أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مارينا سوريال - خارج تلك المدينة2















المزيد.....

خارج تلك المدينة2


مارينا سوريال

الحوار المتمدن-العدد: 5513 - 2017 / 5 / 6 - 10:28
المحور: الادب والفن
    


لم تكن قد رات بيت هيدرا من قبل بل سمعت احاديث جدتها التى لاتنتهى عن الدار واهلها ،عاشت جدتها مع حفيدة الدار الباقية حتى رحلت واغلق البيت الواسع ..كانت طفلة تسمع الحكايات فتتخيل الفناء الواسع ازهار ايزيس كتبها ..غرفتها الواسعة والخدم يحيطون بها ..لم تنعم ليزا بمثلها لم ترى عيناها سوى حطام الحارة الضيقة والمرض الظاهر على الوجوه ..لم تعرف الشمس فى ذلك المكان ..لم تراه سوى مهترىء الجدران الفارق الوحيد انه كان كبيرا وضخما عندما كانت صغيرة فتلك الفسحة الضيقة والغرفة المظلمة كانت منيرة فتركض وتصرخ وتغنى غير مبالية بالعقاب ..فى المساء فقط كانت تجلس هادئة امام الغرباء تراقب امها تقيس لفتيات وسيدات اجسادهن وتنقر طوال الليل على ماكينة الخياطة التى لم ينزعج احد منهم من صوتها ابدا بل احبوها لانها تحصل لهم على الملابس الجديدة والحلوى..كانت الدنيا حلوى وقفز..ثم تحولت الى كلمات اغنيات تضرب بقدمها على الارض وهى تسمعها لم تحب امها الجديد لكنها اعتادت ان تجلس الى جوارها وتستمتع الى اغانى الراديو الذى استطاعت اخيرا الحصول عليه وسمعت فيه اول ما سمعت هنا القاهرة ..ثم تعلمت ان تتلو الالحان واحد بعد الاخر بلغة اخرى غير التى تتحدث بها قالت امها انها القبطية هناك حيث كانت تسمعها كل احد تعلمت ان هناك كلمات قبطية واخرى يونانية ترددها احبت ذلك شعرت انها اخيرة مميزة عن بقية فتيات مدرستها فهى لم تكن تستطيع ان تحصل على نفس مقدار الحلوى لا سندوتشات يومية تذهب بها بل كانت تتحمل فى صبر حتى تعود الى البيت تعلمت ان هناك اكلة تكرها لكنها تسد جوعها اسمها سد الحنك كانت كثيرة ما تصنعها امها لهم ليلا ويجدونها فى الصباح ..لم تفهم لما ليس لديها نفس مقدار الطعام لما هى هزيلة الى هذا الحد بينما اخريات يحصلن على طعاما وفيرا كل يوم طعام فى صندوق طعامهم الصغير اما هى فلا..تعلمت ان عليها ان تنسى الطعام ولا تفكر به كثيرا حتى وهى تتضور من كثرة الجوع لانه شىء سىء..
حتى عندما باتت ترى الطعام كثيرا ما عرفت الجوع ولكن كان عليها فحسب ان تتذوق وتتذوق الى مالا نهاية من الاطعمة وكلما تذوقت المزيد حزنت انها تحاول ان تجد نفس المذاق القديم لطعام امها لكنه لم يعود ابدا مثلما حدث فى تلك الليلة عندما عادت بمفردها مثلما تعلمت من مدرستها الى البيت لتجد نسوة ..كانت معتادة على وجودهن بل كان امر واضح هناك مزيدا من الحلوى قادمة فتضحك تحملها تلك المراة البدينة تغوص فى صدرها انها تخجل من كل تلك العيون التى تراقبها وهى تدخل غرفتها امها المغطاه حتى راسها ..رحل اخوها ليعيش مع خاله بينما ذهبت هى للعيش مع عمتها التى حملتها ..كان لايزال ابوها سائقا للقطارات كانت تفكر كل ليلة بكم بلدة يصادفها وهو يركض على قضبان قطاره بعيدا عنها..
لم تعد تتردد كثيرا على كنيستها القديمة بل نسيت واصبحت تذهب لاخرى حيث عمتها تاخذها صباح كل جمعة فى الصباح الباكر وعرفت ان ذلك الجرس القريب انه جرس الكنيسة .اصبح طعامها المفضل هو وسيلة للتعبير عن راحتها او حبها او عداوتها فبرغم كرهها لاخيها الاانها كانت ترسل اليه باستمرار الطعام اللازم له حتى موعد خروجه من الحبس طوال ثلاث سنوات ..لم يعلم من اين ياتيه الطعام؟ وان كان بداخله يعلم انها هى احيانا كانت ترسل من تلك الحلوى التى تذوقوها معا وهم صغار ..كان عليه ان يخفى عيناه بعيدا عن زملاء محبسه كلما تذوق من تلك الحلوى ازداد شوقا لاخرى منها ولكنها فى النهاية توقفت قبل اسبوع من موعد خروجه من جديد حزن توقع انه ربما يراها من جديد بعد سنوات لم تسامح اذن لما كانت ترسل الطعام
