أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نادية خلوف - كأنّه أبي-الفصل الرّابع-1-















المزيد.....

كأنّه أبي-الفصل الرّابع-1-


نادية خلوف
(Nadia Khaloof)


الحوار المتمدن-العدد: 5571 - 2017 / 7 / 4 - 17:00
المحور: الادب والفن
    


كلّها أسماء نتعوّد على سماعها. أطلقت على الجرو الذي اشتريته اليوم اسم هيرو.
لا ضرورة أن أناديه باسم كلب، فقد شوّه الإنسان سمعة الكلاب، أصبحنا نصف النّذل بأنّه كلب مع أنّ الكلب شهم.
اسمع يا هيرو أنت كلب لا تنسى هذا. احتفظ به لنفسك. اسمك منذ هذه اللحظة هيرو، واسمي ميّ. عليك أن تعتزّ بكونك كلب لأنّك تخمل أجمل الصّفات، لكن يجب أن يكون لك اسم.
هيرو صغير جداً يأمل منّي الحبّ
أربيه بطلاً
عندما أطعمه في الصّباح
يغنّي معي نشيد الحياة
هيرو الصّغير يحتاج حمايتي
وأن أحتاجه في عالمي
البطولة هي أن تحبّ الحياة وتحميها يا صغيري
لن أرهقك كثيراً اليوم. لن نركض، سوف نمشي على رصيف ذلك الشارع. لو ربطت عنقك ، وأمسكت بك في يدي لن تكون عبودية. نحن نتبادل الأدوار ، فعندما تكبر قد تربط يدي، وتقودني في الأماكن التي لا أرى فيها طريقي.
ماذا تشمّ يا هيرو؟
يا إلهي! رجل مغمى عليه وابنه يبكي. لم يفهم عليّ عندما سألته عن الأمر مع أن عمره يبدو فوق العشر سنوات. تحدّث بالعربية الممزوجة ببعض الإنكليزية. هذا أبي. لا أعرف ماذا أفعل.
-دعك مكانك. سوف أحضر سيارتي، ونأخذه عند الطبيب.
هيا يا هيرو. الآن يجب أن نركض.
. . .
كان جائعاً ياميّ. حسناً فعلت أن أتيت به إلى هنا أوّلاً.
أرسلي إلى غريب أن يأتي كي يساعدك لأنّني مضطرّة إلى الذّهاب إلى العمل، لكن سوف نشرب الشّاي معاً.
-شاي بالقرفة إن أمكن أيتها السيدة. تعودت على شربها، ومنذ شهر وأنا أسير في الطريق حتى وصلت.
لم تسألوا عن قصّتي. سوف أتحدّث لكم، لكنّني لست متأكداً منكم. كنتم كرماء معي، وهذا لا يكفي. لو لم تكونوا من نفس أمكنتي لما سألت هذا السّؤال. فقد أقسمت إن وصلت إلى هذا المكان سوف أخفي هويّتي الحقيقيّة . أخافهم في كلّ الأمكنة. سوف أغيّر اسمي واسم ابني، وكذلك عقيدتي. أرغب أن أسلخ جلدي. قبل كل شيء سوف أسألكم: هل سوف أكون آمناً حتى لو كنت أختلف معكم في الموقف السّياسي.
-تحدّث، ليس لنا مواقف سياسيّة هنا. نرغب في العيش حياة طبيعيّة.
-كنت سوف أتحدّث حتى لو لم تتعاطفوا معي، لو لم أتحدّث سوف أموت، وبعد أن أنهي حديثي أرغب أن أذهب إلى الشّرطة كي أسلم نفسي، وأطلب اللجوء.
. . .
-كنا نعتقد أن النّساء جنس لطيف -كما يسموهنّ-لكن تبيّن أنّ اللطف لا علاقة له بالجنس.
كنت أدعى -حسب تعابير بلدي- ناشطاً في حقوق الإنسان. صحيح أنّني أحمل شهادة جامعيّة ، لكنّني صدقاً لم أكن أعرف أن للبشر حقوق. والد زوجتي وهو ضابط في الأمن عيّنني كموظف أستلم مرّتبي في أوّل الشّهر، فقط أعطيه معلومات عما يجري.
