أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جمال ابو لاشين - وثيقة حركة حماس ... كثير من السياسة قليل من الدين















المزيد.....


وثيقة حركة حماس ... كثير من السياسة قليل من الدين


جمال ابو لاشين
(Jamal Ahmed Abo Lasheen)


الحوار المتمدن-العدد: 5514 - 2017 / 5 / 8 - 15:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


وثيقة حركة حماس ... كثيــر من السياســة قليــل من الدين
بقلم /جمال أبو لاشين
أصدرت حركة حماس قبل أيام وثيقة سياسية شكلت من وجهة نظرها تغير كبير في ميثاقها (رغم أنها لم تتحدث عنه مباشرة) ولكن أمكن فهم ذلك من التصريحات اللاحقة للوثيقة، فأهمها ما جاء على لسان رئيس مكتبها السياسي السيد/ خالد مشعل لشبكة سي إن إن. الأمريكية يوم الأربعاء 4. 5. 2017م. مفادها أن الوثيقة تمثل مرحلة جديدة في رؤية حركة حماس، وهي فرصة يجب اقتناصها. بناء على ذلك وجب الخوض في أهم ما جاء في الوثيقة وهل قدمت ما يُقنع المجتمع الدولي بها ويجعله يتفاعل معها على قاعدة حل عادل للقضية الفلسطينية؟ أم هي بالمحصلة مثلت حالة جديدة تضاف للانقسام وسباق نحو التنازلات؟، أو واقعية سياسية تضع حركة حماس في موقف أكثر أمناً بسبب الصراعات الإقليمية والدولية، وتفتح لها أبواباً لتكون بديلاً عن منظمة التحرير الفلسطينية؟ كلها تساؤلات فرضتها الوثيقة في توقيتها ومحاولة تسويقها للأصدقاء قبل الأعداء لذلك تجئ تلك القراءة للوثيقة ومقارنتها بالميثاق ووثيقة الوفاق الوطني علها تزيد من فهم الوثيقة.
أولاً: هناك قراءة مسبقة للوثيقة، وهي من باب التوقعات، وهو تصور سابق لما ستكون عليه سواء من موقع مخالف فكرياً لحركة حماس أو مؤيد لها، وهذا الاستشراف لم يبتعد كثيراً عما جاء بتلك الوثيقة وذلك للأسباب التالية:
1- التصريحات التي انتشرت قبل إصدار الوثيقة، وتحضير الأرضية للمجتمع العربي والدولي للاهتمام بها مع إعطاء آمال في أهميتها.
2- توقيتها وهو متزامن مع زيارة الرئيس أبو مازن للولايات المتحدة الأمريكية للقاء الرئيس الأمريكي ترامب بحيث أنها ظهرت قبل الزيارة بيوم وهذا له دلالة واضحة للمعنيين في تلقي الرسالة.
3-انتخاب قيادة جديدة للمكتب السياسي لحركة حماس، وما تطرحه الوثيقة من مهمات على تلك القيادة السياسية، بحيث تمثل العنوان الجديد لأي مبادرات محتملة.




القراءة الأولى للوثيقة:
يجب التنويه لعدة قضايا تُستنبط من الوثيقة وتظهر في القراءة الأولى لها وأهمها:
1- جاءت الوثيقة بكثير من السياسة وقليل من الدين خلافاً للميثاق وهي لغة موجهة للخارج بعيداً عن الحشو كما السابق بالآيات والأحاديث، والأمثال، والمواعظ الدينية والقصائد الشعرية
2- حافظت الوثيقة على بُعد عربي ودولي في مجملها ولم تتطرق للمحلي رغم الحاجة الشديدة لأن تكون إحدى الأسس الرئيسية التي تتطرق لها الوثيقة والمعنى هنا ليس الحديث عن الانقسام في وثيقة سياسية إنما عن منظمة التحرير الفلسطينية حيث لم تَرقَ الوثيقة لإعطاء هذا الموضوع حقه وتكاد لا تذكرها وتبدو وكأنها جاءت في السياق بدون معنى وتوضيح للعلاقة وسنأتي على ذلك لاحقاً.
