|
السلطة التنفيذية حق مشروع لجبهة العمل الإسلامي...ولكن!
باتر محمد علي وردم
الحوار المتمدن-العدد: 1449 - 2006 / 2 / 2 - 10:15
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
لم أستطع أن أفهم ردود الفعل السلبية والغاضبة على تصريحات النائب عزام الهنيدي المنشورة في الموقع الإلكتروني لحزب حبهة العمل الإسلامي والتي يعلن فيها جاهزية الحزب واستعداده لتولي السلطة التنفيذية في الأردن، فهذا الطموح هو حق مشروع لكل الأحزاب الأردنية ومنها جبهة العمل الإسلامي.
أن التعريف الأكثر بدائية للديمقراطية، والذي يجب أن يتعلمه طالب المدرسة هو أن الديمقراطية تعتبر تداولا سلميا للسلطة، وأن الأحزاب السياسية هي التي تتبادل السلطة ضمن سياق العملية الديمقراطية ومنها الانتخابات، وذلك احتكاما لإرادة الشارع والناخبين. والحزب السياسي الذي لا يطمح لتولي السلطة التنفيذية من الأفضل له أن يغلق أبوابه لأن دوره لا بتجاوز دور "منتدى" للحوار السياسي.
ولأن مفهومنا للديمقراطية لا يزال مقتصرا على مفهوم سطحي نستخدم في الأردن مصطلحا طريفا لوصف الأحزاب السياسية، حيث تشير إليها الوثائق الرسمية والأكاديمية أيضا بأنها "مؤسسات مجتمع مدني"، ونحن نعرف أن المجتمع المدني هو المجتمع غير الحكومي، ولكن الأحزاب من المفترض أن لا تكون مؤسسات مجتمع مدني لأن دورها الإفتراضي هو في تبادل السلطة والوصول إلى موقع الحكومة.
طموح جبهة العمل الإسلامي مشروع، وتصريح الهنيدي الذي جاء في سياق نشوة فوز حماس ربما يكون مفاجئا لمعظم الناس ولكنه ليس خاطئا أبدا، ومن الضروري أن تفصح جبهة العمل الإسلامي عن طموحها في تولي السلطة، حتى تكون قواعد اللعبة الديمقراطية في الأردن واضحة تماما.
ربما يكون الوضع السياسي والاجتماعي في الأردن لا يساند جبهة العمل الإسلامي على تحقيق نصر كاسح في الانتخابات والحصول على أغلبية في البرلمان حاليا، حتى لو تم الانتخاب ضمن آلية مزدوجة لنظام الدوائر ونظام القوائم، وهذا التحليل بناء على شعبية الأخوان المسلمين في الانتخابات النيابية السابقة. ولكن مع تزايد "الحماس الإسلامي" بفوز حماس في فلسطين يمكن للجبهة أن تحصل على ثلث مقاعد مجلس النواب في الانتخابات القادمة في حال أحكمت تنظيم حملتها الإنتخابية، وفي حال تم ممارسة انتخابات حرة على جميع الأصعدة. وتبقى الاحتمالات قائمة بكل واقعية لحصول الجبهة على أغلبية نيابية تؤلها لتشكيل الحكومة في خلال أقل من 10 سنوات، بل أن الجبهة هي الحزب الوحيد من الأحزاب الأردنية الحالية الذي يمكنه نظريا تشكيل الحكومة في حال الممارسة النموذجية للديمقراطية.
لدى حزب جبهة العمل الإسلامي قاعدته الواسعة من المؤيدين المنضمين له تنظيميا، ولديه قاعدة مساندة من المواطنين المتدينين الذين يؤمنون بشعار "الإسلام هو الحل" بكل بساطته المباشرة. وهناك قاعدة إضافية ثالثة قد تحسم مستقبل الحزب وقدرته على الوصول إلى السلطة التنفيذية وهي قاعدة المواطنين المتذمرين من سوء الأوضاع الاقتصادية والفساد الإداري والضغوطات السياسية والفكرية الدولية ضد العالم الإسلامي وبالطبع الاحتلالين الأميركي والإسرائيلي في فلسطين والعراق. هذه القاعدة من المواطنين تشكل أغلبية كبيرة، وهي لا تؤمن بسياسة الحكومة ولا مصداقيتها وقد لا تكون "مؤدلجة إسلاميا" ولكنها الذخيرة الانتخابية الأهم لجبهة العمل الإسلامي والتي قد تستثمرها في الانتخابات النيابية لإحداث القفزة المطلوبة نحو الأغلبية.
