أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نضال الربضي - بوح في جدليات - 23 – بعضُ خواطري -2















المزيد.....

بوح في جدليات - 23 – بعضُ خواطري -2


نضال الربضي

الحوار المتمدن-العدد: 5586 - 2017 / 7 / 20 - 12:02
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


بوح في جدليات - 23 – بعضُ خواطري -2


6
تخلط المجتمعات العربية المفاهيم ببعضها.

- فهي تستخدم التوجه الجنسي لُتحدِّد بواسطته مفهوم الشرف، ثم تستخدم الشرف لتحدد درجة الفرد في منظومة الأخلاق، ثم تستخدم الأخلاق معيارا ً لقياس مدى أهلية الفرد للحصول على حقوقه الإنسانية التي تولد معه كحق الحياة و الحرية و المشاركة في وجوه نشاطات المجتمع.التوجه نحو الجنس الآخر يعطي الفرد أحقية الحياة، لكنه يقيد حريته بما ارتضاه المجتمع لنفسه من حريات، و بالطريقة المُتعارف عليها لممارسة نشاطات تم قبولها و إقرارها. بعكس التوجه نحو نفس الجنس الذي يحرمه كافة الحقوق.

- تستخدم المجتمعات المذهب الديني معيارا ً آخر يحدِّد حقوق الفرد. الاشتراك في ذات المذهب يمنحك أعلى الدرجات في سلم القبول، و ترتقي إلى القمَّة حين تكون عضوا ً في المجموعة المنتخبة كزهرة ِ ذلك المذهب و القائمة عليه، عندها لا حدود لما يُصبح مُتعارفا ً عليه بشكل تلقائي على أنه: حق لك. بالمقابل تفقد كل حقوقك إذا كنت من مذهب ٍ يناصبه المذهب السائد العداء. إنسانيتك هنا لا قيمة ً لها.


-إذا ً يشكِّل التوجه الجنسي و المذهب مصفاتي عبور (فلترين) يمر ُّ منهما مُجبراً: الإنسان، لكي ينزل َ من حمل َ ما اتفق معهما إلى صندوقُ القبول و الأهلية، و يُرمى من ارتضى (أو وُلد بما) خرج عنهما إلى الفناء في خارج المجموعة. هنا اعتراف ٌ واضح بأن ثقافة الفرد (نظرته للحياة و سلوكه) لها عاملا صياغٍة هما: الجنس و المذهب.

إذا أردنا أن يتغير المجتمع علينا أن ندرس ارتباط الجنس بالمذهب، والجنس بالإنسان، و الإنسان بالمذهب، و نكتشف أدوات زراعة و تثبيت الوعي المتعلق بهذه الثلاثية، ثم نغير المفاهيم، و نأتي بالبدائل، و نجدِّد الأدوات، لنبني الوعي العلماني القادر على زرع مفهوم المواطنة و الأخوة بديلا ً كمعيار لقبول الفرد في المجتمع.

هنا فقط إقصاء ٌ وحيد: لمن يكره وطن المُواطنة و الأخوة و يعادي المواطنين. اقول عنه: إقصاء ٌ مُستحـَـقّ.



7
الحياة في المقبرة.

يرقدون بسلام، لم يخطر ببالهم حينما كانوا يعيشون أن عواطف المليارات و عقولها و ثقافاتها و حيواتها و أنفاسها ستحشر نفسها غصبا ً في قبورهم، تنهش من جثثهم قوانين المأكل و المشرب و الملبس و المحيا و المعبد و الممات، ربما خطرَ شئٌ من ذلك لهم، نموذجا ً صغيراً، بناءً بدائياً، تصورا ً بمفاهيم و علوم و أدوات و ثقافة و بساطة تلك الفترة، لكن المؤكد أنهم لم يعرفوه بأبعاده التي نراها ونعيشها اليوم.

يرقدون بسلام، و يحيا كل ُّ من عرفهم بدون سلام، لأن الأوائل عاشوا من وحيهم، أما الأواخر فيعيشون من وحي الأوائل، و من يعش بوحي ٍ من خارج نفسه لا يمكن أن يعرف السلام.

المقبرة مليئة بالزهور، لكنها زهور ٌ للقبور، زرعها البشر هناك، لكنهم لا يزرعون ذات نوعها في حدائق بيوتهم. رائحة زهور المقابر تقبض القلب حين تثور، و تستجلب ُ الدموع و الألم و الحنين و الخوف. إنها زهور الموت، لذلك لا يزرعونها في حدائقهم، لذلك يكرهونها لكنهم يحترمونها بنفس القدر. إحذر أن تقطف َ زهرة ً من مقبرة و تأتي بها إلى البيت، هكذا يعلمون أبناءهم، لكنهم يزرعونها على الرغم ِ من ذلك، فيكونُ تحريمُ قطافها علامة ً أن خروجها من القبر إلى البيت مشأمة،،،

،،، و مع كل ِّ ذلك َ يعيشون َ في قبور ِ الأوائل، و يُنبِّـشون َ في جثثهم عن الرأي و الحكمة و الصواب و الحق و الحقيقة.

