أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - نضال الربضي - عن محمد علي كلاي – نعي ٌ و قراءة إنسانية.














المزيد.....

عن محمد علي كلاي – نعي ٌ و قراءة إنسانية.


نضال الربضي

الحوار المتمدن-العدد: 5184 - 2016 / 6 / 5 - 16:11
المحور: المجتمع المدني
    


عن محمد علي كلاي – نعي ٌ و قراءة إنسانية.

انتهت دورة الحياة في جسد بطل الملاكمة للوزن الثقيل و الحائز على جائزتها لثلاث مرات، المولود باسم: كاسيوس كلاي، و المعروف بحسب اختياره باسم: محمد علي كلاي يوم الجمعة الثالث من يونيو (شهر 6) للعام 2016 عن 74 عاما ً عانى منذ أكثر من نصفها مع مرض باركنسون الرعاشي. موت هذه البطل الرياضي و الرجل العظيم إنسانيا ً لا يجب ُ أن يمرَّ مرور الكرام، فقصَّتُه تحد ٍّ جرئ للعبودية و الظلم و مثال ٌ لكل ِّ من يرفض الذل و الاستعباد، من كل الأمم و الملل.

المُمـيــّــَـز في حياة كلاي هو: إحساسُه الصادق، و حساسيته العميقة تجاه الأنظمة الاجتماعية و السياسية ِ و الدينية، و التي بواسطتها أدرك الظلم الشديد تجاه الموطانين السود، و إرادتُه الفولاذية التي تحدَّت هذا الظلم لتنطلق إلى الحُريَّة. تجلت هذه الإرادة في تغيره لدينه إلى الإسلام و هي الخُطوة التي يجب علينا أن نتأملها مليَّا ً لنفهم النفس البشرية، و كيف تعمل، و علاقات الحاجات النفسية بالتصور الديني، و بالتالي موقف النفس من الدين.

وُلد كاسيوس كلاي في العام 1942 في لويسفيل، كنتاكي في الولايات المتحدة الأمريكية، في مُجتمع ٍ كان ما يزال وقتها و على الرغم من تدينة المسيحي، عُنصري الطابع، ليجد َ نفسه يتعرض و السود َ من إخوته للإهانات و سوء المعاملة. تورد الأنباء عنه قوله أنه كان يبكي كل ليلة ٍ في فراشه قبل النوم.

تاق كاسيوس إلى العدل، الحب، الرحمة و القبول، و لم يستطيع أن يجدها في المجتمع، و لا في المسيحية، و هذه نقطة أخرى يجب أن ننظر إليها بعناية. فعلى الرغم أن الإنجيل واضح في المساواة ما بين الناس، إلَّا أن النص يبقى حبيس التطبيق و العُرف و المؤسسات المتوارثة. فبينما نقرأ ُ نص َّ الرسالة إلى غلاطية (أول رسالة كُتبها بولس) في الفصل الثالث الآية 28: "لَيْسَ يَهُودِيٌّ وَلاَ يُونَانِيٌّ. لَيْسَ عَبْدٌ وَلاَ حُرٌّ. لَيْسَ ذَكَرٌ وَأُنْثَى، لأَنَّكُمْ جَمِيعًا وَاحِدٌ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ." نجد ُ عكس ذلك تماما ً في الممارسات العنصرية للمجتمع الأمريكي في ذلك الوقت، و هي الوارثة لقيم تجارة العبيد,

هذا الشوق نحو المساواة و القبول الإنساني وجدها كاسيوس في الإسلام فتحوَّل إليه ليغير اسمه إلى "محمد علي"، حيث تبدَّى له الدين الإسلامي تمثيلا ً للعدالة التي كان يتوق إليها. في الطرف الآخر من العالم كانت بعض البلاد الإسلامية ما زالت تمارس تجارة العبيد، و إخوة آخرون لمحمد علي كانوا عبيدا ً لم يستطيعوا أن يروا في الإسلام ما رآه هو، بينما كان مسيحيو تلك البلدان يعمِّقون في قلوب أبنائهم قيم المحبة و العدالة و الروحانية.

لاحظ عزيزي القارئ أننا أمام ممارستين متناقضتين لأفراد ينتمون إلى نفس الديانة:
- ممارسة: الحب، العدالة: مسيحيون في الشرق، مسلمون في أمريكا.
- ممارسة: الظلم، العبودية: مسيحيون في أمريكا، مسلمون في الشرق.

لاحظ أيضا ً أن الاحتياج النفسي لمحمد علي و تناقضه مع الممارسة الفعلية لأفراد الديانة التي ولد فيها جعلتُه يراها بالمظهر السلبي، ليبحث َ عن ديانة ٍ أخرى تُشبع توقه الإنساني نحو الحب و القبول و العدالة و الحرِّية.

