|
قراءة في اللادينية – 9 – القتل بين: الحتمية بدافع الحاجة و الحُكم الأخلاقي.
نضال الربضي
الحوار المتمدن-العدد: 5220 - 2016 / 7 / 11 - 16:04
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
قراءة في اللادينية – 9 – القتل بين: الحتمية بدافع الحاجة و الحُكم الأخلاقي.
ترتبط ُ كلمة ُ القتل في الوعي الإنساني بحكم ٍ أخلاقي بفساد ِ هذا الفعل ِ الذي تأنف ُ منه النفس ُ السويَّة، و تهاب ُ من تبعاتِه الأفراد ُ و المجموعات ُ على حد ٍّ سواء، و تتشدَّدُ المؤسَّسات ُ البشرية ُ في تحريم إتيانِه، سواء ً في ذلكَ: تلك الحضارية ُ في الدُّول المتقدمة، و البدائية ِ القبلية، و تُغلَّظ ُ العقوبات ُ على مستبيحيه ِ مُتراوحة ً بين السجن ِ المُؤبَّد لفترة ٍ واحدة، أو لفترات ٍ تراكمية (كما في الولايات ِ المُتَّحدة ِ الأمريكية مثلا ً)، أو الإعدام بمختلف الطرق ِ التي منها السريعة ُ عديمة ُ الألم (نسبياً) بإطلاق النار أو قطع العنق، أو السريعة ُ المؤلمة ُ مثل الشنق، أو البطيئة ُ شديدة ُ الألم حدَّ التعذيب مثل الكرسي الكهربائي.
يتشكَّلُ الوعي ُ الإنساني الرَّافض ُ لجريمة ِ القتل منذُ الصِّغر، بتعزيز ٍ من المؤسَّسات ِ القائمة على الفرد و هي: العائلة، المدرسة، دوائرُ الصداقة، الدوائر ُ المُجتمعية ُ العامَّة كأماكن ِ العمل و ممارسة ِ النشاطات ِ اليومية، مؤسسات ُ التعليم ِ العُليا، المؤسَّسات ُ الدينية، و المؤسسات ُ الحكومية، فينشأُ الفردُ و هو يحمل ُ حصانة ً عامَّة ً ضد َّ استباحة ِ الحياة ِ البشرية.
هذه الحصانة َ تضمن ُ الحياة َ البشرية َ على وجه الخصوص و لا تتعدى دائرتها خارجة ً نحو الدائرة ِ الأشمل التي تضمُّ الحيوانات ِ و النَّباتات، و لا يبدو أن َّ الوعي الإنساني ينشغل ُ بأفعال ِ القتل ِ المُوجَّهة ِ نحو الحيوانات التي يأكلُها على الرَّغم ِ من استفحال ِ تكراراتها بشكل ٍ يومي ٍّ على أعداد ٍ هائلة ٍ من الحيوانات يبلغ ُ مجموعها بحسب إحصائية منظمة الأغذية و الزراعة للأمم المُتَّحدة للعام 2003 نحو 53 مليار حيوان برِّي، بينما يمكنك َ أن تعثر َ على أرقام ٍ أعلى توردها مصادر ُ شتَّى، في نفس الوقت ِ الذي ترتفع ُ فيه الأرقام إلى أكثر من 150 مليار حين َ نُضيف لها الحيوانات ِ البحرية.
هذا العددُ الهائل ُ من الحيوانات البرِّية ِ و البحرية ِ التي تُقتل بشكل ٍ مُمنهج ٍ مقصود ٍ و مُستدام، لا يترك ُ أيَّ أثر ٍ على الضمير ِ الإنساني، لكن على العكس ِ من ذلك َ تماما ً يرتبط ُ بحكم ٍ أخلاقي يقبلُه ُ و يعتبرُه ُ طبيعياً، حتَّى و إن تم َّ جزُّ رقبة ِ الحيوان المذبوح و تدفَّق الدم للخارج و تقلَّصت العضلاتُ و تشنَّجت الأوصال، أو تمَّ الصعقُ بالكهرباء ِ بعد التخدير، أو اختنق َ الحيوان ُ البحري حين يتم ُّ إخراجُه من الماء و تركُه ليموت.