كانت الوفود الأجنبية تأتي، فيطلب مني أن أدعوهم إلى حفلة، ويسترخون أمام النّساء الجميلات، لا أخفي عليكم سرّاً. كنت مرتاحاً في عملي، أرضخ للتّعليمات، لكنني فهمت من تلك الوفود التي تستلم رواتبها بالعملة الصّعبة والسّهلة بعض الأشياء. بعضهم كان جيداً. تحدّثوا من ضمن ما تحدّثوا عنه قضيّة المرأة، وكيف أنّ المجتمع ذكوري. هم يتحدثون عن أفكارهم، فمجتمعنا يؤمن بالمساواة. المرأة والرجل يتبنيان قانون الغاب، أو تستطيعون أن تقولوا قانون القوة، أو قانون الذكورة لو شئتم أن تسموه، فالرجل يمكن أن لا يشغل باله في هذا الموضوع لأنّ النساء تقوم بمهمة حماية هذا القانون الذي شرّع لمصلحته.
تعلّمت أن أكتب المقالات، واستهواني العمل، كتبت مقالاً عن فلسفة القوّة والضّعف. ترجمه أحدهم ووضعه في صحيفة حقوق الإنسان فكان ما كان.
خبّرني والد زوجتي بأنّني خائن للوطن، وأن مصيري هو إمّا الموت ، وإما قضاء بقيّة عمري في السّجن، وأرسل لي ورقة الطلاق من ابنته على الموبايل. كنت في مهمة على الحدود ، وكان ابني معي.
قال أبو زوجتي أن أدلهم على مكاني، وسوف يرسلون ابني للدّفاع عن الوطن.
أنا لست بطلاً. أعرف أنّه كان سوف ينتقم منّي مع أنّنا أقارب عن طريق أمّي لكنّنا لا ننتمي لنفس الطّائفة، وقد قتلوا أحد أبناء عمّي في مجزرة استهدفت حيّهم.
في مقالتي التي كتبتها خلال رحلة الطّريق عن فلسفة القوة والضّعف قلتُ: أنّ هناك أنواعاً من القوة تدعى بلطجة، ولا فرق فيها بين رجل وامرأة، زوجتي ترسل لي رسائل تهديد. تصفني بالمجنون، وبأنّها سوف تتزوّج رجلاً لديه أولاد، وتحبهم أكثر من ابننا، فهي لا تعتبره ابنها لأنّه ينتمي بكنيته لي. أهم شيء عندها هو أن تستطيع إيذائي وقتلي. هي في النهاية امرأة لكنها بلباس بلطجي.
. . .
ألا ترين معي أن هذا الرجل يحمل سرّاً كبيراً؟
-نعم يا غريب. تحدّث لنا بأشياء ليست ذات قيمة بالنسبة لعمق ما يجري. تحدّث عن نفسه، وكيف كانت جميع الأطراف تهتمّ به ليس من أجل شخصه بل من أجل والد زوجته، علّهم يجدون طريقاً يستفيدون من الرّجل. هذه القيم المجتمعيّة موجودة فعلاً في كلّ الأماكن لكن بطريقة أخف مما تحدّث به. هو وباء كان يعمّ المجتمع في بلادهم . تحدّثت لنا أمّي كثيراً عن القيم المنهارة، والتمييز على أساس الطّائفة، والقوميّة والدّين، وكيف اختفى النّاس في السّجون، ولم تنبث أسرهم ببنت شفة خوفاً على الباقي من أفرادها، بل إنّ بعض أفرادها وقف جاداً ضد زوجه، وانتمى لأعدائه. ما قاله عن الصّحافة ليس جديداً، لكنّه مذهلاً. هو عمّم الحديث، فقال أنّ إعلاميّاً كان على مدى ربع قرن مسانداً للدولة ، هرب مع عائلته إلى الغرب، وطلب منه أن يجلب له أخباراً سريّة بينما يتسّول في أكبر مدن العالم، وينشر صوره وصور أولاده.
-لاحظت أنّه يتمسّك بهاتفه الجّوال. أعتقد أنّه خزّن بعض الوثائق الهامّة.
