أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - معتز حيسو - إشكالية الهوية بين الاستبداد والديموقراطية














المزيد.....

إشكالية الهوية بين الاستبداد والديموقراطية


معتز حيسو

الحوار المتمدن-العدد: 5435 - 2017 / 2 / 17 - 01:00
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



بقليل من التدقيق نلحظ أن ثمة ميلاً يتنامى بشكل مُضطرد، مفاده التخلي عن الهويات المنفتحة على المبادئ العامة لليبرالية السياسية منها والفكرية والمنسجمة. ويُعبِّر عن ذلك أوروبياً أحزاب اليمين المحافظ.

ما يعني أن الارتكاس إلى هويات عرقية وقومية وإثنية محمولة على ميول وأهداف سياسية، أو إعادة إحيائها واستنهاضها لأغراض أخرى مختلفة. لم يعد محصوراً ضمن بلدان تهيمن عليها سلطات ديكتاتورية. في الوقت نفسه، فإنه يحمل دلالات وأبعاداً تتجاوز الحيز السياسي وإطار الوعي الهوياتي، إلى أبعاد أخرى اقتصادية تتعلق بفشل العولمة في تحويل العالم إلى قرية صغيرة معولمة، تتماثل أطرافها مع ما وصلت إليه دول المركز الرأسمالي. وأيضاً بما تسببت به التجارة الحرة من كوارث اجتماعية واقتصادية تجلت بارتفاع نسبة الاستقطاب وشدة الاحتكار وبالتالي تمركز الثروات. وجميعها عوامل تساهم في إعادة البحث والتدقيق في مفهوم الدولة ودورها الاقتصادي والاجتماعي الحمائي، إضافة إلى إعادة بحث وتقييم المبادئ العامة لليبرالية والنيوليبرالية والقضايا ذات العلاقة.
من المعلوم أن فرنسا ألمانيا السويد وهولندا إضافة إلى دول أخرى، تشهد صعوداً لحركات وأحزاب اليمين وبشكل خاص اليمين المتطرف. وكل منها لديه أسباب تدفعه لمعارضة التجارة الحرة، والأسس والقواعد الناظمة والمحددة لها، وللدعوة إلى الخروج من منطقة اليورو وأيضاً من الاتحاد الأوروبي. ويتقاطع ذلك مع تركيز الإعلام الروسي على نقد ونقض الديموقراطية الليبرالية الغربية، والترويج للأحزاب اليمينية الأوروبية، إضافة إلى تقديم الرئيس بوتين كمنقذ للقومية الروسية. ويعزز الميول المذكورة استمرار اعتماد الحكومات الغربية في علاقتها مع مجتمعات البلدان الطرفية مبدأ: المركزية الأوروبية، الذي يتم توظيفه وفق آليات «نيوكولونيالية» معولمة.

