أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصناعة والزراعة - عماد حياوي المبارك - صنف















المزيد.....

صنف


عماد حياوي المبارك
(Emad Hayawi)


الحوار المتمدن-العدد: 5506 - 2017 / 4 / 29 - 16:51
المحور: الصناعة والزراعة
    


صنف
تحضرني حكاية كان الوالد رحمه الله يكررها على مسامع زائريه حينما يتحدثون عن العمل والسوق والأحتكاكات بين الدائن والمدين التي تفرز مشاكل لا طائل لكلمة القانون فيها وإنما ألتزامات أخلاقية وأدبية لاغير، فيحكي لهم بأن الدولة العراقية في الأربعينات ومن أجل أستيفاء (فلس أحمر واحد) قد أنفقت العشرات بين محادثات واتصالات وبريد وغيرها، فقد كان فيما يبدو أن أحد مشتركي أحد مؤسساتها الخدمية كالكهرباء أو الماء أو ما شاكلها قد تملص عن تسديد ما بذمته للمؤسسة الحكومية، فقامت الدنيا عليه من أجل أيجاده ليسدد ما كان بذمته.
في مجال خدمة الهواتف كنت قد عملت بضعة سنوات بمؤسسة الأتصالات العراقية، كان المشهد أكثر وضوحاً أمامي حيث نقوم سنوياً بجرد المشتركين المتخلفين عن تسديد ما بذممهم للمؤسسة الخدمية هذه، وبالطبع أسهل العقوبات كانت قطع الخدمة التي هنا هي (الحرارة) عن الهاتف مثلما هي التيار الكهربائي بالأسلاك أو تدفق الماء بالأنبوب، ثم أستخدمنا لاحقاً خدمة تتحدث أوتوماتيكياً مع الطالب تخبره بأنقطاع الخدمة عن المشترك المطلوب لعدم تسديد الرقم المطلوب ما بذمته ليقوم بأبلاغ المدين بضرورة التسديد. والذمة هنا تعني الدين الذي يجده البعض ثقيلاً بينما الآخر يجده طبيعي وليس من مشكلة بملاحقته أو حتى تغريمه بينما تبقى المؤسسة تنتظر تسديد الدين لقناعتها بأن المشترك سيلجأ لها مرغماً تحت ضغط حاجة بيته وأسرته لتلك الخدمة، لكن لو يصادف أن الشخص قد أنتقل أو سافر أو حتى مات وليس من مستفيد بعده من الخدمة، ستلجأ المؤسسة للحصول على حكم قطعي لحجز أمواله المنقولة أو غير المنقولة وملاحقته قضائياً لأستيفاء ديونها، فالأموال هذه التي قد لا تتعدى العشرة دنانير أو تتجاوز الملايين هي في نظر القانون مبالغ محترمة تتعلق بهيبة الدولة وتسمى (بالأموال الممتازة).
وأن كنا نتحدث عن مبالغ وديون تستند لعدادات وأرقام نظامية مسجلة على حواسيب يمكن الرجوع إليها، فإن القاعدة تختلف في الأعمال الحرة والسوق، فلو نتطرق لمشاكل المهنة التي أبتلينا بها أباً عن جد والتي تكشف رأسمالها ضمن مساحة لا تتعدَ عدة أقدام مربعة (بفاترينة) حيث تتربع كل ملكية الصائغ والتي يمكن حملها بحقيبة ونقلها بغضون دقائق لو تسمح فرصة، فنجد تلاك المشاكل كبيرة تبدأ من المخاطرات كأحتمالات السطو المسلح أو السرقات الليلية أو حتى الفردية التي يقوم بها نفر ظال أمتهن أستغفال أو ثقة الصائغ ليقوم بسرقة أو أستبدال ما غلا بما رخص، وكنا وحينما نكتشف السرقة والتي غالباً ما تكون متأخرة كثيراً، نقول بأنها ضريبة أضافية على الصائغ أن يحسب حسابها.
تدخل اليوم حسابات الصائغ التي يود الكشف عنها والتصريح بها بأجهزة وحواسيب داخل دكانه وفيها برامج يمكنها جرد ما كان وأصبح بثواني قليلة، تجرد لصاحب المصلحة تفاصيل ما له وما عليه بتواريخها وصافي ذهبها وغير ذلك كثير فهي تنبهه عما مستحق له أو عليه ولا يمكن للعامل على الحاسوب تغيير أو حذف أي خطوة منعاً للتلاعب الذي قد يحصل. لكن وما دام الشخص نفسه هو من يغذيها، بالتالي فهي ليست قوية أمام القضاء كما هو الحال بالصكوك والكمبيالات التي تأخذ بها الدولة أكثر، لذا غالباً ما يصار الى رجال معروفين يمتهنون ذلك العمل وقد مرت بهم الكثير من الأحداث والمشاكل المشابهة فيقومون بفك النزاع والحكم بشأنه... يطلق على هذا الجمع أسم (الصنف). ومع أنهم غالباً من يتوصلون لحلول لكن تبقى المشكلة تنصب في نية المدين التسديد وقدرته على ذلك.
