أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أيوب المزين - قراءة نقدية في تراتيل عبد الحميد العوني الشعرية مدرسة الصورة – مرة أخرى -















المزيد.....

قراءة نقدية في تراتيل عبد الحميد العوني الشعرية مدرسة الصورة – مرة أخرى -


أيوب المزين

الحوار المتمدن-العدد: 1448 - 2006 / 2 / 1 - 08:45
المحور: الادب والفن
    


شاعر الحب والسلام، نزارنا الصغير...قال جلادنا: اصمت، ذاك سياسي أسير...قلت: لا، ذاك شاعر الغدير، سمعته يقول في "عذراء الربيع" اعتراضياً: الله يشرق من فاس !!... . واعتادياً، قال بحماقة عشقية لعذرائه المقدسة:

"العذراء قلبي يعود إلى قلبي في إباءْ
العذراء إلهة كما تشاءْ
العذراء ليست من لم تمارس الجنس
بل من عرفت معنى الوفاءْ
من عرفت التوبة عن غيري
لأكون البقاءْ
العذراء كرب في العراءْ"

الحب، إن لم يكن ممزوجاً بشيء من الجنون، فإنه لا يكافئ سمكة سردين في ميزان أحقر صياد بمرسى "دو بالوس دو موغير"... . قد نلصق هذا البعد المتطرف "عاطفياً" بقراءة جل المتن الشعري الذي يتمحور حوله الديوان بأكمله (الشطر العربي منه) ونقول بأن الماثل أمامنا محب، عاشق كباقي العشاقيين !، فحبيبته الجنة وحبها العذاب اللذيذ وهلم حباً... .
لكن حب صاحبنا، في بساطته، قد يأخذ أبعاداً فكرية أكثر منها أدبية، ما نلسمه بحدة في الأبيات الأولى من الترتيل الأول:
** تراتيل في محراب أصولي لا يحب **
"والحب وإله الحب، ما ودعني وما قلىَ
ضحاه ظهر لا ينتهي، وقد علىَ
كل الزمان، وإن اعتلىَ
نفس معذب، عذابه ليل سجىَ..."

نزار الصغير انفجر، ليس للحب فقط، بل إنه انتفض على محراب المسجد «الأصولي اللامحب" في نظره.
إذن، الفكرة في المتن الشعري حاضرة وسنخرج بشكل أو بآخر من التعبير العفوي/الإحساسي. يبقى البناء التصويري، هل توظيف الألفاظ ارتقى بالنص وحاز ملكة المتلقي أم لا شيء من هذا حدث؟.
أولاً، تجدر الإشارة إلى أن (*) عبد الحميد العوني (الصحفي والمحلل سياسي) زار نزار الصغير في عدة مناسبات داخل الديوان، أي أن الطابع الشعري فٌقد، ولو بنسبية في بعض الأحيان، بأن خرج الشاعر – نزار الصغير – من تركيبية الألفاظ شعرياً إلى تحليلها نثرياً. لتكثيف الفكرة، عبد الحميد فكر ونزار انفعل فكان الشعر المفتعل في بعض محطات الديوان:
تطبيقياً، نستنتج هاته الفكرة إذا قمنا بتحويل الصورة الشعرية للقصيدة إلى صورة نثرية !، إن عاشت الصورة ومرت من المرحلة الانتقالية الأدبية فإنها ضعيفة في بنائها أساساً، وإن ماتت في تلك المرحلة فإن الصورة الشعرية قوية لا تقبل التشويه ولا إعادة التوضيب حتى.
مساء جلستنا الأخوية أنا والزميل أنوار لكحل مع عبد الحميد العوني بنادي رجال التعليم، كان نزارنا يلقي يده من حين لآخر مشيراً إلى مكان جمال في جسد عذرائه خاصة بعدما استنتج عشقنا لأشعار الحلاج وغنائها بصوت "الساهر"، ومن جملتها نهد فتنني بحق في الصفحتين 48 – 49:

"أحب الله ولا أحب المسجدا
كاصطلاء موسى
أحب النار، ولم يحب الموقدا
- أحب الوردة، وإن لم تحب الموعدا !-
.....
لا يمكنني فقه الإله، وإنْ في انزواء
أحب الله لأني أحب فيه الأحباء
قال قائلي: أنت على نهج "ابن عربي" !
قلت إني فقط عربي، أحب الحب لأراه
وأرى حبي لتراه"

