أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - جمال ابو لاشين - المخيمات الفلسطينية في سوريا والذكرى 66 لنكبة فلسطين















المزيد.....



المخيمات الفلسطينية في سوريا والذكرى 66 لنكبة فلسطين


جمال ابو لاشين
(Jamal Ahmed Abo Lasheen)


الحوار المتمدن-العدد: 4458 - 2014 / 5 / 20 - 01:15
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


في العام 1948 وعلى اثر قيام دولة إسرائيل، نكب الفلسطينيون والعرب عامة بسلب وطنهم وطردهم من ديارهم وفقدان أبنائهم وأعزائهم وفوق ذلك كله انكسرت هيبتهم وطعنت كرامتهم في الصميم بتلك الكلمات عبر المؤرخ عارف العارف عن نكبة فلسطين، أما قسطنطين زريق فيقول : " لقد أثرت النكبة على التركيبة الثقافية والنفسية لمئات الآلاف من هذا البلد المنكوب إذ لم يشردوا من بيوتهم ويهيموا على وجوههم فحسب بل إن أفكارهم وآرائهم وأفكار أبناء وطنهم في شتى منازلهم قد شردت أيضاً وهامت ".
أدت النكبة لطرد نحو 850 ألف فلسطيني من وطنهم من أصل 1.400000 نسمة سكنوا فلسطين وقتها، ولفجيعة العالم العربي بنكبة فلسطين استقبلوا ما تبقى من اللاجئين الذين لم يتوجهوا للضفة والقطاع بالترحاب والمشاركة المعنوية والمادية وكان لدول الجوار خصوصاً الأردن وسوريا ولبنان النصيب الأكبر منهم ، سكن اللاجئون أولاً لدى أقاربهم ومعارفهم وفي المباني الخالية، والمعسكرات، والمساجد، وبعد إنشاء وكالة الغوث عام 1950 أقيمت لهم خيام ثم مساكن مبنية في أراض خصصتها الحكومات العربية.
وقد قدرت الأعداد التي تدفقت لسوريا من اللاجئين الفلسطينيين ب 80 ألف فلسطيني ( حسب بعثة المسح الاقتصادي للشرق الأوسط ) حيث استطاعوا الاندماج مع بنية الاقتصاد والمجتمع أكثر مما استطاعوه في أي بلد عربي آخر ، وقد ساعدت كثيراً مجموعة القوانين والقرارات التي وضعت حقوق اللاجئين الفلسطينيين في سوريا في موقف مقارب أو يساوي كثيراً من الأحيان المواطنين السوريين، و على مر عقود تزايدت في القطر السوري أعداد اللاجئين الفلسطينيين سواء من النازحين بعد نكسة العام 1967 أو الآلاف ممن شردتهم حرب لبنان عام 1982م حتى بلغ مجموع المخيمات الفلسطينية في سوريا 13 مخيما .
هذا وقد أشارت إحصائيات وكالة الغوث نهاية العام 2011 إلى أن أعداد اللاجئين الفلسطينيين في سوريا بلغت 510.444 نسمة، في حين أن تقرير الإحصاء المركزي الفلسطيني عن نفس الفترة قدرهم ب 495.970 نسمة، فيما يشكل اللاجئون المسجلون لدى وكالة الغوث ويعيشون خارج المخيمات حوالي ثلاثة أرباع اللاجئين الفلسطينيين في سوريا وغالبيتهم يتركزون في منطقة العاصمة دمشق، وهذا نتيجة محدودية مساحة المخيمات ومرافقها المختلفة كما يشير موقع ( وكالة الغوث ) في إبريل. 2014 عن حال الفلسطينيين في سوريا إلى رقم إحصائي نهائي لهم يقدر ب 540 ألف نسمة.
ويظهر الجدولين التاليين توزيع الفلسطينيين على المخيمات أل 13 في سوريا
توزيع المخيمات الفلسطينية في سوريا المعترف بها رسميا من الاونروا :
الرقم اسم المخيم المنطقة تاريخ الإنشاء المساحة عند الإنشاء بالدونم عدد السكان بالألف
1- مخيم خان الشيخ دمشق 1949 690 18.619
2- مخيم خان دانون دمشق 1951 120 11.313
3- مخيم سبينة دمشق 1948 27 23.865
4- مخيم الست زينب دمشق 1968 23 19.201
5- مخيم جرمانا دمشق 1948 30 24.865
6- مخيم النيرب حلب 1950 1480 26.480
7- مخيم حمص حمص 1949 150 17.412
8- مخيم حماة حماة 1950 60 11.313
9- مخيم درعا رقم (1) درعا 1948 39 9.117
10- مخيم درعا الطوارئ درعا 1967 39 7.440
المجموع 2658 169.625
جدول رقم (1)
• ويظهر الجدول توزيع العشرة مخيمات الرئيسية في سوريا وضيق مساحتها التي لم تتوسع مع النمو السكاني.
• أما باقي المخيمات وهي ( م. اليرموك، وم. الرمل، وم. حندرات ) فلها خصوصية تختلف عنها في المخيمات المذكورة أعلاه، فوكالة الغوث تقدم لها الخدمات التي توفرها لباقي اللاجئين على الرغم أنها لم تعترف بها كمخيمات وخصوصاً م. اليرموك وهو أكبر تجمع للاجئين الفلسطينيين في سوريا، والجدول التالي يبين توزيع تلك المخيمات.



الرقم اسم المخيم المنطقة تاريخ الإنشاء المساحة عند الإنشاء بالدونمات عدد السكان
11- مخيم اليرموك دمشق 1954 2110 162.960
12- مخيم الرمل اللاذقية 1955 220 8.460
13- مخيم حندرات حلب 1962 160 7.890
المجموع 2490 179.310
جدول رقم (2)
يظهر من الجدولين السابقين التالي :
1- أن عدد المخيمات الفلسطينية في سوريا 13 مخيم تعترف وكالة الغوث بعشرة منها بشكل رسمي بينما الثلاثة الأخرى وهي سكانياً أعلى من العشرة مخيمات فليس هناك اعتراف رسمي بها رغم أنه يقدم لها كل المعونات الصحية والتعليمية المقدمة للمخيمات العشرة المذكورة. ومن ضمن الثلاثة مخيم اليرموك الواقع بدمشق العاصمة وهو أكبر المخيمات الفلسطينية في سوريا وأكثرها سكانا.
