أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أيوب المزين - الحرب العالمية الأولى الحقيقية - الإستعمار الجديد















المزيد.....


الحرب العالمية الأولى الحقيقية - الإستعمار الجديد


أيوب المزين

الحوار المتمدن-العدد: 855 - 2004 / 6 / 5 - 04:15
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ليت الحرب الباردة لم تنتهي ، و ليت الشيوعية لم تنقضي، كانت على الأقل تقف الند للند في وجه أمريكا الصهيونية، أما الآن فمن أراد التنفس وجب عليه طلب الإذن من " نيرون" عصرنا وإلا فكل التهم منسوبة إليه من إرهابي حتى ديكتاتوري إلى ... ( في انتظار مصطلحات جديدة تستعمل كدريعة). أتذكر الرجال الأشداء في تاريخ الأمة فأبكي، أيننا من الأمير عبد الكريم الخطابي؟ ، وأيننا من شيخ الشهداء عمر المختار ورفيق جواره عند الله الشهيد أحمد ياسين ؟ وأوافق الدكتور مصطفى السباعي عندما قال :"حين تخلو الساحة من الأبطال يتمنطق بالسلاح كل جبان خوار ، وحين تخلو من الزعماء يتصدى للقيادة كل سفيه غرير ، وحين تخلو من الأمناء يتظاهر بالوفاء كل خوان حقير ، و حين تخلو من الحكماء
يدعي الفلسفة كل جاهل مغرور، وحين تخلو من المجاهرين بالحق يصول كل طاغية لئيم. لكن يجب أن نعلق آمالنا على سواعد الشباب، وأن ننتظر إعادة التاريخ لنفسه معيدا معه العدل والإنصاف .
انهار الإتحاد السوفياتي فبرز على أنقاضه( بسبب الفراغ الدولي) القطب الواحد المتمثل في الولايات المتحدة الأميركية المتفوقة في المجال الإقتصادي و السياسي و العسكري ، الشئ الذي أتاح الفرصة أمام هته القوة لإعلان حرب عالمية على كل من لا يرضخ للتعليمات السامية القادمة من العاصمة العليا " واشنطن ".
(1) فظاهرة العولمة بصرف النظر عن كل المقاربات والتأويلات مرحلة من مراحل الإستعمار الجديد الذي تعمل القوى الكبرى ( و في مقدمتها الو.م.أ كقوة أولى ) على الترويج لها ، ليس على مستوى الممارسة و التطبيق ، و لكن أيضا على مستوى الثقافة و الفكر .
ولتحديد موقع الو.م.أ المركزي نقربها من واقع رياضي ملموس ، ففريق " ريال مدريد " الإسباني بميزانيته الضخمة احتكر النجومية العالمية، و ضم إلى صفوفه النخبة من اللاعبين العالميين، وهذا يطابق تماما أفعال أمريكا، فهي تجمع الزبدة الطرية من كل أرجاء العالم و في المقابل لا تطرح إلا الفضلات و السموم القاتلة .
من هنا أقول للذين يدعون تكافئ الميزان العالمي ويكذبون بقولهم أن العالم قرية صغيرة الناس داخلها متساوون، وإلى الذين يجلسون على مقاعد مؤتمر "دافوس" أن يضيفوا في الإسم الأخير راءا في الوسط ويغيروا السين في الأخير براء أخرى ليحصلوا على " دارفور" الإقليم الواقع في جنوب السودان حيث الفقر والقهر، لا أمان ، حرمان .
الحرب على الهوية :
إذا كانت هذه الحرب تهدف إلى سيطرة القطب الواحد على الإقتصاد والسياسة العالميين فإنها لا تخلو من أفكار حاقدة على الثاقافات الأخرى، تعمل على حذفها و الاحتفاظ بالثقافة العالمية أو بالأحرى الثقافة الأمريكية.
"إن هذا القرن سيشهد انتشار القيم الأمريكية وانماط العيش والسلوك الأمريكي" هكذا عبر" الكوبوي" بوش عن عزمه على أمركة العالم أي جعله نسخة طبق الأصل عن المجتمع الأمريكي.
