أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سلام ابراهيم عطوف كبة - الائتلاف العراقي الموحد والحركة الاجتماعية















المزيد.....


الائتلاف العراقي الموحد والحركة الاجتماعية


سلام ابراهيم عطوف كبة

الحوار المتمدن-العدد: 1456 - 2006 / 2 / 9 - 10:52
المحور: المجتمع المدني
    


جاء قرار مجلس الحكم المرقم (27 ) في 25/8/2003 الخاص بايقاف الحركة الانتخابية النقابية في العراق الى اجل غير مسمى بحجة اعداد دساتير و لوائح داخلية وبرامج عمل تنسجم مع مرحلة ما بعد الدكتاتورية ... جاء في وقت استبشر فيه الشعب العراقي خيرا بنهاية الحكم الدكتاتوري ونظام صدام حسين وعكس مجرى الاحداث السياسية آنذاك الامر الذي أثار الحذر من الكارثة الوطنية المحدقة لسقوط الدولة بمؤسساتها وشيوع فوضى الاحتلال والسوق معا ... اعقب ذلك صدور قرار مجلس الحكم رقم (3) في 7/1/2004 الذي تقرر بموجبه حل كافة الإدارات والمجالس المؤقتة للنقابات والجمعيات ... و قرار اللجنة العليا المشرفة على تنفيذ قرار مجلس الحكم المرقم 3 لسنة 2004 ، القرار المرقم (110) الخاص بتجميد ارصدة المنظمات غير الحكومية ! الاخطر هو قرار مجلس وزراء الائتلاف العراقي الموحد المرقم 8750 الذي يحرم به الاتحادات والنقابات والجمعيات المهنية من فرصة الحصول على الدعم المادي لانشطتها المشروعة.. وقرارات حل بعض من المنظمات غير الحكومية ومنها نقابة المحامين وقرارات وزارة المجتمع المدني بغلق 12 منظمة غير حكومية ! .. لم يكشف هذا الموقف قصور فهم الائتلاف الموحد لماهية المنظمات غير الحكومية والحركات الاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني فحسب بل قرع جرس الانذار مجددا عن جهد واع وتصميم مسبق لسياسات تحويل أبناء الشعب إلى قطيع من الأرقاء مغسولي الأدمغة يسهل تسخيرهم لخدمة السلطات الحاكمة الجديدة والى بوق في الفيلق الميكافيلي الإعلامي المهلل لها ....