لم يسأل محمد علي عن النص المسيحي، و لم يحفل بالرأي الرسمي للمسيحية، إنَّما شكَّل قناعـتــَــه بحتمية تغير دينية إلى الإسلام: ممارسة ُ الأفراد المسيحين، و هو ما يصح ُّ أن يكون قانونا ً عامَّا ً لنا لفهم موقف البشر بشكل ٍ عام من دين الآخر. هذه القاعدة هي المدخل لتحليل كل الحوارات التي تدور بين أتباع الديانتين: المسيحية و الإسلامية، فكلُّهم: محمد علي، الذي يرى قصور الآخر و تفوُّق ما عنده.

أعتقد ُ أن الشجاعة َ الأدبية َ التي تحلى بها محمد علي كلاي لتغير دينه و اسمه، كمؤشر على هويَّة ٍ جديدة تفصلهُ عما سبق، و تُجِّذره في الجديد الذي يُشبع توقه الإنساني و حاجته الفطرية، و رفضه للخدمة ِ في الجيش الأمريكي أثناء حرب فيتنام على الرغم من كل المشاكل التي جرَّها عليها هذا الرفض، لهما حدثان إنسانيان ِ عظيمان يخبراننا بكل وضوح أننا كبشر نبحث ُ دوما ً عن إنسانيتنا، ثم نجد ُ لها الدين الذي نظنُّه مُتَّفقا ً معها،،،

،،، من هنا أعتقد ُ أن إدراكنا لهذه الحقيقة ِ البسيطة هو الطريق ُ نحو اقترابنا من بعضنا البعض: دينين و لا دينين، طالما أننا نُدرك أننا في النهاية: بشر، و أن الكرامة َ الإنسانية هدفُنا و سعادتنا.

ارقد بسلام يا صديقي، ستبقى ذكراك الطيبة لكل ِّ من أحب َّ العدالة و الحُريِّة نبراسا ً!



#نضال_الربضي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في الفكر الأبوكاليبتي – 9 – ما قبل المسيحية – 4.
- طرطوس و جبلة - ملاحظة تختصر ُ تاريخا ً و حاضرا ً و منهجاً.
- قراءة في الفكر الأبوكاليبتي – 8 – ما قبل المسيحية – 3.
- مدخل لقراءة في الثورات العربية - ملخص كتاب - سيكولوجية الجما ...
- بوح في جدليات - 18 – ابصق ابصق يا شحلمون.
- قراءة في اللادينية – 8 - ضوء على الإيمان، مُستتبَعاً من: علم ...
- قراءة في الفكر الأبوكاليبتي – 7 – ما قبل المسيحية –ج2.
- قراءة في الفكر الأبوكاليبتي – 6 – ما قبل المسيحية – ج1.
- بوح في جدليات – 17 – من حُلو ِ الزِّمان ِ و رِديَّه.
- قراءة في اللادينية – 7 - الأخلاق مُستتبَعة ً من: علم النفس – ...
- قراءة من سفر التطور – 8 – ال 4 التي تأتي بال 1.
- وزيرٌ تحت سنِّ ال 25
- قراءة من سفر التطور – 7 – عذرا ً توقيعك غير معروف لدينا!
- قراءة في الوجود – 6 - الوعي الجديد كمفتاح لفهم ماهيته.
- بوح في جدليات – 16 – حيٌّ هو باخوس.
- قراءة في الفكر الأبوكاليبتي – 5 – الماهيَّة و الجذر – ج4.
- عن: أشرقت قطنان.
- الدكتور أفنان القاسم و خلافته الباريسية.
- بوح في جدليات – 15 – حينَ أغمضت َ عينيكَ باكراً
- العقل المريض – 2 - تغوُّل الخطاب الديني نموذجا ً.


المزيد.....




- يونيسف: أطفال غزة يواجهون الجوع والمرض والموت
- لجنة مناهضة التعذيب الأممية تعرب عن قلقها إزاء تعذيب أسرى رو ...
- عبور المهاجرين عبر القناة الإنجليزية يسجل رقما قياسيا جديدا ...
- العفو الدولية: حصار إسرائيل لقطاع غزة عقاب جماعي وجريمة حرب ...
- بولندا ترفض رقابة ألمانيا لحدودهما وتتعهد بصد طالبي اللجوء
- ترامب يرشح مايكل والتز لمنصب المندوب الأميركي لدى الأمم المت ...
- الأونروا: الحصار الإسرائيلي على غزة يقتل مزيدا من الأطفال وا ...
- الأونروا: الحصار على غزة يقتل مزيدا من الأطفال والنساء يوميا ...
- ترمب يُقيل والتز ويُرشّحه لمنصب السفير لدى الأمم المتحدة ورب ...
- -أوكسفام-: عدد النازحين في السودان بلغ 12.7 مليون شخص


المزيد.....

- أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية / محمد عبد الكريم يوسف
- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - نضال الربضي - عن محمد علي كلاي – نعي ٌ و قراءة إنسانية.