التدقيق في آليات الصراع السوري وأدواته الوظيفية يكشف عن تأثير غياب الديموقراطية

يدلل ما سبق على أن أنظمة الاستبداد العربية لم تعد الجهة الوحيدة المسؤولة عن استمرار العلاقات المانوية والتناحرية بين الهويات الثقافية والقومية العرقية منها والسياسية نتيجة إقفالها أبواب الحريات، واشتغالها بالاعتماد على الأجهزة الأمنية، والأبواق الدعائية على قمع الميول المدنية السياسية منها والفكرية والثقافية، واعتمادها أيضاً على «زعماء» من الأقليات الإثنية والطوائفية والمذهبية والعشائرية والعرقية، لتثبيت أركان سلطتها «المدنية التعددية» الشكلانية. يضاف إلى ذلك طبعاً اشتغالها على نزع العباءة الاجتماعية عن الدولة، وهدر الموارد البشرية، واغتصاب الثروات المادية واعتماد سياسات الإفقار والقهر الاجتماعي. وجميعها عوامل تساهم حتى اللحظة بإعادة إنتاج الهويات الكامنة، إضافة إلى كونها تؤثر أيضاً في طبيعة العلاقة بين الهويات كافة، وتجعل منها حاملة لأسباب ثقافة العنف، وأيضاً لآليات تفكير واشتغال رموز السلطة السائدة. وإن كان ذلك لم يظهر بشكل مكشوف في مراحل سابقة، فإن الأوضاع الراهنة فتحت الطريق أمام موجات من العنف محمولة على هويات يدَّعي أنصارها «المظلومية»، ليعاد إنتاج التناقض الهوياتي في سياق صراعات تزيد من تعميق الانغلاق والتقوقع على الذات.
أما نهوض أحزاب وحركات قومية محافظة وأخرى متطرفة في غير بلد غربي. فإنه يرتبط بفشل العولمة، وعلاقة الحكومات الغربية بالصراع الذي يجتاح غير دولة عربية. ومن المؤسف أنه بعد تجاوز المجتمعات الغربية لإشكالية الهويات المحافظة، ومراكمة وعي مدني وإنساني متحرر من رواسب الوعي الكنسي «القروسطي» وأشكال أخرى إثنية وعرقية. فإن الأحزاب اليمينية المحافظة تعود القهقرى لاستنهاض ما تم تجاوزه من وعي بائد.
في السياق، فقد شكَّل فشل الاشتراكيات المحققة في تجاوز إشكالية الموروث القومي والديني، ولاحقاً فشل آليات العولمة وميكانزماتها لليبرالية والنيو ليبرالية غير الديموقراطية في إزالة الحدود الثقافية بين الأعراق والمذاهب والقوميات الإثنيات، مدخلاً لعودة هويات يمينية أكثر تطرفاً وعدمية.
إضافة إلى ذلك، فإن اشتغال أنظمة الاستبداد العربية على قضايا أيديولوجية فوق وطنية شكل مدخلاً لتأييد ودعم التيارات القومية واليسارية والعلمانية. ذلك برغم تجاهل تلك الأنظمة لقضايا المواطنة والمجتمع، واغتصابها للدولة وهيمنتها على مفاصلها الرئيسية ومواردها الاقتصادية والبشرية، ما أسهم في تمكين التيارات الإسلامية المتشددة ولاحقاً الجهادية، وإفلاس التيارات الوطنية واليسارية والعلمانية. وتفيد القضايا المذكورة بأن التأسيس لواقع سياسي جديد يجب أن ينطلق من التأسيس المعرفي والسياسي لقضايا المواطنة، ودولة المؤسسات والقانون، والربط بين الحرية والتحرر، الوطنية والمواطنة، تجاوز إشكالية الربط والارتباط بين الانتماء الأيديولوجي العقائدي وتصارع المكونات الهوياتية. وأيضاً رفض العنف بكافة أشكاله وتجلياته، والتغيير المحمول على السلاح. وكلاهما، أي العنف والتغير المحمول على السلاح، يستبعد المواطن عن صناعة القرار.
إن التدقيق في آليات الصراع السوري وأدواته الوظيفية يكشف عن تأثير غياب الديموقراطية وكيفية انعكاسه في تصدُّع العلاقة التفاعلية والتكاملية بين الهويات، وأيضاً عجز أطراف الصراع عن إعادة الهويات إلى كنف الدولة. هذا يدلل على أن طبيعة الصراع ومآلاته المرجحة ستفضي للإعلان عن نهاية الدولة والسلطة بشكلهما الراهن، لكن من دون الكشف عن طبيعة وبنية السلطة السياسية وكذلك الدولة المستقبلية. ودلالة ذلك اشتغال دول وأطراف متعددة على تهديم كيانية الدولة واستنهاض المتخلف والمتعفن من تاريخها. والتحول المذكور يتم تمكينه أفقياً وعمودياً في سياق إدارة الصراع على أسس مذهبية وطائفية، ما يعني إعادة إنتاج اغتصاب الدولة والسيطرة على مؤسساتها والتحكُّم بآليات اشتغالها وتحويلها إلى محنطات فئوية وظيفية. وفي سياق ذلك وانطلاقاً منه يتم تشكيل مجتمعاتنا، وجميعها عوامل تنذر بتحويل الهويات إلى جزر مغلقة، ومحكومة بعلاقات بينية تؤسس للعنف والعدمية.



#معتز_حيسو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقاربة سورية: ماذا بعد تحويلنا إلى جمهور؟
- إشكالية الخطاب الليبرالي في سوريا
- في أي زمن نعيش؟
- ماذا عن أطفال سوريا؟
- في خيارات السوريين
- سوريا في قلب الاستقطاب الدولي
- حرب المواقع والأدوار الوظيفية في سوريا
- «السلطة» وعلاقتها بالعنف الرمزي والمادي
- أسئلة الديموقراطية في سياق «الربيع السوري» المُتعثّر
- فشل الأيديولوجيات الكبرى: النظام القومي نموذجاً
- في إشكالية خطاب المظلومية
- عن نهايات «داعش» في سوريا
- إلى اليمين دُرْ
- تصعيد الحرب السورية
- ... عن مصير السوريين وشكل دولتهم المستقبلية
- سوريا على عتبة انهيار الدولة
- السوريون أمام أبواب الجحيم
- الصحافة وتحديات التغيير: هل تختفي النسخة الورقية كلياً؟
- في تحوّلات طبيعة الطبقة العاملة السورية وتركيبتها
- مقدمات انهيار الدولة المركزية في سوريا


المزيد.....




- مطاردة بسرعات عالية ورضيع بالسيارة.. شاهد مصير المشتبه به وك ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: الولايات المتحدة اختارت الحرب ووضع ...
- الشرطة الأسترالية تعتقل 7 مراهقين متطرفين على صلة بطعن أسقف ...
- انتقادات لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بسبب تصريحات -مع ...
- انهيار سقف مدرسة جزائرية يخلف 6 ضحايا وتساؤلات حول الأسباب
- محملا بـ 60 كغ من الشاورما.. الرئيس الألماني يزور تركيا
- هل أججت نعمت شفيق رئيسة جامعة كولومبيا مظاهرات الجامعات في أ ...
- مصدر في حماس: السنوار ليس معزولًا في الأنفاق ويمارس عمله كقا ...
- الكشف عن تطوير سلاح جديد.. تعاون ألماني بريطاني في مجالي الأ ...
- ماذا وراء الاحتجاجات الطلابية ضد حرب غزة في جامعات أمريكية؟ ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - معتز حيسو - إشكالية الهوية بين الاستبداد والديموقراطية