يتحتَّم ُ علينا أن نقف لنفهم َ وجه َ الإختلاف ِ الباعثَ على الحكم الأخلاقي برفض ِ عملية ِ قتل الإنسان و قبول ِ قتل ِ الحيوان، مع أن َّ فعل القتل ِ و استلاب ِ الحياة ِ يبدو من حيث ُ المبدأ واحدا ً.
-------------- المُستوى الأول -------------- كبداية ٍ ننطلق ُ منها نحو الفهم لا بدَّ أن نفحص َ طبيعة َ الكائن ِ الإنساني و مُتطلَّبات ِ استدامتها، لنجد َ أنها تتكوَّنُ من مادَّة ٍ عُضويَّة ٍ لها تركيب ٌ بيولوجيٌّ خاص يعتمد ُ على تفاعل ِ العناصر ِ المُكوِّنه كيميائيا ً و في ظروف ِ حرارة ٍ و ضغط ٍ مُحدَّدين، و بوساطة ِ الكهرباء الداخلية كناقلٍ للإشارات، و أنَّ الحياة َ الإنسانيَّة َ مظهر ٌ لهذا التركيب البيولوجي تستمرُّ طالما استمرَّ، و تتوقَّف أي تموت ُ متى توقَّف.
و بعد َ تقرير ِ هذه الحقيقة لا بُدَّ أن َّ نغوص َ أكثر َ لنفهم َ ما يطلُبهُ هذا التركيب ُ الخاص حتى يستمرَّ، لنجد َ أنَّه ُ يحتاج ُ إلى موادَّ عضوية ٍ مشابِهة ٍ يستهلكها، و لا يمكن ُ أن يُوجد َ بدونها، و هي التي تُكوِّن ُ بدورها أجساد َ كائنات ٍ أخرى تحتاج ُ بنفس المبدأ ِ موادَّا ًعضوية ً أخرى لاستدامتها. تفهم ُ الكائنات ُ الحيَّة ُ هذه الحاجة َ بفطرتها و لذلك َ تقوم ُ بافتراس ِ بعضها كنتيجة ٍ مُباشرةٍ لطبيعتها، و كوعي ٍ بوجودِ الحاجة ِ للافتراس و بانسجام ٍ معه و معها، لا عن خيار ٍ أو اعتناق ِ قناعة ٍ بعد َ تحليل ٍ و فحص أو حُكم ٍ أخلاقي. هذا الانسجام ُ مع طبيعة ِ التكوين البيولوجي للكائن يُشكِّل ُ مبدأ ً أُعرِّفهُ باسم: حتمية القتل.