في شارع النهر بالسبعينات وبعدها بالثمانينات مرت علينا ونحن نختلط بالعمالة المصرية عدة نزاعات، وكانت إما بين التاجر مجهز الجملة أي صاحب رأس المال وصائغ المفرق من جهة أو بينه وبين صاحب الورشة من جهة أخرى التي غالباً ما يتسبب بها تسيب وعدم حرص عماله أو سرقة أحدهم بعض أو كل الذهب.
في حالة أن المدين هو من أبناء أهل السوق وقد ثبت عليه الذنب، يتم التسديد نيابة عنه أو على الأقل تكفله وألتزامه بتسديد ما بذمته على شكل دفعات بعد أن يتنازل الدائن بمحض أرادته عن جزء مما يطلب وكأن الأمر حدث قضاءاً وقدر كما يقال، أما إذا كان العامل أجنبي فلا أمامنا سوى تعهده بالعمل لقاء أجور مخفضة كي يستطيع تسديد مبالغ غالباً ما يذهب بعضها بمرور الأيام وأختلاف المواقف.
في يومنا هذا ببغداد ودبي وحتى بأوربا لا تزال الأوراق لا تحكم المدين ويبقى السوق يتطلب الثقة بين الأطراف، وكم من مرة أراد التجار العراقيون أن يلتزمون بأنظمة السوق الأخرى والتسديد المباشر ويتعهد الواحد للآخر، لكن البعض يجد أن ألتزام البعض بعدم البيع بالآجل فرصة ليصرف بضاعة يصبح الطلب عليها أكثر فتفشل المساعي ويعود الوضع كما كان.
وأن كنا نسمع بالسابق عن سرقة أو ضياع عشرات الغرامات، فاليوم بتنا نتحدث عن ضياع عشرات بل ومئات الكيلو غرامات في مشاهد وكأنها من الخيال. في الثمانينات كان العامل يهرب أو يعلن افلاسه بجزء من الكيلوغرام الواحد، اليوم أصبحنا نسمع أن زيد أدعى الأفلاس بأوزان تصل لعشرات الكيلوغرامات وعَمر يدعي السرقة بقصص لا يقبلها عاقل. قبل عدة سنوات تحايل أحد التجار الهنود بدبي وسرق بضعة عشرات كيلوات الذهب وبعدما هرب تم بيع محله وتوزيع الوارد على دائنيه، بينما أدى بعض العراقيين أنهم تعرضوا للتسليب في ظروف غامضة لدى نقل الذهب نحو بغداد بقصص تصلح أفلاماً سينمائية بوليسية، بينما هرب بعض التجار والعمال بما أؤتمنوا عليه من ذهب وهكذا تمر الواحدة بعد الأخرى. غالباً ما لم يحدث أن تم ألقاء القبض عليهم لضعف الأثباتات أو عدم تداول القضايا من قبل الجهات الرسمية بجدية والمبرر دائماً عدم وجود الدلائل وإن حسابات السوق بين المستهلك والمجهز لا يمكن الأخذ بها مثلما الأخذ بحسابات البنوك والدوائر الحكومية الموئقة رسمياً.
لا تزال تحدث اليوم كما حدثت بالأمس، وكثير من الأحداث القادمة تحاك الخطط والدسائس الآن لها وستكشف الأيام القادمة سراق جدد وطرق مبتكرة... وغداً لناظره لقريب.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
× الحال بعملية سداد الديون في أوربا يختلف كثيراً لأن الخدمات تتأتى من شركات ربما غير حكومية، وتهربنا عن سداد ما بذمتنا والذي غالباً ما يستوفى أوتوماتيكياً من حساباتنا البنكية بتخويلات موقعة من قبلنا، يحمل هذه المبالغ فوائداً اضافية، ففي غضون أقل من عام واحد يمكن أن تصل غرامة سيارة بثلاثمائة يورو إلى خمسمائة أو أكثر، لاحقاً لو لم يتعض المدين ويدفع ما بذمته، تقوم تلك الشركات بتحويل القضية لمكتب محاماة مخول من قبلها يأخذ على عاتقه ملاحقة المدين بكتب تنبيه مع نسبة زيادة تصل للعشرة بالمئة أولاً، وبينما يسدد مكتب المحاماة الدين من حسابه الخاص للجهة المستفيدة يقوم بأجراء قانوني وتطبيق فوائد وغرامات شهرية تصل لمضاعفة المبلغ، ويكون له الحق قانونياً بملاحقة كل حسابات المدين وشريكه (الزوج) بالبنوك والحجز على أموالهما وأملاكهما داخل وخارج البلد.