وهنا إشارة صريحة لرد كل اتهام لشاعرنا بالتصوف. أدبياً، وعلى خلاف المرة السابقة، نحس أن الشاعر عينه من فكر لينفعل. وكدليل على ذلك أنبه إلى استعمال مجموعة صورة "أوكسيمورية"
Images oxymoriques) )، ما نعني به التفكير في جمع صورتين متناقضتين ( حب الله وعدم حب المسجد). ثم الانفعال الذي جاء بعد ذلك على شكل حقيقة نفسية يجب استخلاصها، ألا وهي اقتناعه بأن حب الله غير مرتبط بمكان (المسجد) ولا بأية شكليات ومظاهر.
شطر الديوان إلى قسمين، عربي وإنجليزي، أخذت كل لغة حقها بالتساوي (66 صفحة)، وأهداه نزار لكل محب لم يجد حبيبه بعد، ما جسده في قوله: تراتيل في محراب حب يأتي ولا تأتي (قصد الحبيبة).
الشطر العربي حوى خمساً وأربعين قصيدة، خمس وعشرون منها "تراتيل" حب مقدس تتداخل فيه لغة القرآن البليغة ببعض عبارات الإنجيل، أفلح الشاعر في جمعها داخل لوحة تشكيلية ذات رونق جمالي رائع ولد صورة شعرية جد قوية بألفاظها ومحسناتها البلاغية:

الترتيل الثامن ص12:
"اقترب الحب للحب في غفلة وكلنا معرضون
ذكر الرب النجوى لبشر مثلنا
فذهبوا لسحر صنعوه بأيديهم، وهم لا يبصرون"...

الترتيل الثامن عشر ص 27:
"يا ملة الحب كان بك الله تواباً رحيماً
ترثين الأرض متاعا قليلاً والجنة مآلاً كريماً
أقول: كل من عند الحبيب، وكفى به حليماً
قالوا طاعة، وقالوا: خشية، وقلت
حبا يسلمك نفسي، كما تسلم روحي تسليما
الله فيمن يطع حبيبه
وكفى الحب أن يكون الحبيب عليما
قالت عذراء الربيع: رسوخ حب أم رسوخ علم
يؤمن بما أنزل على محمد وبما أنزل من قبله
"أولئك سنونتيهم أجراً عظيماً"

الترتيل الثالث والعشرون ص32:
"قد اتخذ الله حبا سبحانه
جاوزناه به بحر الشهادة، وعدا
أدركنا به إنجليه وقراءنه
الغفران قد آمنت به غفرانه
حبيبتي سبيل ألقى سحره
فكان سحرك في غيرك سبحانك
أغرقتها في قلبي
فكان في الحب طوفانك
رأيت إلها في صورة أخرى
فكان الجمال إنسانك"

على مستوى نقد المتن الشعري، وفي مقابل ما قيل سابقاً، يبطن شعر نزار الصغير قوة فنية يعرفها الناقد الفرنسي الكبير "بول فالري" (في كتابه: Variété) بصعوبة أو حتى استحالة الفصل بين المحتوى والصورة المشيرة إليه أو بين المعنى والصوت. ما يبرز بوضوح في البيتين التاليين: ص:45

"نقرأ صلاة الحب، فترى الحب يداعبنا في انحناء
نرى الله يباركنا في رداء، وقد تراءى في كبرياء"