وفي الواقع فإن لدى الجبهة، واستراتيجيتها الإعلامية قدرة كبيرة على تشخيص مساوئ الوضع الراهن، وإذا ما قرأ أي شخص غير متدين بالضرورة ما تقوله الجبهة حول تراجع الديمقراطية، وحول الفساد، وحول الانقياد للسياسات الأميركية وحول تراجع العدالة الاجتماعية وحول انتشار الفقر والبطالة وكل ذلك من مشاكل الوطن، فلن يجد أي خلاف مع هذا التشخيص، وهذا ما يمنح الجبهة ميزة إضافية هامة فهي التنظيم السياسي الأكثر قدرة على تشخيص المساوئ وتحديدها وجذب الاستقطاب حول محاربتها.
ولكن مشكلة الجبهة هي في الحلول البديلة، لأن شعارها الأثير "الإسلام هو الحل" يلقى قبولا عاطفيا كبيرا ولكنه لا يحمل برامج وحلول واقعية لهذه الأزمات، بل أن الجبهة يمكن أن تتسبب بخلق أزمات جديدة في حال أصرت على تطبيق برنامجها السياسي والاجتماعي الذي لا يحظى بقبول غالبية الناس، وعلى الأخص النسبة الكبيرة التي يعجبها "تشخيص الجبهة" ونقدها للواقع، ولكنها لا تؤمن بطروحات الجبهة البديلة.
طموح جبهة العمل الإسلامي بالحكومة مشروع، ولكن هناك أريعة أسئلة جوهرية على جبهة العمل الإسلامي أن تقدم إجابات واضحة عنها قبل أن تخوض أية انتخابات بهدف "الوصول إلى الحكم" وهذه الأسئلة الجوهرية هي: 1- ما هو موقف الجبهة من التعددية السياسية وتداول السلطة والإيمان الحقيقي بالديمقراطية؟ ولو وصلت الجبهة إلى الحكم نتيجة انتخابات نزيهة، فهل تقبل أن تخوض انتخابات أخرى وتتخلى عن الحكم بعد 4 سنوات أو في حال فشل برنامجها بدون أن تدعي أن وجودها في الحكم هو "نصر للإسلام" وأن أي تسليم للسلطة التنفيذية والتراجع عنها انتخابيا هو "رضوخ للقانون الوضعي ضد مصلحة الإسلام" وتنفيذ لمؤامرة صهيونية-صليبية ضد الإسلام وأهله؟ بمعنى آخر هل تستطيع الجبهة أن تفصل بين هويتها السياسية الخاضعة للتغيير ضمن سياق الديمقراطية وبين ثوابت الإسلام. 2- ما هو موقف الجبهة من التآخي مع حركة حماس، ومن تداخل الأجندة الفلسطينية مع الأجندة الأردنية، وفي حال تضارب مصلحة حماس مع مصلحة الدولة الأردنية، لمن ستنحاز جبهة العمل الإسلامي؟ وفي السياق الأوسع، هل تعتبر الجبهة نفسها عنصرا في "جبهة إسلامية دولية" أم حزبا أردنيا، وكيف يمكن أن تحدد الفواصل بين مصلحة الدولة ومصلحة التنظيم الإسلامي العالمي؟ أن بعض تصريحات قادة الجبهة وحماس حول الفرصة التي يقدمها نصر حماس لاستعادة وحدة الضفتين عبر وحدة إسلامية يبدو مثيرا لقلق غالبية الفلسطينيين الذين يحسون بتوتر شديد من "هيمنة أردنية" وقلق غالبية الأردنيين الذين لا يريدون التورط في مغامرة سياسية وأمنية غير محسوبة يمكن أن تشكل عبئا وسياسيا أمنيا على الأردن. 3- ما هو موقف الجبهة من التعددية السياسية والثقافية في المجتمع الأردني، وما هو موقفها من المسيحيين وحقوقهم الدستورية، وما هو موقفها من الحريات الشخصية وطريقة اللباس والتعامل الإجتماعي بين الجنسين وهل ستحاول أن تفرض رؤيتها الإيديولوجية الخاصة على كل المجتمع الأردني؟ 4- ما هو موقف الجبهة من النظام الاقتصادي الحالي في الأردن والتنسيق مع الدول الصناعية الكبرى والإنضمام إلى ركب العولمة والتجارة الدولية، وهل ستتمكن حكومة إسلامية من المحافظة على هذا النظام الاقتصادي الذي يؤمن استقرارا في الأردن أم سوف تحاول تغييره، وما هو البديل؟