إن الثورة التكنولوجيـة والتطور الكبير الذي تعرفه شبكـة
الاتصالات والإعلام من ظهور القنوات الفضائية و شبكة الإنترنيت ساهم بشكل كبير في نقل الثقافة الشمالية إلى الجنوب: فالأفلام الهليودية تلقى إقبالا كبيرا من قبل شبان الدول النامية ـ و أخص بالذكر الدول المسلمة المستهدفة ـ لأنها تظهر العنف و الجنس، لا يعني هذا أننا ميالون لهذين الأخيرين و لكنه يظهر أن مروجي هذه الأفلام من دعاة العولمة خططوا وأحسنوا التخطيط للوصول إلى العقول و بالتالي إعادة برمجتها حسب رغبتهم و جعل الحياة على طريقتهم . في المقابل لاحظنا أن مسلسل "فارس بلا جواد " وغيره من الإنتاجات الفنية التي تظهر الحقيقة مبسطة أمام المتفرج لقيت معارضة من طرف إسرائيل وأمريكا اللتين تريدان نهج نوع خطير من التضليل الفكري من خلال وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة. كما أطلقت الو.م.أ إذاعة سمتها "الحرة" موجهة باللغة العربية إلى الدول العربية حاملة خطاباً صهيونيا يخرب العقول تحت شعار الحرية.
أما أغلب المواقع على شبكة الأنترنيت فهي باللغة الإنجليزية والمعلومات المبثوثة على نفس الشبكة تقدم بنفس اللغة بنسبة 38% (4) وعدد الوثائـق المتوفرة فيها باللغـة نفسها تصل إلـى
حوالي مليار ونصف مليار وثيقة؛ و هذا يظهر رغبة العولميين في طمس اللغات واللهجات الأخرى وقد تأتى لهم ذلك فقد(2)أوضحت الدراسات أن "بعض الأبحاث تقدر عدد اللهجات المحلية في العالم بما بين خمسة آلاف وسبعة آلاف، منها ما يقارب خمسة آلاف لشعوب أصلية. لكن هناك أكثر من 2500 لغة مهددة بالاختفاء على المدى القصيرعلماً أن عدد اللغات العالمية يقدر 2700 لغة .
وقال الخبراء إن 234 لغة أصلية معاصرة اختفت كليا، محذرين من أن 90% من اللغات المحلية في العالم سوف تختفي في القرن الحادي والعشرين.
إذا اطلعنا على المقررات الدراسية ومناهج التعليم داخل الدول الإسلامية خلال العشر سنوات الأخيرة سنجد أنها مقارنة مع مناهجنا الحالية متغيرة تماما : فقد قلت ساعات تلقين الدورس الإسلامية وستحذف الدروس التي تتحدث عن الجهاد وأمجاد المسلمين داخل ساحات القتال لأنها وكما تدعي الو.م.أ توقد غليان الحقد على الديانات الأخرى ، هذا يعني أن مقرراتنا الدراسية هي الأخرى تتعرض لغارة من الغارات التي تشنها طائرات الأعداء في هذه الحرب الدامية ، لكن ما يتجاهله هذا العدو هي الدروس التي
تلقن في إسرائيل و التي تدعو إلى قتل العرب باعتبارهم جنسا غريبا عن الأرض يجب إبادته، و الدروس التي تلقن داخل الو.م.أ نفسها تدعو إلى نفس الفكرة، بل إنهم يضعون نقط مراقبة بيننا وهي المراكز الثقافية فإذا تجولت في مدينة مثل البيضاء سوف تجد أن بكل جهة يوجد مركز فرنسي وآخر أمريكي الأول يروج للفرنكوفونية و الثاني للعولمة .