3- هناك صيغ حمالة أوجه، وهو مسار اتسمت به الكثير من الفصائل الفلسطينية في السنوات الأخيرة، وسببه الأساسي عدم وجود إجابة مقنعة لما ستؤول إليه الأمور كأن توافق على دولة في حدود العام 1967م ودحر الاحتلال عنه، وحق العودة... الخ ولا توجد رؤية بعد ذلك وتبقى العبارة الأشهر عندها (لكل حادث حديث)، والسؤال هل من الممكن أن تقبل بدولة ضمن تلك الحدود بما لها وعليها من اتفاقيات واعتراف دولي بها وبحدودها التي وافقت عليها، لأنك بذلك لم تحدد حدودك فقط بل حددت حدود إسرائيل وهي دولة قائمة بذاتها، ولا تزال ينقصها تحديد حدودها لتضع دستورها، وهذا الحل ليس مرحلياً كما يراه البعض بل نهائي، ومعنى وجود وثيقة سياسية موجهة للعالم بكل ما فيها من تناقضات إلا أنها أعطت اعترافاً حدودياً لإسرائيل، و هذا هو معنى دولة فلسطينية في حدود العام 1967م ، فليس بالإمكان تغيير ما اتفق العالم عليه.
هذه ثلاث نقاط رئيسية تستنبطها وأنت تقرأ الوثيقة وهي تتحدث عن نفسها دون أن تكتب.
ما الذي تغير من الميثاق للوثيقة:
هناك عدة تغيرات طالت الطرح الجديد لحركة حماس والأسباب واضحة وهي:
1- فشل حركة الإخوان في أن تحكم بعد الثورات العربية، وبذلك فقدت إحدى مزايا قوتها في المنطقة.
2- الوضع العربي المتدهور والذي أدى التدخل الإيراني في المنطقة بتقريبه أكثر من إسرائيل.
3- تشظي الإسلام السياسي بحيث أدى لوجود الكثير من الجماعات في وجه التحالفات الدولية، ولعب تلك الجماعات دوراً قاد لدمار منطقتنا العربية وتناحر شديد بين الجماعات الإسلامية بحيث وقفت على النقيض من بعضها البعض.
4- التطور الفكري الذي واكب عمل حركة حماس خاصة السياسي ومشاركتها في الحكم حتى ولو من خلال الانقسام، وهذا وضعها في موقع تريد من خلاله إعطاء مرونة أكبر لتسويق نفسها دولياً.
5- الدور التمويلي والتأثر بما يتطلبه من تنازلات قاد لنوع جديد من الحروب تستخدم فيه جماعات ضد بعضها، وضد دول وهذا استدعى من حركة حماس أن تكون أكثر عقلانية وبراغماتية لتميز نفسها عن الآخرين.
من تلك الأسباب سابقة الذكر نستطيع فهم بعض التغيرات التي اختلفت في الوثيقة عنها في الميثاق وهذه التغيرات تنحصر في التالي:
1- كانت حركة حماس في الميثاق تعرف نفسها جناح من أجنحة الإخوان المسلمين بفلسطين (المادة 2)، وأن حركة الإخوان تنظيم عالمي وكبرى الحركات الإسلامية في العصر الحديث بينما لم تتطرق لهذا الربط في الوثيقة السياسية لأنها باتت مقتنعة أن الظروف التي تهيأت للإخوان ولم يتمكنوا من استثمارها لم يعد لها وجود وأنها لكي تتقدم سياسياً وجب فك ارتباطها بالإخوان من خلال الوثيقة حتى لو كان نظرياً.
2- غابت فكرة الجهاد عن الوثيقة فبعد أن كان تعريفها في الميثاق بأنها كحركة حلقة من حلقات الجهاد في مواجهة الغزوة الصهيونية (المادة السابعة) لم تتطرق لفكرة الجهاد ومقاصدها التي تكررت كثيراً في الميثاق والتي كانت تتعدى فلسطين إلى الأمة العربية والإسلامية، إلا أنها حصرتها في فلسطين، وذلك مبعثه تلطخ تلك الفكرة والتي كان يطلق عليها الفريضة الغائبة بالصراعات الإقليمية.
3- في عالمية حركة حماس كما جاء في (المادة السابعة) في الميثاق وإعطائها بعداً بحيث يوصف من يجتهد في طمس دورها كمن يجادل القدر تغير الخطاب في الوثيقة ويبدو أكثر فهماً للصراعات في المنطقة وللعالم وما يمكنه تقبله بلغة بعيدة عن التضخيم والتأليه للحركة، فليس هناك ارتكاز على قوة عالمية للحركة ولا تبدو على المدى البعيد وسائل واضحة تضعها في المكانة العالمية التي تقصدها.