من حقنا كناخبين أردنيين أن نجد إجابات واضحة على هذه الأسئلة الجوهرية الأربعة حول برنامج جبهة العمل الإسلامي، قبل أن نقرر فيما إذا كنا سنصوت لها في الانتخابات ونساعدها على الوصول إلى الحكومة بطمأنينة وبدون أن يؤدي ذلك إلى مشاكل سياسية واقتصادية واجتماعية في الأردن.
#باتر_محمد_علي_وردم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ما هي السيناريوهات الأردنية بعد فوز حماس؟
-
التصويت لعجائب الدنيا السبع الجديدة: ثقافة أم تجارة؟
-
الكل يعرف من قتل الحريري، ولا أحد يقدم الأدلة!
-
مع الشعب السوري: بيان لمثقفين وصحافيين أردنيين
-
تقارير المنظمات الدولية عن الأردن: وجهات نظر وليست اعتداء عل
...
-
أزمة حركات مناهضة العولمة في الأردن
-
المرحلة القادمة في الخطاب -القومي الثوري-: إيجاد مبرر لاغتيا
...
-
قانون مكافحة الطبقة الوسطى في الأردن قبل قانون مكافحة الإرها
...
-
مراقبة الإنترنت في الأردن: بين حقوق التعبير وتهديد الإرهاب
-
بعد بيان الزرقاوي...سقوط نظرية -إبحث عن المستفيد-!
-
مواجهة ثقافة الإرهاب تتطلب مناخا من الحريات والمشاركة العامة
-
تفنيد الأوهام العشرة المستخدمة لتبرير الإرهاب!
-
العراقيون أخوة لنا!
-
هل يغسل الدم الأردني الغشاوة عن أعين المتعاطفين مع القاعدة؟
-
أخطاء المثقفين والإعلاميين الأردنيين بحق الشعب العراقي
-
لو أتيح المجال لذهبت في زيارة إلى أوشفتز!
-
الانتخابات العراقية: نحو رؤية الصورة الشاملة!
-
بزنس الدعاية الانتخابية العراقية في الأردن!
-
المهام المقدسة لبوش والزرقاوي!
-
ما هو الإرهاب... في نظر الشارع العربي؟
المزيد.....
-
تردد قناة طيور الجنة Toyor Aljanah بجودة عالية على نايل سات
...
-
-ليلة الكريستال-.. نتانياهو يعلق عما جرى لـ-اليهود- في شوارع
...
-
عشية -القمة-.. قادة دول عربية وإسلامية يتوافدون على السعودية
...
-
وزير الخارجية السعودي يترأس الاجتماع التحضيري للقمة العربية
...
-
“البيبي في الحضانة” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 بجودة ه
...
-
-ليلة الكريستال-.. نتانياهو يتحدث عما جرى لـ-اليهود- في شوار
...
-
المقاومة الاسلامية اللبنانية تستهدف تجمعا لقوات العدو في مرت
...
-
لجنة حقوقية نيجيرية: -لا دليل- على إجراء الجيش عمليات إجهاض
...
-
توت توت أنا الثعلوب .. أجدد اغاني الأطفال الممتعة عند استقبا
...
-
رسالة من المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في لبنان للقمة العربي
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|