أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - نضال الربضي - لن يسكت هؤلاء – و ستبقى الحجارة تصرخ!














المزيد.....

لن يسكت هؤلاء – و ستبقى الحجارة تصرخ!


نضال الربضي

الحوار المتمدن-العدد: 5489 - 2017 / 4 / 12 - 10:46
المحور: حقوق الانسان
    


لن يسكت هؤلاء – و ستبقى الحجارة تصرخ!


دخلت إلى غرفة نوم والديها مندفعة ً شاكية:
- ماما، سوستة الفستان مش عايزة تقفل

- بس كده؟! أهو يا حبيبة ماما

أجابتها أمها بحنان كبير و هي تسوي من قماش الفستان ليوازي مسير السحاب حتى إذا أغلقته احتضنت ابنتها و طبعت قبلة على جبينها ثم وجهتها لتكمل تجهيز نفسها.

- ياللله يا جماعة مش عيزين نتأخر على القداس، الكنيسة حتبقى مليانة على الآخر و انا ضهري بيوجعني و عايز الاقي مكان اقعد فيه
صاح الاب بدفئه المعهود يحضُّهما على الإسراع و الخروج.

قاد الأب سيارته إلى الكنيسة، ركنها في شارع ٍ قريب بعد أن أنزلهم على عجل. نقدَ السائس عشر جنيهات ليعتني بالسيارة و غادره "متشكرين يا ريس، خلي بالك منها كويس"

دخل الكنيسة و جال بعينيه بسرعة بين الحاضرين، يريد أن يلمح زوجته أو ابنته ليتجه إلى حيث يجلسون. كما توقع بالضبط كانتا في أحد المقاعد الخلفية، لقد وصلوا قبل القداس بقليل، بينما وصل غيرهم منذ أكثر من ساعة، ليضمن لنفسه مكاناً، و منهم من وصل قبل ساعات حينما كانت الكنيسة ُ فارغة، ليناجي حبيبه في القربان قبل أن يصل الآخرون، وعى ذلك فانتابه حنين ٌ إلى زمن ٍ بعيد، لم يكن قد تزوج َ بعد، حين َ كان يخرج ُ هو أيضا ً شتاء ً أو صيفا ً ليصل قبل ساعتين على الأقل، يناجي مخلصه و يبثه شوق فؤاده، قبل الجميع.

تصاعدت رائحة البخور و اهتزَّت الكنيسة ُ بدفئ حياة ٍ سرت فيها مع ابتداء ِ القدَّاس، جاشت النفوس ُ بالتلاوة ِ و الترتيل، و أتى صوت الأبِّ الكاهن حاملاً أنشودة َ فرح ِ ذلك اليوم، و هو يقرأ ُ من إنجيل لوقا فصلِه التاسع عشر :

"
وَلَمَّا قَرُبَ عِنْدَ مُنْحَدَرِ جَبَلِ الزَّيْتُونِ، ابْتَدَأَ كُلُّ جُمْهُورِ التَّلاَمِيذِ يَفْرَحُونَ وَيُسَبِّحُونَ اللهَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ، لأَجْلِ جَمِيعِ الْقُوَّاتِ الَّتِي نَظَرُوا،
قَائِلِينَ: «مُبَارَكٌ الْمَلِكُ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ! سَلاَمٌ فِي السَّمَاءِ وَمَجْدٌ فِي الأَعَالِي!».
وَأَمَّا بَعْضُ الْفَرِّيسِيِّينَ مِنَ الْجَمْعِ فَقَالُوا لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ، انْتَهِرْ تَلاَمِيذَكَ!».
فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ إِنْ سَكَتَ هؤُلاَءِ فَالْحِجَارَةُ تَصْرُخُ!».
"

بغتة ً صمَّ أذنه دويٌّ هائل و هو يُحسُّ بجسده يرتفع ُ في الهواء و يرتطم ُ بأجساد ٍ كثيرة. أحسَّ بالدم يتدفق ليروي أحد عينيه، إنه نصف أعمى، لكنه مبصر ٌ بقلبه، يرى فوضى لا يُسعفه عقله على استيعابها، للحظات تجمَّد في الوجود، كائنا ً بلا تفسير، و لا فهم، و لا هدف، فقط: رجل ٌ موجود، ثم صحى و صاح باسم زوجته و ابنته، ثم استنجد بالعذراء و يسوع، و راح يخلط بين النداء على عائلته و الاستنجاد بالملائكة و القديسين، حاول القيام فلم يستطيع، أين قدماه، نظر إليهما فوجدهما لكنهما لا تطيعانه، لا يستطيع، أخذ َ يحبو يسحب الأرض بيديه و يجر نفسه، نعم إنه يتقن هذا، لقد تدرب عليه في الجندية، كان أسرع من في الدفعة و موضع تقدير رؤسائه، جاءه صوت الضابط ِ من بعيد:
اتحرك يا جندي منك لوه، ياللله، بلاش لكاعة يا شوية نسوان، انتا فمعركة مش عند الست الوالدة

إنه يتحرك، يزحف، هذا معركة لكن مع من، من العدو، هو في الكنيسة، أين عائلته، ما الذي ضربهم، من الذي ضربهم، كيف؟

وجد ابنته، رباه فستانها أحمر، وججها تغبر، مسح عليه بيده المرتجفه التي وصلته بالكاد، حاول أن يرمي نفسه للأمام، لكن قونه خذلته، و رقد.

في الخارج كانت أصوات سيارات الإسعاف تملأ الشارع، و صوَّتت نسوة ٌ اجتمعن على الصوت، و ثارت ضجَّة ٌ كبيرة، بينما تقاطرت وكالات الأنباء لتغطية الحدث و قد ارتسمت علامات الجدية على وجوه مراسليها و هم ينقلون الخبر.