• الحركات الاجتماعية والمنظمات غير الحكومية

المنظمات غير الحكومية سلطة مضادة تعبوية تضمن قنوات المشاركة والإدماج والتعبير المستقل عن الحكم.....ولكن إن شئنا أم أبينا ترتبط بوشائج وتشابكات مع الرساميل الاجنبية والغرب والقوى الخارجية لا يمكن تفسيرها على أي حال بحسن نية دائماً !. نبز مصطلح " المنظمات غير الحكومية " في سياق التطور الاجتماعي الجاري عالميا ! ومحاولات الاستقطاب تحت مظلة النظام الرأسمالي العالمي ليشير الى الجماعات النوعية او الطوعية او التضامنية التي تعمل على تعبئة اوسع عضوية ممكنة حول هدف عام تتطلب القدرة لتحقيقه ،وتتخذ شكل جمعيات او مراكز او روابط في ظل بعض القوانين المحددة او بالالتفاف حولها مع فروق واضحة على مفهوم الجمعيات الاهلية ( الخدمية او الخيرية )! .وقد اكتسح مفهوم المنظمات غير الحكومية المفهوم التأسيسي في هذا المجال " الحركات الاجتماعية " ، والتي تظهر تشكيلات القوى والقطاعات الاجتماعية التي تدفعها ازماتها في المجتمع لبلورة وعيها بالتعبير عنه على شكل انتفاضات احتجاجية او حركات مطلبية تشارك بها منظمة او منظمات ! ويكون هذا الوعي تاريخيا لتتخذ الحركات الاشكال الثابتة كالنقابات والاتحادات العامة والتنظيمات التعاونية .. الخ. وفرض وجود المنظمات غير الحكومية على بنية العلاقات داخل الدول بدعم ومباركة من النظام الدولي مباشرة وهو يعتمدها اصلا طرفا في التنظيمات المؤسساتية الدولية (المؤتمرات العالمية) بتأكيد مصداقيتها .. وبالتالي مصداقيته ! والنفي المتعمد لدور التنظيمات الجماهيرية او السياسية المنظمة كالاحزاب .. الخ .. تحت شتى السبل والحجج الممجوجة !.ويصبح نمط المنظمات غير الحكومية هو النموذج التحليلي الجدير بالاهتمام ، وبأسمه يجري قياس الموقف الشعبي وقيادة التحركات الشعبية لتؤكد مصداقيتها الدولية ! .
وبلدان العالم الثالث وجدت نفسها فجأة وسط الدمقرطة والمقرطة والمؤسساتية المدنية في ظل التحولات الجيوسياسية المتسارعة والاكتساح المعلوماتي المعاصر وما رافقه من انتعاش استهلاكي طفيلي براغماتي جرف معه حتى النخب الاجتماعية وقيادات الاحزاب السياسية .. وتتطلع المنظمات غير الحكومية الى القيام بدور الحركات الاجتماعية بين شعوبها ،لكن يفوتها انها تقلد نسق المنظمات غير الحكومية في البلدان الرأسمالية والاميركية بشكل خاص اي المنظمات الوليدة نتاج الاحتكار الدولي والتطورات الداخلية البنيوية المتعددة المراحل ! .... اي ان المنظمات غير الحكومية تبقى منسجمة مع مرحلة من تطور النظام الرأسمالي الراهن وتنظيماته ..
القضية الاخطر هي ان الغرب يحاول نعت الحركات الاجتماعية بالمنظمات غير الحكومية وبالتالي احتواء حركة الحقوق المدنية لصالح القطاعات الاجتماعية المضطهدة ، وحركة الشبيبة ضد الحروب ، وحركة السلم العالمية ، والحركات النسوية ، وحركات الرفض الاجتماعي الجارفة !...وصعود حركات الطلاب والشباب في اوربا بالاخص فرنسا !