أيُّ انفصام ٍ هذا؟
إنه انفصام ٌ تفهمه عندما تتعلَّمُ كيف تصير ُ الزهور ُ علامة ً للموت فتبقى في المقبرة، و يصيرُ الموتُ بديلا ً عن زهرة الحياة فيعيشُ في قلوب الأحياء.

إنها الحياة في المقبرة و من القبور.


8
علامةٌ حسنة: أن يضحك الإنسان.
علامة ٌ أحسن: أن يضحك َ حين يصنعُ حلمه واقعا ً و حقيقة.
علامة ُ أفضل ِ الُحسن: أن لا يرى المرءُ في أولاده سوى ما يُحب.
أعظمُ الخوف: أن يكون الأبناء على نقيض ما يريد والدوهم.

أعظمُ الخوف ِ و أفضل الُحسن لا يجتمعان، لكن َّ اشتقاقات ٍ منهما تجتمع، لكن لنعترف: لا أفضل ُ الحسن و لا أعظمُ الخوف و لا اشتقاقاتهما تُلزم قانون الحياة ِ في شئ.

لنعترف أيضاً: الحياة لا تعرفُ عنَّا أو عن أبنائنا أو عن ما نعدُّه حسنا ً أو سوءاً أو اطمئنانا ً أو خوفاً، إنها لا تعرف سوى ذاتها، تمشي بحسب طبيعتها، و نمشي بحسب تلك الطبيعة فينا، إننا فقط: الحياة بوعي ٍ و إدراك.

أفضلُ و أحسن العلامات و أكثرها حكمةً:
أن نفهم الحياة و أن نستطيع مع ذلكَ أن نعيشها بسعادة.


9
الموت.
حبيب الحياة، عاشقها المُترعُ بكل ِّ شبابها. إنَّه المُحترقُ بأنوثتها الطازجة المُغرية التي لا يمكن أن يُشبع منها، أو تُدركَ بكلِّيتها. شبقهُ لا حدَّ له، و يتطارحان الغرام ملتحمين بلا انفصال ٍ بينهما.

هذه الحياةُ و ذلك الموت، ما أعهرهما، ينحيِّان أبناءهما جانباً و أسفلاً، بعيدا ً عن السرير المُرتفع ، يحجبان ِ عنهم سرير َ العشق و مشهد الغرام، و هما يتطارحان، فلا يرى الصغيرُ حينما يرفع رأسه نحو أمه سوى وجه الحياة ِ منتشيةً، فقط وجهها، فيظن أنه منتشي لأنه يحيا، أما باقي الجسد: ذاك المُلتحم ُ بالموت، و أما الموت: ذاك الملتحم بجسد الحياة، فلا يراهما الصغير من على بلاط الغرفة ِ العاري، فقط يرى وجه الحياة.

وحين يكبر، حين يقفُ قويَّا ً صلباً و يمتدُّ عوده ليرى جسد الحياة ِ الملتحم َ بالموت، ينظرُ ذاك َ في عينيه ببرودٍ و غضب ٍ و صلف، ثم يقتله، لأنه تجرَّأ َ: أن ينظر إلى الحياة عارية ً و يعرفها كما هي عاشقة ً للموتِ لا تشبع منه، و أن ينظر َ إلى الموت عاريا ً كما هو عاشقا ً للحياة ِ لا يرتوي منها.

الطريقة الوحيدة لأن تقتل الموت، هي أن تقتل الحياةَ نفسها، و هكذا لا يوجدان، و لا يوجد أبناؤهما، و بهذا يسودُ الفناء. لا مناص من أن نعترف أن الحياة وجه ٌ آخر للموت و للوجود و للفناء ، و أننا نحنُ من فرَّق هذا الجوهر الواحد إلى أربعة مُسمَّيات، لأن عقولنا الصغيرة و مشاعرنا الفائرة المتلاطمة الجياشة، تعلمت هذا من الحياة نفسها،،،

،،، إذا ً الحياةُ تُعلِّم ضدَّ حتمياتها، إنها تكذب علينا لكي نستطيع أن نعيش،،،

،،، إذا ً تستحيل الحياة ُ مع الحقيقة، أو توجدُ بمشقَّة ٍ كبيرة،،،

،،، إذا ً السعادة تطلبُ الكذب َ و تُحب ُّ التورية.

انكشف َ لنا الآن سرُّ شقاء الصالحين، إنهم يذهبون عكس الحياة، و ضد َّ قانونها، لكنهم مثل غيرهم ينتهون بنفس حتميتها.


10
البيع هو ذاتُه الشراء، لا فرق.
في البيع يعطيكَ البائع ُ السلعة، و يأخذُ منك المال، لأنك تريد السلعة و هو يريد المال.
في الشراء تعطي البائع المال، و تأخذُ منه السلعة، هنا أيضا ً إرادة ٌ لاقتناء السلعة و المال.

