أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائف أمير اسماعيل - بارا .. بيوتي .. لوجي















المزيد.....

بارا .. بيوتي .. لوجي


رائف أمير اسماعيل

الحوار المتمدن-العدد: 5668 - 2017 / 10 / 13 - 00:45
المحور: الادب والفن
    


عرض عليها مبلغا من المال ليصطحبها الى شقته، فوافقت. لكنها ارتبكت بعض الشيء حين وجدت الشقة خالية من الأثاث،عدا كرسي ونصف. سبقها أنه لم يُبدِ اهتماما بها، ولم يحضنها، لاقبل الدخول ولابعده. وحتى لم يهتم حين حاولت أن تحضنه هي كما تفعل مع الآخرين.
جلس هو على الكرسي، وطلب منها أن تجلس على نصف كرسي يقابله.. كرسي بلا ظهر يوتكأ عليه.
جلس وكأنه يتفحصها بالنظر مع بعض الاسئلة البسيطة التي تتعلق بالاسم والطول والوزن والعمر.
ثم طلب منها أن تنزع ملابسها ببطء حتى تتعرى تماما. وبعد أن تعرَّت طلب منها ان تقف.. تسير رواحا ومجيئا.. تدور بجسمها.. قام فاقترب منها.. دقق من جديد في كل أجزاء جسمها ثم طلب منها أن تلبس وترحل.
استغربت بائعة الهوى وهي تتسلم مالاً لأول مرة دون أن يكون هناك فعل مقابل، كما مارست مرارا من قبل.
عاود الكرَّة مع غيرها.. كانت الثانية أجمل بكثير رغم انها لم تطلب مالا أكثر يتناسب مع جمالها.
في الطريق قالت له بصوت بريء انها تمارس هذه المهنة لأول مرة، فطمأنها.
هي الأخرى استغربت من خلو الشقة .. استغربت من بروده.. ومن اسئلته الهامشية.. ولأنها لأول مرة تجرب هذه (المهنة) فقد ظنت انها قد تكون نوعا من المجاملة لبعض الزبائن. وبعد أن تعرّت، وقامت ومشت.. بعد أن ذهل بتفاصيل جسدها المتناسب، ترخص منها أن يصورها بموبايل أخرجه من جيبه، فرفضت.
لاحظ هو قوة شخصيتها، فصدّق ماقالت:
- أنا في الحقيقة لست بائعة هوى.. أنا أحمل شهادة البكالوريوس في علم النفس.. وأنا كاتبة مبتدئة.. وبودي أن أعمل بحثا عن بائعات الهوى.. سمعت الكثير عنهن ومنهن، لكن لمصداقية البحث قلت اجرب بنفسي هذه (المهنة).. فجلست حيث يجلسون مع صديقة لي(بائعة هوى) تعرفت عليها منذ فترة وجيزة .. فجئت أنت.
- والآن تريدين أن تجربي تفاصيل المهنة، أن امارس معك الجنس مقابل المال؟
- لامانع عندي، لكن في غرفتك لايوجد فراش حتى لو كان بسيطا؟ .. وقوفا نمارس؟
- لاوقوفا ولا أي شيء آخر.. أنا أظن ان ذلك عيبا ولا أقبله.. لا معك ولا مع غيرك.
انفجرت ضاحكة ومستغربة: عيب؟!.. لماذ جئت بي الى هنا اذا؟.. وماذا تسمي طلبك مني أن أتعرى امامك؟!
- وماذا تسمِّين انت حالة المريضة حين تتعرى في عيادة الطبيب او عند سرير العملية الجراحية؟
- لكنني لست مريضة.. انا من المفترض بائعة هوى.
- وأنا لست مشتريا هوى ، انا انظر الى جسدك وأدرك جماله لكن لا اقبل لنفسي أن تشتهيه.. أنا باحث أيضا.
- أها؟.. بم تبحث أنت؟
- سأشرح لك بشكل عام.. وبالتدريج.. أنا لا اعرف مدى ثقافتك.. وعلينا ان نتعارف أكثر حتى افهم كيف اوصل لك الافكار بدقة.. لكن أرجوك، انا اظنك المرأة المناسبة لما ابحث وأجرب، فلاتسأليني في البداية عما افعل.. ربما يكون اختباراً لك نكتشف به مدى ذكاءك اذا عرفت ما افعل وما اروم من نتائج..أعدك انني لن امس كرامتك ولاحياتك.
- حسنا، تفضل ابحث على راحتك.