4- غاب موضوع فلسطين أرض وقف إسلامي، كما جاء في (المادة 11) من الميثاق ليوم القيامة ولا يصح التفريط بها أو بجزء منها أو التنازل عنها أو عن جزء منها، وأن التفريط بجزء منها أو التنازل عنها أو عن جزء منها تفريط بجزء من الدين (المادة 13)، وهو محل خلاف بالأساس ولهذا الخلاف علاقة بالقراءة السطحية لدور الإسلام في فلسطين ويعتبره البعض مخالف لحقائق التاريخ ويصب في خدمة المشروع الاستعماري كونه يخالف الحقوق المتساوية للمسلمين، والمسيحيين في فلسطين، ويتعارض مع حقيقة العهدة العمرية، وتوزع الملكية في فلسطين منذ فجر الإسلام وحتى يومنا. لذلك قد يجيء غياب هذا البند أمام احتمالين:
أ‌. أن هناك وعي حقيقي لهذا المفهوم من منطلق ان الأرض لله والمنفعة للأنام.
ب‌. أن يكون هذا المفهوم متعارض مع الرؤية السياسية، ويتعارض بذلك ما هو ديني مع السياسي.
5- الانتقال من العام للخاص فبعد أن كان مفهوم الجهاد فرض عين ويتطلب نشر الوعي الإسلامي في أوساط الجماهير محلياً وعربياً وإسلامياً، وبث روح الجهاد في الأمة (المادة 15) اقتصرت حدود ذلك على فلسطين، وهذا يندرج أيضاً ضمن بعض البنود التي وردت في الوثيقة مثل عدم التدخل في الشئون الداخلية للدول ( بند 37 من الوثيقة) مع تأكيدها على عروبة وإسلامية القضية الفلسطينية، وهو انتقال من الخطاب الديني الثوري الموجه لفتح الحدود والجهاد خصوصاً للدول العربية المجاورة إلى مفهوم جديد في العلاقة أكثر عقلانية وتعاون وهذه رسالة للمحيط العربي والإسلامي تساهم فيه حركة حماس بدور يبدو من الوثيقة حريصاً على تلك العلاقة والتي تبدو صفحة جديدة في العمل السياسي الهادئ.
6-تؤكد الوثيقة الجديدة (البند 16) أن الصراع مع المشروع الصهيوني ليس صراعاً مع اليهود بسبب ديانتهم ولا تخوض صراعاً ضد الصهاينة المحتلين المعتدين وأن قادة الاحتلال هم من يستخدمون شعارات اليهود واليهودية في الصراع ووصف كيانهم الغاصب، وفي (البند 17) تؤكد رفضها اضطهاد أي إنسان أو الانتقاص من حقه على أساس قومي أو ديني أو طائفي، وأن مشكلة اليهود مرتبطة بالتاريخ الأوروبي وليس العربي والإسلامي.
وهنا تبدو حركة حماس أكثر سياسية في طرحها فالميثاق في (المادة السابعة) يستند لحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم في رؤية الصراع حيث يقول "لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود فيقتلهم المسلمون حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر فيقول الحجر والشجر: يا مسلم يا عبد الله، هذا يهودي خلفي تعال فاقتله، إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود" (رواه البخاري ومسلم)
يقول السيد/ يونس الرجوب في دراسة لميثاق حماس فيما يخص الصراع مع اليهود" نص هذه المادة التي هي عبارة عن خطبة جمعة وليست مادة قانونية أو سياسية للتبشير بوعد الله من جديد حينما يختبئ اليهودي وراء شجر الغردق الذي ليس له أصل في النباتات المكتشفة حتى الآن، ويقول: يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي خلفي فاقتله، وهو الأمر الذي لا أصل له في الشريعة الإسلامية وبالتالي فإن هذا النص يضع كل النضال الوطني الفلسطيني في عنادٍ مع وعد الله، وفي غير مكانه من حيث الزمان والمكان".
*يجدر الإشارة هنا ان هذا الحديث وتفسيراته ومسنده ومقاصده لها متخصصيها والعالمين بها ولست في وارد الإفتاء بهذا او الحديث به دون علم، ومقصدي تفسير ماهية الحديث في الوثيقة عن اليهود والديانة اليهودية.