لا يمكن ُ أن يحيا أيُّ كائن ٍ دون أن يقتُل ُ أو يُشارك َ في عملية ِ قتل. و للتدليل ِ على صحَّة ِ هذه الحقيقة ِ التي قد تصدم ُ كثيرا ً من القُرَّاء الذين يتنبَّهون إليها للمرَّة ِ الأولى دعوني أورد المثال التالي:
يعمل ُ السَّيد ُ نظامي رتيب في شركة ٍ خاصَّة منذ سنوات، و يُعرف ُ بدماثَة الخُلق و الأمانة ِ في العمل و الحسِّ الأخلاقي و الإنساني ِّ العالي. و يحرص ُ على تلبية ِ مُتطلَّبات عائلته بتفان ٍ كبير، فيخصِّص ُ بداية َ يوم ِ السَّبت ِ للتَّسوُّق ِ الأسبوعي، حيث يرتادُ المسلخ ليختار خاروفا ً حديث َ الذَّبح ِ مُعلَّقا ً في محل ِّ الجِزارة ِ بعد أن تم َّ سلخُهُ و تركُ عضلاتِهِ لترتخي قبل بيعهِ، و يُشرف ُ بنفسِه على عملية تقطيع هذا الخاروف ِ الذي كان َ منذُ ساعات ٍ برفقة ِ مجموعة ٍ من الخرفان ِ يُمارس "الحياة َ" على قدر سعادةٍ سمح بها وعيُهُ الحيواني. يصدر ُ السيد نظامي تعليماتِه للجزار و التي تُحدِّد ُ: حجم َ قطع اللحم و مصدرها من جسد ِ الخاروف ِ المُعلَّق أو نعومة َ مفروم ِ اللَّحم ِ المنزوع ِ عن العظام ِ بسكِّين حادَّة ٍ قادتها يدٌ خبيرة ٌ محترفة بين طويات ِ اللَّحم و على حدود ِ العظم دورانا ً و سعيا ً في أرجاء ِ خريطة ِ هيكل ِ الذَّبيحة ِ العظمي حتى أخلتهُ و سجَّت ما صدر َ عنه على طاولة ِ اللحوم تمهيدا ً لفرمها مع ربطات ِ البقدونس و حبَّات ِ البصل ِ و الفُلفُلِ الأخضر ِ الحار ِّ و الثوم.
لا يبدو ُ على السَّيد نظمي أنَّه يشعر ُ بأي ِّ تعاطُف ٍ مع مأساة ِ الخاروف ِ المذبوح، بل إن َّ دمَه ُ المسفوك َ في المسلخ و على عتبة ِ باب ِالجزَّار يثير ُ فيه ِ شهيَّة ً غريزية ً لرائحة ِ الشِّواء و الطهي فيُمعِن ُ في إدمانِه ِ على هذا النوع ِ من اللُّحوم و يجد ُ في جولتِه الأسبوعية مُتنفَّسا ً من ضغوطات الحياة ِ اليومية، يتوق ُ لها و يحرص ُ عليها.
أحد أبناء ِ السَّيد نظمي عنيد ُ المراس ِ غريب ُ الأطوار ِ كما يراهُ أبوه، يرفض ُ بشدَّة ٍ أن يتناول َ اللحوم، و يسم ُ عملية َ حشدها في المزارع ِ و معاملتها أثناء التَّسمين و قبل الذبح و أثناءَه ُ و بعدَه ُ بـ: الوحشية و اللاإنسانية، و يقتصر ُ لذلك َ غِذاؤُه ُ على الخضراوات المُختلفة. ابن ُ السيد نظمي هذا نباتيٌّ قُح، يحبٌّ الجزرَ، و يتلذَّذُ بالبطاطا، و يشتاقُ للكوسا و الطماطم و الفلفل الحلو و الكرفس و البقدونس و كُلِّ أنواع الفواكة. يتعاطف ُ ابن ُ السيد نظمي مع الخروف ِ المذبوح، لكنَّ ضميرَهُ لا يهتزُّ لنبتة ِ الجزر ِ حين َ يُشلع ُ جذرُها و يُقتلَع ُ من التُّربة ِ لتموت قبل أن تُقدَّم َ له جُثَّة ً نباتيِّة ً شهيَّة المنظر على طبق، أو لدرنات ِ البطاطا التي تُنتزع ُ من بيئة ِ غذائها و نُموِّها لتموت َ فيلتقط َ حبَّاتها الميتة َ من فوق ِ مناضد ِ الخضراوات ِ المعروضة و يضع َ جثامينها في أكياس ٍ يوزن ُ فيها َ الموت ُ و يباع ُ بثمن.
