أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الأحمد - كأسك ليس بملآن














المزيد.....

كأسك ليس بملآن


محمد الأحمد

الحوار المتمدن-العدد: 5562 - 2017 / 6 / 25 - 17:36
المحور: الادب والفن
    


كأسكَ ليس بملآن
محمد الأحمد
(نص غير منشور)
سبق ان قالت له، فيما مضى
- كأسك فارغ يا هاشم
وحدها في البيت، مع الوحدة القاتلة.. حيث تذوب عندها لحظات الامان. ليس لها احداً يبدد لها وحشتها. وحدة تنشر بجناحها صمتا مريبا على زوايا الامكنة التي تجوبها العين. لا شيء يبددها، حتى الانترنيت تحسبهُ وحشاً مهما عبرت على ظهره الى ساعات من اللهو. عندها في الافق، احلام بقيت مؤجلة. فما عاد الحلم حلماً بعد الخامسة والخمسين، انها ترى في تلك السنوات امتدادات خائبة وما زالت تجر اذيالا من اليأس.. خيوطه السود تلوث ربيع المكان، انها لوحدها باتت بحرية تامة، عرفت انها ليست اسمها حرية، انها كمّا متواصلا من التشتت. الحرية تصل بها الى التشتت، تودّ النوم، أو تودّ الخروج، بلا اذن من احد، لكن ثمة في نفسها تمنها ان تتريث، وان تختار الخيار الصحيح.. تضحك لهذه الحرية التي تسميها حرية ولكنها قيدا اكبر من كل القيود، انه تطوف في الخيار وتهدر وقتها حيرة في اختيار الوجهة.. ارادت ان توثق لهذه التوقعات التي تندلع امامها، وتتشكل غيوماً من حولها، انها تشعرها ان سوف تمطرها في الوقت الذي لا تدريه..
كانت تعرف بانه لم يعد يسمعها الان..
- كاسك فارغ
النافذة التي امامها بقيت مغلقة، ولم تترك الغبار يرسم شبحه على قماش الستارة الغامقة.. حبها لعتمة هادئة، تعشقها مع انسلال على اريكة توسطت باحة الغرفة، تدور فيها اقواساً من الامتدادات الخيالية، تطاردها فيها صورته، حيث لم يترك لها مكانا دون ان يبصمه بأقواسه التي اخذت تطلع اليها من الفراغ الذي خلفه لها.. بينهما صفحات كثيرة كانه تاريخ من الوجد لم يمكنها ان تغادر التفكير فيه..
قد مات ولم يعد اليها، يحاكي الليل الطويل الذي كان منسدلاً على كتفيها، يقول لها.. صقيلة الجيد كأي امرأة في هذا العالم.. شاهدته في حلمها الذي بدأ سعيدا وانتهى بصورة بشعة مقيتة..
كأنها راته مقطوع اللسان، وبقي ينزف... اخبروها بان جثته دفنت دون لسان، اي خبر خبروها، وصارت الصور تتوالد، وكأنما تشدّ عليها لتجعلها تصدق الكلمات التي سمعتها من جيرتها. "امُ عادل النمامة، تنم لك وعليك"..
كان طويلا، فارعا، وبصوته العذب احلى ما سمعته طوال حياتها.. اكثر من مرة، اخذوه بعيداً عنها، وفي كل مرة كان يعود شاحبا، كسيراً، بالكاد يتعافى على يديها، تتذكر كيف كانت تلِتَه مثل طائر جريح...
- جرحك بقي غائراً، ولكنك تتعافى بأمل جديد..
كل مرة كانت الآمال تدفع فيه الانسان لان يكسر قيده، يتحرر من اقواس الخوف، يحاجج خرافات، تتابع امام لسانه، فتسقط الى الارض، كأنها من فخار، تحول ما امامه الى شظايا، "وهل الله يحتاج الى كل هذا الكم من الكلم ليقنعنا".. بقي يقول لها الله العظيم هل يخلقنا، وبعدها يحتاج الى جهد ليقنعنا بانه هو الذي خلقنا ويريد اخبارنا محذرا لنا ان لا ننساه، وانه يريد ذلك من بعد نسيان، بعد ان خلقنا، هل كان خاطئا في خلقه، ويريد منا القناعة، هل يشك بنا اننا سنمرد عليه ذاته يوم"
تحسرت مع بقية الاولاد الذين عادوا اليها بتعزيتها، كانت تسمع الى كل واحد فيهم، تسمع وكأنها تودّ الارتواء من عطش خلفه فراقه.. تتابع حروفه التي خطها دفاترهم، وكل منهم يحفظ له بعض ما استطاع، يقولون انهم يحفظون انواره، يتابعون معانيها، وتجري مع الماء وتعطيه التماعات متواصلة. الشارب منه يرتوي، ويطلب المزيد... انه هاشم الذي هشم الخبز هشماً، ومن ثم وزعه فيما بينهم بالتساوي. حتى الهموم منهم سرحت الى البعيد، ولكن بعض همّ جديد حلّ بينهم كالغراب الاسود، ونشر جنحيه وحجبه الى الابد، ذاته جبل الفراق الافاق، أشعل كل الاشواق. لم يعد احدا منهم ينهل من ذلك النبع الصاف. اين انت يا هاشم الضوء منك، وما في العمر منه..
- خارطة الاشواق بعدك اتسعت بنا للضياع..
الرجل الوحيد الذي دخل حياتها، دخلها نورا ثاقباً، وصل الى كل نقطة معتمة من تلك الظلال القاتمة، تريد ان تحدث الناس كلهم عن هواها، ولكنه كان يتكتم عن تلك التفاصيل الموجعة التي يعانيها العشاق.
قالت لها عايدة قبل ان ترحل،
في السابق؛ اجاد لها العزف بمهارة على آلة الكمان، وكانه علمها نغمات روحه. كأنما علمها العزف، بدراية الدارس (علما بأساس الرياضيات والفيزياء)، لا اعتماد الفطرة.. تؤكد انه قد خلف حبّا حقيقيا لاستذكاره رغم العزلة القصية.
- "هاشم"
اعرف انك تعود بي الى كل تلك النغمات بالاشواق.
‏الأحد‏، 25‏ حزيران‏، 2017



