أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - عماد حياوي المبارك - سفرتي إلى مقدونيا Macedonia















المزيد.....

سفرتي إلى مقدونيا Macedonia


عماد حياوي المبارك
(Emad Hayawi)


الحوار المتمدن-العدد: 5533 - 2017 / 5 / 27 - 02:08
المحور: الطب , والعلوم
    


سفرتي إلى مقدونيا
Macedonia
غالباً ما يصادفنا خلال تجوالنا ببلدان الأرض كثير من السياح الغربيون، وكانت لنا فرص أن نلتقيهم نتحدث معهم، وصادف يوماً أن ناقشَنا أحدهم حين وجَدَنا على بوابة أحد المطاعم الأمريكية في العاصمة الماليزية كوالا لمبور قائلاً... لمَ الوقوف هنا بالطابور ومتاح لكم بمطاعم أخرى الفرصة أن تجلسون وتتذوقون طعم أكلاتهم، فمعرفة البلدان والشعوب تكون من خلال مطاعمها المحلية وأسواقها الشعبية.
كثير من الناس حين يذهبون برحلة سياحية لبلدٍ ما يختارون عاصمته لأن من خلالها يمكنهم أستكشاف البلد، ففيها تلتقي كل ألوان البشر ومذاهبهم ومستوياتهم. ومع أن هذا الكلام منطقي لكنني شخصياً أفضل زيارة البلدان ليس من بوابة عواصمها التي تحترف عملية الجذب السياحي مما يفقدها النكهة المحلية لمواطنيها حيث يكثر فيها الأغراب الوافدين وتجد المبالغة بالبهرجة وفي البناء وغلاء الأسعار.
كثير من البلدان التي زرتها أكثر من مرة كانت لي الفرصة متاحة أن أدخلها من خلال عواصمها لكنني لن أفعل، فلا المغرب ولا إيطاليا ولا أسبانيا زرتُ عواصمها وكثير غيرها لم أمكث بها فترة طويلة والسبب أنني كلما أبتعد عنها أحس بالعفوية وعدم التصنع لدى الناس مما يساعدني أن أستكشفها بطريقتي الفضولية بسهولة وسلاسة وأن ألمس عادات الشعب من خلال مطاعمهم ومقاهيهم وأسواقهم وهو ما لا يتاح بمدينة مزدحمة الهَم الأول والأخير فيها التربح لمسايرة تكلفة الأستثمارات الباهضة. حين تتوفر لي فرصة للسفر أختار بلد أجهله أو أنني أعرف عنه القليل فهو يجذبني بدرجة أكبر من جاذبية مدن كلندن أو باريس أو حتى أمستردام التي تبعد عني عشرات الأميال فقط.
× × ×
يسميها العرب (مقَدونيا) وفي بعض اللغات (مسدونيا) وأهلها يسمونها (مكدونيا).
كانت أراضيه ضمن الأمبراطورية العثمانية، عند سقوط الأخيرة بداية القرن العشرين أحتلته كل من صربيا واليونان ثم أصبح جزءاً من جمهورية يوغسلافيا السابقة التي جمع مقاطعاتها الرئيس الراحل (جوزيف تيتو) ثم تفككت ببداية التسعينات حالها حال الدول الأشتراكية بالرغم من أن هذه الجمهورية لم تكن ضمن دول المعسكر الأشتراكي ولم تنضم إلى حلف وارشو بل كان الرئيس تيتو والرئيس المصري عبد الناصر ورئيس وزراء الهند جواهر آل نهرو هم الثلاث قد أسسوا منظمة دول عدم الأنحياز حينما قام حلفان رئيسيان متناقضان بعد الحرب العالمية الثانية. بعد تفكك البلد قامت نزاعات مسلحة دامية بين مقاطعات البوسنة والهرسك وصربيا والجبل الأسود وكوسوفو.
يقع البلد الذي لا يطل على بحر بوسط شبه جزيرة البلقان التي يحدها بحر إيجة ومرمرة اللذان يفصلاها عن الأناضول أي تركيا شرقاً بينما البحر الأدرياتيكي يفصلها عن إيطاليا غرباً. تحد مقدونيا كل من صربيا وأقليم كوسوفو من الشمال وبلغاريا من الشرق واليونان من الجنوب ومن الغرب يحده البلد الأوربي الوحيد ذو الأغلبية المسلمة ألبانيا.
أسم مقدونيا في الأصل يغطي مقاطعة واسعة حكمها الأسكندر الأكبر بعدما كانت جزء من الأمبراطورية الرومانية والبيزنطية القديمة، وكانت تشغل جزءاً من شمال اليونان وجنوب غرب بلغاريا، أول من أطلق هذا الأسم على مقدونيا الحالية هو حركة التحرر التي قاومت الأحتلال اليوناني في عشرينات وثلاثينات القرن العشرين مما دفع اليونان للأعتراض على الأسم أمام الأمم المتحدة عند أعلان الإستقلال عام 1991 وهو الأمر الذي دعا الأمم المتحدة إلى التريث عامين قبل الأخذ به رسمياً في المحافل الدولية.
يسكن مقدونيا مليونين ونصف المليون نسمة وعاصمتها سكوبية تضم نصف مليون فرد. يعتنق ثلثي السكان مذهب الكنيسة الأرثودوكسية الشرقية ويحتضن ألوف الكنائس التي سبقت الغزو العثماني الذي خلف آثاراً أسلامية حافلة ووافدون من الأتراك والألبانيون يشكلون اليوم ربع السكان ولا ينظر لهم المقدونيون بعين الرضا. يتكلم الناس اللغة المقدونية والصربية والألبانية.