2- تشغل المخيمات الفلسطينية في سوريا ما مساحته 5148 دونماً فيما يقدر إجمالي سكان المخيمات الثلاثة عشر ب 348.935 أما باقي اللاجئين ويقاربون 154.756 جزء كبير منهم يتركزون في دمشق، والمناطق المحيطة بالمخيمات لظروف العمل ولضيق المخيمات التي لم يجر توسعتها أمام تضاعف سكانها عدة مرات خلال 66 عاماً من عمر النكبة و 37 عاماً من النكسة.
3- مخيما درعا الطوارئ بمدينة درعا وهو الأقل سكاناً من بين المخيمات، والست زينب بمدينة دمشق وهو الأقل مساحة من بين المخيمات أُنشئا بعد أحداث النكسة في العام 1967، وفيهما تم استيعاب أعداد من النازحين، وقد وصلت أعدادهما معاً 26.641 نسمة أي ما يقارب 5% من مجموع اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات بسوريا.


تصنيف الفلسطينيين المقيمين في سوريا وأصولهم
هذا وقد صنف الفلسطينيين المقيمين في سوريا إلى أربع فئات رئيسية حسب الناشط الفلسطيني ( ضياء أيوب والمقيم في سوريا )
1- الجزء الأكبر ( المهاجرون منذ العام 1948 ) / وهؤلاء يحملون تذكرة إقامة مؤقتة غير محددة المدة، ووثيقة سفر خاصة بهم.
2- الحائزون على وثائق سفر أردنية أو مصرية أو لبنانية / وهؤلاء تنطبق عليهم القوانين المرعية تجاه المواطنين وتجدد إقامتهم سنوياً بعد مراجعة مكاتب الأمن ( دون أن يستفيدوا من سماح السلطات السورية للرعايا العرب بدخول أراضيها دون تأشيرة وبالحصول على اقامة ورخص عمل ) فيسمح لهم بدخولها بتأشيرة ترانزيت لمدة 3 أيام وتبلغ أعدادهم المئات من العائلات، والتي باتت مهددة بالرحيل مع نهاية العام 2011 حيث صدرت تعليمات تحدد إقامتهم بفيزا لثلاث شهور يتوجب عليهم بعدها مغادرة البلاد.
3- النازحون نتيجة للحرب الأهلية اللبنانية / وهؤلاء يحصلون على وثائق مشابهة للفئة الأولى إلا أنهم لا يؤدون الخدمة العسكرية في صفوف جيش التحرير الفلسطيني ولا يدخلون الوظائف الحكومية.
4- الفلسطينيون المنضوون في صفوف المقاومة وعائلاتهم / وهؤلاء حصلوا على إقامة ( الأمر الواقع )، وبعد تدهور العلاقات السورية مع م . ت . ف عام 1983 أصبحوا، والقادمين إليهم موضع تدقيق ومساءلة، وحال ثبوت علاقتهم بمنظمة التحرير خصوصاً ( حركة فتح ) يتم إبلاغهم بأنهم أشخاص غير مرغوب فيهم وعليهم مغادرة سوريا.
هذا وتعود أصول اللاجئين الفلسطينيين في سوريا في غالبيتها إلى المناطق الشمالية من فلسطين، حيث يتوزعون حسب النسب التالية : " مدينة صفد وقضائها 40 % ، وحيفا وقضائها 22 % ، وطبريا وقضائها 16 %، وعكا وقضائها 8 %، ويافا وقضائها 5%، و الناصرة وقضائها 5 % ، أما النسبة المتبقية وهي 4 % فتوزع على مدن الرملة، واللد، وبيسان، ومدن وقرى أخرى.

الوضع الاقتصادي للمخيمات الفلسطينية في سوريا
تعيش المخيمات الفلسطينية حالة من التفاوت الاقتصادي، وذلك تبعاً لحجم المخيم، وموقعه، وعلاقاته مع المحيط المجاور ففي حين أن مخيم اليرموك القريب من دمشق وأكبر تجمع فلسطيني حظي بمستوى دخل فردي وصل ل 3000 ليرة سورية للفرد الواحد شهرياً نجد أن مخيمات جرمانا، و سبينة، و حندرات، ودرعا كان مستوى دخل الفرد فيها أقل من 2000 ليرة سورية وبينما باقي المخيمات تقع في مستوى بين الاثنين ( إحصاءات دخل ونفقات العائلات الفلسطينية المقيمة في المخيمات السورية لعام 2011)
هذا فيما تراجع دعم وكالة الغوث للمخيمات الفلسطينية منذ بدايات العام 1993 خصوصاً في القطاعات الصحية والتعليمية، الأمر الذي عكس نفسه بشكل محدود على تدني الوضع الاقتصادي للفلسطينيين في المخيمات وعلى الدخل الفردي للاجئ.
الثورات العربية بداية الأزمة
اندلعت الثورات العربية تباعاً منذ بداية العام 2011 في تونس واليمن وليبيا، ومصر والبحرين فتخلخلت أركان النظام في كل منها، وبدأت التغيرات تطرأ على خارطة الوطن العربي بسقوط الأنظمة ، ففي تونس انهار النظام وهرب زين العابدين بن علي الرئيس التونسي، ثم تبعتها مصر بتنحي الرئيس حسني مبارك عن حكم مصر، وفي اليمن دخلت الأمور في العسكرة والاقتتال انتهت بتغيير الرئيس اليمني ( علي عبد الله صالح )، وفي ليبيا تدخل حلف الناتو وفرض سيطرة جوية، تبعها بإنزال على الأرض ليقتل الرئيس ( معمر القذافي ) وتنقسم ليبيا إلى مئات الفرق.
كانت النتائج في البداية، مشجعة للشعوب العربية المتطلعة للتغيير، ولكن مع دمويتها وتدخل الناتو، ودول أخرى خارجية أيقن الكثيرون أنهم لن يصلوا لأهدافهم وأن الثورات العربية أو الربيع العربي يتحول لخريف مع خطف المولود الجديد، ووصلت الأمور لسوريا منتصف مارس. 2011، لقد بدت الأمور بسيطة أول الأمر، إلا أنه ولتدخل عوامل خارجية تعسكرت الثورة السورية وانتقلت إلى مرحلة جديدة لم تعد للمطالب فيها أي قيمة تذكر بل ( الغلبة لمن) هي ما يميزها، وانتقلت إلى حرب المدن، والمعارك بالأسلحة الثقيلة، ودخل المقاتلين الأجانب من خارج سوريا للحرب فيها لتتحول بين عشية وضحاها إلى ساحة حرب دولية وإقليمية انقسمت ما بين مؤيد للنظام ومعارض له، الأمر الذي دمر البنية التحتية السورية ورفع نسبة الفقر لأكثر من 50% وازدادت نسبة البطالة لأكثر من 40%، وانهارت العملة الوطنية لأكثر من 200%، وهجر ملايين السوريين والفلسطينيين المقيمين في المخيمات.