إن المقررات الدراسية و كل ما نتلقاه نحن ـ التلاميذ ـ في إطار التربية و التعليم أصبح مستهدفا لأنه الأساس الذي تعمل دول المحور ( الو.م.أ + الدول المساندة لها ) على تخريبه و جعلنا بين اختيارين إما أن نغيره بأنفسنا أو تغيره هي بالقوة أي إما أن نحلق رؤوسنا أو يحلقونا إياها، وفي كلتا الحالتين نحن المتضررون من ناحية نضج جيل اَخر غير قادر على حمل المسؤولية. الهوية إذاً على رأس المطلوب عولمتهم و جعلهم كما يريد المتغطرسون، وخاصـة الثقافـة الإسلاميـة المستهدفـة مباشـرة،(6) "فقد نصت مذكرة وقعها 30 عضوا في الكونجرس الأمريكي" ربما أنها لا تقترح بقدر ما تفرض على الدول الإسلامية شطب البسملة في المراسلات العامة وافتتاح الأعمال الرسمية والمؤتمرات
والندوات باسم الحرية والديمقراطية، أي بالتصهين ورفع الشعارات المادحة للصهاينة، لكن يمكنني القول أن هذه المذكرة جاءت متأخرة لأن المسؤولين في الدول الإسلامية لا يحملون من الإسلام غير اسمه، فهم ليسوا شيوعيين ولا علمانيين ربما كانوا متطرفيين إسلاميين، غير أن الحقيقة أن ليس لهم عقيدة معينة أو فكرة محددة يؤمنون بها ويدافعون عن مبادئها ، الريح الذي يهب يأخذهم معه . عندما قرأت مقالا نشر في مجلة الفرقان الخليجية بالعدد 283 بعنوان : " الفرقان الحق " المزعوم .. مصحف الأديان الثلاثة !! . وجدت في هذا الموضوع أمرا عجيبا و خطيرا هو أن دارا نشر أمريكيتان هما ( OMEGA2001) و ( (Wine press قامتا بنشر ملايين النسخ من كتاب قالوا أنه مرجع العصر الحديث لجميع الأديان، ومصحف الأديان الثلاث يتوفر على 77 سورة حاشا أن تقرب للقرآن الكريم بشئ .
الحرب في الميدان الإقتصادي :
يعرف هذا المجال هيمنة الشركات المتعددة الجنسية ( multinationales ) التي تعمل على تذويب كل الحواجز الجمركية بتسهيل مرور السلع والبضائع ورؤوس الأموال وتجعل العالم تحت رحمة قانون يزيد الغني غنا و يهوي بالفقير نحو أقل دركات الفقر، فقد أكدت الإحصاءات أن ثروات أغنى 200 رجل في العالم تفوق دخل 41% من سكان المعمور. لقد أصبحنا داخل سوق عالمي كبيرخاصة بعد نمو البورصات وتطور شبكة الإتصال، بحيث أن السرعة هي محور كل العلاقات فالسريع يتفوق على البطيء. وتظهر هيمنة هذه الشركات داخل دول العالم الثالث متمثلة في المبيعات الكبيرة التي تلقاها منتوجاتها، وتعد شركة "ماكدونالز" غارة من غارات هذه الحرب بعدد مطاعمها الهائل والذي يفوق 28 ألف ابتداءا من أمريكا مرورا بأوربا وأقصى شرق آسيا والخليج العربي و مصر والمغرب العربي حتى الجنوب الإفريقي ...، وكذلك "ميكروصوفت" الشركة الأمريكية التي تحتكر سوق المعلوميات من حواسيب وبرامج وألعاب إلكترونية ... .
إن هذا القانون المتوحش مكن أشخاصا معدودين من امتلاك ثروات تفوق ثقل اقتصاديات البلد المنتمين إليه، فمثلا الحريري "رئيس وزراء لبنان سابقا " له شركات تفوق ميزانيتها ميزانية الحكومة اللبنانية الغارقة في الديون.
