أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طارق الحارس - الذي جنيناه من غزوة كوبنهاكن















المزيد.....

الذي جنيناه من غزوة كوبنهاكن


طارق الحارس

الحوار المتمدن-العدد: 1458 - 2006 / 2 / 11 - 10:32
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


قبل أيام قليلة تعرضت الى حادث سيارة ، إذ كنت جالسا بجانب صديقي الذي كان يقود سيارته وإذا بسيارة أخرى تضربنا من الخلف . نزلنا صديقي وأنا من السيارة ونزل الشخص الذي ضربنا ووجدنا أن سيارته تعرضت للضرب من الخلف أيضا من قبل سيارة أخرى .
الهم الأول للجميع كان التأكد من سلامة المتواجدين بالسيارات الثلاث . جاءنا صاحب السيارة التي خلفنا وقال أنه طبيب وبامكانه مساعدتنا في حال وجود ما يستدعي . قال له صديقي : أنا طبيب أيضا . ذهب الاثنان الى صاحب السيارة الثالثة وعرضا عليه نفس العرض ، أي مساعدته طبيا . بعد ذلك تبادل الأشخاص الثلاث أسماءهم وأرقام هواتفهم بأوراق صغيرة . ذهبنا أنا وصديقي الى مركز الشرطة وشرحنا الحادث الى موظفة تعمل هناك وانتهى الأمر . ردة الفعل هذه لم تفاجئني ، إذ سبق لي أن شاهدت مثلها خلال سنوات اقامتي في استراليا ، لكنني أسوقها لكم كي نجري مقارنة بسيطة عما كان سيحصل لو أن هذا الحادث حصل في بلداننا العربية والاسلامية .
من المؤكد أن الصورة ستكون مغايرة تماما ، إذ أن معركة كبيرة ستنشب بين صاحب السيارة الأولى والثانية ومعركة أخرى ستنشب بين صاحب السيارة الثالثة والثانية وربما ستمتد المعركة الى عوائلهم وعشائرهم ولا تنفض الا بخسائر أخرى قد تصل الى القتل .
لا أريد أن أشبه ردة فعلنا هذه بردة الفعل التي حصلت بعد نشر صحيفة دنماركية الرسوم الكاريكاتيرية التي قيل أنها أساءت لرسولنا العظيم فأمر الحادثة التي حدثتكم عنها يعد أمرا صغيرا مقارنة بالرسوم الكاريكاتيرية ، لكنني سأتحدث عن المحصلة النهائية وأجري مقارنة بسيطة بين الحالتين .
في الحادثة التي تعرضت لها وأدت الى أضرار في سيارة صديقي الذي لم يتشاجر ولم يشتم أحدا ، بل نزل من السيارة مبتسما وعرض المساعدة الطبية على صاحب السيارة الأخرى الذي كان مبتسما أيضا تم حل الموضوع كالتالي : ذهبنا الى مركز الشرطة وسجلنا الحادث الذي حصل وتم تزويد صاحبي بتقرير حول الحادث . هذا التقرير سيتم بموجبه تصليح سيارته على حساب صاحب السيارة التي تسببت بالحادث وهكذا الأمر بالنسبة للسيارتين الأخرتين . انتهى الأمر . القانون أخذ مجراه .
قضية الرسوم الكاريكاتيرية التي أثيرت بعد أربعة شهور من نشرها أثارت ضجة في دولنا العربية والاسلامية . من حقنا أن نثار ، إذ أن رسولنا العظيم قد تعرض للاهانة . خرج العرب والمسلمون متظاهرين ومنددين . من حقهم فرسولهم قد تمت اهانته . قرروا مقاطعة المنتجات الدنماركية . من حقهم ذلك أيضا مع ان الأمر ليست له علاقة بالمنتجات الدنماركية فالصيحفة التي نشرت الرسوم لا تصنع الجبن ولا القيمر ولا اللبن ، إذ انها صحيفة تنشر أخبارا ومقالات ورسوم كاريكاتيرية أيضا . بعد ذلك تطور الأمر مثلما تتطور حوادث السيارات في بلداننا حينما تنتقل المعركة من الشارع الذي حصلت فيه الحادثة الى العوائل والعشائر . وصل الأمر لحرق السفارات والتهديد بقتل الدنماركيين أينما كانوا . هكذا يحدث في حوادث السيارات التي تتطور فيها المعركة ليصل أمرها الى قتل ابن عم سائق السيارة التي تسبب بالحادث مع أن هذا الشخص لم يقد سيارة طوال حياته .
لم يكتفوا بعد ، لذا قرروا احراق الكنائس في بعض الدول العربية والاسلامية مع أن مسيحي هذه البلدان قد نندوا مثلهم بالرسوم .
طلبوا اعتذارا من رئيس وزراء الدنمارك على الفعلة الشنيعة التي ارتكبها الرسام . قال لهم الرجل أنه يحترم جميع الأديان وجميع الأنبياء ، لكنه وحكومته لم يقترفوا ذنبا وأنه لا يمتلك صلاحيات يعاقب من خلالها الرسام . لم يفهم أهلنا بالأمة العربية والاسلامية هذه الجملة . كيف لا يمتلك رئيس الوزراء صلاحيات يعاقب من خلالها الرسام .. أ ليس هو رئيس الوزراء !! هكذا أفهمونا رؤوساء الوزراء والجمهوريات في بلداننا : أنهم يمتلكون كل شيء في بلداننا ومن حقهم أن يفعلوا بنا ما يشتهون . لقد وصل الأمر في بلد مثل العراق أن يعدم الحاكم شخصا لأنه يبيع الزلابية والبقلاوة . التهمة كانت التخريب الاقتصادي في زمن الحرب مع العلم أن العراق عاش في حرب مستمرة طوال حكم هذا الرئيس . نعم ، من الصعب على أهلنا فهم هذه الحقيقة وهي أن رئيس وزراء الدنمارك لا يمكنه معاقبة الرسام الكاريكاتوري لأنه عبر عن رأيه في صحيفة وهو أي الرسام مسؤولا عن رأيه فقط وليس للدولة الدنماركية أي حق دستوري أو قانوني يمنعه التعبير عن رأيه .
أسوق لكم هذه الحكاية أيضا : خلال زيارة الرئيس الأمريكي بوش الى استراليا تظاهر الآلاف من الاستراليين ضد هذه الزيارة . بعضهم رفع صورة جون هاورد رئيس وزراء استراليا على شكل كلب يجره بوش . لم يفعل هاورد شيئا لهؤلاء المتظاهرين فالذي فعلوه يعد تعبيرا عن رأيهم برئيس وزراء حكومتهم ، إذ أنهم يعتقدون أن هاورد عبارة عن كلب يجره الرئيس الأمريكي حيث يشاء .
مالذي جنيناه من تطرفنا في ردة الفعل حول الرسوم الكاريكاتيرية ؟ هذا هو السؤال الذي يدور الآن في أذهان غير الاسلاميين ، لاسيما في الدنمارك وغيرها من الدول الأوروبية . الاجابة ببساطة هي أننا شوهنا الدين الاسلامي أكثر مما هو مشوه عندهم نتيجة للمارسات الاجرامية التي يرتكبها المتطرفون والتكفيريون باسم الاسلام من خطف وذبح وتفجيرات هنا وهناك ، تلك الممارسات التي لم يخرج أبناء الأمة العربية والاسلامية للتنديد بها . لا نريد أن نتحدث عن جرائمهم في الغرب ، لكن نريد أن نتحدث عن جرائمهم بالشرق وبالتحديد في دولة اسلامية مثل العراق . لم نر هذه الأمة تخرج للتنديد بهذه الممارسات الاجرامية حيث كل يوم تقريبا تسيل دماء المسلمين العراقيين الأبرياء وبغزارة . يبدو أن الدماء هناك بالعراق تستحق ذلك فبعضهم يضع أهل العراق والشيعة بالذات في الخانة نفسها التي يضعون فيها أهل الغرب ، أي خانة الكفار !! .
المحصلة النهائية من هذه الجولة هي أننا خسرنا جولة جديدة كان من الممكن فيها أن نثبت أن الدين الاسلامي دين تسامح وسلام . أنا أيضا خسرت جولة مع صديقي الاسترالي الذي كنت أحاول خلال السنوات الثلاث الماضية أن أثبت له أن ديننا دين تسامح وسلام وأن الأعمال الاجرامية التي يقترفها الارهابيون تحصل باسم الدين الاسلامي ، والدين الاسلامي براء منها ، لكنه فاجأني بالسؤال التالي ( كنا حينها نتابع نشرة اخبارية ظهر فيها الآلاف من المتظاهرين الذين يقومون باحراق سفارة دنماركية في بلد عربي ) :
هل الاسلام براء من هؤلاء أيضا ؟ !