كانت رحلتنا إلى جنوبها حيث مدينة أوهريد، المدينة السياحية الأولى بالبلد والتي تحرسها قلعة تتربع على قمة جبل، تحتضن المدينة لوحدها 360 كنيسة بعدد أيام السنة بعضها يقع عند شواطئ بحيرة أوهريد الجميلة التي يرتفع منسوب مياهها 700 متراً عن سطح البحر وهي عبارة عن وادٍ مستطيل بطول 35 كلم ملأته المياه وتحتضنه جبال ترتفع حتى الألفي متراً مما يجعلها واحدة من أعمق البحيرات بالعالم حيث يصل أقصاه لأربعمائة متراً. تزود الجبال التي تتكلل بالثلوج في الشتاء البحيرة بمياه فائقة النقاوة مما يسمح بمشاهدة أعماق تصل لعشرات الأمتار، المطر الوفير هو مصد هام ورئيسي للبحيرة، شواطئ البحيرة الشمالية أوطأ من الجنوبية مما يتيح للأنهار بشمالها تصريف المياه الفائضة لتبقى ضمن الحدود المرجوّة. هناك خليجاً في شرق البحيرة تحده الجبال لا يمكن الوصول إليه إلا عن طريق القوارب يسمى خليج العظام يحتضن قرية نموذجية أنشأت على أعمدة وأطلال قرية تمتد داخل البحيرة، يقع بالقرب منها على جرف صخري داراً محصناً للرئيس الراحل تيتو، تمتد حدود ألبانيا على ربع البحيرة الجنوبي الغربي.
يقع المطار بين مدينة أوهريد ومدينة ستروكا التي يشقها أحد الأنهار التي تصرف مياه البحيرة وقد مهد لإنشاء كورنيش جميل. تقع مدينة بيتولا للشرق منهما وفيها آثاراً لمدينة رومانية ومسرح أتت هزة أرضية في وقت مبكر على غالبية مبانيها وبقيت رسوماً من الفسيفساء غاية في الجمال تمتد بين أساساتها الحجرية.
تقع العاصمة إلى الشمال الغربي وتبتعد من خلال طريق جبلي كثير اللتواءات مسافة مائتي كلم وهي تعتبر بعيدة نسبياً في بلد أقصى أبعاده لا يتجاوز الثلاثمائة كلم وشكل خارطته شبه مستدير. العاصمة مزيج متجانس لكنه يخلو من ملوني البشرة أي لا وجود للسود والصفر فيه، وهو ما يفسر بأن البلد لم يستقطب وافدين ولم ينفتح لهم، يشطر العاصمة نهر فاردار سريع الجريان والذي يقاطعه جسراً حجرياً للمشاة هو الأجمل بين بقية جسور المدينة المكتظة بنصب القادة، والمدينة تتكون من جزء قديم تملأه الكنائس والأديرة وجزء حديث حيث السكن العمودي الحياة بسيطة ومعظم الناس ودودين، أسعار المأكولات والمواصلات زهيدة لا تصل لنصفها في أوربا الغربية. ما يميز العاصمة وبقية المدن العدد الكبير من التماثيل النحاسية والنصب التذكارية لشخصيات كتبت تاريخهم.
هناك حركة أعمار وشق طرق واعدة. متوسط دخل الفرد بحدود العشرة آلاف دولار وهو قليل بالمقارنة بدول أوربية. سعر الغرفة بالفندق لا يتعدى خُمس مثيلتها في النمسا أو سويسرا. عملتهم هي الدينار وكل يورو يعادل ستون ديناراً. أسعار الأطعمة والمواصلات زهيدة جداً، فالجلوس بالمقهى لأرتشاف فنجان قهوة لا يكلفك سوى ثلاثون ديناراً أي نصف يورو، وكلفة أرتياد سينما أو متحف هي فقط مائة دينار بينما تكلفة دجاجة مشوية كاملة لشخصين مع المقبلات والمرطبات هي فقط مائة وثمانون ديناراً أي ثلاث يورو. يمكن أستأجار تاكسي داخل المدينة بمائتي دينار وأجرة المواصلات العامة داخل المدن هي ثلاثون ديناراً. بشكل عام فإن الألبسة المستوردة غالية ومعروضة بحرص وذوق وتماثل بأسعارها بقية الدول، يلفت النظر أناقة بناتهم ورشاقتهن وكثرة عمر الشباب الواعد. يلاقي الزائر صعوبة في التعامل باللغة الأنكليزية وقراءة اللافتات بالشوارع لكن المستقبل والأنفتاح الجديد يبشر البلد بالخير.
كانت رحلة موفقة أضافت لمداركنا خبرة جديدة في بلدٍ جميل يشغل معظم أراضيه الخضراء الجبال والوديان والبحيرات الجميلة ولا تخلُ الحدائق العامة وحتى الخاصة من شتلات زهور الروز ذات العطر الفواح ومن أشجار الفواكه كالكاكي والمشمش وأشجار اللوز والجوز.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
× أتمنى وأسعى لأن تكون محطتي القادمة في الشتاء بلد يقع بأقصى غرب القارة الأفريقية وهو غينيا، حيث المناخ الأستوائي يسمح لنا بالسباحة بالمحيط الأطلسي بمنتصف كانون، وهي رحلة ستكون مميزة جداً لو كتب لنا أن نخوضها ونعيشها، حينها سيكون لنا وقفة ولقاء مع شعب وأجواء ليس في جعبتي اليوم الكثير عنها.