و الخطير في الأمر هو أن هذه الشركات المتعددة الجنسيـة
تتزعمها شركات أمريكية لا تفكر إلا في الربح و العمل على الضغط بأوراق اقتصادية في مواضيع سياسية فهي على سبيل المثال تتحكم بحوالي(3) 73% من الصادرات الصناعية المعلوماتية العالمية، وحوالي 75% من مبيعات الصناعات الفضائية والطيران المدني والعسكري ،إضافة إلى تحقيقها ( و.م.أ ) ناتج قومي ضخم (ألف بليون دولار عام 1995) يماثل 25% من الناتج القومي في العالم.... ، كل هذه الأرباح على حساب الدول النامية التي تزداد ديونها يوما بعد يوم ، لكن رغم ذلك فهي لا تحرك ساكنا ولا تقدر على مخالفة قرارات الغرب و أمريكا . لمذا ؟ هل هي مرغمة على التطبيق دون نقاش ؟
أما الشئ الغريب في هذا الميدان هو أن دولا ضعيفة تسعى لفتح سوقها الإقتصادية و منتوجاتها أمام منافسة أجنبية شرسة ستكسد السلع المحلية لأنها توفر جودة عالية بثمن أقل ، وفي ذلك خطر على إقتصادها و المدهش أنها تعلم ذلك لكنها لا تقدر رفض طلبات الفرعون ؛ الحمد لله بلدنا حدا حدو مجموعة دول وخطى خطوات جبارة من أجل زيـادة هم التاجر المغربي و جعله بيـن

أمواج بحر هائج ستغرقه لا محال .
مناطق التجارة الحرة التي تتحدث عنها الو.م.أ و تعمل جاهدة على توسيع دائرة المتعاملين داخلها، كلها مساوئ و ليس للمحاسن فيها مكان ، فالإدارة الأمريكية تشترط توفر شروط خاصة في الدول التي تود توقيع هذه الإتفاقية فأولا وبالدرجة الأولى تلزم الديمقراطية و حرية التعبير وعدم وجود العنصرية ... ، هذه الشروط وإذا وضعنا أن دول الجنوب هي المتمكنة من العالم وفرضتها على الو.م.أ لن نجدها مطبقة لها حتى لو انتظرنا مئات السنين لأن هناك تأثير صهيوني كبير يعمق الصراع بين الأجناس المتعددة المكونة للمجتمع الأمريكي و يقمع الشعب الأمريكي في الخفية .
لنعد إلى نقطة مهمة وهي الديون المتراكمة على عاتق الدول النامية، فمنذ عهد الرئيس الأمريكي "نيكسون" الذي شجع دخول أموال أجنبية إلى دول الجنوب تحت شعار ليبرالية حركة الرأسمال، ونحن نعاني فقد أصبحت ديون ما يقارب 58 دولة متخلفة حسب تقرير صندوق النقد الدولي تناهز 2,2 تريليون دولار، وإذا علمنا أن 800 مليون شخص غير قادرين على توفير مدخولهم اليومي فمن المؤكد أنهم يصارعون من أجل البقاء ، إذن كيف ستسدد هذه الديون ؟؟.
الحرب و القرارات العسكرية و السياسية:
إذا كان الاستعمار القديم قد أرهب ساكنة الأماكن الخاضعة له واستغل خيراتهم فذلك علنية وأمام الجميع، عكس الاستعمار الجديد الأكثر تعقيدا وغموضا فالأمر اليوم يتعلق بتجمع يعمل ضد مصالحنا يقوده المستعمرون الأوائل بتنسيق مع أصحاب القرارات في الجنوب المرتشين والبائعين ضمائرهم مقابل بطاقة تأمن لهم البقاء في الطليعة، لكنهم لا يعلمون أن من أعطاهم هذه البطاقة اليوم سيحرقهم بها غدا .