أما في البيوت القريبة، فقد دمعت النوافذ ُ من حجارة ٍ جاءت من الكنيسة، اختلط فيها الغبار بالدم، حملها الانفجار إلى الداخل، مصداقا ً لنبوءةٍ بعيدة، كانت الحجارة ُ فيها تصرخ.

------------------------------------------------------
أقول ُ لكم يا شهيدات و شهداء مصر:

لتكن ثياب ُ شعنينتكم البيضاء التي سقتها دماء ُ قلوبكم، و سعف ُ نخيلكم المحمولة بأيدي بناتكم و أبنائكم المباركين، شهادة الحقيقة، بأنكم مصريون أصيلون، و أن مصر وطنكم للأبد، و أنكم حجارته التي ستبقى تصرخ، و التي ستسقط دونها ثقافة الكراهية؛ لأنكم بالحب تحيون، و بالحب تموتون، و بالحب تقوم أجيالكم الآتية!


أقول لكم أيها القراء الأعزاء:

لا نحتاج للكثير من التحليل لنرى الخلل، إنها ثقافة الكراهية، و من يروجون لها معروفون، و علاجها أيضا ً معروف، كل ما هنالك يجب أن يكون لدى كل واحد منا الشجاعة أن يقول: هذا الفكر إجرامي، و هذه الثقافة بربرية، و أنا برئ ٌ منها! ثم َّ يتخذ قرارا ً أن يعتنق الإنسانية و يقدِّس الإنسان، و يجعله فوق كل شئ، و هذا يحدث في الغرب، موجود، حاصل، يسلكون بحسبه كل يوم، و ليس خيالاً، استدر و انظر فقط.

و إياك قارئ الكريم إياك أن تحاول إعادة اختراع العجلة أو تنشغل في المماحكات و المهاترات و الجدل العقيم فهذا عرض ٌ للانحطاط في الوعي أُنزِّهك عنه فنزِّه نفسك، و اعلم أن العجلة تم اختراعها من زماااااااااان و اسمها: العلمانية! و هي موجودة من أجلك و من أجل الجميع، و تخدمك و تحفظ حقك و نفسك و حريتك و مالك، و كذلك للجميع،،،

،،، فقط خذ قرارك أن تكون إنساناً و اركب معنا، فمركبتنا لا تنتظر، و إلا أتى وقت ٌ وجدت َ نفسك و قد أصبحت َ إمَّا ضحية ً للهمجية، أو مشاركا ً فيها، أو رافضا ً لها لكن عاجزا ً عن ردِّعها، و في كل هذا الحالات: أنت الخاسر، حينها لا ينفع ُ الندم!





#نضال_الربضي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في الوجود – 9– عن الوعي، الإرادة و أصل الأفعال.
- قراءة في الوجود – 8– عن الوعي، الإرادة و المسؤولية – 2
- قراءة في الوجود – 7 – عن الوعي، الإرادة و المسؤولية – 1
- للمرأة في يوم عيدها - تحية المحبة و الإنسانية.
- شكرا ً أبا أفنان و لنا لقاء ٌ في موعد ٍ مناسب.
- عن اللغة العربية و دورها في: بناء الهوية و التعبير عن الثقاف ...
- اعتذار للأستاذ نعيم إيليا - دين ٌ قديم حان َ وقت ُ سداده.
- قراءة في مشهد ذبح الأب جاك هامل.
- قراءة في اللادينية – 9 – القتل بين: الحتمية بدافع الحاجة و ا ...
- إلى إدارة موقع الحوار المتمدن.
- عن هزاع ذنيبات
- قراءة في الفكر الأبوكاليبتي – 10 – ما قبل المسيحية – 5.
- بوح في جدليات - 19 - خواطرُ في الإجازة.
- لهؤلاء نكتب.
- عن محمد علي كلاي – نعي ٌ و قراءة إنسانية.
- قراءة في الفكر الأبوكاليبتي – 9 – ما قبل المسيحية – 4.
- طرطوس و جبلة - ملاحظة تختصر ُ تاريخا ً و حاضرا ً و منهجاً.
- قراءة في الفكر الأبوكاليبتي – 8 – ما قبل المسيحية – 3.
- مدخل لقراءة في الثورات العربية - ملخص كتاب - سيكولوجية الجما ...
- بوح في جدليات - 18 – ابصق ابصق يا شحلمون.


المزيد.....




- احتجاجات أمام مقر إقامة نتنياهو.. وبن غفير يهرب من سخط المطا ...
- الخارجية الروسية: واشنطن ترفض منح تأشيرات دخول لمقر الأمم ال ...
- إسرائيل.. الأسرى وفشل القضاء على حماس
- الحكم على مغني إيراني بالإعدام على خلفية احتجاجات مهسا
- -نقاش سري في تل أبيب-.. تخوف إسرائيلي من صدور أوامر اعتقال ب ...
- العفو الدولية: إسرائيل ترتكب جرائم حرب في غزة بذخائر أمريكية ...
- إسرائيل: قرار إلمانيا باستئناف تمويل أونروا مؤسف ومخيب للآما ...
- انتشال 14 جثة لمهاجرين غرقى جنوب تونس
- خفر السواحل التونسي ينتشل 19 جثة تعود لمهاجرين حاولوا العبور ...
- العراق.. إعدام 11 مدانا بالإرهاب في -سجن الحوت-


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - نضال الربضي - لن يسكت هؤلاء – و ستبقى الحجارة تصرخ!