7-عدم الاعتراف بشرعية الكيان الصهيوني (بند 19)، ورفض أي بديل عن تحرير فلسطين من نهرها لبحرها (بند 20) وبما لا يعني إطلاقاً الاعتراف بالكيان الصهيوني، حركة حماس تعتبر أن إقامة دولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس على خطوط الرابع من حزيران/ يونيو 1967 مع عودة اللاجئين والنازحين إلى منازلهم التي أخرجوهم منها صيغة توافقية وطنية مشتركة.
قضية عدم الاعتراف بإسرائيل، والدولة في حدود العام 1967 موضوعان مترابطان، وهذه قضية قانونية وسياسية لعدة أسباب منها:
أ-أن المجتمع الدولي أقر دولة فلسطينية على حدود العام 1967.
ب-أن نفس هذا المجتمع الدولي بكل مؤسساته يعترف بإسرائيل ويبني علاقات قوية معها لذلك حتى تصل للدولة لا بد أن تمر بقضية الاعتراف بإسرائيل وتوقع معها اتفاق دولي.
ج-إذا كانت قضية الاعتراف قضية تفاوضية لاحقة فلا بأس من ذلك وشخصياً أميل أن تكون كذلك من متابعة مسار المفاوضات.
د-"من نهرها لبحرها" جملة تحمل حقاً ولا تملك آليات أو تصورات وهي للعجز الواضح عن امتلاك أدواتها (مؤجلة)، وتأجيلها يعطي انطباعاً أن أي حل سيتفق عليه هو اتفاق مرحلي مؤقت وهذا ليس حقيقياً ولا يمكنه أن يكون إذا فرضت إسرائيل والعالم شروطها على الفلسطينيين وانتهى ترسيم الحدود ضمن اتفاق نهائي، ويبقي تفسيره وتصوراته أمور لاحقة لن تحدث في زمن كل الأجيال الحالية وستضعها أجيال جديدة قد تملك رؤى مختلفة.
ه-الاعتراف بإسرائيل كان خطأً في وقته، وهذا أدركه المفاوضون بعد عشرين عاماً من المفاوضات ولازالت حركة فتح غير مقرة به حيث أن أي اعتراف كان لابد من أن يسبقه تحديد إسرائيل لحدودها، وهي ورقة لم يحسن استخدامها في الماضي وتحاول حركة حماس أن تبدأ بها بداية جديدة لكن توقيتها عربياً واقليمياً ودولياً ليس ذي جدوى لسبب بسيط وهو التهافت الذي نراه في العلاقة مع إسرائيل نتاج الصراعات على الأرض العربية.
8-فيما يخص الحلول السلمية والمبادرات والمؤتمرات المادة (13) من الميثاق كانت رؤية حركة حماس لها التالي:
أ‌- أنها تتعارض مع عقيدة حركة المقاومة الاسلامية فالتفريط في جزء من فلسطين تفريط في جزء من الدين.
ب-لا ترى أن تلك المؤتمرات يمكن أن تحقق المطالب أو تعيد الحقوق أو تنصف المظلوم وما تلك المؤتمرات إلا نوع من أنواع تحكيم أهل الكفر في أرض المسلمين.
ج-لا حل للقضية الفلسطينية إلا بالجهاد أما المبادرات والطروحات والمؤتمرات الدولية فمضيعة للوقت وعبث من العبث.
إلا أنها في الوثيقة السياسية وكما جاء في البندين ( 21، و22 ، 23 ) أكدت رفضها لأوسلو لأنها رتبت التزامات تخالف حقوق الشعب الفلسطيني، لذا ترفضها والالتزامات التي تضر بالجانب الفلسطيني، وخاصة التنسيق الأمني، كما ترفض مشروعات التسوية الرامية لتصفية القضية الفلسطينية وأن أي مبادرة أو برنامج سياسي أو موقف يجب أن لا يمس هذه الحقوق ولا يجوز أن يخالفها أو يتناقض معها وهذا الموقف من حركة حماس تغير عن المواقف التي جاء بها الميثاق كونها تعترف بتلك الحلول ولكن على قاعدة حقوق الشعب الفلسطيني وهذا نتاج التطور الذي لحق بالحركة عبر عشرات السنوات، والتجربة التي اكتسبتها وانفتاحها على العالم، وهو دخول في العملية السياسية ودعوة صريحة للمجتمع الدولي لملاحظة هذا التغير.