يقول باتريك سيل في مقال له بصحيفة الحياة اللندنية في 1.4.2011 " مما لا شك فيه أن فشل عملية السلام ولد إحباطاً شديداً لدى الفصائل الفلسطينية المتحاربة وقد يرى بعضها حاجة ملحة إلى إثارة صدمة كبيرة بهدف تحويل اهتمام الرأي العام العالمي عن الموجة الديمقراطية العربية والعودة إلى الاهتمام بالقضية الفلسطينية إلا أن أخطر تهديد تواجهه المنطقة من بين التهديدات القائمة يكمن في الطائفية المتفشية وفي العلاقات السيئة بين دول المنطقة وسوريا ليست استثناء، فقد قام عدد كبير من الدول الشرق أوسطية الحديثة على فسيفساء من الأديان والطوائف والجماعات العرقية التي جمعتها حكومة مركزية بطريقة مضطربة وغير مثيرة للارتياح لكن الحكومات بقيت أبعد ما يكون عن الحياد مفضلة طائفة على أخرى، وفيما تواجه سلطة الدولة التحديات، قد تخرج الشياطين الطائفية المتعطشة للدماء من مخابئها ".
وهذا بالتحديد ما حدث في سوريا لقد تحولت الثورة لحرب طائفية أخذت بعداً إقليمياً يتمثل في دور إيران في المنطقة العربية، وبعداً دولياً ظهر فيه الصراع أوضح ما يكون بين الأمريكان والروس على مناطق النفوذ والسيطرة في الشرق الأوسط.
الموقف الإسرائيلي من الثورة في سوريا
منذ الأيام الأولى لاندلاع الثورة في سوريا وجدت اسرائيل فرصة لربط إيران بما يحدث وسحب ذلك على حزب الله، فشمعون بيرس الرئيس الإسرائيلي قام بجولة في 27.3.2011 هي الاولى من نوعها على حدود اسرائيل الشمالية مع لبنان رافقه فيها رئيس الأركان الجديد وقتها ( بيني غانتس ) وقائد اللواء الشمالي ( غيدي أيزنكوت ) وقائد الكتيبة 91 ( يوئيل ستريك )، وألقى كلمة للكتيبة هناك قال فيها : " إن السبب الرئيسي لتدهور الأوضاع الأمنية، والسياسية في المنطقة هو إيران التي تتبرع وتقدم مليارات الدولارات سنوياً لتسليح حزب الله، وإن إسرائيل تمد يدها للسلام مع جيرانها شمالاً ابتداء من سوريا ولبنان إلا أنه وللأسف الشديد فإن الرئيس السوري ( بشار الأسد ) اختار أن يكون إلى جانب المنظمات الإرهابية التي تمولها إيران، وليس أن يكون قائداً يعمل من أجل شعبه ويسعى لإحلال السلام ".
الصحافة الإسرائيلية واصلت بدورها حملاتها التحريضية وأعربت عن أملها في سقوط نظام الرئيس بشار الأسد.
البروفيسور ( إيال زيسر ) من جامعة تل أبيب والمتخصص في الشأن السوري واللبناني كتب في تحليل نشرته ( إسرائيل اليوم ) يقول : " ما زال من السابق لأوانه تقدير وجهة سوريا، وما إذا كان نظام بشار الأسد سيتمكن من قمع موجة الاحتجاج المتصاعدة ".
وفي تقرير للواشنطن بوست في 31.3.2011 نشرته الشرق الأوسط اللندنية جاء فيه : " دأبت إسرائيل على الشكوى من تحالف الرئيس السوري بشار الأسد مع إيران ودعمه لميليشيا حزب الله الشيعية وإيوائه خالد مشعل في دمشق غير أن مواجهة الأسد أخطر تهديد جدي لحكمه منذ توليه السلطة قبل 11 عاماً ، أجبر الإسرائيليين على إعادة التفكير في أنهم قد يكونون آمنين منه أكثر من دونه.
( أنشيل بفيفر ) الخبيرة الإسرائيلية في الشئون العربية خلصت في تحليل معمق لها للوضع في سوريا إلى " خطورة الموقف هناك، مما يجعلها محط أنظار الساسة الإسرائيليين ممن يحاولون قراءة مستقبل التطورات في دمشق خصوصاً في درعا وأنها استنتجت من السياسيين الإسرائيليين ما مفاده أنه " وداعاً للسلام مع سوريا فالأسد لو كان أراد السلام فعلياً مع إسرائيل فإن الوقت أصبح متأخر جداً لذلك ".
أما ( يوسى ألفر ) وهو من ابرز المحللين السياسيين الإسرائيليين فقد أعد تحليلاً سعى من خلاله توضيح الإدراك الإسرائيلي لما يجري في سوريا حيث يقول : " جغرافياً فالتطورات تجري في بلد مجاور لإسرائيل، ورسمياً تعتبر سوريا بلداً ما زال في حالة حرب مع إسرائيل رغم احتمالات السلام معها، ومن هنا يطرح المحلل السياسي سؤاله ما نوع النظام الذي يمكن أن يكون ؟ وإلى أي مدى سوف يكون أفضل أو أسوأ بالنسبة للإسرائيليين ؟ فيجيب من خلال النقاط التالية :
1- الإسرائيليون لم يكن لهم في يوم من الأيام سيطرة على ما يحدث في دمشق وبالتالي يفترض الإسرائيليين بأنه ليس لهم أي دور في التوترات التي حدثت.
2- إن ردع الخطر الداخلي واستقرار النظام سوف يجعل إسرائيل تدرك وتفهم بأنه لا بديل أمامها سوى الدخول في مفاوضات جادة مع سوريا.
3- توجد في سوريا معارضة علمانية ومعارضة سنية إسلامية، ولسوء الحظ فإن حركة الإخوان المسلمين السورية مثل نظيرتها المصرية هي الأكثر تنظيماً وسيطرة على المعارضة وبالتالي إذا حدث الافتراض القائل بسيطرة الإخوان المسلمين على دمشق فإنه يستحيل إجراء مفاوضات سلام جادة بعدها.