إن الو.م.أ هي الوحيدة التي تعطي لنفسها حق التدخل العسكري السريع في أي بلد يقف ضد مصالحها بدريعة أن به إرهابا أو ديكتاتورية أو انعدام حقوق الإنسان... (العراق وأفغانستان)، و لمثل هذه التدخلات تعد العدة فعلى سبيل المثال : فاق إنفاقها للتسلح خلال عام 2003م (3) 396 مليون دولار وتمتلك ترسانة نووية قادرة على تدمير العالم عدة مرات... ، أما القوات الأمريكية فستجد لها عدة قواعد عسكرية في جل بقاع العالم والمخابرات الأمريكية تراقب الجميع و تضعه تحت مكبر. وتمنح كنكرسها فرصة فرض عقوبات على الآخرين ( قانون المحاسبة على سوريا..) و كأنه دركي المراقبة ، وبهذه العملية تتسلط على دور الأمم المتحدة التي بدورها تساند الإدراة الأمريكية وهذه الأخيرة لا تتردد في موضوع ترويج الديمقراطية العالمية الموحدة حيث الكل عبد للصهاينة ، فهي تعاقب من يخرج عن طاعتها بإطعامه سما قاتلا لا يعرف حامله وقت عمله ، كما حدث للمقاتلين الأفغان المرميين حاليا في سجون غوانتانامو داخل أقفاص ، وكذلك الشأن لصدام حسين أكبر ضحايا الخدع الأمريكية و كما شاهدنا على شاشاتنا الصغيرة مناظر مؤسفة تحمل كل معاني الحقد والكراهية و تعلن أمام الجميع أن مصير صدام هو مصير كل من تسول له نفسه التلاعب مع أمريكا الصهيونية. يمتلك العملاق الأمريكي قدرات عسكرية هائلة يود أن ينفرد بها فيضغط على الوكالة الدولية للطاقة الذرية كي تقوم بحملات رقابية للمشكوك فيهم و اجبارهم على توقيع معاهدات تمنعهم من تصنيع مواد نووية وبيولوجية، و في حالة الهند وباكستان القوتين النوويتين، فالو.م.أ تعمل على إشعال حرب بينهما قصد تدميرها كليا باعتبارهما خطرا عليها، وتبعا لهذه الضغوط ردخت إيران و ليبيا لكن كوريا الشمالية بقيت تلعب داخل مستنقع أمريكـي مميت و هذا التحدي أعتبـره
رفضا للإهانة إذا كانت هذه نيتها أما إذا كانت النية مجابهة عادية فذلك بلادة منها لأن الكل اليوم يصارع من أجل البقاء . كما يجب ألا ننسى أحد أهم المناهج التي تعمل الو.م.أ على تكريسها هي ما سماه الباحث في الجغرافيا السياسية " تايلور " ب " جغرافية السيطرة من دون إمبارطورية " أي أن القوة العالمية إذا ودت فرض سيطرتها فليس بالضروري أن تكون سيطرة جغرافية ، لكن هذه الفكرة ومعها فكرة البروفيسور المهدي المنجرة التي تصف هذه القوة بالحنينة مضايقتان بفكرة مناقضة : عند دخول الو.م.أ أفغانستان والعراق اتضح جليا أنها تطبق أفكارا جيوبوليتيكية إمبريالية تعيدنا إلى تذكر نكتة سوفياتية مشهورة : يسأل الأستاذ تلميذه قائلا: من هم جيراننا يا عزيزي؟ يرد التلميذ متبسما: جيراننا هم من نريد أن يكون جيرانا لنا. تسفير هذه النكتة أن الإتحاد السوفياتي في ذلك الوقت كان عازما على التوسع و السيلان في مياه الغير، و هذا ما تفعله أمريكا اليوم.
في وقـت عصيب تمر منه منطقة الشـرق الأوسط أعلنت
الو.م.أ عزمها على طرح مشروع " الشرق الأوسط الكبير " خلال قمة الدول الثماني المنعقدة في يونيو 2004م بولاية جورجيا الأمريكية تكميلا للمخطط الأمريك ـ صهيوني، الحامل بين سطوره شعارات كاذبة تزعم تشجيع الديمقراطية و حقوق الإنسان و بناء مجتمع معرفي شرق أوسطي ، لكن الهدف الحقيقي الوحيد هو خدمة المصلحة الإسرائيلية و فتح المجال أمام المشروع الصهيوني التوسعي (5) لتتمدد إسرائيل في فراغنا لتصبح كبرى .
إن الحرب التي شنتها الو.م.أ على أفغانستان و العراق ما هي إلا بداية لحروب لن تنتهي لعقود.