9- في المقاومة والتحرير في بنود الوثيقة ( 24، 25 ، 26 ) وفيه تم التركيز على كلمة ( المقاومة ) ولم تذكر كلمة الجهاد وهذه إشارة للجميع بأن الحركة ليس لها بعد خارجي إنما تقاوم الاحتلال حسب الشرعة السماوية والأعراف والقوانين الدولية، وذكرت مقاومة الاحتلال وهو مبدأ يفهم منه أن المقاومة ستنحصر في حدود العام 1967 وهذا ما تم الاتفاق عليه في وثيقة الأسرى والتي رأت في قطاع غزة حينها رافعة للمقاومة في الضفة الغربية والقطاع، وبذلك تكون حركة حماس أعطت مفهوماً جديداً للمقاومة طابعه سياسي أكثر منه ديني تركز فيه على واجب الجميع في تحرير فلسطين بأبعاده الوطنية والعربية والإسلامية والإنسانية كدوائر متناغمة لا متعارضة، وهو خطاب مختلف عما جاء في الميثاق.
10-النظام السياسي الفلسطيني
جاءت البنود من (27 وحتى 34) تتحدث عن الدولة الفلسطينية كثمرة للتحرير، وعن الشراكة الوطنية ومنظمة التحرير الفلسطينية، ودور السلطة في خدمة وحماية الشعب، واستقلالية القرار الوطني، والتجمعات الفلسطينية كرافد مهم للبناء المجتمعي والمقاومة والتحرير، وأهمية دور المرأة، ومركزية قضية فلسطين للأمة العربية والإسلامية، وإيمانها بوحدة تلك الأمة.
وهنا سأتحدث في نقطة واحدة وهي منظمة التحرير الفلسطينية حيث جاء في البند (29) من الوثيقة ما يلي: " منظمة التحرير الفلسطينية إطار وطني للشعب الفلسطيني في الداخل والخارج يجب المحافظة عليه، مع ضرورة العمل على تطويرها وإعادة بنائها على أسس ديمقراطية تضمن مشاركة جميع مكونات وقوى الشعب الفلسطيني وبما يحافظ على الحقوق الفلسطينية ".
في الفقرة ج بعنوان منظمة التحرير الفلسطينية (المادة السابعة والعشرون) من الميثاق جاء ما يلي: " منظمة التحرير الفلسطينية من أقرب المقربين إلى حركة المقاومة الإسلامية ففيها الأب أو الأخ أو القريب أو الصديق، وهل يجفو المسلم أباه أو أخاه أو قريبه أو صديقه موطننا واحد ومصابنا واحد ومصيرنا واحد وعدونا مشترك"، وفي موقع آخر تقول: " تبنت المنظمة فكرة الدولة العلمانية وهكذا نحسبها، والفكرة العلمانية مناقضة للفكرة الدينية مناقضة تامة، وعلى الأفكار تبنى المواقف والتصرفات وتتخذ القرارات ".
وبالنتيجة لذلك تقول:" ومن هنا ومع تقديرنا لمنظمة التحرير الفلسطينية وما يمكن أن تتطور إليه، وعدم التقليل من دورها في الصراع العربي الاسرائيلي، لا يمكننا أن نستبدل إسلامية فلسطين الحالية والمستقبلية لتبنى الفكرة العلمانية، فإسلامية فلسطين جزء من ديننا ومن فرط في دينه فقد خسر".
وبالنهاية يتمنون للمنظمة الهداية والرشاد.
هناك قضية خلافية تاريخية لازالت حركة حماس تصر على المضي بها وهو خلق جسم موازي لمنظمة التحرير الفلسطينية، ولكن لصعوبة ذلك قانونياً وسياسياً وللاتفاقيات الكثيرة التي وقعتها م. ت. ف لا يمكنها حتى اللحظة أن تكون بديلاً لها، ودليل ذلك هو التلاعب الواضح بالألفاظ والكلمات التي تقرب المعنى لكنها لا تصله فمنظمة التحرير الفلسطينية باعتراف فلسطيني، عربي، ودولي هي الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني، وليست تجمع أقرباء أو أصدقاء، كما أنها ليست إطار وطني للشعب الفلسطيني في الداخل والخارج فأي تجمع شعبي في الداخل والخارج سواء يدافع عن اللاجئين أو الأسرى أو أي اتحاد عمالي أو طلابي له ممثلين يمكن أن يكون إطار وطني أما الاعتراف بوحدانية التمثيل فهو شيء آخر ومختلف، ودور المنظمة ومجلسها المركزي سابق لدور السلطة، وهو مؤسسها، ورغم ما اعترى هذا الوليد الجديد من جاذبية إلا أنه ستبقى م . ت. ف هي الممثل لكافة أبناء شعبنا في الداخل والخارج ونحن نعلم كم تحتاج لتطوير وإصلاح وهذا التراجع من حركة حماس عما جاء في وثيقة الوفاق الوطني (الأسرى) واتفاق القاهرة، وكان من تعديلاتها هي على وثيقة الأسرى، وتم إقرار تعديلاتها بعد أن أخذت وقتها في التفاوض يوم 28/6/2005 وتم إقرار وثيقة الأسرى حينها باسم وثيقة الوفاق الوطني رغم أن التعديلات كانت بسيطة ولا تنم عن وجه اختلاف سياسي وكان من تل التعديلات المتعلقة بمنظمة التحرير التالي:
1- رفضت حماس اقتصار الانضمام إلى منظمة التحرير على حركتي حماس الجهاد الإسلامي كما ورد في النص الأصلي للفقرة الثانية ووضعت بدلاً منها عبارة انضمام كل القوى والفصائل إليها.