في الحالتين كل ٌّ أراد شيئاً فتخلَّى عن شئٍ للحصول عليه، إنها إرادة ٌ واحدة: الاقتناء، و هو فعل ٌ واحد: المقايضة.

لكن َّ مالك المال صار شارياً، و مالك السلعة صاربائعاً، لا عن اختلاف ٍ في ماهية الفعل، لكن عن: تصنيفٍ داخل منظومة ِ الاصطلاح و القوننة و التشريع. يحتاجُ البشر ُ إلى التصنيف، تجنحُ طبيعتهم إلى رؤية الاختلاف كونه يساعدهم على فهم ذواتهم و يجلب لهم الراحة، فهو أسهل لأنه يأتي بالتزامات ٍ أقل حين يُصغِّرُ من دائرة الفعل ِ المُستوجَب.

التصنيف يعني الوضوح، اختصار الوقت، انعدام الحاجة للتبصُّر، غياب الداعي لتفكيك الأمر، الانعتاق من مسؤولية الغوص ِ نحو الأصل، الراحة َ من تلويث العقل بالتشريح، الاستسلام اللذيذ للثقة بامتلاك الحقيقة، الانتشاء بالمخدِّر الساحر لطمأنينة الانحياز لما هو صواب ٌ و حق،،،

،،، إنه الشكل الواعي المُدرك للعقلانية الدماغية البدائية الناتجة عن ذات الشعور الغريزي للحيوان بكينونته، و بخلوِّ منطقته و حيِّزه الجغرافي من المُنافس،،،

،،، إنَّه الدليل و المؤشِّر على أن الإنسان قد فشل في ترويض ِ الحيوان ِ القابع في داخله، و أن العقل لديه هو أداة ٌ من أدوات، لا المُسيطر َ و لا المُوجِّه و لا الراسم و لا المُهيمن.


إنسان ٌ بدون ِ تصنيف هو: الإنسان، لكن كيف يحيا في عالم ٍ قائم ٍ على التصنيف؟

يجيب الإنسان: جدليتي مع الوجود نشوة ٌ تكفيني.

إذا ً نشوةُ الجدلية هدف ٌ و جواب، أضيفُ: هي أيضا ً القانون.



#نضال_الربضي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بوح في جدليات - 22 – بعضُ خواطري.
- قراءة في الفكر الأبوكاليبتي – 11 – ما قبل المسيحية – 6.
- قراءة في الجسد كأداة تعبير– يارا قاسم نموذجا ً.
- بوح في جدليات - 21 - صوتُ صارخ ٍ في البشرية.
- قراءة في العلمانية – 5 – المنظومة الأخلاقية – 3 – القيم الذا ...
- قراءة في العلمانية – 4 – المنظومة الأخلاقية – 2.
- قراءة في العلمانية – 3 – المنظومة الأخلاقية.
- عن فاطمة عفيف.
- قراءة في العلمانية – 2- المنظومة الشاملة.
- بوح في جدليات - 20 – دجاجاتٌ على عشاء.
- لن يسكت هؤلاء – و ستبقى الحجارة تصرخ!
- قراءة في الوجود – 9– عن الوعي، الإرادة و أصل الأفعال.
- قراءة في الوجود – 8– عن الوعي، الإرادة و المسؤولية – 2
- قراءة في الوجود – 7 – عن الوعي، الإرادة و المسؤولية – 1
- للمرأة في يوم عيدها - تحية المحبة و الإنسانية.
- شكرا ً أبا أفنان و لنا لقاء ٌ في موعد ٍ مناسب.
- عن اللغة العربية و دورها في: بناء الهوية و التعبير عن الثقاف ...
- اعتذار للأستاذ نعيم إيليا - دين ٌ قديم حان َ وقت ُ سداده.
- قراءة في مشهد ذبح الأب جاك هامل.
- قراءة في اللادينية – 9 – القتل بين: الحتمية بدافع الحاجة و ا ...


المزيد.....




- السيسي يوجه الحكومة بـ-اتخاذ كل الاحتياطات المالية والسلعية- ...
- ما قصة المسيرة الإيرانية -شاهد 101- التي سقطت في العاصمة الأ ...
- إيران تفعل دفاعاتها الجوية وإسرائيل تحذر سكان طهران مع إعلان ...
- المرصد يتناول حرب السرديات بين إيران وإسرائيل
- مباشر: دونالد ترامب يعلن موافقة إيران وإسرائيل على -وقف تام ...
- مسؤول إيراني لـCNN: طهران لم تتلق أي مقترح لوقف إطلاق النار. ...
- ترامب يعلن عن وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران.. ما التفاص ...
- سوريا: تفجير انتحاري يودي بحياة 23 شخصًا على الأقل في كنيسة ...
- ترامب: إسرائيل وإيران وافقتا على -وقف تام لإطلاق النار-
- لماذا يعارض مهندس -أميركا أولا- الحرب على إيران؟


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نضال الربضي - بوح في جدليات - 23 – بعضُ خواطري -2