كلا الشخصين ِ نظمي و ابنُهُ مشاركان ِ في عمليات ِ قتل ٍ حتميَّة ٍ لا يمكن ُ الاستغناء ُ عنها بأيِّ شكل ٍ من الأشكال، و كلاهُما مُرتاحان ِ و مُطمئنَّان ِ لشكل القتل الذي اختاراهُ لنفسيهما سواء ً قتلَ: الحيوان ِ أو النَّبات. كلاهُما مُنسجم ٌ مع الطبيعة ِ البشرية، و لا يملكان ِ مُخالفتها، فهي التي لا تحيا إلا إذا مات َ كائن ٌ آخر، و لا تُستدامُ إلا إذا توقفت ِ استدامة ُ كائن ٍ آخر، و لا تنهض ُ حيَّة ً إلا إذا سقط حيٌّ ميتاً، هكذا طبيعتهم، و هكذا طبيعتنا، تُستدام فيها الحياة بقوَّة ِ الموت.
-------------- المُستوى الثاني -------------- في زمن ٍ ما قبل التاريخ المكتوب، و قبل الحضارات، على أعتاب المئة ِ ألف ِ عام ٍ قبل الميلاد و حتى عشرة ِ آلاف ٍ قبله، حينما كانت قُطعان ُ البشر ِ ما زالت صغيرة َ العدد، تتنقَّل ُ في السُّهول ِ و بين الجبال و الوديان لتصطاد، كان َ كلُّ فرد ٍ في إحدى المجموعات بمثابَة ِ خاروف ٍ للمجموعة ِ الأُخرى، و اللتين حينما تلتقيان ِ تتعاملان ِ مع بعضهما البعض كما يتعامل ُ الصَّيَّاد ُ مع فريستِه بالضبط: صِدام، قتل، سلخ، تقطيع و حمل ٌ لمخيَّم ِ المجموعة ِ أو كهفها تمهيدا ً للاستهلاك. كان الإنسان ُ ما يزال ُعندها وحشيَّاً يأكل ُ كل َّ شئ ٍ و أيَّ شئٍ: حيوانيا ً كان َ أو بشريا ً أو حشريَّا ً أو نباتيَّا ً لا فرق. لم يجد للتفريق ِ بين الحيواني ِّ و البشريِّ أساسا ً أو دافعا ً، بل وجد َ نقيضَهُ: حاجة ً إلى البقاء بالاقتيات ِ على الموجود و المُتاح ِ و المُمكن. لم يكن وعيُه ُ قد تطوَّر َ بعد ُ ليُحسَّ برابط ٍ جامِع ٍ يخرج ُ عن جماعتِه ِ ليشمل الجماعات ِ الأُخرى.
بدأ الحسُّ الأخلاقيُّ عندَه ُ بقوَّة ِ التجربة بعد اضطرارِه للتعامل ِ مع مجموعات ٍ ثانية، هذا الاضطرارُ الذي دفعتُه ُ إليه ِ ظروف ٌ قاهرة، كأن تتعاون َ المجموعات ُ ضد َّ خطر ٍ مُشترك، أو أن يدفع َ الحذر ُ و الخوف ُ أفرادا ً إلى تجنُّب ِ الاقتتال ِ مع أفراد ٍ آخرين و الاستعاضة ِ عن السلوك ِ العُدواني بسلوك ِ المراقبة ِ و الفحص البعيدين، مما يُمهَّد ُ لقبول ٍ جُزئي لا واعي للآخر، سيكون ُ له ُ في المستقبل أساس ٌ صلب لـ و باعث على: الاقتراب ِ منه، و التواصل ِ معه.
