أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - سليم البيك - علم أحمر














المزيد.....

علم أحمر


سليم البيك

الحوار المتمدن-العدد: 1356 - 2005 / 10 / 23 - 10:58
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


كان ساري يمشي إلى حيث لا يدري, و كأنه يكتشف شوارع و أزقة مدينته للمرة الأول, ينظر حوله, يبحث بين ضجيج و دخان السيارات عن شيئ ما أو شخص ضائع. و كأن مشهد المدينة تنقصه عناصر ضرورية لنفخ الحياة فيها عله يجدها صدفة في تفاصيل اليوم و الشارع. للجمود السياسي و الثقافي انعكاساته على نفسيات السكان و على تفاصيل الحياة اليومية بروتينها القالتل لأي باعث حياة. كثيراً ما ثار ساري على هذا الوضع و دافع عن رفضه له. كانت له آراؤه و كان دائم الإصرار على الدفاع عنها رغم اللون الواحد المزمن للحياة السياسية و الثقافية و المناقض للونه..
قطع صمت مدينته, الغارقة في الضجيج, زمامير سيارات و فانات بدت له و كأنها بعجقتها و أصواتها وجدت فجأة. التفت ساري إلى الخلف ليفاجأ بأعلام حمراء ترفرف خارجة من النوافذ. ابتهج.. ارتعب.. صدم.. لم يصدق.. لا أعلم, و لكن شعوره كان قوياً آنذاك لقوة المشهد الذي رآه..
لدى ساري علمه الأحمر, أحمر, ليس بلون الدم.. بل الوردة الحمراء. يتوسطه رسم, بل تتوسطه ثورات أممية.. أحلام شعبية.. رسم تشي جيفارا.. يتحدى الشمس بنظرته. لم يكن باستطاعة ساري رفع هذا العلم.. ارتكب رفعه في عدة مناسبات أعقبها تردد قسري على فروع الأمن.
تجمد ساري في مكانه ينظر مندهشاً إلى الأعلام الحمراءالتي تغطي في مشهد سريالي سماء مدينته, فكر في نفسه..هنالك طريقة لرفع علمي الأحمر إذاً..هنالك طريقة!
بعد حوالي الأسبوعين خرج ساري و علمه بخطوات تتسابق مع ظلها, و حين وصل إلى الملعب رفع علمه الذي صعب تمييزه في زحمة الأعلام الحمراء الكثيفة...و بأعلى صوته يصرخ و كأنه يشجع فريقاً, يجهل اسمه, يرتدي ملابس, يقال بأنها حمراء. خسر الفريق و لم يستطع ساري رفع علمه في شوارع المدينة.. وفرشت الشوارع بأعلام رمادية..
بات ساري يتابع مواعيد مباريات ذلك الفريق الذي كثيراً ما ينسى اسمه. في المباراة التالية حمل ساري علمه على كتفه.. ينظر حوله و لكن مبتسماً هذه المرة, مع شعو جميل باستغباء رجال الأمن المنتشرين, في حالتهم الطبيعية, في كل مكان, (يحرسون)الإنسان و يبقونه في (أمن) دائم!
أخذ ساري حريته في رفع علمه في الملعب دون طلب الإذن المرفوض مسبقاً من فرع الأمن, إن تجرأ على الطلب. و في طريق الرجعة رفعت الأعلام الحمراء ابتهاجاً (بالانتصار). كان ساري يتألم لسوء فهم الرسالة التي يحملها علمه, و لكنه أيقن أنه إما أن يصادر العلم و كذلك عدة أيام من حياته في الاعتقال..و إما أن يوصل رسالته تحت غطاء رياضي بعيداً عن المضامين السياسية و الثقافية لعلمه, فاختار الثانية مرغماً عل الرسالة تصل إلى شخص في كل مئة..
انفصل ساري عن مجموعة المشجعين ليتجه نحو البيت, في الطريق رآه ثلاثة من مشجعي الفريق الخاسر.. تربصوا به إلى أن دخل أحد الأزفة المعتمة فأسرعوا في مشيهم إلى أن وصلوا إليه و صبوا جام غضبهم للخسارة و كرههم للون الأحمر و غيظهم من ابتسامته الواثقة المستفزة.. صبوا كل هذا الحقد عليه, فاختلط لون دمه بلون العلم الأحمر الذي ناله هو الآخر نصيبه من التمزيق. بعد أن أفرغوا ما فيهم من رمادية, هربوا مهرولين إلى أن وصلوا إلى مخرج للزقاق.. فمشوا و كأن شيئاً لم يكن.. تماماً كرجال الأمن!



#سليم_البيك (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في حكم العسكرستان
- وظائف شاغرة
- منظمات (لا) إنسانية
- هذيان في الأم و الوطن
- سنثور و نلعب
- القصة أطول بكثير..
- تكامل الكفاح الفلسطيني
- فجر الحركة الشيوعية في فلسطين
- اليسار العربي... والإجابة الصحيحة على السؤال
- إنسان برقم...سولد
- المنتدى الإجتماعي الاوروبي..... على طريق عالم آخر ممكن
- إلى الرفيق سعـدات
- إشكالية اليسار في -إسرائيل-...باختصار


المزيد.....




- مصدر يعلق لـCNNعلى تحطم مسيرة أمريكية في اليمن
- هل ستفكر أمريكا في عدم تزويد إسرائيل بالسلاح بعد احتجاجات ال ...
- مقتل عراقية مشهورة على -تيك توك- بالرصاص في بغداد
- الصين تستضيف -حماس- و-فتح- لعقد محادثات مصالحة
- -حماس- تعلن تلقيها رد إسرائيل على مقترح لوقف إطلاق النار .. ...
- اعتصامات الطلاب في جامعة جورج واشنطن
- مقتل 4 يمنيين في هجوم بمسيرة على حقل للغاز بكردستان العراق
- 4 قتلى يمنيين بقصف على حقل للغاز بكردستان العراق
- سنتكوم: الحوثيون أطلقوا صواريخ باليستية على سفينتين بالبحر ا ...
- ما هي نسبة الحرب والتسوية بين إسرائيل وحزب الله؟


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - سليم البيك - علم أحمر