4- في حالة سوريا الإسلامية السنية فإن العلاقات السورية – الإيرانية لن تكون جيدة ولا حتى العلاقات مع حزب الله اللبناني وإن كان هذا الأمر يصب في جهة في مصلحة إسرائيل فإنه من الجهة الأخرى يضر بمصلحة إسرائيل طالما أن حدوث هذا السيناريو سوف يجعل حزب الله اللبناني يطلق يده لجهة السيطرة على كامل الساحة اللبنانية.
لقد شهد المجتمع الإسرائيلي مع استمرار الأحداث في سوريا تزايداً في الحديث عن مدى المخاطر المتوقعة في حل تغير النظام في سوريا وأبرزها وقوع مخازن الصواريخ والسلاح الكيماوي السوري في أيادٍ خطيرة، إذا ما حاول الحكم قبل أن ينهار تشديد المواجهة مع إسرائيل في سبيل البقاء، أو إذا ما استخدم حلفاؤه النزاع مع إسرائيل لكسب الشرعية الداخلية، في حين أن السفير الإسرائيلي السابق لدى الولايات المتحدة ( إيتمار رابينوفيتش ) يرى في ما يحدث في سوريا ومن تغيير النظام فيه أثاراً بعيدة المدى على الشرق الأوسط وعلى أمن إسرائيل ويستعرض رأيه في ثلاثة اتجاهات :
1- أن سقوط مبارك والأحداث في البحرين عززت محور إيران وصرفت الانتباه عن برنامجها النووي، وسوريا حجر رئيس في المحور المؤيد لإيران وسقوطه ضربة شديدة لها.
2- أي تغيير في سوريا سيعطى ( مساحة تنفس ) لخصوم المعسكر الإيراني في لبنان، ولكنه يخلق إغراء لإيران وسوريا للتخفيف عن سوريا من خلال تسخين النزاع مع إسرائيل.
3- الخيار السوري لإسرائيل سيبقى دوماً يحوم في الهواء كبديل عن المسار الفلسطيني، وفي السنوات الأخيرة فضلته المؤسسة الأمنية الإسرائيلية فهناك نظام مستقر والحوار معه يشكل ضربة لإيران ويوفر مفتاحاً للتغيير في لبنان، وحالياً يوجد الكثيرين ممن كانوا يفضلون عدم التنازل عن الجولان سيدعون الآن أنه لا يوجد معنى لصفقه كهذه مع نظام موضع شك ويختم حديثه بأن الإسرائيليين ينتظرون، وينتظرون، ولا يعرفون ماذا ستكون نتيجة الانتظار.
الفلسطينيون في سوريا بين المطرقة والسنديان
في الأول من إبريل 2011 أعلنت وزيرة الخارجية الأمريكية وقتها هيلاري كلينتون أن الولايات المتحدة الأمريكية لن تتدخل في سوريا كما تدخلت في ليبيا التصريح كان يناقض الواقع وجاء رداً على إصلاحات متوقعة في سوريا أعلنت عنها (بثينة شعبان) المستشارة الإعلامية والسياسية للرئيس السوري من أجل تهدئة الحالة في سوريا، رغم ذلك ظهروقتها من تصريحات المسئولين السوريين عدة إشارات تم التقاطها ومنها:
1- الإشارة إلى مشروع فتنة طائفية تراه السلطات السورية كامن في الأحداث.
2- اتهام فلسطين بالتورط في في أحداث اللاذقية والتي أوقعت 12 قتيلا وعشرات الجرحى (وهو ما أعلنته مستشارة الرئيس) غير أن ما لم تعلنه انسحب على أحداث درعا التي أيضاً طالتها اتهامات للفلسطينيين.
الاتهام بالأساس كان موجه للإخوان المسلمين، ولأن حركة حماس خرجت من رحم الإخوان تم الإشارة إليها بالمشاركة، البعض تحدث عن أن أي مشاركة من عناصر فلسطينية ربما تكون من عناصر متطرفة تصرفت على هدى من أيديولوجيتها وليس فلسطينيتها.
الكاتب عبد الباري عطوان في مقال له بعنوان سوريا وكبش الفداء الفلسطيني رداً على (بثينة شعبان) يقول: مشكلة الدكتورة بثينة شعبان ونظام الحكم الذي تنطق باسمه هي مع السوريين، وليس مع الفلسطينيين، فالجموع التي انتفضت في مدينة درعا الجنوبية حيث انطلقت الشرارة الأولى إثر اعتقال مجموعة من الأطفال كتبوا على حائط شعارات تطالب بإسقاط النظام، لم يكن بينها فلسطيني واحد لأنه على حد علمنا لا يوجد أي مخيم للاجئين فيها أو حتى بالقرب منها.
أما الفلسطينيون سواء كانوا ضيوفاً في سوريا أو غيرها فيريدون العودة إلى ديارهم، وتحرير أرضهم المغتصبة، وإن كانوا يتضامنون في الوقت نفسه ولكن بقلوبهم مع أشقائهم السوريين".
لقد أدى نشوب الأزمة في سوريا، والصراع الإقليمي والدولي الذي انعكس جلياً في الثورة السورية، واحتضان سوريا لعدد من الفصائل الفلسطينية منها الجبهة الشعبية القيادة العامة بقيادة (أحمد جبريل)، وقيادات حركة حماس، وحركة الجهاد وبعض الفصائل الصغيرة إلى ظهور ثلاثة اتجاهات فلسطينية عبرت عن نفسها من خلال مواقفها المعلنة من الأحداث في سوريا وهي:
1- اتجاه حسم أمره منذ البداية مع النظام السوري على اعتبار أن ما يحدث مؤامرة ضد سوريا والجبهة الشعبية القيادة العامة مثلت هذا الاتجاه.
2- اتجاه مثلته حركة حماس وفيه حيدت نفسها عن الانحياز للنظام، ودعمت مطالب الشعب، وهذا اعتبره النظام السوري (عدم وفاء) على أساس احتضان سوريا قياداتها وتبنى مواقفها في حين اعتبرته حركة حماس نوع من الحياد.
3- اتجاه لفصائل منظمة التحرير الفلسطينية وعلى رأسها حركة فتح دعت فيه إلى عدم التدخل في الشأن السوري، و تحييد المخيمات الفلسطينية الصراع في سوريا، وسحب المسلحين منها.
وقد أظهرت الأحداث المتسارعة فيما بعد صحة وجهة النظر الأخيرة بعدما عُسكرت الثورة في سوريا، وتحولت لساحة صراع أكلت الأخضر واليابس فيها، وظهور القوى المعارضة للنظام من الجيش الحر، وداعش، وجبهة النصرة بالشكل الذي لا يليق بثورة شعب، بل جعلت السوريين وهم يشاهدون حجم الدمار الهائل في سوريا يتحسرون على تسليم رقابهم لمعارضة إما قياداتها تعيش في الخارج، أو تقتتل فيما بينها في الداخل السوري .
