أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سليم البيك - أتوا.. و لكن














المزيد.....

أتوا.. و لكن


سليم البيك

الحوار المتمدن-العدد: 1460 - 2006 / 2 / 13 - 08:14
المحور: الادب والفن
    


" هم قادمون.. قادمون.." ظل مصطفى يردد في نفسه, في لحظات يصعب فيها كل شيء إلا التركيز على الجنود أمامه. قد تغتاله طلقة لا يدري من أي فوهة أتت, فهو و بيته و من فيه محاصرون من الجنود, و من غير الجنود.
أفرغت بندقيته الخفيفة ما في ( نفسها) و قالت: " هذا كل ما لدي يا رفيقي.. مدني بالطلقات و لا تنتظرهم", فيرد: " هذا كل ما لدي أنا الآخر.. سامحيني.. قد يأتوا الآن و معهم ما يكفي لك و لغيرك.. و يفكوا الحصار.. فقط انتظري".
يواصل الجنود إمطار و قنص و قصف البيت برصاصهم, و أهل البيت متشبثين ببعضهم في غرفة واحدة, فإما أن ينجوا معاً, أو يموتوا معاً.
وديع الصغير قتل حين حاول الزحف متجاهلاً صرخات والدته و أخواته, زحف إلى الغرفة المجاورة لجلب عصفوره المرتعش هو الآخر. قتل أحمد برصاصة كثيراً ما قيل بأنها طائشة, و طار العصفور حراً بعد وقوع قفصه.
يحاول مصطفى اقناع بندقيته بأنهم قادمون, فترد عليه بحزم: " لن يأتوا.. تعلم من تجربتك و قاتل.. اعطني حجارة.. قد أستطيع اطلاقها.. لن يأتوا يا مصطفى.. ارم الجنود بي و بما تقع يديك عليه و لا تنتظر يا مصطفى..". يحاول التحرك من مكانه و الوصول إلى ما يمكن رميه, فلن يرم بندقيته التي ستعبأ بطلاقاهم, حين يأتوا!
أصابته احدى طلقات الجنود في فخذه أثناء محاولته الوصول إلى حجر كان في حديقة البيت, فتدحرج راجعاً إلى مكانه صارخاً ببندقيته: " هذا ما جنيته من نصيحتك", فقالت: " لم يكن أمامك سوى المقاومة و بأي شيء.. ليتني أستطيع مساعدتك.. كم أخجل لعجزي في حضرة جرحك يا رفيق..", فقال محاولاً جبر خاطرها: " ليس الذنب ذنبك و لا ذنبي.. تعلمين أن أبو عامر التاجر لم يرض أن يبيعني مجموعات أكثر من الطلقات.. فغيري يدفع أكثر كما قال.. و أنا.. أنت أعلم بوضعي.. و إن كان من يدفع أكثر يقاتل بها أيضاً.. و لكن.. فليتركوا لغيرهم حق القتال.. أو الدفاع عن أنفسهم على الأقل.. و لا يحتكروا الطلقات لأنفسهم لسبب أنهم القادرون على الدفع..!" يصرخ: " أمي.. هل أنتم بخير.. أنا بخير..", فترد: " نحـ... ـن بخـ... ـير..".
عاد للحديث مع بندقيته التي كما يبدو جريحة أو مصابة بضيق في التنفس. "لماذا لا تتحدثي.. تكاد صوت طلقاتهم تأخذ سمعي معها.. لطلقاتك أنت موسيقى كثيراً ما أشتهي سماعها يا رفيقتي.. ماذا بك..". فترد عليه بتقطع: " يبدو أنك.. ستواصل.. بدوني.. لا حاجة.. لك.. بي..".
بدأت طلقات الجنود تخف من وطأتها تدريجياً إلى أن انقطعت تماماً حين وصلوا, صرخ مصطفى متفائلاً: " نعم.. هاهم.. اصحي.. لقد أتوا.. و معهم بنادق و طلقاتها.. لا بل سيقاتلون معنا", تجاهلته و تابعت استرخاءها.
نعم, تقدموا و لكن ( مدججين) برايات و لافتات كتب عليها ( فلسطين حرة عربية ) و (فلسطين وقف اسلامي) و غيرها من الشعارات. هتفوا و هتفوا إلى أن بحت حناجرهم, ظلوا واقفين في حر الشمس إلى أن تعبوا و جاعوا, و منهم من مل, و مصطفى الجريح يقول في نفسه: " أشقائي هم هؤلاء.. و ليست هذه سوى البداية.. سيتقدموا أكثر.. و لن أقف لوحدي بعد الآن".
ظلوا واقفين إلى أن جاع أحدهم فعاد لتناول عشائه, بح صوت آخر فعاد لشرب الزهورات, و ملت آخرى فذهبت تنتظر خبر مصطفى العاجل, و آخر ذهب مسرعاً ليلحق صلاة المغرب قبل أذان العشاء, و الآخرون عادوا لأن عليهم ( النهوض) غداً باكراً ليذهب كل إلى عمله.
أما مصطفى الجريح فأمسى شهيداً, متأثراً بجراحه, أما العائلة فلم تدر وسائل الإعلام بأمرها, و لا تنسوا وديع الصغير.
و طلقات الجنود استأنفت عملها هي الأخرى, بعد استراحة الغداء في حضور من أتى, و ما تزال تعمل, حتى الآن.



#سليم_البيك (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نحب الحياة
- زياد المختلف
- ببساطة.. لأنها فلسطين
- في مهب الجهل
- ألوان
- الكوفية... رمز ثورات
- حين اغتالوا غسان
- جنى على نفسه..
- علم أحمر
- في حكم العسكرستان
- وظائف شاغرة
- منظمات (لا) إنسانية
- هذيان في الأم و الوطن
- سنثور و نلعب
- القصة أطول بكثير..
- تكامل الكفاح الفلسطيني
- فجر الحركة الشيوعية في فلسطين
- اليسار العربي... والإجابة الصحيحة على السؤال
- إنسان برقم...سولد
- المنتدى الإجتماعي الاوروبي..... على طريق عالم آخر ممكن


المزيد.....




- المخرجة والكاتبة دوروثي مريم كيلو تروي رحلة بحثها عن جذورها ...
- أولاد رزق 3 وعصابة الماكس.. شوف أقوى أفلام عيد الأضحى 2024 خ ...
- الرِحلَةُ الأخيرَة - الشاعر محسن مراد الحسناوي
- كتب الشاعر العراق الكبير - محسن مراد : الرِحلَةُ الأخيرَة
- 6 أفلام ممتعة لمشاهدة عائلية فى عيد الأضحى
- فنانة مصرية مشهورة تؤدي مناسك الحج على كرسي متحرك
- قصة الحملات البريطانية ضد القواسم في الخليج
- أفراح وأتراح رحلة الحج المصرية بالقرن الـ19 كما دونها الرحال ...
- بسام كوسا يبوح لـRT بما يحزنه في سوريا اليوم ويرد على من خون ...
- السعودية تعلن ترجمة خطبة عرفة لـ20 لغة عالمية والوصول لـ621 ...


المزيد.....

- الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد ... / الويزة جبابلية
- تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً / عبدالستار عبد ثابت البيضاني
- الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم ... / محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
- سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان / ريتا عودة
- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد
- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سليم البيك - أتوا.. و لكن