،وحركة المثقفين ضد مؤسسات الدولة في اوربا الشرقية ،وحركات التضامن العالمية ! والنقابات والمنظمات المهنية ! اي تقوية اسس الدولة الرأسمالية الاحتكارية بالتحرك وسط المجتمع المدني وكمنطقة صراع مع الحركات الاجتماعية المناضلة !. واكتسح التدفق المعلوماتي والاعلام المعاصر امكانيات الاختيار واخترقه ! لينفرد المركز الرأسمالي بمنطق وآليات العقلنة واعمال القانون الاجتماعي العالمي فأكسب المنظمات غير الحكومية قوة تصدير اللاعقلنة الينا والى مناطق الاطراف ! ... والجميع يدرك انها لا تمثل العمل الطلائعي لتنشيط المجتمع المدني والحركات الاجتماعية ازاء المحاذير المفروضة عليها من جهة القوانين . وهي بالنخبوية الصارخة تبدو مشروعة من وجهة نظر تمثيلها الديمقراطي للجماهير الشعبية .وتتعمد الحكومات خلق المنظمات غير الحكومية والجمعيات الاهلية كقنوات ثابتة لها لتدفق المساعدات الدولية . فقط الثقافة السياسية الديمقراطية الحقة بامكانها ان تلزم المنظمات غير الحكومية والحركات الاجتماعية عموما بمواقعها في المؤسساتية المدنية وضبط دورهما بالاطوار التعبوية والتعبيرية والمطلبية والتنموية وحق المشاركة في القرارات العامة ! فالنموذج الاميركي يعزل معيار المساهمة الديمقراطية عن بنية المجتمع الاهلي والمنظمات غير الحكومية لتتكشف مصادر التمويل الضخمة في اطار اقتصاد السوق والخصخصة !
تشغل المنظمات غير الحكومية التي تعتمد معايير المواطنة والمشاركة الطوعية الدور المهم في تقليل معدلات الفقر وادماج المهمشين والفئات والشرائح الاكثر احتياجا وتوفير الخدمات الاجتماعية الاساسية ! لكنها منظمات لا تزال دون مستوى الطموح لأن العبئ الاكبر لضمان الامان الاجتماعي يقع على كاهل الدولة ! وتفتقر هذه المنظمات الى شبكة العلاقات الافقية والعمودية لأداء الادوار التنموية ودعم دور القطاع العام والقطاع الخاص والقدرات التنافسية بدل التراجع والانكفاء .. والتعويل على الصدقات والقروض الاجنبية ! وعموما تنحسر المنظمات غير الحكومية في مجال تطبيق شبكات الامان الاجتماعي لقلة الخبرة وعدم القدرة على اعادة انتاج ذاتها اجتماعيا وانفصالها عن عملية الانتاج المحلية اقتصاديا وعدم تعبيرها عن حاجات حقيقية لشرائح وفئات تحف بها المخاطر من كل جانب !
تعاني المنظمات غير الحكومية من قيود ادارية تقيد عملها وتضيق عليها ! لأنها الحاضنة الكبرى لتفريخ القيادات والتربية الديمقراطية ... بينما تمارس السلطات هيمنتها على الاحزاب السياسية وحرية تشكيلها مباشرة وغير مباشرة عبر القيود المفروضة على نشاطاتها وتجديد الحركة الحزبية .. وهذا ما يعرقل اساسا الديمقراطية السياسية والحركة الانتخابية لاسيما البرلمانية !
ان مجال عمل هذه المنظمات – الجمعيات يتوزع على نشر الوعي الحقوقي والقانوني والديمقراطي والعمل على مراقبة الحركة الانتخابية ! وحقوق الانسان والعدالة والمرأة والاعمال الخيرية والاغاثة الانسانية ! بعضها اسلامي يعمل بالزكاة ويربط شرعيته طائفيا وصوفيا .. والآخر مسيحيا ... والجميع قائم على اساس التمويل الذاتي عبر النشاطات الخاصة وتبرعات المساهمين في التأسيس والعضوية واكتتاب الاسهم .. لكن العديد منها اتكأ على التمويل الاجنبي والغربي ومنها مساعدات ومعونات الادارة الاميركية تحت شتى المسميات ! ولا تقدم هذه المنظمات وجوه انفاق مالها الا ما ندر ! .يذكر ان قانون رقم (15) لعام 2001 الصادر عن المجلس الوطني الكردستاني في أربيل قد أجاز التمويل الأجنبي وفق المادة(10) والمادة(12) معاً.