لقد أدى انحياز بعض الأطراف الفلسطينية لجهة دون الأخرى إلى معاقبة الفلسطينيين وهذا تاريخياً معروف في العلاقة مع أي دولة عربية فقد حدث في العراق بعد انهيار النظام البعثي، وحدث في الكويت، وحدث في لبنان وفي ليبيا، ويحدث في سوريا تحت ادعاء إقحام البعض الفلسطيني في خلافات داخلية لبلد عربي، رغم أن دعوة منظمة التحرير لتحييد المخيمات وعدم التدخل في الشأن السوري كان منذ البداية.
حرب لا ترحم " تداعيات الاقتتال في سوريا "
مع عسكرة الاحتجاجات الشعبية في سوريا، وتجاوز الحرب فيها التي اندلعت منتصف مارس 2013 الثلاث سنوات أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن أكثر من 150 ألف قتلوا منذ بداية الأحداث.
فيما أعلنت المفوضية العليا للاجئين في الأمم المتحدة في بيان لها
أن عدد اللاجئين السوريين في لبنان تخطي مليون لاجئ نصفهم من الأطفال، وأفادت أنها تسجل يومياً 2500 لاجئ جديد في لبنان.
أما الأمم المتحدة فقد صرحت بأن عدد النازحين داخل سوريا بلغ 6.5 مليون فيما فر من البلاد حوالي 2.6 مليون لجئوا بشكل مباشر للدول المجاورة.
هذا وقد أفاد تقرير للأونروا بأن اللاجئين الفلسطينيين تأثروا بشكل كبير جراء النزاع المسلح الدائر حيث أن كافة مناطقهم السكنية تشهد اشتباكات مسلحة أو تتعرض لهجمات باستخدام الأسلحة الثقيلة، وأنه من أصل 540.000 لاجئ فلسطيني في سوريا فإن 63% منهم هجروا نتيجة الأحداث في سوريا نصفهم موزعين داخل سوريا فأكثر من 200 ألف في اللاذقية، و 3.050 في حماة، و 6450 في حمص، و 13100 في درعا.
أما أعداد اللاجئين الفلسطينيين الى خارج سوريا فالمسجلين في أماكن عمل الأونروا بلغوا 10.687 لاجئ في الأردن ، و 51.300 في لبنان، و 1200 في قطاع غزة، والمتبقى منهم توزعوا لدول أخرى في تركيا، وماليزيا، وتايلندا، وأندونيسيا ووصلت أعداد منهم لاوروبا وقد انعكس ذلك فى بيانات الاونروا والخاصة بالخدمات التعليمية والصحية المقدمة للاجئين الفلسطينيين من تعليم وصحة ومساعدات.
ففي التعليم/ فمن أصل 118 مدرسة تابعة للأونروا هناك فقط 42 مدرسة عاملة وقد قامت وزارة التربية والتعليم بإتاحة المجال للأونروا للوصول إلى حوالي 47000 طالب من طلبتها، في حين تقدر الأونروا أن العام 2014 سيشهد وصولها إلى 67000 طالب من خلال توليفة من التعليم عن بعد والحصص العلاجية سواء في داخل سوريا أم نازحون للدول المجاورة، هذا وقد شهد تعليم الفلسطينيين في سوريا تحسناً نوعياً على مر عقود، ففي العام 1965 كانت الأمية لدى الذكور 34.5% والإناث 46.5%. ولكن حتى العام 2010 كانت النسبة قد انخفضت إلى 2% فقط ذكور، 5.5% إناث.
وفي الناحية الصحية/ فقبل النزاع أدارت الأونروا 23 مرفقاً للرعاية الصحية في سوريا أما حالياً فإنها تحافظ على 11 منها فقط.
في منتصف مارس وبعد أن دخلت الأزمة السورية عامها الرابع أعلنت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين في جنيف "أن النزاع السوري يعتبر أكبر أزمة للاجئين في العالم حيث أجبر 40% من السكان على ترك منازلهم أي ما يقارب تسعة ملايين لاجئ، وأن القتلى الذين تم توثيقهم نصفهم من المدنيين، هذا فيما قال المرصد السوري لحقوق الإنسان، وهو منظمة حقوقية مستقلة مقرها بريطانيا أنه قد وثق 146.065 قتيلا في الثلاث سنوات الأولى من الأزمة موزعين كالتالي:
- 73.783 من المدنيين بينهم 7.796 طفلاً ، و5.166 انثى فوق سن 18 عاماَ، و23.389 من مقاتلي الكتائب المقاتلة.
- 10.278 من مقاتلي الكتائب الإسلامية وتنظيم داعش وجبهة النصرة وغالبيتهم من جنسيات غير سورية حسب المرصد.
- 2.275 من القوات المعارضة للنظام.
- 2.864 مجهولو الهوية تم توثيقهم بالصور.
- 34.738 من قوات النظام السوري.
- 21.336 قوات موالية للنظام من اللجان الشعبية، وقوات الدفاع الوطني.
- 332 من حزب الله اللبناني.
- 459 موالين للنظام من جنسيات غير سورية.
وسط هذا كله كان مقدراً أن تدخل المخيمات الفلسطينية في النزاع الدائر خصوصاً وأن التنظيمات الفلسطينية ليست ذات مرجعية واحدة، ورغم أن سوريا النظام كان لها دور في تهميش منظمة التحرير الفلسطينية، ودور السفير الفلسطيني هناك، وكذلك عمل دائرة شئون لاجئين، وما كان يتوقعه النظام من حركة حماس لم يرق لها، في حين ساهمت بعض الفصائل المحسوبة بالأساس على سوريا بإقحام المخيمات في بداية الأزمة من خلال انحيازها الواضح للنظام، أو من خلال تداعيات الحرب الدائرة في كل سوريا مما أدى إلى حجم دمار كبير طال المخيمات بنسب متفاوتة تظهر الأضرار كالتالي : مخيما درعا وحندرات 100% ، ومخيم سبينة 90% ، ومخيم الحسينية 95% ،ومخيم اليرموك 75% ، ومخيم خان الشيخ 50%.
في حين باقي المخيمات الفلسطينية تستقبل العديد من الهاربين من القتل والدمار بحيث تضاعفت أعدادهم نتيجة للهجرة، وزادت الأعباء الاقتصادية والاجتماعية على المخيمات.