عزَّز َ هذا الحس َّ الأخلاقي الاستقرار ُ في تجمُّعات ٍ سكنية ٍ بدائية ٍ، تعتمد ُ على أشكال ٍ بسيطة ٍ من الزراعة، دون َ أن تترك َ نمط َ الصيد ِ و الالتقاط ِ السَّابق، و عرف الإنسان ُ طريقَه ُ إلى تدجين ِ الحيوانات ِ و رعيها، فبدأت ِ نزعة ُ العُدوانيِّة ُ التي ضخَّمتها الحاجة ُ و الشُّح ُ في الموارد تُفسح ُ المجال َ أمام عمل ِ العقل ِ لتأمين ِ حلول ٍ جديدة لإشباع الحاجات، فعرف َ الإنسانُ المقايضة َ بديلا ً للعدوان، و التعاوُن َ مع الإنسان الآخر ضد َّ البيئةِ بدلا ً من إنهائهِ. و مع ظهور ِ القُرى الصغيرة ِ ثم َّ المُدن ِ ثم َّ الدُّول صارت الحياة ُ البشريَّة ُ ذات َ قيمة ٍ كبيرة ٍ تقوم ُ على تأسيسها و تعزيزها أنظمة ٌ اجتماعية ٌ و اقتصادية ٌ و دينية ٌ و سياسية ٌ، تهدف ُ إلى استدامة ِ شكل ِ المُجتمع و كيان ِ الدَّولة.
لم تنزع ِ الحضارة ُ من الإنسان ِ غريزتَه ُ العدوانية، لكن أغلقت فقط قناتها المُوجَّهة َ نحو العنصر البشري، و وظَّفت طاقتها في القنوات ِ الأخرى: الحيوانية و النباتية. بقي القتل ُ طريقته في البقاء التي لا يمكن ُ أن يتخلَّى عنها ما دام َ موجودا ً.
-------------- المُستوى الثالث -------------- ظهور ُ الدُّول ِ و الممالك ِ أفرز َ حاجات ٍ جديدة للنُّموِّ و التَّوسُّع ِ و الانتشار، خصوصا ً مع مُنتجات ٍ عقلية ٍ جديدة في مجالات ِ الإعمار ِ و الاختراعات ِ التي تتطلَّب ُ مواردا ً غير بشرية ٍ من الخشب ِ و الحديد ِ و البرونز، و أُخرى بشرية ً كأيد ٍ عاملة، و غذائيِّة ً تستديم العنصر َ البشري. لم يقف ِ الإنسانُ طويلا ً يخترع ُ حلَّا ً حضاريا ً لهذه المشكلة، فصنع َ في حلِّها كشأنِه ِ القديم الذي كان عليه ِ قبل الحضارة ليعود َ إلى الصِّدام ِ و الحرب ِ و القتل، مُضيفا ً إليها اختراعا ً جديدا ً هو: العبودية.
استعبد َ الإنسانُ مواطني الدُّول التي غزاها ليكونوا هم اليد العاملة َ التي يحتاجُها، و لتكون أراضيهم موارد َ لهُ تخدم ُ مشاريعَهُ التَّوسُّعيه، و بقوَّة ِ الحرب ِ و بوساطَة ِ فعل ِ القتل ِ القديم. و شكَّلت ِ التجربة ُ الحربية ُ تحدِّيا ً لنظامِهِ الأخلاقي الذي كان لا بدَّ أن يتعامل َ معها و يُصدر فيها الأحكام، فتمَّت عندها المُفاضلة ُ بين مجموعتِه و دولته، و بين المجموعة الأخرى في الدَّولة ِ الأخرى، ليبرزُ المفهوم ُ الذي ما زال لغاية اليوم يُستخدم ُ كأساس ٍ للإبادات ِ الجماعية في العالم أجمع، أي مفهومِ: نحن ُ و هُم.
خلقت ِ الطبيعة ُ البشريَّة ُ القائمة ُ على مبدأ الإفتراس تناقضا ً أخلاقيَّاً عميقا ً في الضمير الإنساني، حيث أصبح َ فعل ُ القتل ممنوعا ً و مُدانا ً و جالبا ً للعقاب حينما يكون ُ موضوعُهُ فردا ً في مجموعة ِ: نحن،،،
،،، بينما يكون ُ ذات ُ فعل القتل ِ مرغوبا ً و يتم ُّ تشجيعُهُ و مباركته و مُكافأة ُ من يأتونه، حينما يكون ُ موجَّها ً نحو مجموعةِ: هُم.