#عماد_حياوي_المبارك (هاشتاغ)       Emad_Hayawi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أتيكيت
- الملموس والاملموس
- همسٌ وهشيم
- تطرف... تطرف
- لفظ الجلالة
- شاهد عيان
- عم توفيق
- سكسون
- الثلاثة... سعدي
- فاز باللذات...
- ماذا لو تشرق الشمس من الغرب؟
- حواسم أيام زمان
- على مودك
- أبو عبد الله
- خطة لا يعلم بها أحد
- ليلة من ليالي رأس السنة
- كرسمس
- للأذكياء فقط... أيضاً
- للأذكياء فقط... رجاءاً
- من هم الأذكياء؟


المزيد.....




- شاهد ما كشفه فيديو جديد التقط قبل كارثة جسر بالتيمور بلحظات ...
- هل يلزم مجلس الأمن الدولي إسرائيل وفق الفصل السابع؟
- إعلام إسرائيلي: منفذ إطلاق النار في غور الأردن هو ضابط أمن ف ...
- مصرع 45 شخصا جراء سقوط حافلة من فوق جسر في جنوب إفريقيا
- الرئيس الفلسطيني يصادق على الحكومة الجديدة برئاسة محمد مصطفى ...
- فيديو: إصابة ثلاثة إسرائيليين إثر فتح فلسطيني النار على سيار ...
- شاهد: لحظة تحطم مقاتلة روسية في البحر قبالة شبه جزيرة القرم ...
- نساء عربيات دوّت أصواتهن سعياً لتحرير بلادهن
- مسلسل -الحشاشين-: ثالوث السياسة والدين والفن!
- حريق بالقرب من نصب لنكولن التذكاري وسط واشنطن


المزيد.....

- كيف استفادت روسيا من العقوبات الاقتصادية الأمريكية لصالح تطو ... / سناء عبد القادر مصطفى
- مشروع الجزيرة والرأسمالية الطفيلية الإسلامية الرثة (رطاس) / صديق عبد الهادي
- الديمغرافية التاريخية: دراسة حالة المغرب الوطاسي. / فخرالدين القاسمي
- التغذية والغذاء خلال الفترة الوطاسية: مباحث في المجتمع والفل ... / فخرالدين القاسمي
- الاقتصاد الزراعي المصري: دراسات في التطور الاقتصادي- الجزء ا ... / محمد مدحت مصطفى
- الاقتصاد الزراعي المصري: دراسات في التطور الاقتصادي-الجزء ال ... / محمد مدحت مصطفى
- مراجعة في بحوث نحل العسل ومنتجاته في العراق / منتصر الحسناوي
- حتمية التصنيع في مصر / إلهامي الميرغني
- تبادل حرّ أم تبادل لا متكافئ : -إتّفاق التّبادل الحرّ الشّام ... / عبدالله بنسعد
- تطوير المشاريع الصغيرة والمتوسطة، الطريقة الرشيدة للتنمية ا ... / احمد موكرياني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصناعة والزراعة - عماد حياوي المبارك - صنف