#محمد_الأحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يصارعوك كي لا ينتصر عليهم شكهم.
- حتى حماري ينصح كل صاحب لي
- كن كحمار الحكيم حكيما
- حماري الحكيم الناصح
- حدثنا بائع الفشافيش الباحث عن فصوص لاليء التحشيش
- غيمة الحزن بالف عام
- الشوقُ يفتح الحسّ، وهو مطلعُ الشعر..
- الحب
- عن كتاب قرار محكمةُ الأنفال
- الشاعر
- حكاية الآسرة
- نصفُ الخبرُ؛ متاهة القراءة، النص، واحضار بقيته الغائبة من مت ...
- عن سأسأة طه حامد الشبيب
- ليلة أخرى
- ما رواه ميثم - ليلة صيربيا
- لا جديد في غياب الأوكسجين
- فيروز
- يقول الخبر
- ادوار الخراط .. الروائي الذي لن يتمكنه الموت
- اوراق عن نصر حامد ابو زيد


المزيد.....




- في وداعها الأخير
- ماريو فارغاس يوسا وفردوسهُ الإيروسيُّ المفقود
- عوالم -جامع الفنا- في -إحدى عشرة حكاية من مراكش- للمغربي أني ...
- شعراء أرادوا أن يغيروا العالم
- صحوة أم صدمة ثقافية؟.. -طوفان الأقصى- وتحولات الفكر الغربي
- غَيْرُ المَأسُوْفِ عَلَيْهِم -
- وفاة الفنان العراقي عامر جهاد
- غَيْرُ المَأسُوْفِ عَلَيْهِم
- غَيْرُ المَأسُوْفِ عَلَيْهِم .
- الفنان السوداني أبو عركي البخيت فنار في زمن الحرب


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الأحمد - كأسك ليس بملآن