أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الغني سهاد - ناتاشا...بنت الحزان...















المزيد.....

ناتاشا...بنت الحزان...


عبد الغني سهاد

الحوار المتمدن-العدد: 5510 - 2017 / 5 / 3 - 09:46
المحور: الادب والفن
    


ناتاشا ...بنت الحزان..( صداقة الصغار ).....

كان حينها فتى يانعا وسيما وكانت له جاذبيته الخاصة ..تتنافس صبيات الحي على صحبته..واللعب معه ..لكنه كان لا يابه بما يجري حوله من منافسات ومعارك صامتة ..ولا واحدة كانت منهن تملا عيونه الا الفاتنة( نا تاشا) ابنة الحزان اليهودي..صبية شقراء الشعر عيونها في زرقة السماء ..اردافها مكتنزة ..طاغية في المرح مقﻻلة في الكلام ..عندما تغضب ناتاشا تدمر كل شيئ يسقط في يديها و تعصف بكل شيء يقترب منها كيفما كان شانه... هي والغضب شقيقان....كانت لها شخصية قوية بين الصبيات ..يخافها الحميع....لشخصيتها الرجولية ..تنزع الى الزعامة في اللعب والحد معا ..وكنت احب معاشرتها ... ؟
ذلك الحزان والدها كان فقيه اليهود يقوم بالصﻻة بهم ايام السبت في السيناغوغ يتقدمهم في تعاويذهم في حي اليهود الذي يسمونه بالملاح ..يبارك لهم اموالهم و ابنائهم عند الولادة ..وذبائحهم .. مقابل القليل من الاعطيات ..اليهودي من مبادئ دينه المنغلق ان لايتق في المشلم ..فهو لا يسمح للمشلم ان يدكي له ذبيحة وان لايشاركه طعاما ..لكن ..ناتاشا ..فتاة ذكية لا تعاني من الشعور بالنقص منا نحن المشلمين الصغار ....تحبنا وتفضلنا عن اطفال اليهود في اللعب والمحادثة والمعاشرة ..كانت تريد ان تقول ان الفتوة اليهودية لها ميزة خاصة بها ..الهدوء والسكينة والابتعاد عن الجري وراء المغامرة والطيش والمجازفة ..كانت تقول لي ان دم المشلم حـــــار وسخون..بينما دمنا نحن اليهود بارد وساكن ..ترافقنا نحن صغار المسلمين في القنص داخل جنات وعرصات المحيطة بالمدينة .
نضع الفخاخ على الاغصان نسميها (التفركة )..نشتري العلك من العطار وطرف من الكاوتشو ونغليهما مع الزيت البلدية على النار ..ونصنع منه اللصاق الخاص هو التفركة لصيد الطيور (الحسون ) ..ونختار عيدان رقيقة من الجدوع ..ونقنيها على الاغصان ..ونبدا في تقليد تغريدات الطيور ..الى حد ما نحاول ان نغرد ونغرد...تفريت تفريت .. تم نلود بالصمت ونختبئ وراء جدوع الاشجار ننتظر .....هبوط اسراب الطيور ..لتقع في الفخ ..وناتاشا وراءي دائما ..تحت حمايتي ..حماية رجل من غير قومها ...
روعة وجمال ناتاشا تغري اعدائي واصدقائ بالتنافس معي على ارضائها صديقتي ...
لكنى كنت قادرا على فرض احترامي على الرفاق ..لفرض احترامهم لناتاشا ...ليسو ا كلهم يكنون لي نفس الاحتـــــرام ...فالممسوخ علال القرد.. كما كنا نسميه لسلوكه المنافق ... يقلد الكبار في كل شيء ويريد ان يصبح رجلا بالحركات فقط... كـانت اعمارنا لا تتجاوز حينها الثالثة عشر ونيف ..والقرد علال كان يدخن كما يدخن الكبار..ويسكر كما يسكرون ..ويضع على عيونه نظارات خضراء قديمة سرقها من والده المسن ..سميته ممسوخ لانه كان يريد ان يتحبب لناتاشا ..يغريها بمسخه ويحرفها عني ..لكنها كانت تضــــحك عليه وتستهزء به ..تسخره في اغراض صعبة يوما ما امرته بتنظيف كلب الحزان والدها من الاوساخ والقمل ..وغمزت في نفس الوقت الكلب ليهجم على القرد علال ..فوقعت معركة ضارية اضحكت ناتاشا والجميع ..وانتهت باستسلام القرد علال ..منهزما يبكي ويستعطف ناتاشا والكلب يمزق عليه سرواله الوسخ..من كان ينظف من لم نكن نعرف سوى اننا نضحك حتى المتنا بطوننا ..كان يستجدي ناتاشا بانهاء اللعبة القاتلة وهو يصرخ ...( عــــــفاك ...امريه بالكف عن مهاجمتي ...)