المحتوى هنا حب والصورة أقوى من أن تفكك عن محتواها أو تغير بمشير آخر، فهي صلاة: طقس روحاني يمارسه ملايير الآدميين بين مسلمين ومسيحيين ويهود وهلم اعتقاداً... . في البيت الثاني تتصاعد قوة الصورة الشعرية بحث لا يمكن أبداً إيجاد بديل أكثر تعبيراً: فالله نفسه يبارك حب المحبين، وأكثر من ذلك يشهدان فعل المباركة !.
لكن، وإن طبقنا نظرية الشاعر الإنجليزي "هاربيرت ريد" في باب قصر القصيدة أو طولها (أدبياً)، على هذا الجزء كما الأمر مع غالبية الأبيات المكونة لصائد الديوان، سيتبين لنا جلياً أن عذراء الربيع لم تعرف استقرار في بنيتها الشعرية:
مرة تتغلب الصورة على المحتوى وأخرى يطغى هذا الأخير عليها. و"نضرب للناس الأمثال لعلهم يعقلون":
صورة مباركة الله للحب، في البيتين السابقين، أقوى من محتواها (=الحب)، أما مسألة حب الله وعدم حب المسجد فالصورة، هنا ضعيفة جداً أمام محتواها "الفكري" إن صح القول.
يصف "ريد" البيت القصير اليتيم في قصيدة طويلة بأنه عظيم، أضيف: البيت العظيم في قصيدة قصيرة لن يكون إلا جميلاً. والصراع الديالكتيكي بين الطول والقصر (بمفهومهما الأدبي) في هذا الديوان جعل منه عملاً متميزاً بحق، جمع عظمة "ريد" وجمالي "أنا". وأزعم أن هذه الخاصية وليدة تنوع نفسي يعيشه الشاعر داخل ذاته ومع نصفه الآخر ما يجعله يريق مداده، تارة لحب دام أعمى وتارة أخرى للتعبير عن حب عميق المعنى ترافقه دلالات فلسفية روحانية رفض الشاعر وصفها بـ"الصوفية".
---------------------------
(*): عبد الحميد العوني = نزار الصغير: الأول، محلل سياسي والثاني شاعر تجمعهما شخصية واحدة.


ختامه شعر:

تراتيل جنون عشقتها
لك صناعتها، يا عبد الحميد، ولي حبها
تراتيل شعر، بحلاوة انتقدتها
قلت: غريب!، عذراء مارست جنساً !
أجبتَ: نعم، لا هي راهبة ولا كان "قساً"
أردفت: هنيئا لك عذراء الوفاء
عساها تكسر القاعدة وتأتيك في الشتاء
شتاء برد وشاي وقبلات في المساء
إن البقية صمت، يا "هاملت"، وانزواء
وما هي، عند Abdel، إلا عراء




#أيوب_المزين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحسناء التي... -إلى كوثر
- قراءة في مقال (*)-إعلان العاصفة على المؤسسات الدولية-
- أهذه مبادرتك الوطنية لتنمية البشر يا ملك؟
- الدخول المدرسي على الطريقة المغربية !!!
- من -كفاية- في مصر إلى -باراكا- في المغرب: على طريق تأسيس وعي ...
- حجاب المرأة بين ستر المفاتن وإخفاء القذارات
- قراءة في كتاب البطن العالمى بين الولائم والوضائم
- لاجئ طبيعي
- الرجل المثمر- المهدي المنجرة
- مجلس النوام _ عن كتابي: صرخات حق يحتضر
- فاس العتيقة بعد مجيء القمر وبعد هروبه
- حبيبة القلب
- حوار مع خبير المستقبليات المغربي الدكتور المهدي المنجرة
- العالم الإسلامي : الوضع الراهن والمستقبل
- عرب بلا نظم سياسية ولا تنمية حقيقية(**)
- الحرب العالمية الأولى الحقيقية - الإستعمار الجديد


المزيد.....




- تحديات المسرح العربي في زمن الذكاء الصناعي
- بورتريه دموي لـ تشارلز الثالث يثير جدلا عاما
- -الحرب أولها الكلام-.. اللغة السودانية في ظلامية الخطاب الشع ...
- الجائزة الكبرى في مهرجان كان السينمائي.. ما حكايتها؟
- -موسكو الشرقية-.. كيف أصبحت هاربن الروسية صينية؟
- -جَنين جِنين- يفتتح فعاليات -النكبة سرديةٌ سينمائية-
- السفارة الروسية في بكين تشهد إزاحة الستار عن تمثالي الكاتبين ...
- الخارجية الروسية: القوات المسلحة الأوكرانية تستخدم المنشآت ا ...
- تولى التأليف والإخراج والإنتاج والتصوير.. هل نجح زاك سنايدر ...
- كيف تحمي أعمالك الفنية من الذكاء الاصطناعي


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أيوب المزين - قراءة نقدية في تراتيل عبد الحميد العوني الشعرية مدرسة الصورة – مرة أخرى -