-------------- المُستوى الرابع -------------- شهد َ القرن ُ العشرون حروبا ً شنيعة ً جدَّا ً ليس أقلُّها بشاعة ً حربان ِ عالميَّتان ِ ذهب َ فيهما ملاين ُ البشر، ضحايا لقرارات ٍ سياسيَّة ٍ حمقاء، اتَّخذتها مجموعات ُ حُكم ٍ صغيرة نيابَة ً عن مئات ِ الملاين من البشر، و دون استشارتهم، و بنتائج َ كارثية ٍ عليهم، شكَّلت صدمات ٍ للعقل ِ الإنساني الذي صحا للمرَّة ِ الأقوى و بالوعي الأكثر ِ يقظة ً منذ أن برز َ نوعنا البشريُّ إلى الوجود ِ قبل مئة ِ ألف ِ عام، ليُنشِئَ الأمم َ المتَّحدة َ و يسن َّ القوانين الدَّولية، و يخرج َ باتفاقيات ِ حقوق ِ الإنسان و المحاكم ِ الدَّولية و اتفاقيات حقوق المرأة ِ و الطفل، و معاهدة حقوق الأسرى، و قوانين تنظيم ِ إدارة ِ البُلدان ِ المُحتلَّة و مسؤولية المُحتلِّ الأخلاقية عن البلاد التي يحتلها بمن فيها من بشر ٍ و مُؤسَّسات، و ليلغي العبودية، و يُعلي من شأن ِ الفردية ِ و يرفع َ من قيمة ِ الإنسان، و يعتمد على هذه ِ القيمة لبناء المُجتمع ِ و الدَّولة.
لا يستطيع ُ الإنسان ُ بأيِّ حال ٍ من الأحوال أن يتخلَّى عن حتمية ِ حاجته للقتل، فهي جزء ٌ من طبيعته البيولوجية، لكنَّ عظمته كإنسان تكمن ُ في أن َّ الوعي العقليَّ الناتج َ عن الدماغ كمادَّة ٍ بيولوجية يُدرك ُ ماهية فعل ِ القتل، و غايته، و تبعاته، و استحقاقاتِه، و تشعُّب شبكة ِ العلاقات ِ التي تقود ُ إليه و تنتج ُ عنه، و لذلك استطاع َ أن يجد َ السُّبُل َ الأمثل التي تكفل ُ إشباع َ الحاجات ِ بواسطة ِ إنشاء المؤسسات التي ذكرتها و الاتفاقيات ِ و القوانين و المعاهدات ِ التي أشرت ُ إليها، فهو (أي العقل) يعترف ُ صراحة ً بأمرين:
- حتمية ممارسة ِ القتل ِ المُتَّفق ِ مع الطبيعة ِ البيولوجية.
- و ظهور ِ الحكم ِ الأخلاقي كآلية ٍ للتَّحكم به ِ و ضبطِه، و تأطيرِه منعا ً لانفلاتِهِ المُدمِّر، و ضمانا ً لبقاء منفعته.
-------------- الخلاصة -------------- تنبعُ أخلاق ُ المجتمعات ِ من حاجاتِها التي يفرضُها الواقع، و تُنشئُ لها الحلول َ المُشبعة، و تُصدر ُ حكمها على هذه الحلول بالقبول حتى تضمن َ استدامة َ نفسها و تفرض َ بقاءها، و إلا فنيت و بادت، و هو الذي لا يمكن ُ أن يقبل َ به أيُّ مجتمع ٍ لتعارُضِه مع غريزة ِ البقاء ِ البيولوجية،،،
،،، و من هنا نفهم ُ كيف استطاع َ الإنسانُ أن يتعامل مع القتل ِ عبر التاريخ، ليقبله َ في إطاري: الطعام، و الحروب، و يرفضَهُ في الإطار: الاجتماعي الذي ينتمي إليه،،،
،،، على الرَّغم ِ أنَّه ُ في كل ِّ الحالات: موت ٌ بيد ِ إنسان ٍ غريزتُه تكره ُ الموت لنفسها و ترفضه، إنسان ٍ يجمع ُ في ذاتِه كل المتناقضات حتى يستطيع َ أن يحيا: حياة ً لا يستديمها سوى: الموت!