2- رفضت حماس مفهوم الانضمام إلى المنظمة بوصفها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني كما هو وارد في النص الأصلي للفقرة الثانية ليصبح النص الانضمام إلى المنظمة وفق أسس ديمقراطية ترسخ مكانة منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد.
كما نصت الوثيقة التي وقعوا عليها أن إدارة المفاوضات هي من صلاحية م. ت. ف ورئيس السلطة الوطنية الفلسطينية على قاعدة التمسك بالأهداف الوطنية الفلسطينية على أن يتم عرض أي اتفاق مصيري على المجلس الوطني الفلسطيني الجديد للتصديق عليه أو إجراء استفتاء عام حيثما أمكن.
لقد حافظت حركة حماس منذ انشائها على أمرين فيما يتعلق بمنظمة التحرير:
1- الاستقلال التام عن منظمة التحرير الفلسطينية.
2- احتفاظها بحق انتقاد م. ت. ف وإعلان تصوراتها دون قيود منها، ولهذان الموقفان أسبابهما عند حركة حماس ومنها:
ا- تنظر حركة حماس حركة منذ بداياتها ان المنظمة تعمل على تصفية قضية فلسطين في المحافل الدولية.
ب-العمل ضد المنظمة من موقع الموازي والبديل لا الند او المعارض.
ج-ما تعتقده حركة حماس من أنها الوريث الشرعي والأقدر لمنظمة التحرير الفلسطينية.
د-التشجيع الذي تلقاه من دول عربية وإقليمية.
ه-تعثر منظمة التحرير وازدواجية دورها مع السلطة والحاجة لإعادة بنائها وتطويرها الذي طال وقته.
و- ضعف فصائل م. ت. ف لأسباب عدة منها ما هو موضوعي ويتعلق بالانتقال من الخارج للداخل، وإعادة الاهتمام بسلطة ناشئة في الداخل، والسلام وما فرضه من التزامات للجميع، ومنها ما هو ذاتي ويتعلق بالفصائل والأحزاب وكيفية تطورها وضعف هذه الفصائل أدى لضعف منظمة التحرير وبالعكس فكانت تبادلية صبت في صالح الحركات والأحزاب من خارج م. ت. ف والتي تقف في خانة المعارضة مع هامش واسع للتحرك خارج إطار التزامات واتفاقات م. ت. ف.
ز-سعي تلك الفصائل من خارج م. ت. ف لتمييز نفسها وكان ذلك بعدم انخراطها في صفوف م. ت. ف حيث الخلاف على الحصص والمسئوليات.

من كل ما سبق نجد أن تعريف وثيقة حركة حماس للمنظمة كإطار كان مقصوداً، وتراجعها عن وثيقة الوفاق وما جاء بها هو تراجع يحسب ضمن المناكفة السياسية التي غطت قضيتنا الفلسطينية وإن لم أكن مخطئاً هو طرح واضح وصريح لحركة حماس كبديل ليس تمثيلي فقط بل تفاوضي وهذه هي اللغة الفوقية التي جاء ذكر المنظمة فيها كإطار وطني.
الخلاصة
1-الوثيقة بكل مالها، وما عليها مثلت تطوراً سياسياً وفكرياً في حركة حماس، وانتقال من المربع الدعوى والخطاب الديني العاطفي لخطاب أكثر عقلانية وقبول لذلك جاءت بالكثير من السياسة والقليل من الدين.