ليست المنظمات غير الحكومية امتدادا لبعض الأحزاب والتيارات الدينية أو الطائفية أو الإثنية او واجهة للحركات والتيارات السياسية والدينية والعقائدية والولاءات اللاوطنية كما يريدها البعض، وهي تضع مسافة بينها وبين الحكومات من جهة وبينها وبين المعارضات السياسية من جهة أخرى. .. انها مؤسسات غير ربحية، وتمتلك الدور التنويري من خلال التطور التدريجي الطويل الأمد والبعيد المدى عبر الحوار والشفافية ونشر ثقافة السلام والتسامح والديمقراطية وقبول الرأي الآخر والتمسك بمبادئ المساواة والتداول ونبذ ثقافة العنف والإقصاء والإلغاء والعزل، وتسهم في تعزيز الثقافة الديمقراطية والوعي الحقوقي وعموم الوعي الاجتماعي ،وتعمل على كشف وفضح العقل الكابح المفرمل للثقافة العقلانية والولاء للوطن ! أي الهويات تحت الوطنية والعصبيات - الولاءات المسبقة في التشرذم والتزمت والانتهازية والفساد ... إفرازات قمع السلطات وكلانية الدكتاتوريات ، وتدعو للمبادرة على المستوى الفكري والعملي والتوجه إلى دراسة الظواهر الجديدة كالعولمة والثورة المعلوماتية والثورة العلمية والتكنولوجية والمجتمع المدني العالمي والتصدي للارهاب ..، وتوظيف مبدأ حقوق الانسان بشكل صحيح وليس تسييسه واستخدامه من جانب القوى المتنفذة والمتسيّدة عبر الانتقائية في المعايير ، والنظر الى الحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية سواسية دون تمييز وارجحية ،والربط العقلاني الفعال بين الثقافة الاحتجاجية والانتقادية والمطلبية وآخر مستجدات الفقه الدولي .
وتسهم المنظمات غير الحكومية في تذليل السياسات التنموية والتشخيص المبكر للاختناقات ومواقع الخلل لدعم التخطيط المنهاجي والسياسات الاقتصادية الكلية المتماسكة وفي تعزيز المصلحة العامة والنفع العام ! وهي تعاني حالها حال بقية منظمات المجتمع المدني من أهلية القيادات التي شاخت وهرمت أعداد غير قليلة منها ... لكنها ظلت متشبثة بمواقعها وعملت على تخليدها باعتبارها مكسبا أو ملكاً شخصيا ، اي تحويلها الى مؤسسات شخصية لتجميع الأتباع والمشايعين وعدم إجراء الانتخابات، أو إجراء الانتخابات الشكلية لتجديد الثقة وفي ظل الأوضاع الاستثنائية، وغياب الشفافية وضعفها. .. وبالتالي تبوء البيروقراطية الادارية- الحرس القديم مقاليد ادارتها الامر الذي يهدد جاهزيتها الفكرية بالمنافسات غير الشريفة بين الأفراد الذين يتربعون على قمتها ، والمنظمات والقيادات الأخرى التي تنبت مثل الفطر الحساسيات والمشكلات التي غالبا ما يكون طابعها شخصياً.
ان الادعاء بالديمقراطية وتواجد المجتمع المدني او التغني بهما لن يقدم شيئا اذ لا يخرج ذلك عن ممارسة تكتيك سياسي او مناورة وهمية ! ولا يعني اضافة المؤسسات الجديدة الهامشية الى المؤسسات المتواجدة للايحاء بتنشيط المجتمع المدني وتفعيل الديمقراطية سوى ان الديمقراطية مغيبة ، و المجتمع المدني هو شعار لاغراض التنفيس والاستهلاكية !