مأساة مخيم اليرموك
في لقاء مع الرئيس محمود عباس (أبو مازن) بتاريخ 8. 5. 2014 قال:
"بالنسبة لمخيم اليرموك فسياستنا الأساسية فيما يتعلق بما جرى في البلاد العربية من حراك كانت واضحة، أننا لا نتدخل في الشئون الداخلية للبلاد العربية وبالذات في سوريا باعتبار أن لدينا 600 ألف لاجئ فلسطيني ولا نريد تعريضهم للخطر، فالمخيم بات ضحية وبدأت نكبة حقيقية جديدة بعد الاقتتال في المخيم وأطرافه، ودورنا كان الاتصال مع كل الأطراف لتحييد المخيم ولا أقول أنهم نجحوا بالكامل، لكن بعض المواد الغذائية بدأت بالدخول وهمنا الأكبر عودة جميع النازحين إلى المخيم، والأزمة السورية صعبة ولا حل لها إلا بالحوار.
وكان الرئيس أبو مازن قد سبق في لقاء معه على قناة العالم يوم 12 يناير 2014 أن وصف المسلحين الذين دخلوا المخيمات الفلسطينية للقتال فيها "بالخونة للقضية وللشعب الفلسطيني لأن من يريد المقاومة والقتال من الفلسطينيين معروف من وأين يقاتل"
مشيراً إلى أن هناك جزء من الشعب الفلسطيني يعاني وخاصة مخيم اليرموك ونحن اتبعنا سياسة أننا ضيوف في الدول العربية، ولا نريد التدخل لأننا نعي نتيجة التدخل، وأن الأشهر الأولى في سوريا كانت هادئة على جميع المخيمات لكن سرعان ما لعبت الأيدي القذرة والمستأجرة في المخيمات مما أدى إلى هجرة ومعاناة الكثير منها معتبراً أن الفلسطينيين في مخيم اليرموك تعرضوا (لنكبة أخرى).
في 30. 12. 2013 كتب علي بدوان اللاجئ الفلسطيني في مخيم اليرموك بسوريا مقالاً بعنوان (مخيم اليرموك ونكبة حارة الفدائية) يقول فيه: "نحن من أقدم العائلات اللاجئة الفلسطينية التي أسست وأقامت مخيم اليرموك، بل من العائلات الأولى المحدودة العدد التي وضعت اللبنات الأولى لمخيم اليرموك صيف العام 1954 ولحارة الفدائية وامتدادها، عندما بدأت الهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين العرب بتوزيع الأراضي على العائلات بواقع 48م2 للعائلة، وكان وقتها لا يتجاوز عدد سكانه عشرين عائلة لاجئة، رمتنا الأقدار من مدينة حيفا، من وادي النسناس حيث جذورنا مازالت هناك في وطن النكبة السليب الذي داسته أقدام الفاشية الصهيونية إلى الشام بلد اللجوء الشقيق وإلى مخيم اليرموك الذي دمرته أو كادت تدمره الوحوش الهمجية.
ويواصل في موضع أخر قوله: رحلة المآسي في التراجيديا الفلسطينية جعلتنا الآن العائلة المنكوبة بعد النكبة الأولى في مخيم اليرموك كغيرها من مئات العائلات من مربع المخيم الأول عندما جرى نهب بنايتنا وتدميرها فيما بعد.
يعد مخيم اليرموك أكبر تجمع للاجئين الفلسطينيين في سوريا، ويقع على مسافة 8كم من دمشق، ويحسب من ضمن حدود العاصمة، يقدر سكانه بـ 162.960نسمة يعيشون على مساحة 2110 دونم، وهناك من يقدر سكانه بأكثر من 200ألف نسمة، وحسب شهادة أحد مؤسسيه من الفلسطينيين فأنه أنشئ في العالم 1954
للمخيم خصوصية تميزه فعلى الرغم من عدم الاعتراف به من قبل الاونروا كمخيم إلا أن سكانه يتمتعون بالخدمات المقدمة له كسائر المخيمات، هذا بالإضافة إلى أنه يمثل حالة الاندماج مع العاصمة دمشق بشرياً واقتصادياً كضاحية جنوبية لها ولذلك تمتع بكونه سوقاً تجارياً لسكان العاصمة ، وهذا ما جعل مستوى الدخل فيه يصل لأكثر من300 ليرة سورية للفرد الواحد شهرياً وهذا الأعلى من بين المخيمات الفلسطينية.
منذ يوليو من العام2013 فرض الجيش السوري حصاراً خانقاً على المخيم الأمر الذي جعل المدنيين فيه يعيشون محاصرين في ما يشبه الغيتو وفي عوز تام، فالموقع المتميز للمخيم جنوب العاصمة دمشق أوقعه بين مطرقة النظام وسندان الجماعات المسلحة الأمر الذي دفع الآلاف من أهالي المخيم للهرب من المنفذ الوحيد الذي تركه النظام لهم للهرب في حين أقفل حي التضامن والحجر الأسود الملاحقين للمخيم.
وقد سجلت إحصائيات المراكز الحقوقية وفاة أكثر من 40 لاجئاً فلسطينياً جوعا في مخيم اليرموك حيث عوقب السكان المدنيين نتيجة بعض مواقف الفصائل التى انحازت لجهة دون الاخرى لذلك دعت منظمة التحرير إلى إخراج المسلحين من المخيم الأمر الذي لم يتمكن أحد من تحقيقه بسبب أهمية موقع المخيم كنقطة سيطرة للنظام. هذا في وقت سيطرة جبهة النصرة على قطاعات ومراكز الإيواء الخاصة بالمخيم.
لقد أدى هذا الوضع المأساوي إلى هجرة ثلاثة أرباع المخيم ومن تبقى فيه باتوا قرابة 40 ألف فلسطيني.
مجموعة العمل من أجل فلسطيني سوريا وصفت الوضع على لسان(طارق الحمود) منسقها بقوله في2014.2.3: " ان حال اللاجئين في مخيم اليرموك هو الأصعب فالناس تعيش على الماء الساخن مع البهارات منذ أسابيع، وأطفال وشيوخ ينتظرون دورهم على مغاسل شهداء الجوع، والمرتزقة مستمرون بعمليات البيزنس، وتجارة الحروب من خلال المتاجرة بأرواح الناس داخل المخيم، فهناك ألفي شهيد فلسطيني في سوريا حتى الآن وضحايا الجوع تجاوزوا الـ 95 شهيد تقريباً .