صورها.. صور كل قطعة من جسدها.. أخرج من جيبه شريط قياس يقيس به طولا وعرضا وارتفاعا، ثم يثبت المعلومات والقياسات في موبايله، ثم طلب منها ان ترتدي ملابسها من جديد قائلا لها:
- غدا في العاشرة ليلا، ممكن أن تجيئي الى هنا؟
- حسنا.
رفضت ان تستلم منه المبلغ الذي اتفقا عليه مسبقا.
في اليوم التالي جاءت في الموعد.. هذه المرة وجدت في الغرفة كرسيا مريحا طلب منها الجلوس عليه.. فيما جلس هو خلف آلة بيانو كبيرة.
قالت:
- هذه المرة انت عازف بيانو؟
- ليس تماما.. عازف مبتدئ. ومؤلف موسيقي مبتدئ ايضا.
- تعرف؟ انا ركنت بحثي جانبا ومتلهفة لأن افهم بحثك.. عدا أن مظهرك الوسيم وشخصيتك قد جذبتني اليك بعض الشيء.. ولا اخفيك، مازال الغموض فيك يخيفني.
- بماذا يخيفك؟
- يخيفني أن لاتكون الحبيب المناسب.
- هههههه.. لاتستعجلي الامور.. ربما سأكون أكثر من حبيب.. انت اعجبتيني أيضا.
- أنت متزوج ؟ مطلق؟
- رجاءً، اصمتي في الأقل لساعة.. إعلمي انا تقصّدت أن تكون الشقة فارغة كي لايشتت تفكيري شيء.. واتيت بك ليلا، كي ينطلق خيالي.
- حسنا يامفكر( قالتها بابتسامة).
أخرج من جيبه اوراقا ملأها ارقاما ورسومات، ونوطا موسيقية. مد اصابعه فوق البيانو وبدأ يعزف.. يكرر المقطع ثم يطلب منها في كل مرة ان تعدل جسمها باتجاه.
اتعبها.. مرة يطلب منها أن تتعرى.. ومرة يطلب منها أن تقف.. تسير.. تنام على بطنها على جنبيها، ثم قال لها:
- نكتفي هذا اليوم.
- يعني أنت تؤلف موسيقى على جسدي؟
- نعم.. لكن ليس بالبساطة التي تظنين.
- ماذا تقصد؟ شوقتني لمعرفة تفاصيل بحثك.
- غدا سأشرح لك.. اليوم انا تعبت.. غدا تأتين في الساعة الخامسة مساءً.
وحضرت في الخامسة مساءً من اليوم التالي.. لساعتين شرح لها مقدمات لم تفهم الا اساسياتها، ولم يشرح اهدافه الحقيقية.
أجلسها من جديد، وبدأ يعزف من جديد بشكل متقطع..يراجع في فواصلها اوراقه وتفاصيل جسدها.
ساعة مرت وهو يعزف، ثم قام من كرسيه قافزا وهو يهتف بفرح: وصلت.. وصلت.. انا اعظم انسان.. انا اعظم انسان..
ثم(قفز) اليها وأحتضنها وهو يشبعها قبلات.. من اليوم انت زوجتي.. ستكونين امرأة عظيمة معي.. ستكونين زوجة اعظم رجل في العالم.
فرحت لفرحه دون أن تفهم شيئاً..وإلا، مامعنى ان يشرح لها مقتطفات واساسيات من نظريات فيزيائية تتعلق بنشوء الكون وهندسة بنائه. واساسيات عن الموسيقى وجسد الانسان ودماغه، ثم يعزف جملاً موسيقية قصيرة ثم يدعي بعدها بأنه اعظم رجل في العالم ؟؟ اين هي العظمة؟.. ثم انها كما أعلن ستكون زوجته دون ان تعرف عنه شيئا.. دون أن يطلب موافقتها.
أحس بتساؤلاتها.. وجهها مبتهج معه لكن عينيها تتساءل فقال لها:
- انا ادرك انك تسألين بداخلك اسئلة كثيرة.. لكن دعيني أن ادعوك للعشاء في افخم مطعم في المدينة.. آوه.. قبلها سنذهب الى افخم دار أزياء.. سأشتري لك أغلى فستان سهرة.
اقتنعت بمؤهلاته وقبلت الزواج منه سريعا دون أن تفهم بالضبط ماشرح لها من افكار لما يجرب، ووعدها ان يريها النتيجة.
في حفلة حضرها عدد من اصدقائه وعدد من الاكاديميين والعلماء وعوائلهم، وقفت هي على منصة مسرح، وجلس هو ليعزف على بيانو من نوع غريب.. كانت الكاميرا مصوبة على وجهها واجزاء من جسدها المكسي بفستان قصير. والصور تعرض تباعا على شاشات متعددة خلف المسرح.
