور؟
- إشكالية الخطاب الليبرالي في سوريا
- في أي زمن نعيش؟
- ماذا عن أطفال سوريا؟
- في خيارات السوريين
- سوريا في قلب الاستقطاب الدولي
- حرب المواقع والأدوار الوظيفية في سوريا
- «السلطة» وعلاقتها بالعنف الرمزي والمادي
- أسئلة الديموقراطية في سياق «الربيع السوري» المُتعثّر
- فشل الأيديولوجيات الكبرى: النظام القومي نموذجاً
- في إشكالية خطاب المظلومية
- عن نهايات «داعش» في سوريا
- إلى اليمين دُرْ
- تصعيد الحرب السورية
- ... عن مصير السوريين وشكل دولتهم المستقبلية
- سوريا على عتبة انهيار الدولة
- السوريون أمام أبواب الجحيم
- الصحافة وتحديات التغيير: هل تختفي النسخة الورقية كلياً؟
- في تحوّلات طبيعة الطبقة العاملة السورية وتركيبتها


المزيد.....




- زعيم المعارضة الإسرائيلية لـCNN: لا يمكننا تحمل -إيران نووية ...
- المغرب: -خيوط الأمل-.. ورشة نسائية في قرية سيدي الرباط تنسج ...
- نزوح جماعي من طهران بعد تهديدات وزير الدفاع الإسرائيلي
- إسرائيل إستهدفت منشآت إيرانية حيوية: ما هي وما أهميتها؟
- ألمانيا.. الحكم على طبيب سوري بالمؤبد بتهمة جرائم ضد الإنسان ...
- من فولفسبورغ إلى ساو باولوـ شبح الانتهاكات يلاحق فولكسفاغن
- آثار الدمار في حيفا عقب هجوم صاروخي إيراني ومقتل 3 أشخاص بعد ...
- زاخاروفا: الجانب الأمريكي ألغى محادثات مع روسيا بخصوص -إزالة ...
- وزير الدفاع الباكستاني: إسرائيل -دولة مارقة- وقدراتها النووي ...
- -غرينلاند ليست للبيع-.. ماكرون يزور أكبر جزيرة في العالم


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - معتز حيسو - من تناقضات العولمة في سوريا