.فى بيت عمتى لم اعرف سوى القواعد التى يجب اتباعها فانا فتاة وليس هذا فحسب بل فتاة من طائفة اقلية ينبغى ان احاذر من الشباب من الكلام من الابتسام او السلام عليه ان انتبه لخطواتى جيدا فى الطريق وان اكون حذرة من كل انسان يقترب..كانت تستقبل فى مساء كل خميس صديقتها ام تادرس تاتيها بعد ان تنهى عملها فى المشغل ..كنت اراقبهما من بعيد علمت ان عمتى تساعدها كل شهر بحقيبة صغيرة تجهزها لاجلها بها ملابس وبعض الطعام..ارقبها وانصت لحكاياتها التى لاتنتهى عن فتيات ضائعات خطفن اراقب ملامح عمتى الملتاعة ..انهم يخطفون بناتنا فحاذرى تلك امانة ..كانت عمتى تهمهم ببعض الكلمات تتمت بصلاتها الخاصة لااسمع سوى يا ام النور..
ولكن هل شفيت ؟ راقبت شفاه الطبيب وهى تتحرك ربنا موجود ..عرفت ان لاامل فى شفائى ولكن قائمة من لم اسامح لم تخفت لو للحظة اشعر اننى مدينة لحقدى فهو ما ابقانى ..عندما ماتت عمتى عندما هرب ناصف عندما واجهت الاعين فى مدينة واسعة غريبة عندما لم يصدقى ابنى الوحيد يوسف ورحل بعيدا ..عندما ارسل لى رسالة عبر الايميل بعد شهور طويلة من الانتظار يخبرنى اين هو؟ انه بخير بل ويشتاق اليه ..كل تلك الاشهر كانت بسبب ناصف ..توقفت انفاسى عندما قال انه وجده هناك هل كان يبحث عنه؟ توقف عقلى وسمعت اذنى تكاد تنفجر من دقات قلبى ..لما ؟! حزينة وحيدة لكنه عاد واخبرنى انه سيرسل لى قريبا...هل كان عليه ان انتظر كلمة براءة من غريب عنه لم يراه ؟طوال الوقت كنت اركض ليطمئن فحسب..لم ارد ان يعرف الجوع فكان كل شىء ..هل يعلم مقدار التعب..الحرمان..الخوف..المراة..هل يعلم كيف تحيا هى داخل نفسها؟ ان ليس عليها الحلم اوا لرحيل او الحديث ..انهم يرحلون يا عزيزى يتحدثون عن لشقاء ولكنهم يملكون خيار الرحيل دوما مهما بلغت السبل ولكن نحن لايمكننا نحن اخر من يرحل اجباريا نحن من نرى الخوف ونكظم الجوع وتراقب وجوه مدينة تسقط ونشتهى الراحة ..كان عليه ان اكبر واعلم اننى من نسل خادمات بيت هيدرا العامر من كل صنف ورغم اننا ابناء ملة واحدة الا اننا لم نتساوى قط ظللنا خدمهم وظلوا اسيادا لنا راقبهم يرحلون فى صمت واحد ا تلو الاخر قبل ان نتحرر نحن ونسكن فى جحورنا تحت الارض حيث لا شمس ولا هواء نقى بل برد ينهش الضلوع وعتمة نعرف اثارها على عظامنا حين نكبر فى العمر..كيف يعرف هو؟ ايظن خوفه هو الخوف متى كانعليه تحصين جسده والا احرق بالنار ؟ من قريبا من اخا من ابا من غرباء ...متى عليه الخوف من العابرين وهو وحيد فى مدينة جديدة لايمكنه حتى النوم على الرصيف والا تحول لعرض مفتوح لمن يرغب؟ متى خاف ان يقترب منه اخر لايدرى اى غدرا قادما به ؟هكذا علمونا صغار واصبحنا به كبارا ...الخوف ربما يعرفون عنه ولكن ما هو حق لايعرف سوى الاضعف من ينمو به ويتعايش مراقبا نظراته الساخرة شبحا على الجدران مسخا تتحول اليه الايقونات فى ساعة الظلمة وهو وحيد ..يتخيل ذلك الشيطان الذى يقبع تحت الصليب يفترس وجه او يتقرب من جسده مثلما يراقبه فى ايقونه ابانوب ..انه طفل وكنا اطفال..من قطع اوصاله وعذب من تحلم الجوع والشقاء ولكن لاباس ..لاباس اليوم افضل..
رحل ناصف ولم يبقى لى سوى ام ناصف ..لم احببت تلك المراة..ربما لانى عشت بلا ام ولم اقبل بهذا فاخترتها ولم تفرض عليه..شعرت اننى اقوى للحظة واحدة..عاشت ام ناصف اما لى حتى رحلت ولم تخبر حفيدها الحقيقة ..لم اغضب منها ..تعجب قلت هل اصبحتى عجوز حتى تنسى غضبك!!
انا تريزا بنت لويزا بنت دميانة خادمة بيت هيدرا عمرى ..لااعرف اقدره بالاوقات السعيدة فاجدنى طفلة تحب الحلوى..تبحث عنها فى كل مكان لاتريد لهذا الطعام الذى احبته ان ينتهى



#مارينا_سوريال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خارج تلك المدينة1
- شارع القبط التكوين7
- شارع القبط التكوين5
- شارع القبط التكوين6
- شارع القبط التكوين3
- شارع القبط التكوين4
- شارع القبط التكوين1
- شارع القبط التكوين2
- ارض السراب الاخيرة
- ارض السراب16
- ارض السراب17
- ارض السراب14
- ارض السراب15
- ارض السراب12
- ارض السراب13
- ارض السراب10
- ارض السراب11
- اخترت الدمية
- ارض السراب8
- ارض السراب9


المزيد.....




- أحمد عز ومحمد إمام.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وأفضل الأعم ...
- تيلور سويفت تفاجئ الجمهور بألبومها الجديد
- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مارينا سوريال - خارج تلك المدينة2