#نضال_الربضي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إلى إدارة موقع الحوار المتمدن.
-
عن هزاع ذنيبات
-
قراءة في الفكر الأبوكاليبتي – 10 – ما قبل المسيحية – 5.
-
بوح في جدليات - 19 - خواطرُ في الإجازة.
-
لهؤلاء نكتب.
-
عن محمد علي كلاي – نعي ٌ و قراءة إنسانية.
-
قراءة في الفكر الأبوكاليبتي – 9 – ما قبل المسيحية – 4.
-
طرطوس و جبلة - ملاحظة تختصر ُ تاريخا ً و حاضرا ً و منهجاً.
-
قراءة في الفكر الأبوكاليبتي – 8 – ما قبل المسيحية – 3.
-
مدخل لقراءة في الثورات العربية - ملخص كتاب - سيكولوجية الجما
...
-
بوح في جدليات - 18 – ابصق ابصق يا شحلمون.
-
قراءة في اللادينية – 8 - ضوء على الإيمان، مُستتبَعاً من: علم
...
-
قراءة في الفكر الأبوكاليبتي – 7 – ما قبل المسيحية –ج2.
-
قراءة في الفكر الأبوكاليبتي – 6 – ما قبل المسيحية – ج1.
-
بوح في جدليات – 17 – من حُلو ِ الزِّمان ِ و رِديَّه.
-
قراءة في اللادينية – 7 - الأخلاق مُستتبَعة ً من: علم النفس –
...
-
قراءة من سفر التطور – 8 – ال 4 التي تأتي بال 1.
-
وزيرٌ تحت سنِّ ال 25
-
قراءة من سفر التطور – 7 – عذرا ً توقيعك غير معروف لدينا!
-
قراءة في الوجود – 6 - الوعي الجديد كمفتاح لفهم ماهيته.
المزيد.....
-
بعد الملاعق... كيت بلانشيت تتألق بإطلالة من الأصداف ودبابيس
...
-
بيونسيه وجاي-زي بإطلالات مستوحاة من الغرب الأمريكي في باريس
...
-
هيئة الطاقة الذرية الإسرائيلية: الضربات الأمريكية جعلت -فورد
...
-
مسؤول إيراني: منشآتنا النووية -تضررت بشدة- جراء الضربات الأم
...
-
قاآني يظهر في طهران بعد شائعات اغتياله، فمن هو الرجل الذي يق
...
-
واشنطن تخفف الخناق عن النفط الإيراني.. لإغراء الصين بشراء ال
...
-
مسلم ومناصر لفلسطين.. زهران ممداني يفوز في الانتخابات التمهي
...
-
حلف الناتو ونسبة 1.5% الغامضة من الإنفاق الدفاعي.. الشيطان ف
...
-
دول الناتو تصادق على زيادة استثنائية في الإنفاق الدفاعي
-
القوات الروسية تواصل التقدّم في شرق أوكرانيا وتنفذ موجة قصف
...
المزيد.....
-
الآثار العامة للبطالة
/ حيدر جواد السهلاني
-
سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي
/ محمود محمد رياض عبدالعال
-
-تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو
...
/ ياسين احمادون وفاطمة البكاري
-
المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة
/ حسنين آل دايخ
-
حوار مع صديقي الشات (ج ب ت)
/ أحمد التاوتي
-
قتل الأب عند دوستويفسكي
/ محمود الصباغ
-
العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا
...
/ محمد احمد الغريب عبدربه
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|