- لا وثائق هامة في هذا العصر، فالأقمار الصناعية، ووسائل التّجسس عندها كلّ المعلومات ، لكنّهم يأخذون منك ما ترغب بإعطائه. لم يعد للرأي العام قيمة، أو ربما لم يعد الرأي العام يعرض ما يريد. هو أذكى من أن تمرّ عليه لعبة غير فاعل بها. صديقتي في العمل. قالت: أنا لا أغرّد على تويتر إلا عن الحبّ، أو عن منجزاتي الشّخصية، أو سخرية من رئيس دولة ما.
-ربما هي على حقّ. أنا لا أغرّد أبداً، لكنّني سوف أغردّ الآن . دعيني أصور هيرو.
سوف أضع صورته على الانستغرام، وسوف أغرد.: في حياتنا هيرو.
. . .
رجل عابر حدّثني عن الاستقواء
عن الكره، وعالم التّنمّر
عن هتلر ينشطر إلى ذرّات ويولد من كلّ ذرّة كائناً مثله
عن وطن ليس بوطن
عن نار، دمار
عن حبّ مفقود
وسلخ جلود
عن سقف مهدّم
عن شعب محطّم
يغنّي باسم الحضارة والجدود
قال لهم عندما عبر الحدود:
توقفوا عن الكذب
ضعوا لكرهكم حدّاً
أتحدّث عن رجل عابر
يحمل أسراراً
أخباراً
ويقول: العالم ليس بخير
انتصر الشّر
أتيت دخيلاً على دياركم
اعطوني مكاناً آمناً
الأوطان لفظ مقرون بالموت
هنا سوف أبني وطني
في غرفة لي ولابني
هي مجرّد قصّة رجل عابر في حياتي
لكنّه لم يكن عابراً في الحياة
كان خائفاً
مغامراً
يحمل معه تعابير السّلام والأمل
تعلّمها من قلب الغابة، ومن أفرادها.
-ما رأيك بهذه المقدمة ياميّ؟
أرى أنّ هذا الرّجل هو أبي الذي بحثت عنه طويلاً. قد يكون لديه أخطاء، لكنّه دافع بحياته عن ابنه كي لا يقتل تحت حجة الدّفاع عن الوطن، والقضّية . قال أنّ والد زوجته لا يحب ابنه، لكنه سوف يقوم بتسليحه للدفاع عن الوطن. نسينا أن نسأل الرّجل عن اسمه.
-أمّي أخذت اسمه، وأعطته رقم هاتفها. كي يتواصل معها، ويصبح صديقاً للعائلة.
-سوف أكتب مسرحيّة عنوانها: هو أبي
يبدو أنّ العالم مليء بالمسرحيات، ولو أردنا لمثّلنا في كلّ يوم مسرحيّة. أنا سعيد بعملي.
أيها العالم: ترقب مسرحيتي المقبلة " وجدت أبي"
سوف أفاجئ الرّجل، وسوف أدعه يدخل في نهاية المسرحية، وأقول للجمهور: هذا أبي. . .



#نادية_خلوف (هاشتاغ)       Nadia_Khaloof#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كأنّه أبي-الفصل الثّالث-5-
- كأنّه أبي-الفصل الثّالث-4-
- العلمنة في ظلّ تعدّد الأئمّة
- كأنّه أبي-الفصل الثّالث-3-
- ماقبل جيل النّعم، وما بعده
- كأنّه أبي-الفصل الثّالث-2-
- رسالة امرأة في العيد
- قصّة عيد يهرب من الفقراء
- لماذا تتقلّد المرأة الأدوار الثّانويّة
- كأنّه أبي. الفصل الثّالث. 1.
- كأنّه أبي.الفصل الثّاني. 5.
- كأنّه أبي . الفصل الثّاني .4.
- هل تتكرّر أسطورة الأمازونيات
- - من يأكل من مال السّلطان يحارب بسيفه-
- أدمغتنا أمام المغسلة العربية، والإسلاميّة
- لهم الله والوطن، ولنا عذاب القبر
- كأنّه أبي. الفصل الثاني. 3.
- من نصادق، ومن نعادي؟
- كأنّه أبي. الفصل الثّاني-2-
- بعض أمراضنا الخفيفة


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نادية خلوف - كأنّه أبي-الفصل الرّابع-1-