#عماد_حياوي_المبارك (هاشتاغ)       Emad_Hayawi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تاريخ الصوت
- قمة الهرم العراقي
- نساء من الفرات ومن النيل
- حزب الفراشات... بين قلعة الباستيل والمنطقة الخضراء
- صنف
- أتيكيت
- الملموس والاملموس
- همسٌ وهشيم
- تطرف... تطرف
- لفظ الجلالة
- شاهد عيان
- عم توفيق
- سكسون
- الثلاثة... سعدي
- فاز باللذات...
- ماذا لو تشرق الشمس من الغرب؟
- حواسم أيام زمان
- على مودك
- أبو عبد الله
- خطة لا يعلم بها أحد


المزيد.....




- الإمارات: حالات -محدودة- مرضت بسبب التأثر بالمياه الناجمة عن ...
- بوتين: النجاح في ساحة المعركة يعتمد على السرعة في حل المشكلا ...
- الجزائر.. منتدى تكنولوجيا الإعلام
- ما مشروع -نيمبوس- الذي ضحت غوغل بموظفيها وسمعتها من أجله؟
- رجل مصاب بالسرطان.. نمت رموشه بطريقة نادرة
- تبوك السعودية تحقق توصيف مدينة صحية من منظمة الصحة العالمية ...
- انتشال نحو 392 جثمانا من مجمع ناصر الطبي بخان يونس خلال 5 أي ...
- طبيبة: الكركم يبطئ الشيخوخة ويحمي من السرطان
- الناقة تحلّ محل البقرة بسبب التغيُّر المناخي
- باحثون يكشفون سر التوهجات الغامضة حول الثقب الأسود


المزيد.....

- المركبة الفضائية العسكرية الأمريكية السرية X-37B / أحزاب اليسار و الشيوعية في الهند
- ‫-;-السيطرة على مرض السكري: يمكنك أن تعيش حياة نشطة وط ... / هيثم الفقى
- بعض الحقائق العلمية الحديثة / جواد بشارة
- هل يمكننا إعادة هيكلة أدمغتنا بشكل أفضل؟ / مصعب قاسم عزاوي
- المادة البيضاء والمرض / عاهد جمعة الخطيب
- بروتينات الصدمة الحرارية: التاريخ والاكتشافات والآثار المترت ... / عاهد جمعة الخطيب
- المادة البيضاء والمرض: هل للدماغ دور في بدء المرض / عاهد جمعة الخطيب
- الادوار الفزيولوجية والجزيئية لمستقبلات الاستروجين / عاهد جمعة الخطيب
- دور المايكروبات في المناعة الذاتية / عاهد جمعة الخطيب
- الماركسية وأزمة البيولوجيا المُعاصرة / مالك ابوعليا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - عماد حياوي المبارك - سفرتي إلى مقدونيا Macedonia