أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - (مسافة السكة) ل المنيا الشقيقة يا ريّس!














المزيد.....

(مسافة السكة) ل المنيا الشقيقة يا ريّس!


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 5629 - 2017 / 9 / 3 - 06:58
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    




أعلمُ، ويعلمُ الجميعُ، أن مصرَ واقعةٌ بين فكّي وحش أعمى اسمُه الإرهاب. وأن جيشنا المصري العظيمَ يقفُ لهذا الوحش بالمرصاد، يُثخنه الجراحَ وينالُ منه كلَّ منال، ولا يغفلُ عنه لحظةً وإلا أطبقَ الوحش فكّيه على أوصال بلادنا؛ فأتى على الأخضر والثمر. يعلمُ كلُّ مصريّ، أننا ننامُ ليلَنا آمنين ملء جفوننا، لأن عيونًا لا تعرفُ النومَ تسهرُ تحرسُ أمنَنا عند كل بقعة من حدود مصر شرقًا وغربًا وشمالا وجنوبًا. وأن غولَ الإرهاب البغيض يتشوّف أن يلتهم قلبَ مصر الذي يُخبئه جيشُنا بين راحتيه القويتين، ويحميهه.
كلُّ ما سبق حقائقُ لا تخفى على عاقل. لكننا كذلك نعلمُ ونتذكّر ما تعهّد به الرئيسُ عبد الفتاح السيسي، مطمئِنًا الدولَ العربية الشقيقة، أن جيشنا المصريّ الباسلَ جاهزٌ للذود عن أية بقعة عربية يطالُها التهديد، قائلا: إن جيشنا في "مسافة السِّكة" إذا تعرضت دولةٌ شقيقةٌ لأي خطر. ذاك أن القوات العسكرية المصرية، هي جيشُ العرب والعروبة.
واليومَ، نرفعُ إلى الرئيس مطلبَنا، نحن عقلاء مصر، بأن يكون جيشُنا العظيم على "مسافة السكّة" من بقعة عزيزة يطالُها الخطرُ المباشر، والتهديد اليومي الغاشم. ونُعلن، نحن المصريين، بكلّ حزن وخجل، أن تلك البقعة المحزونة "مصريةٌ" قبل أن تكون عربيةَ شقيقة، تقعُ على مرمى حجر من قلب كلّ مواطن مصري. كما نعلن مطرقي الرأس خجلا، أن ذاك الويلَ الذي يُصبِّحُها ويُمسّيها تُشعلُه للأسف أياد مصرية غارقة في الدماء ملوّثة بالإثم. أياد سوداءُ لم تتعلّم الوطنية، ولم يمرّ ظِلُّها يومًا تحت مظلّة الإنسانية. بقعةٌ غارقةٌ منذ دهرٍ في وحل الطائفية والاستقواء والهمجية اسمُها: محافظة "المنيا". تلك المحافظة المرزوءة بالفواجع منذ سنواتٍ، لا تخضعُ للقانون المدني الذي نعرفُ، ولا تنضوي تحت مظلّة المدنية التي ننشدُ، إنما يحكمُها قانونُ القبيلة الأعمى، وقانون الجلسات العرفية الظالم، وقانون الغاب الهمجي، وقانون الغلبة بالأكثرية البلهاء التي تستضعفُ أقليةً لا يحميها إلا تضرّعاتٌ للسماء وصلواتٌ، عسى اللهَ أن يمدّ يده بالرحمة والعدل. مواطنون مسيحيون من "عزبة الفرن" مركز أبو قرقاص/ المنيا، أرادوا أن يرفعوا صلواتهم في أعيادهم، كما نرفعُ نحن المسلمين صلواتِنا خمسًا في كل يوم. فهل تتطلّب الصلاةُ رخصةً يمنحُها إنسانٌ لإنسانٍ؟! سؤالٌ يبدو ساذجًا إجابتُه القاطعةُ بالنفي، عند كلّ عاقل راشد. لكنْ، في بلد العجائب "مصر"، يحدثُ أن يأتي رجلُ دولة، برتبة محافظ، ليقول إن "الصلاةَ لله تستوجبُ ترخيصًا"! أعلن هذا اللواء عصام البديوي محافظُ المنيا متحجّجًا بأن قرى الصعيد تخضع "لللعادات والتقاليد" القِبلية التي تمنعُ فتح الكنائس في القرى للأقباط، لأن المتشددين الإسلاميين يرفضون هذا، وإنهم يرون أنهم الأكثر عددًا والأبطشُ قوة! وأن تغيير ذلك النهج يتطلّب إعادة تأهيل المجتمع ثقافيًّا حتى يسمح شخصٌ ما لشخصٍ ما أن يُصلّي! فهل يُعقلُ أن يعترف رجلُ دولة باستجابته للبلطجة العصبية إلى أن "يتأهلُ المجتمعُ ثقافيّا"؟! ما دوره إذن كمسؤول يمتلك صلاحيات تمكنه من تطبيق القانون بحسم على الخارجين عن القانون؟! هل تقبلُ الدولةُ المصريةُ أن تترك حفنةً من الأشرار يفرضون قانونَهم العنصري ودستورهم التمييزي على قانون مصر ودستورها الذي منح كلّ مواطن حقوقًا متساوية مثلما فرض عليه واجبات متساوية؟!
في تلك الدولة المصرية الشقيقة: "المنيا" تعرّت سيدةٌ مسيحية وسُحلت في عرض الطريق ولم يأت حقُّها. وفي تلك الدولة المصرية الشقيقة قُصّت جدائلُ طفلات مسيحيات أمام زميلاتهن، ولم تأت حقوقهن. وفي تلك الدولة المصرية الشقيقة تتمُّ كلّ نهار ويلاتٌ طائفية سافرةٌ على أقباط مصر الذين هم منذ ألفي عام مواطنون أصلاء لهم حقوقٌ على مصر، لم يعرفوها منذ دهور.
المصريُّ المسلمُ يُصلّي في بيته وفي مسجده وتحت ظلّ شجرة وعلى ضفاف نهر وفي عرض الطريق، فتُحترَمُ خصوصيتُه وتُحمى مساحتُه الأثيرية التي يُصلّي فيها، وينالُ بعدما ينتهي مباركاتِ المارّة ودعواتهم: "حرمًا ... جَمَعًا". فلماذا لا يحقُّ للمسيحي ما يحقّ للمسلم في أن يُصلّي إينما شاء في كنيسة أو في بيتٍ أو في عرض الطريق؟!
يا سيادة الرئيس، إن من يرتكب فعلا فاضحًا علنيًّا، بأن يقضي حاجته في الطريق العام لا يوقفُه الناسُ، إنما يمرّون عليه مرور الكرام ولا يستنكرون بذاءته، وهذا أمرٌ عجيبٌ لا يحدث إلا في مصر، فهل نسمحُ بما هو أعجب بأن يُحارَبُ من يرفعُ للسماء صلواتِه ونجواه، سواء فعل هذا في كنيسة أو في بيتٍ أو في حقل أو في الطريق العام؟! وهل نسمحُ بأن يتمّ هذا العسفُ الطائفي بيد مسؤول يقول بملء الفم إن المصلّين لم يحصلوا على "ترخيص" بالصلاة، ومن ثم يحقُّ لمواطنين من غير ذوي صفة أن يمنعوهم؟!
سيادة الرئيس، إن لم تسارع إلى إطفاء جمرة الطائفية المشتعلة في المنيا، والضرب بيد القانون على أيدي الإرهابيين ومن يُشعل أتون الفتنة، فاعلمْ أن مصرَ تتصدّع من داخلِِِها. أعداءُ الوطن خصوم السلام من داخل مصر، ليسوا أقلّ خطرًا ممن هم خارجها، إنما هم الأشدُّ خطرًا على الإطلاق. سيادة الرئيس: المنيا الشقيقة تستغيثُ بك، فهل تكون قوّاتنا المسلحة على "مسافة السكّة"؟




