أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عمر سلام - قصة قصيرة - طفولة في مخيم














المزيد.....

قصة قصيرة - طفولة في مخيم


عمر سلام
(Omar Sallam)


الحوار المتمدن-العدد: 5518 - 2017 / 5 / 12 - 18:19
المحور: الادب والفن
    


طفولة في مخيم
عندما كنت صغيرا، كنا نعيش في مخيم اليرموك، قرب دمشق. كان فقر الحال لا يعتبر ميزة ولا معيبا لاحد، لان كل الاسر كانت تعيش بمستوى واحد تقريبا، فهم أخرجوا من ديارهم في فلسطين بمتاع بسيط فقط، او بدون متاع وبدأت معاناتهم الجديدة في الحصول على لقمة العيش للبقاء على قيد الحياة، وكان يجمع الناس الحنين الى الوطن والفقر والبساطة والامل.
كانت العطلة الصيفية المدرسية فرصة لنا نحن الأطفال لنعمل، ونقضي الثلاثة أشهر وهي فترة العطلة الصيفية في العمل. لم يكن أحد يعرف شيئا عن قوانين العمل او القوانين الضابطة لعمل الأطفال. ونحن كأطفال ببراءتنا كانت تغرينا بعض النقود التي نتقاضاها من عملنا.
وتجد قسم من الاطفال يعملون كمساعدين في نجارة (البطون) او مساعد معماري او صبي ميكانيكي او مساعد طيان. وقسم منهم يعمل في بيع الكاتو او (الهيلطية) التي هي حلاوة السميد وقسم يبيع (العنبر) وهو عبارة عن تفاح صغير مغطس بمادة حلوة قاسية، او بيع الترمس او العرق سوس او يبيع (البليلة) وهي الحمص المسلوق ...الخ من الاعمال قسم منها معروف وقسم من ابداع اهل المخيم.
ومنظر الأطفال في العمل كان طبيعيا جدا ومألوفا. بل أحيانا كان مصدر فخر للاب والام.
انا كان نصيبي بان جربت بيع الكاتود وال (هيلطية) والترمس.
وكنت محظوظا عندما حصلت على عمل صيفي في معمل بلاط كان يعمل به عمي.
كنت اذهب مع عمي أبو سليم الى العمل في الصباح الباكر واخذ الزوادة المكونة من خيارة و (زر) بندورة بصورة دائمة يترافق معها سندويشة جبنة بيضاء او سندويشة زعتر او سندويشة لبنة.
وكان العمل مجهدا بالنسبة لي. وما ان يأتي اخر الدوام حتى أجد جسدي يكاد يتمزق الى عدة أطراف من التعب، فأحس ان يداي ليست يداي وقدماي ليست قدماي وظهري عبارة عن أكثر من ظهر.
وعندما اتقاضى اجري اخر الأسبوع أسرع الى البيت بفخر. اما ما هو مصدر فخري بالضبط لم أكن اعرف. ولكن كانت السعادة تغمرني وانا احمل النقود وكأنني رجل صغير.
بعد عدة أسابيع بدأت اشعر ان الاجر لا يكفيني. لم أكن اعرف ما هو الاستغلال ولم أكن اعلم بأنني ابيع قوة عملي لرأسمالي صغير اتقاضى مقابله اجرا في نهاية الأسبوع. ولكنني كنت اشعر انه يجب ان اتقاضى اجرا اعلى.
واخذ شعور غامض بالامتعاض يتكون لدي لان الاجر الذي اتقاضاه قليل. واخذ هذا الشعور ينمو بداخلي وبدأت أحس بالظلم. وتغيرت نظرتي ليوم الخميس وهو يوم اخذ الاجر الاسبوعي، وأصبح الشعور بالفخر الذي كنت اشعر به في بداية عملي عند وضع النقود في جيبي اخذ يتناقص.
وتشكلت بداخلي حالة كره معينة لشيء ما خفي لم اعرف ما هو بالضبط ولم أستطع تحديده.
واحد الاعمال التي كنت أقوم بها هي المشاركة في تحميل سيارة البلاط. وحدث ذات يوم ان طلب منا ان نحمل السيارة باخر الدوام. وبدأت انا وزملائي الاطفال بتحميل السيارة بامتعاض لأننا كنا منهكين.
وكنت أرى البلاطة عشرة من شدة الاعياء، والعشر بلاطات التي كنت احملها في الصباح بجد أصبح وزنها الان عشرة اضعاف. فما كان من الحمل الذي احمله الا ان وقع على الأرض وتكسرت البلاطات.
شعرت بالرعب اذ ان ثمنهم يعادل ما اتقاضاه عن أسبوع كامل. وكدت على وشك البكاء لولا تدخل عمي وخفف على الامر وقال لي بانه ممكن ان يحصل وتنكسر بعض البلاطات.
هنا استعدت قواي بعد ان تأكدت انه ليس هناك عواقب للأمر. واكملت عملي حتى انتهت حمولة السيارة.
وانا في طريقي الى البيت ذلك اليوم اخذت احسب وانا واقف بالباص كم خسر صاحب المعمل من البلاط الذي كسرته وشعرت ينشوه خفيفة وابتسمت.
بعد هذه الحادثة اخذت بين الفترة والأخرى اكسر عن عمد عددا من البلاطات. واخذ شعور الامتعاض من قساوة العمل وقلة الاجر يخف رويدا رويدا.
الى ان أصبحت اذهب الى العمل سعيدا واعود سعيدا. وبقي العمل مجهدا وبقي اجري كما هو. الى ان انتهت العطلة الصيفية، وافتتحت المدارس. عندها تركت العمل وعدت تلميذا مرة اخرى.