• الجمعيات الاهلية - منظمات غير حكومية

توجهت النية بداية القرن العشرين لتأليف الجمعيات الاهلية العراقية وضمت في هيئاتها المؤسسة كبار رجال الحكم الملكي .. ومنها جمعيات "النادي العلمي" المتأسس عام 1913 و" بيوت الامة " المتأسسة عام 1935 و" مشروع الفلس " (1933) و " حماية الاطفال " و " الشباب المسلمين " و" الناشئة الاسلامية " في بغداد ، و جمعية الرابطة العلمية والادبية في النجف الاشرف !و " الوفاء للعهد" لعبد الوهاب محمود و زكي خيري و" الانتقال لفلسطين" لحسين الرحال وآخرين و"اصحاب الصنائع" و"تعاون الحلاقين"و"الشعبية " برئاسة جعفر ابو التمن و"السعي لمكافحة الامية "و"العاصفة الحمراء " في النجف! .
لقد تأسست جمعية حماية الاطفال عام 1928 .. واشترك في تأسيسها ابراهيم محمود الشابندر في الوقت الذي ترأسها الفريق طه الهاشمي ! . اما جمعية الهلال الاحمر العراقية فتأسست في 22 / 1/1932 بعد سعي دؤوب من ارشد العمري ، وصدرت لائحة قانون اعتراف الحكومة العراقية بالجمعية برقم (40) لسنة 1934 ، وانضمت الى اتحاد جمعيات الصليب الاحمر في باريس واللجنة الدولية للصليب الاحمر في جنيف !.وسنت الحكومة العراقية لائحة قانون نوط الهلال الاحمر وصادق عليه مجلس الامة كنوط يمنح الى الذين يخدمون او يساعدون الجمعية بصورة فوق العادة ! ترأس الجمعية عام 1935 ارشد العمري ،وكان جعفر الشبيبي نائبا .. و ابراهيم محمود الشابندر سكرتيرا !. يذكر ان ابراهيم محمود الشابندر هو ابن محمود جلبي الشابندر الذي عقد الأتفاقات مع الأستانة وبذل الجهد لتنوير بغداد بالكهرباء وقد منحته الحكومة العثمانية امتياز تنوير بغداد سنة 1912. وفي أعوام 1938-1939 احتلت شركة ابراهيم محمود الشابندر المحدودة (هذه المرة ) موقعها ضمن قائمة الصف الأول لغرفة تجارة بغداد. واستوزر ابراهيم نائبا في البرلمان العراقي عام 1952 بينما استوزر أخوه موسى اكثر من مرة وكان سفيرا للعراق في واشنطن عام 1953 .
بلغ عدد الجمعيات والنوادي الملغاة عام 1954 ) 465 ( مؤسسة في بغداد وبقية المدن العراقية . وقد حل (نوري السعيد ) بجرة قلم البرلمان والأحزاب وألغى امتياز الصحف والمجلات وحل النقابات والتنظيمات الاجتماعية والمهنية . واصدر مراسيم تحرم العمل من اجل السلم "وما شاكل ذلك " .
لم يطور قادة ثورة 14 تموز 1958 المجيدة الأجهزة والمؤسسات التي ورثوها من الحكم الملكي لتعميق محتواها الديمقراطي والدستوري المشوه ، وتوسيع صلاحياتها ، والحد من تجاوزاتها المعروفة قبل الثورة ،ولم يستلزم العراق آنذاك سوى إصلاح البرلمان والدستور والمؤسسات بما يخدم مصلحة الشعب والجماهير الواسعة ويحد من نفوذ تسلط القوى التي كانت تتلاعب بها .هكذا ولدت ثورة 14 تموز مجالا سياسيا ديمقراطيا متخلفا في الفهم السياسي السليم لمجريات الأحداث وأسلوب إدارة المجتمع . في العهد الصدامي انحسر دور الجمعيات الاهلية بعد ان تمت المبالغة في تدخل الدولة التعسفي بشوؤن القطاعات الإنتاجية الأساسية للاقتصاد الوطني وعموم المجتمع لينتهي بالتنكر لإجراءات مسيرة ثورة 14 تموز المجيدة والعهد الجمهوري!
انطلاقا من أن المنظمات الأهلية – التطوعية – غير الحكومية هى جزء من العلاقة الرابطة بين القطاع الأهلي على المستويين الاقليمي والدولي ، يمكن فهم المسعى الحكومي لتوفير الاجواء الأكثر ملاءمة لتنشيط آليات ومبادرات بعض التنظيمات الأهلية دون أخرى وفى بعض الأنشطة فقط . ان تغليب دور التنظيمات الأهلية وفلسفتها عند حدود التكافل الاجتماعي وتقديم الأعمال الخيرية ، يمكن إرجاعه الى مجموعة من العوامل، منها : غلبة المكون الديني على ما عداه من عوامل دافعة للعمل الأهلي وانتشاره، بالإضافة لضعف الدور التنموي وغياب الدور الثقافي .. وعند التطرق الى هذه المنظمات لابد من تبيان ما يلي : يقاس مستوى التقدم فى العملية الديمقراطية عبر تقييم أداء المؤسسات المدنية أو الأهلية وقدرتها على القيام بالمهام المنوطة القيام بها مثل التدريب على التنافس والمشاركة ، صعوبة قياس معدلات مساهمة المؤسسات المدنية فى الحد من النزاعات السلطوية فى الحكم أو حجم مساهمتها فى دمقرطة مؤسسات المجتمع وإشاعة القيم الديمقراطية ودعم عملية التطور الديمقراطي ،عدم قدرة التنظيمات الأهلية على التطور المستقل لأسباب تتعلق بالهيكل الاجتماعى والثقافة السياسية وطبيعة النظام السياسي ، تباين فاعلية المؤسسات المدنية بتباين نوع الجماعات التى تشارك فيها وكيفية تكوينها ونوعية قياداتها....