أما الذي جناه صاحبي الذي تعرضت سيارته لبعض الأضرار من جراء الحادث الذي تعرضنا له فهو أنه قام بتصليح سيارته وحصل على علاقة صداقة جديدة مع صاحبي السيارتين الأخرتين وهو يشعر بالسعادة الآن لأنه تعرف على زميل مهنة في استراليا .



#طارق_الحارس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقتدى الصدر : الانتخابات ليست سياسة
- صور أخيرة من العام الماضي
- حكومة توافقية ... لماذا
- الحكومة المقبلة توافقية أيضا
- التهنئة لن تكفي يا سادتي الكرام
- العوجة تتظاهر احتجاجا على محاكمة ابنها الأعوج
- الحكومة العراقية تقتل ضيوفها
- تعذيب هنا وتفجير هناك .. مع من تقف !!
- ماذا لو كانت التفجيرات في فنادق بغداد !
- أحمد بن حلي .. فتنة
- وأصبح للعراق دستور دائم
- رحلة متأخرة مصيرها الفشل
- بعضهم يعتقد .. الموت هو الطريق الوحيد للجنة
- شهيد هنا واعتداء هناك .. مشاعرنا هي الضحية
- أنيس منصور يشوه الحقائق حول العراق
- مجزرة جسر الأئمة .. من يتحمل مسؤوليتها
- كراج النهضة قاعدة أمريكية أيضا
- العودة الى العراق
- حكومات ضعيفة أم ارهابيون أقوياء
- المصريون يشتمون العراق ويطالبونه بدفع الدية


المزيد.....




- جونسون يتعهد بـ-حماية الطلاب اليهود- ويتهم بايدن بالتهرب من ...
- كيف أصبحت شوارع الولايات المتحدة مليئة بكارهي اليهود؟
- عملية -الوعد الصادق- رسالة اقتدار وردع من الجمهورية الإسلامي ...
- تردد قنوات الأطفال علي جميع الاقمار “توم وجيري + وناسة + طيو ...
- -بالعربي والتركي-.. تمزيق 400 ملصق للحزب الديمقراطي المسيحي ...
- اللجنة الوزارية المكلفة من القمة العربية الإسلامية تصدر بيان ...
- حدثها اليوم وشاهدوا أغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- السعودية.. فيديو تساقط أمطار غزيرة على المسجد النبوي وهكذا ع ...
- فرنسا تعزز الإجراءات الأمنية أمام أماكن العبادة المسيحية
- المجلس اليهودي الأسترالي يتضامن مع مظاهرات طلاب الجامعات الد ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طارق الحارس - الذي جنيناه من غزوة كوبنهاكن