2-يؤخذ على الوثيقة وجود عبارات حمالة أوجه، وهي صبغة باتت ملازمة لغالبية فصائل العمل الوطني قد يكون سببها الرئيس فقدان الشجاعة اللازمة لمواجهة العالم دون محاباة من لم يرقى فكرهم لاستيعاب الخطوات الجادة.
3-غيبت المحلى على حساب الدولي، وتحدثت عن دولة في حدود عام1967 في ظل انقسام حاد وبذلك فقدت القاعدة التي ستنطلق منها لتنفيذ الحل وهو المصالحة بين شطري الوطن.
4-لاتخلو الوثيقة من دوام المناورة فيما يتعلق بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني رغم انها وافقت من قبل على ذلك لذا يمكن وضعها في إطار المناكفة السياسية الداخلية.
5-طرحت عدم الاعتراف بإسرائيل وهي تدرك انها تسير في وثيقتها نحو الحل النهائي، وتكمن الخطورة هنا بأن الدولة الفلسطينية إذا ما قدر لها القيام سيكون ذلك بشهادة واعتراف العالم وضمن اتفاقيات تحدد حدود كل دولة وبذلك تنتفي حالة العداء القائمة فاذا كانت ترى في الاعتراف اليوم تنازل سياسي مجاني فهل سينفذ غداً شرطاً للحل.
6-فتحت باباً لأي مقترحات دولية وللأسف بدون اعتراف بمرجعية سياسية وطنية كما حدث في وثيقة الوفاق التي كلفت منظمة التحرير الفلسطينية بهذه المهمة، وهنا نصبت نفسها بديلاً محتملاً للحل السياسي مع أطراف الصراع وهذا بحد ذاته بعد عما هو فلسطيني لفضاء دولي أرحب.



#جمال_ابو_لاشين (هاشتاغ)       Jamal_Ahmed_Abo_Lasheen#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كوريا وسوريا ورؤية ترامب
- المرأة وحروب من نوع جديد
- ترامب درس فى السياسة
- مصر والسعودية أمل الامة
- الأطماع الصهيونية في الضفة الغربية الأراضي المصنفة (ج)
- النكبة: مقولات وحقائق وأرقام في الذكرى 68 للنكبة
- خريف الغضب الفلسطيني
- الهبة الفلسطينية ووسائل الصمود الفلسطينى
- وعد بلفور والدور البريطانى
- الانتفاضة الجماهيريه والمقاومة الشعبية
- فى الذكرى ال 67 للنكبة.. العدوان على قطاع غزة 2014 واعادة ان ...
- العراق اقتتال طائفي أم صراع دولي
- الأسرى والسلام المفقود
- إسرائيل وحكومة الوفاق الوطني
- منظمة التحرير الفلسطينية نصف قرن من الشرعية
- المخيمات الفلسطينية في سوريا والذكرى 66 لنكبة فلسطين
- عيد العمال .. والثورات العربية
- حَلْ السلطة الوطنية الفلسطينية .. البدايات والنهايات
- الأرض والمقاومة الشعبية00 وكي الوعي الإسرائيلي
- الشعب الاسرائيلى و معركة الحرب والسلام


المزيد.....




- شاهد.. رجل يشعل النار في نفسه خارج قاعة محاكمة ترامب في نيوي ...
- العراق يُعلق على الهجوم الإسرائيلي على أصفهان في إيران: لا ي ...
- مظاهرة شبابية من أجل المناخ في روما تدعو لوقف إطلاق النار في ...
- استهداف أصفهان - ما دلالة المكان وما الرسائل الموجهة لإيران؟ ...
- سياسي فرنسي: سرقة الأصول الروسية ستكلف الاتحاد الأوروبي غالي ...
- بعد تعليقاته على الهجوم على إيران.. انتقادات واسعة لبن غفير ...
- ليبرمان: نتنياهو مهتم بدولة فلسطينية وبرنامج نووي سعودي للته ...
- لماذا تجنبت إسرائيل تبني الهجوم على مواقع عسكرية إيرانية؟
- خبير بريطاني: الجيش الروسي يقترب من تطويق لواء نخبة أوكراني ...
- لافروف: تسليح النازيين بكييف يهدد أمننا


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جمال ابو لاشين - وثيقة حركة حماس ... كثير من السياسة قليل من الدين