عندما يتطور الموقف اتدخل وامرها ان تتوقف عن لعب دور مخرجة السيناريو المفزع بالنسبة لنا و بالنسبة للممسوخ علال القرد...فهو في الاخير يستحق ان ينال قسطا من عطفي عليه....لم يعد والد نا تاشا صديقتي حزانا في بيعة اليهود ..ارتحل من الحارة اليهودية وسكن مع الشعب المسلم ..وترددت الشائعات ان الحزان لم يعد حزانا ..فقد اسلم ..والبعض من الناس كان شاكا في اسلامه ..كيف لليهودي ان يترك دينه الى دين المسلمين ..امر في اعتقادهم من المستحيلات ..وزاد من شكوكهم انه اصبح يدعي كونه يقضي حاجات الناس بممارسة بعض الطقوس السحرية ..تمائم..وكتابات صفراء بماء الزعفران على الاواني وملابس الناس الداخلية ..كانت ناتاشا مسرورة لهذا التحول الديني في حياة اسرتها على الاقل اخرجها التحول من العزلة والاغتراب في الحارة بين اطفال خاملين لا يعرفون المغامرة وتجريب المتاهات ..في يوم من الايام صرحت لي انهـــــــا ضبطت الحزان والدها وهو يخرج عدد كبير من الكتب القديمة من دولابه الخاص الذي يغلقه على الدوام بمفتاح خاص ..خمنت انه يكتم يهوديته على الناس ..ويمارسها سرا في بيته ..كما خمنت انها اي تلك الكتب هي مراجعه في اعمال السحر ..كنت لا اعطي للامر اهمية ..ما يهمني هي رفقة ناتاشا لي وسعادتها معي ..نذهب بعيدا عن اعين الناس وراء سور المدينة بلعب وونغامر بحثا عن الاشياء الجديدة ..نصطاد العقارب السوداء نخرجها من جحورها بنبات اصفر كنا نسميه الكركاز ينبت عشوائيا في الاحراش ..نغرق النبتة في الغار وننتظر العقرب لتعض عليها تم نسحبها الى الاعلى ..كان ثمن العقرب يصل الى ثلاثة دراهم للراس ..وان كانت صفراء في لون الحزان يكون ثمنها عاليا يصل الى خمسة دراهم..ناخد البقشيش لنشتري به بعض الفواكه نلتهمانها في زاوية من الساحة الكبرى التي تحادي سور الحي ..لم نكن نفعل ما يؤدي الله ..ولا نسيء الاخلاق ..فقط كانت تحذق في ملامحي وتضحك ..( لقد اصطدنا الكثير من العقارب اليوم ...)
كنت اضحك في محياها الجميل معلقا سنصطاد غــــــدا اشياء اخرى اجمل من العقارب ليست على بالك صديقتي ...فينفتح وجهها على ابتسامة كبرى تنسيني انني خارج الحي ومهدد بالاخطار ...فاعود اليه ضاغطا على يدها كانها هاربة او شاردة عن الدار .....
لم تدم عشرة ناتاشا طويلا .ففي صباح يوم ما انتظرتها طويلا امام الدرب ..كنت من حين لاخر احملق في باب منزلها العريض ..اتطلع الى رؤية وجهها الوردي الجميل وعيونها الزرقاء ..باغتني وجع علال القرد الممسوخ ضاحكا ..كانت المرة الاولى التي شاهدته فيها مسرورا ..خمنت ان وجه النحس هذا يحمل اخبارا سيئة ..وذلك ما كان ...اقترب مني وقال بصوت مرتفع رحل الحزان في وسط الليل دون ان يحدث حركة او ضجيج ..قالت امي انه سيهاجر الى بلاد اليهود البعيدة ..حمل معه كل امتعته التي ينوي بيعها في الميناء ويركب بثمنها ...كنت صامتا اسمع الى الممسوخ ...!!!
ومنذ ذلك اليوم لم اعد قادرا على المرور على دربها ..كنت الف دورة كاملة للوصول الى منزلي ..ومنذ ذلك اليوم توقفت تماما مغامراتي....مع اولاد الدرب ..!!!

عبد الغني سهاد
من نصوصي القديمة..



#عبد_الغني_سهاد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طواحين...
- الشاعر...(من خلف النوافد ..)
- خلف النوافذ...11
- البرشمان ..والزعيم الغشيم ..
- في مكان ما على الارض...
- ال(م)فلسطيني ....
- الطواحين
- طبيب الطبقة الوسطى ..
- بدائل ..لتجاوز المازق ..
- العالم في عيون قط...
- ساحة الزمن المفقود
- ما طالعاش...ما طالعاش..
- جنون ..القطيع..!!
- الساحة والزمن المفقود..
- ما احلى سرقة كتاب ...
- بصدد قصيدة النفوس الميتة ...
- القط الابيض ..
- الله يخليها سلعة....
- رعشة في وطن...
- والا...ستزيد طينة الفساد بلة...


المزيد.....




- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الغني سهاد - ناتاشا...بنت الحزان...