الباحث في شئون اللاجئين (على هويدي) في تصريح له بتاريخ2014.1.24 لصحيفة فلسطين الصادرة في قطاع غزة يقول: "منذ بدء الاقتتال السوري الداخلي هناك 2000شهيد فلسطيني منهم 800من مخيم اليرموك، معبراً عن خشيته أن يكون الصمت الجاري تجاه معاناتهم وتدهور أوضاعهم جزءاً من مخطط دفعهم إلى الهجرة للخارج وتوطينهم في بلدان أوروبية أخرى".
ويطالب السلطة ومنظمة التحرير لمضاعفة جهودها حيال اليرموك لأن الإجراءات والمبادرات التي قامت بها لم تؤتِ ثماراً بسبب الخلل في التنفيذ.
في 2014.3.10 كانت نتيجة المفاوضات والمبادرة التي طرحت تنص على أساس انسحاب المسلحين من غير الفلسطينيين خارج مخيم اليرموك، على أن يتموضع الفلسطينيين المسلحين على أطراف المخيم لحمايته من اقتحام خارجي وقد سرى هذا الاتفاق ليومين عادت بعده جبهة النصرة للمخيم لتفسد الوضع حيث طالبت بتنفيذ شروط منها: إخراج المعتقلين، وإدخال المعونات للمخيم وإدخال الطحين وتشغيل الأفران، وإدخال الأطباء لعلاج الجرحى مبرةة عودتها بذريعة أن الجبهة الشعبية القيادة العامة لم تلتزم بتنفيذ اتفاق تحييد المخيم، وعدم تنفيذ بنود المصالحة لذلك وضعوا تلك الشروط للانسحاب.
الناشط رامي السيد يصف الحياة في المخيم بقوله:" الأمر مأساوي، في الشوارع ترى الناس وقد هزلت أجسادهم، ووجوههم خالية من الحياة، ويمكن قراءة الحزن في كل مكان، نأكل الأعشاب ونعد منها حساء لكن طعمها مر، حتى الحيوانات لن ترغب في احتسائها، وإذا قصدنا حقلاً لجمع الأعشاب يطلق قناص علينا النار، حتى وكالة الغوث الأونروا التي توزع منذ يناير الغذاء بشكل متقطع على السكان المحاصرين تبدو غير قادرة على مواجهة هذا الوضع الإنساني".
فالأمم المتحدة تصف ما توزعه من طرود غذائية وأدوية بـ"القطرة في المحيط"، فليبو غراندى المفوض العام لوكالة الأونروا وعلى اثر زيارته للمخيم صرح قائلاً:" هم كالأشباح محاصرون هناك دون أمل في الخروج، دون غذاء، دون دواء، دون ماء صالح للشرب، وهم كذلك مذعورون لوجودهم في قلب الحرب، هم بالكاد يتكلمون، حاولت محادثة بعضهم، وإجاباتهم جميعاً ترجمت حالة الحرمان القصوى التي يعيشونها"
كما ذّكر غراندي بعجز الأونروا عن إيصال الإعانات لعدد كبير من اللاجئين فالذين يعجزون عن التنقل إلى نقاط التوزيع كثيرون ، منهم الضعاف والعجائز والأطفال المشردون هؤلاء لم يحصلوا البتة على أية إعانة.
وقد صرح( د. شاكر الشهابي) مدير الهلال الأحمر الفلسطيني في سوريا " أن المواد الطبية نفذت بشكل كامل في مستشفى فلسطين نتيجة الحصار، حيث توفى الكثيرون لعدم وجود الأدوية والمحاليل الملحية، والسكريةِ، والمختلطة كما أن قطع الكهرباء، والسولار الذي تضاعف سعره ستة مرات أدى لتوقف العمليات الجراحية خصوصاً وأن الطبيب الجراح الوحيد في اليرموك قد استشهد".
ويضيف" المستشفى قبل الأزمة الحالية كان يعمل بطاقة تستوعب 65سريراً خمسة منها للعناية المركزة وغرف الحواضن ، وأربعة غرف للعمليات، وجميعها توقف بشكل كامل، فيما لا يزال يعمل قسم صغير بخمسة أسِّرة داخل قسم النسائية والتوليد خصص لحالات سوء التغذية.
أما (جمال حماد) مسئول الهلال في م. اليرموك فقد تحدث أن" سوء التغذية الذي يعاني منه السكان يتسبب في إذابة النسيج الدهني الموجود بين العضلات والجسم، ويظهر في المرحلة الأولى نتيجة نقص الأكل ثم هزال بالعضلة ، ويتغير لون الجلد، وأخيراً مرحلة الوجه القمري وهى سابقة للوفاة.
أما النساء الحوامل فلا يستطعن إكمال حملهن، وكذلك المرضعات لا يتمكن من إرضاع أطفالهن مبيناً أن ( طبيباً بيطرياً) واحداً يقوم بعمليات الولادة وتساعده ثلاثة قابلات. كذلك ظهر ما يعرف طبياً بـ" الشوارد" وهو انحباس للسوائل يؤثر على عمل الكليتين ويؤدي لقصورها ومن ثم فشلها مما يؤدي للوفاة".
بريطانيا تدعو لتوطين لاجئي سوريا والعراق
تقدمت بريطانيا بداية يناير 2014 بعرض مشروع لتوطين اللاجئين الفلسطينيين من سوريا والعراق والذين لا يحملون جنسيات فلسطينية أو عربية مما أثار حفيظة الكثير من ناشطي حقوق اللاجئين حيث اعتبروا أن رغبة بريطانيا سياسة مستترة بدواع إنسانية.
وقد ربط البعض بين رغبة بريطانيا وقرار الكنيست الإسرائيلي الأخير والذي يحظر التفاوض حول اللاجئين ، والقدس، ولا يستبعد أن تكون إسرائيل وراء قرار توطين اللاجئين الذي دعت له بريطانيا خصوصاً وأن الأخيرة دعت لتوطين اللاجئين الفلسطينيين مستثنية وجود لاجئين سوريين وعراقيين.
ولفت البعض أن خطورة الطرح تكمن في موافقة بعض اللاجئين على العرض المقدم خاصة وأنهم يبحثون عن الاستقرار في ظل الحروب التي عاشوها، وأرهقوا بسببها لذلك يرون أن خبث الطرح البريطاني لا علاقة له بالجانب الإنساني، ويخفي خلفه أجندات لطمس قضية اللاجئين، وإنهاء القضية الفلسطينية على اعتبار أن المخيمات تشكل عائقاً لأي تسوية قادمة وإسرائيل مستفيدة من نزوح اللاجئين وتشتتهم في المنافي لتقضي على خزان من خزانات الثورة.