• النقابات المهنية

تمتلك النقابات المهنية الطبيعة المزدوجة : هي من ناحية جزء من الجهاز الإداري للدولة تتنازل له عن جزء من سلطاتها تحت إشرافها (تنظيم شؤون المهنة) وهي من ناحية أخرى تجمع لأصحاب المهنة الواحدة له دور نقابي في الدفاع عن حقوق أعضاءه فضلا عن دوره الخدمي والمهني والوطني. وبعد ثورة 14 تموز 1958 ازداد وزن الدور المهني والوطني للنقابات والمنظمات المهنية مع تنامي نفوذ الدولة والقطاع العام ... قبل ذلك اتسم تطور القطاع العام بالسلحفة والتشوه والمعاناة من عجز الموارد المالية والخطط الاستثمارية الخاطئة . .. الا ان دكتاتورية البعث فريدة النمط التي افرغت السياسة الأقتصادية للدولة والتخطيط المركزي والتنمية من المضامين التحررية وادمجت مصالح الطغمة الحاكمة بالمصالح الرأسمالية وأحكمت من طوق التبعية للسوق الرأسمالية لتتفشى النزعة الاستهلاكية ويسود التبذير والنشاط الطفيلي ... هذه الدكتاتورية استخفت بالنقابات المهنية وحولتها الى مؤسسات تابعة للنظام ليجر تحديد مسؤول وأعضاء الهيئات الإدارية فيها بالتعيين واشتراطات الطغمة الحاكمة ومصادقة المكتب المهني للبعث . بعد حرب الخليج الثانية والحصار الاقتصادي تهمش دور النقابات المهنية إلى درجة كبيرة وبات نشاطها شبه مجمد .... الا إن طابعها كونها اوكار للتآمر والتجسس المخابراتي استمر ، إذ لم تتغير قياداتها المرتبطة أصلا بالأجهزة الحزبية والأمنية للنظام .
العمل النقابي ليس مجرد حق ديمقراطي يتيح للمهنيين إدارة شؤونهم وأموالهم، لكنه أيضا ضمانة ضرورية لسير التنمية الاجتماعية في مسارها الصحيح المتوافق مع احتياجات الشعب . النقابات المستقلة الديمقراطية وحدها الأداة المهنية الحقة في لعب هذا الدور . وتبرز قضية تفعيل الدور المهني والوطني للنقابات المهنية بإسقاط كافة القيود التي تعوق ديمقراطية واستقلالية العمل النقابي ، باعتبارها قضية وطنية فضلا عن كونها قضية ديمقراطية. و تؤكد التجربة ان الحكومات لن تتخلى طوعا عن سيطرتها على النقابات، والضغوط الخارجية وحدها لن تدفع الحكام إلا لتقديم تنازلات شكلية .
تواجه النقابات المهنية فى بلادنا وضعا استثنائيا فى مستويين، الأول داخلي يرتبط بدرجة الاهتمام الحكومي بمؤسسات المجتمع المدني... فالنقابات لا تحظى بنفس القدر من الاهتمام النسبي الذى تحظى به الجمعيات الأهلية. المستوى الثاني - دولي يتعلق بموقع مؤسسات المجتمع المدني من العملية الديمقراطية.


• تدخلات الائتلاف الموحد

تعاني جميع النقابات المهنية من التدخلات الحكومية بكافة أشكالها وعلى الأخص استخدام سلاح التشريع لفرض وصاية الحكومة على النقابات . وتعثر النقابات المهنية عموما ووقوعها تحت سيطرة الجهات الحكومية وشلل المحترفين والمنتفعين والحرامية ، أو حتى تحت سيطرة اتجاه سياسي او طائفي او مافيوي من الولاءات اللاوطنية يخضعها لحساباته الخاصة، يرجع أساسا لابتعاد أعضاء هذه النقابات عن المشاركة في العمل النقابي وبسبب قمع وإرهاب وبطش الدكتاتورية . وتحولت بعد التاسع من نيسان الى نقابات تحفل بالتكافلات العصبوية الطائفية والعشائرية السياسية لتحقيق السيطرة الاجتماعية وخلق اشكال الوعي الزائف بحكم قوة النزعة الطائفية داخل الأحزاب السياسية والتي تعني فيما تعني تشويه التأسيس المدني الديمقراطي والاسهام بفاعلية في خلق بؤر التوتر والاحتقان الداخلي والعودة بالمجتمع القهقرى. ويبذل الائتلاف الموحد الجهد لاضفاء الإطار الوظيفي على مؤسسات المجتمع المدني والإشراف عليها ورقابتها والترحيب الحكومي بالدور الخدمي - التنموي لا السياسي لها سواء كان ذلك من خلال الجمعيات الدينية الإسلامية والخيرية أو بعض المؤسسات المدنية الدفاعية العاملة فى مجال حقوق الإنسان. ويمكن فهم قرارات الائتلاف الموحد في هذا الاطار ... الامر الذي خلق جملة القيود والمشكلات التى تحول دون تفعيل النقابات المهنية والجمعيات الاهلية العراقية ، واسس للأزمة التى تمر بها العديد من هذه المنظمات من ناحية القدرة على الدفاع عن مصالح أعضائها وحماية المهن وتطويرها أو نتيجة ضعف الممارسة الديمقراطية داخلها وتحولها الى حلبة للصراعات السياسية والطائفية ... والقصور عن مواجهة تلك الأزمة من جانب الجهات الإدارية الحكومية والنخب النقابية والادارية للمنظمات معا ،واستمرار ظاهرة التوقف الانتخابي رغم انتهاء الفترات القانونية لمجالسها منذ فترة .
ان " معركة الحقوق المدنية والنقابية والمهنية والاجتماعية " هي في الواقع معركة الديمقراطية في بلادنا ككل . ان تراجع الحكومة عن بعض من قراراتها لا يعني البتة انتهاء سياسة التدخلات الحكومية سيئة الصيت ! ... لكنه اسهاما جادا في قطع الطريق على وصول من لا يمثلنا ويمثل حقوقنا ومصالحنا في السيطرة على مؤسسات المجتمع المدني والنقابات ... ولازالت مهمة دعم " لجنة التنسيق الدائمة للاتحادات والنقابات والجمعيات المهنية "المشكلة في 12/9/2005 قائمة لمواجهة اي طارئ محتمل بالندوات والاعتصامات والاحتجاجات .. الخ ... وهي مدعوة لتوسيع طيفها ليشمل مؤسسات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية .

يمكن مراجعة دراساتنا التالية في موقع الحوار المتمدن :
http://www.rezgar.com/m.asp?i=570

• آليات العقلنة واللاعقلنة في المنظمات غير الحكومية
• الحقوق النقابية والتدخل الحكومي وثقافة القطيع
• نقابة المهندسين و المجتمع المدني والحركات الاجتماعية في العراق



#سلام_ابراهيم_عطوف_كبة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الهندسة الوراثية و جهابذة الادلجة الاكاديمية العنصرية العراق ...
- المهندسون وخصخصة كهرباء العراق - 2-3 /3
- المهندسون وخصخصة كهرباء العراق
- عميد الهندسة العراقية الدكتور المهندس جميل الملائكة – وداعا
- ثقافة القطيع الاقصائية والمشاريع السياسية والطائفية المقيتة
- الحقوق النقابية والتدخل الحكومي وثقافة القطيع
- الفلاحون وثقافة القطيع
- عصابات السياسة القذرة والاعتداء الجبان على مقر الحزب الشيوعي ...
- الحزم والحكمة والتعقل سلاحنا لمواجهة التخرصات الرجعية والاره ...
- المهندس والقائمة العراقية الوطنية
- القائمة العراقية الوطنية – حلم الشباب والغد الوضاء
- فاضل الصراف ... نجم في سماء بغداد الأزل
- الدستور الطائفي و روبتة المجتمع في العراق
- الشعب العراقي في بحر من الغضب
- هل تشفع العلاقات الطائفية والعشائرية والمناطقية الشللية لجرذ ...
- الإرهاب الحكومي والإرهاب غيرالحكومي
- الوقفة الشامخة في محاكم الجلادين
- العراق لا يقبل ان يعلمه روزخون حرامي او ما شاكل يلطم بالساطو ...
- اداء القوات المسلحة العراقية لا ينال رضا شعبنا العراقي
- الدجيلي في وجدان الشعب العراقي


المزيد.....




- نادي الأسير: الاحتلال يستخدم أدوات تنكيلية بحق المعتقلين
- رفح.. RT ترصد أوضاع النازحين عقب الغارات
- ميدل إيست آي: يجب توثيق تعذيب الفلسطينيين من أجل محاسبة الاح ...
- بعد اتهامه بالتخلي عنهم.. أهالي الجنود الأسرى في قطاع غزة يل ...
- الوحدة الشعبية يوجه رسالة للمركز الوطني لحقوق الإنسان حول اس ...
- الوحدة الشعبية يوجه رسالة لمركز عدالة لدراسات حقوق الإنسان ح ...
- الوحدة الشعبية يوجه رسالة للمنظمة العربية لحقوق الإنسان حول ...
- هايتي: الأمم المتحدة تدعو إلى تطبيق حظر الأسلحة بشكل أكثر فا ...
- قبيل لقائهم نتنياهو.. أهالي الجنود الإسرائيليين الأسرى: تعرض ...
- هيومن رايتس ووتش تتهم تركيا بالترحيل غير القانوني إلى شمال س ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سلام ابراهيم عطوف كبة - الائتلاف العراقي الموحد والحركة الاجتماعية