رأى الكل غير مصدقين ولاحتى هي شكل وجهها وجسدها وهما يتغيران تبعاً للعزف الغريب.. ويتوقف التغير بتوقف العزف. بعد مايقرب من ساعة من العزف تغير شكلها كله الى وجه مدهش الجمال وجسد أجمل.
بات الكل غير مصدقٍ لما يحدث، فقد يكون مارأوا خدعا سحرية. لكنه بدَّدَ شكوكهم بالتوضيح الآتي:
- الكون كله عبارة عن سمفونية، بموجب آخر النظريات الفيزيائية.. بموجب نظرية الاوتار الفائقة. وجسد كل انسان هو مقطع صغير منها.. فيه مايشبه المقاطع الاخرى وفيه مايختلف. والمقاطع الصغيرة طبعا تكون بنسق مع السمفونية الكبرى.. لكن هناك فيما يبدو نشازات او مقاطع بامكاننا تغييرها نحو الاجمل، ومن هنا بدأت فكرتي العامة تبعتها بالبحث في تقنية انفذ منها الى عالم الصغائر: الذرات ومادونها، مثلما ننفذ بواسطة الرنين المغناطيسي الى اقطاب البروتونات المغناطيسية لجزء من جسم الانسان ونغيرها حتى نصورها.. نعم بمجموعة من التقنيات التي توجهها الموسيقى المتناسبة مع تقاطيع الجسم استطعت ان احرك الذرات والجزيئات من مكانها وازيحها الى أماكن اخرى فيتغير شكل الخلايا والانسجة والاعضاء وبالتالي اي جزء من الجسم او الجسم كله.. بمعنى انا استطيع ان أُغير شكل اي جسم بشري وحتى اي جسم حي آخر الى اي تصميم أُريد بحدود معينة.. طبعا هنا، أية مجازفة اكثر ستؤدي الى الموت او تلف جزء منه.. وطبعا انا لم اجازف اكثر مع زوجتي.. وفي الحقيقة انا لم اقل لها خطورة التجربة لئلا تفشل مع خوفها، فالخوف قد يؤدي الى اهتزازات غير مسيطر عليها.. لكن مع نجاح تجربتنا هذه لن يخاف احدُ في المستقبل الى حد الخطورة.. باختصار، اجسامنا تتأثر ويتغير شكلها عندما نستمع للموسيقى لكن بقدر صغير جدا لانحسه، وكل جسم يتغير باتجاهات ما تبعا لعوامل كثيرة، انا هنا كثفت التأثر ووجهته بما يتناسب مع جسم زوجتي بعد دراسته بشكل مفصل ودقيق، وهكذا بالنسبة لأي جسم آخر.
ثم اختتم: سأزود مجالسكم العلمية بنسخ من هذا البحث كي يستفيد منه كل البشر.
نال بعدها براءة اختراع وجوائز عديدة، بعدها توغلت البحوث الموازية لتقنيات اسهل واقصر فأصبح البشر يغيرون اشكالهم بما يعجبهم من تصاميم محوْسبة.
بعد سنوات صارت نسبية الجمال متوقفة على نسبية الابتكار والذكاء.. صار الجمال هو جمال الذكاء. وفتح العلم فرعا جديدا سمّاه:
بارابيوتيلوجي.
7/7/2017



#رائف_أمير_اسماعيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ميتا...كون
- محاضرة اختراق حاجز الموت
- كرة بيضاء
- يدُ الحياة
- عمر الانسان وتباطؤ الزمن - تفسير مبسط لمثالين في نظريتي النس ...
- ضوء أنثوي
- معادلات الزمن الصعب
- الفلسفة المطلقة
- يوم الحلم البشري
- جذور الجدل
- من غرائب (الكفر)
- أشقاؤنا في السماء
- بريء
- باراشيطانلوجي
- نظرية الأوتار الفائقة من منظور الفلسفة العلمية
- تفسير ظاهرة التنويم الايحائي(المغناطيسي)
- قنبلة الزمن الأسود
- تعويم الشعر العربي .. مقاربة بين ظاهرة الشعر و ظاهرة النقد ا ...
- شجرة برتقال
- عبور


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائف أمير اسماعيل - بارا .. بيوتي .. لوجي