ومما يصعب الأمور أكثر أن الدولة الأكثر قرباً لسوريا وهي لبنان والتي واجهت تدفقاً غير مسبوق للاجئين الفارين من الأحداث في سوريا تأثرت بشكل كبير جراء الضغط على مواردها وبنيتها التحتية، فأكثر من مليون لاجئ فروا إلى لبنان حيث أشار البنك الدولي أن الأزمة السورية كلفت لبنان 2.5مليار دولار وأن المبالغ التي تلقاها من المجتمع الدولي عن العام2013 800)مليون دولار فقط) وقد حذر صندوق النقد أنه بدون دعم مالي من المجتمع الدولي فحاجات الشعب اللبناني واللاجئين لن تتم تلبيتها.
فلبنان البالغ سكانه 4.5 مليون نسمة يكافح للتأقلم مع أكثر من مليون لاجئ جديد مما دفع السلطات في لبنان إلى التعامل الرسمي فيما يخص النازحين وإرجاع الكثير منم رغم استعداد المخيمات الفلسطينية بلبنان لمساندتهم ، ورغم هذا النزوح الكبير إلا أن الفلسطيني صار يُعاد ولا يتم استقباله في لبنان الذي تفيد التقديرات تضاعف البطالة فيه، ووصول مواطنيه حد الفقر مع نهاية 2014.









الخاتمة
هذه المأساة للاجئين الفلسطينيين حلقة من مئات الحلقات التي يواجهها الشعب الفلسطيني في الشتات فقد سبقهم اللاجئين في لبنان، والعراق، والكويت، وليبيا في المعاناة ولا يزالوا إلا أن خصوصية الأزمة السورية، وتواصلها حتى اليوم والأطراف الإقليمية والدولية المتصارعة على أرضها، والتي تركت سوريا للدمار الشامل بعد أن نزعت %92من أسلحته الكيماوية حسب (جنيفر بساكي) المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية، وعلى الرغم من أن معظم الفصائل الفلسطينية كانت حريصة على تحييد المخيمات، وعدم التدخل في الشأن السوري سواء مع النظام أو المعارضة المتطاحنة إلا أن التطورات في الحرب، وموقع مخيم اليرموك بالذات بشكله المثلث حيث رأسه بداية المخيم، وقاعدته نهاية التوسع العمراني، وعلى مسافة 8كم من مركز العاصمة دمشق، ووقوعه ضمن حدودها الجغرافية كل ذلك أقحم المخيم في النزاع ليصبح ساحة من ساحات الصراع.كما أن الأزمة السورية حتى اليوم مازال مبكراً الوقوف على نتائجها فجنيف1، وجنيف2، نجحت في جوانب وفشلت في أُخرى، كما أن الوضع الدولي يستدير عما شهدناه من قبل بحيث بات قابلاً للنظام أكثر خصوصا وان تهديد الكيماوى فى طريقه للزوال، ومتخوفاً من المعارضة السورية التي باتت تتناحر فيما بينها بلا إمكانية تحقيق نتائج تغير الموازين.
وأيا كانت نتائج الصراع فما يهمنا هو أن تحيد المخيمات الفلسطينية عنه وأن لا تقحم في أتون تلك المعركة حتى لا تجد القوى المتصارعة مبرراً لقتل الفلسطينيين وحصارهم وهذا يتطلب
1- العمل الجاد ومع كل الأطراف على عودة الأمور لطابعها في المخيمات الفلسطينية.
2- العمل مع الأطراف الدولية لتحمل مسئولياتها في توفير الدعم المالي للمؤسسات العاملة في سوريا، والعمل على إعادة إعمار المخيمات.
3- رفض كل مبادرات التوطين والعمل على حل قضية اللاجئين حلاً عادلاً.
4- التواصل مع الأطراف اللبنانية والتركية، والأردنية لمتابعة أوضاع النازحين فيها.
5- تحييد المخيمات وخصوصاً اليرموك، وتوفير غطاء سياسي للاجئين الفلسطينيين متمثلاً بمنظمة التحرير الفلسطينية لمتابعة كل جديد فيما يخص الوضع الفلسطيني في سوريا.
6- اتفاق كل الفصائل الفلسطينية بلا استثناء على عدم الزج بالفلسطينيين في أتون الصراع الجاري والابتعاد عن الصراعات والتجاذبات فى البلدان العربية .
* مركز عبدالله الحورانى للدراسات والتوثيق






#جمال_ابو_لاشين (هاشتاغ)       Jamal_Ahmed_Abo_Lasheen#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عيد العمال .. والثورات العربية
- حَلْ السلطة الوطنية الفلسطينية .. البدايات والنهايات
- الأرض والمقاومة الشعبية00 وكي الوعي الإسرائيلي
- الشعب الاسرائيلى و معركة الحرب والسلام
- عيد المرأة العالمي ووعي المرأة
- الأغوار الفلسطينية والحل الأمني
- إسرائيل اليهودية ... تكسب الأعداء
- العلاقة الأردنية الفلسطينية .. بين الوصاية والسيادة
- غزة تغرق ورواتب موظفيها
- عبد الله الحوراني ذاكرة الانقسام .. والحرب على غزة
- انتفاضة الأقصى والمفاوضات
- مخطط برافر... بين صمود أهالي النقب وخفايا أمن إسرائيل
- سنة أولى إخوان
- التسوية السياسية ...الطريق المسدود
- نكسة حزيران...التحول الكبير
- نكسة حزيران ... التحول الكبير
- في الذكرى ال65 للنكبة .. انهيار القيم في إسرائيل بداية النها ...
- عيد العمال ..وثورة في الانتظار
- إسرائيل من التفرد للشراكة الإستراتيجية
- لماذا كثرت التساؤلات حول سيناء ؟!


المزيد.....




- التنظيمات الليبراليةَّ على ضوء موقفها من تعديل مدونة الأسرة ...
- غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب
- الرفيق حنا غريب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني في حوار ...
- يونس سراج ضيف برنامج “شباب في الواجهة” – حلقة 16 أبريل 2024 ...
- مسيرة وطنية للمتصرفين، صباح السبت 20 أبريل 2024 انطلاقا من ب ...
- فاتح ماي 2024 تحت شعار: “تحصين المكتسبات والحقوق والتصدي للم ...
- بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع إثر اجتماع ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024
- الحوار الاجتماعي آلية برجوازية لتدبير المسألة العمالية
- الهجمة الإسرائيلية القادمة على إيران


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - جمال ابو لاشين - المخيمات الفلسطينية في سوريا والذكرى 66 لنكبة فلسطين