#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محفوظ عبد الرحمن ... خزّافٌ يبحث عن الزمن المفقود
- الحبُّ على طريقة -أمّ الغلابة-
- رفعت السعيد … ورقة من شجرة الوطن
- رسالة غاضبة إلى أمينة ثروت أباظة
- أطهر صبايا العالمين … سيدة الحزن النبيل
- ماذا تعرف عن مدارس الأقباط يا شيخ عامر؟
- أبجد هوز … وخفة ظلّ العميد
- الشيخ عبد الله نصر بين التراث والموروث
- حطّموا الأصنامَ …. يرحمُكم الله
- سمير الإسكندراني … تعويذةُ الفراعنة
- جريمة -الشيخ عبد الله نصر-... بين التراث والموروث
- علا غبور .... فارسةٌ نورانية من بلادي
- أغنية حبّ من أجل مأمون المليجي
- غزوة المترو … والمطوّع على الطريق
- الحياة معًا …. كما أسراب الطيور
- داعش تغيّر وجه البشرية
- علا غبور … فارسةٌ من بلادي
- الكتيبة 103
- زي النهارده واليومين اللي فاتوا... كارت أحمر
- مسيحيون يغنّون للقرآن


المزيد.....




- عم بفرش اسناني.. ثبت تردد قناة طيور الجنة 2025 على الأقمار ا ...
- تردد قناة طيور الجنة: ثبت التردد على التلفاز واستمتع بأحلى ا ...
- مصادر إيرانية: المرشد الأعلى علي خامنئي يسمي 3 شخصيات لخلافت ...
- طريقة تثبيت قناة طيور الجنة بيبي على القمر نايل سات وعرب سات ...
- وردة المسيح الصغيرة: من هي القديسة تريز الطفل يسوع وما سر -ا ...
- سلي طفلك تحت التكييف..خطوات تثبيت تردد قناة طيور الجنة 2025 ...
- فوق السلطة: شيخ عقل يخطئ في القرآن بينما تؤذن مسيحية لبنانية ...
- شيخ الأزهر يدين العدوان على إيران ويحذر من مؤامرة نشر الفوضى ...
- مسيرة مليونية في السبعين باليمن للتضامن مع غزة والجمهورية ال ...
- إسرائيل تعرقل صلاة الجمعة بالأقصى وتمنعها في المسجد الإبراهي ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - (مسافة السكة) ل المنيا الشقيقة يا ريّس!