بهذا فهي تطبق عولمتها و تريد جعل قانونها السياسي والعسكري منطلق كل القوانين العالمية الأخرى، لكن اللوم على أنظمتنا المقصرة في أداء الواجب الوطني و القومي الأسمى .
كذبة أبريل الطريفة:
كل سنة يأتينا بعض البلهاء ليطرحوا أكذوبتهم المدهشة لكن خلال السنوات الأخيرة أتوا بأكذوبة تفضحهم قائلة: إن هؤلاء يكذبون عليكم و يريدون إيهامكم أن العالم أصبح قرية صغيرة الناس فيها متساوون، تأملوا في ما حولكم و ستعلمون الحقيقة.
إذا كنا داخل قرية صغيرة كما يدعي دعاة العولمــة ـ الذين يعجبهم تسمية أنفسهم بالليبراليين ونعت مناهضيها بالرادكاليين – فالمعقول أن نتساوى في ظروف المعيشة ... لكن ما يظهر في الواقع بعيد كل البعد عن هذه الأكاذيب التي تنكشف لنا حقيقتها يوما بعد يوم في ما نعيشه و نلمسه :
(3) 1- يقدر أن نحو 100 مليون شاب تتراوح أعمارهم بين 14 و19 عاما يعيشون في الشوارع بعيدا عن منازلهم وأسرهم.
2 - كل عام يموت في العالم ما يزيد على 585 ألف امرأة بسبب الحمل. وتعانى سبعة ملايين امرأة من مشاكل صحية خطيرة، كما تعانى 50 مليون امرأة من أثار صحية مختلفة نتيجة الولادة. وتجرى نحو 20 مليون عملية إجهاض غير مأمونة في البلدان النامية كل سنة، يموت خلالها حوالي 70 ألف امرأة أي 13%من مجموعة وفيات الأمهات في العام.
3- خمس الأطفال لا يصلون في دراستهم إلى الصف الخامس الابتدائي وحوالي 20% لا يحصلون على ما يكفي من الطاقة الغذائية والبروتين ، كما جاء في تقرير أممي أن ما يفـوق

100 مليون طفل يعيش حالة تشرد .
4 - أكثر من مليار شخص لا يزالون محرومين من الحاجات
الرئيسية، ومن أصل 4.8 مليار نسمة فى البلدان النامية يفتقر حوالى ثلاثة أخماسهم إلى الوسائل الصحية الأساسية، وحوالي الثلث لا يستطيعون الحصول على المياه النظيفة ، والربع لا يتوفر لهم السكن الملائم.
5- بين حوادث الوفاة التى يبلغ عددها 2.7 مليون سنوياً بسبب تلوث الهواء هناك 2.2 مليون حالة سببها التلوث داخل الأماكن المغلقة و 80% من الضحايا هم من فقراء أرياف البلدان النامية كل هذه الأرقام والنسب المؤلمة لا يعيشها غيرنا نحن سكان العالم الثالث إضافة إلى تحويلنا لفئران تجارب ذرية وتحويل أراضينا قبرا تدفن فيه النفايات النووية .
إذا تأكد لنا وجود جرح في جسدنا فما علينا سوى تضميضه ، وضماض جرحنا ثورة شريفة لتحسين الوضعية وإظهار السخط وإكنان الحقد لكل من يكون كلب صيد للو.م.أ التي تعتبر نفسها راعي الغنم ومتى كان الذئب راعيا، وليعلم كل عميل من المتحكمين في مصائرنا أن بالنا لن يهدأ فالفارس سيشهر سيفه والفلاح سيحمله فأسه والمثقف سيكتب بقلمه حتى نقطع الثعبان رأسه وذيله .
هذه هي مجريات الحرب العالمية الأولى الحقيقية التي تخوضها دول المحور أمام دول الحلفاء (الدول النامية) حيث الجميع يتضرر و كل الشعوب دون اسثناء تعاني من هذه الهيمنة والغطرسة التي أسماها البروفيسور المهدي المنجرة بـ"المغاـ إمبريالية" .