#عمر_سلام (هاشتاغ)       Omar_Sallam#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا كان المفسرون الأوائل للقرآن من غير العرب؟؟
- قصة سقيفة بني ساعدة هل هي حقيقية ؟؟؟
- لماذا ستبقى المنطقة العربية متوترة بالحروب
- أبو بكر الصديق هل هو شخصية من وحي الخيال -2
- أبو بكر الصديق هل هو شخصية من وحي الخيال
- من هم خير امة أخرجت للناس
- معركة الجمل بين الحقيقة والاسطورة
- المرأة و الحرب
- 8 اذار دعوة الى مجتمع مدني ديمقراطي
- هل بنو قريظة وبنو النضير من سكان الشام ؟؟؟
- غباغب الشام ام غباغب مكة ؟؟
- هل يثرب منطقة نبطية في بلاد الشام؟
- وادي القرى في بلاد الشام وليس في الحجاز
- لماذا دافع الله في القران عن اليهود ضد الفلسطينيين في قصة طا ...
- بكة - باكا – باقا – باخا – باخوس صراع الديانات الابراهيمية ع ...
- افعال لا تليق بنبي 7 التآمر على العضو الذكري للنبي
- مشاعر وعواطف انسانية بالريموت كونترول
- أفعال لا تليق بنبي 6 – الايمان عن طريق المصارعة الحرة
- أفعال لا تليق بنبي 5 – من الذي نهى النبي عن الاوثان
- أفعال لا تليق بنبي 4 – معركة بدر بين الحقيقة والاسطورة


المزيد.....




- كيف يبدو واقع السينما ومنصات البث في روسيا تحت سيف العقوبات؟ ...
- الممثل عادل درويش ضيف حكايتي مع السويد
- صاحب موسيقى فيلم -مهمة مستحيلة- لالو شيفرين : جسد يغيب وإبدا ...
- دينيس فيلنوف يُخرج فيلم -جيمس بوند- القادم
- افتتاح معرض -قفطان الأمس، نظرة اليوم- في -ليلة المتاحف- بالر ...
- -نملة تحفر في الصخر-ـ مسرحية تعيد ملف المفقودين اللبنانيين إ ...
- ذاكرة الألم والإبداع في أدب -أفريقيا المدهشة- بعين كتّابها
- “361” فيلم وثائقي من طلاب إعلام المنوفية يغير نظرتنا للحياة ...
- -أثر الصورة-.. تاريخ فلسطين المخفي عبر أرشيف واصف جوهرية الف ...
- بإسرائيل.. رفع صورة محمد بن سلمان والسيسي مع ترامب و8 قادة ع ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عمر سلام - قصة قصيرة - طفولة في مخيم