لا خيار اليوم أمام الجنوب المستهدف فإما أن يقاوم و يدافع عن نفسه بأية طريقة ، و إما أن يستسلم مسلما مفاتيح الدار لغير صاحبها ، تبعا لما قاله الشيخ إمام عيسى في أغنية عنوانها " بقرة حاحا " و هي باللهجة المصرية :
ويوم معلوم، عملوها الروم ، زقوا الترباس، هربوا الحراس، دخلوا الخوجات ، شفطوا البنات ... .
نقطة مهمة :
أكيد أن أعدائنا يهاجموننا ويعملون على(*) بلقنتنا وابذعرارنا، والمشكلة ليست في هجومهم بقدر ما هي في دفاعنا، نجد عند ابن خلدون أن (7) المغلوب مولع باتباع غالبه ، و نفس ما قاله يحدث معنا اليوم : العلوج هم الغالبون و العرب هم المغلوبون لكن دفاع المنهزمين هش بل إنه منعدم لأنهم يرون في عدوهم الكمال ويقتدون به في ملبسه ومأكله و مشربه وباقي سلوكه وأحواله . جيل اليوم يتناول قشور الموزة لا لبها و يقلد سطحيات الغرب . أول ما يستلزم فعله هو الإستعداد النفسي فإذا تمكنا من كبح نزعة التقليد سنكون قادرين على صد الهجمات العدوانية و لم لا إعلان الرد بالمثل و إعلان الفتح الإسلامي .
رفعت الأقلام و جفت الصحف .

الهوامش :
1 - المهدي المنجرة : عولمة العولمة ، منشورات الزمن ص 4-5
2 - قناة الجزيرة : العولمة تهدد باختفاء اللغات المحلية والثقافات ، السبت 17/11/1421هـ الموافق 10/2/2001م، (آخر تحديث) الساعة: 0:2 (مكة المكرمة)،21:2(غرينيتش).
3 - الموقع على الأنترنيت :
http://www.rezgar.com/m.asp?i=391
4 - د. عمر النمري: كاتب تونسي مقيم في بريطانيا، الفرنكوفونية استعمار أم استخراب؟ . عن مجلة البيان .
5 - الشرق الأوسط الكبير أم إسرائيل الكبرى : محمد البنعيادي ، عن جريدة المحجة الصادرة بفاس بتاريخ 16 مارس 2004م في العدد 210 .
6 - مقال نشر بجريدة الأسبوع المصرية يوم 15 مارس 2004 بقلم : مصطفى بكر .
7 - مقدمة ابن خلدون ، الجزء الأول ص 156 ، تصحيح وفهرسة أبو عبد الله السعيد المندوه، طبعة مؤسسة الكتب الثقافية: بيروت – لبنان .
(*) كلتا الكلمتين تعنيان التفريق و التشتيت .



#أيوب_المزين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- نيابة مصر تكشف تفاصيل -صادمة-عن قضية -طفل شبرا-: -نقل عملية ...
- شاهد: القبض على أهم شبكة تزوير عملات معدنية في إسبانيا
- دول -بريكس- تبحث الوضع في غزة وضرورة وقف إطلاق النار
- نيويورك تايمز: الولايات المتحدة تسحب العشرات من قواتها الخاص ...
- اليونان: لن نسلم -باتريوت- و-إس 300- لأوكرانيا
- رئيس أركان الجيش الجزائري: القوة العسكرية ستبقى الخيار الرئي ...
- الجيش الإسرائيلي: حدث صعب في الشمال.. وحزب الله يعلن إيقاع ق ...
- شاهد.. باريس تفقد أحد رموزها الأسطورية إثر حادث ليلي
- ماكرون يحذر.. أوروبا قد تموت ويجب ألا تكون تابعة لواشنطن
- وزن كل منها 340 طنا.. -روساتوم- ترسل 3 مولدات بخار لمحطة -أك ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أيوب المزين - الحرب العالمية الأولى الحقيقية - الإستعمار الجديد