أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حامد كعيد الجبوري - أهزوجةٌ شعبية توقد نارا عشائرية














المزيد.....

أهزوجةٌ شعبية توقد نارا عشائرية


حامد كعيد الجبوري

الحوار المتمدن-العدد: 5507 - 2017 / 4 / 30 - 10:54
المحور: الادب والفن
    


الحلة يقسمها شطها الفرات لنصفين فترقد مطمئنة على ضفتيها ، وهناك الكثير من القرى تقع على ضفتي شط الحلة ، وأجمل القرى هي القرى الجنوبية التي ترتبط بمركز المدينة بطريق ساحر يسمى ( السياحي ) ينتهي عند قضاء ( المدحتيه ) مسقط رأس الشاعر الراحل ( كاظم الرويعي ) ، خمسينيات وستينيات القرن الماضي لم تكن الطرق سالكة ومعبدة لهذه القرى ، عام 1970 أمر رئيس الجمهورية الأسبق ( أحمد حسن البكر ) تعبيد الطريق السياحي بالقار لأنه كان يذهب كل أسبوع تقريبا لزيارة مرقد الأمام (( الحمزة ( ع )) لائذا وشاكيا من مرض ألم به ، وتقع على طرفي الشارع السياحي أجمل القرى السياحية ، ولم لا وهي تتكئ على شط الفرات ، ومن هذه القرى وأكبرها ( قرية الحصين ) ، واشتهرت هذه القرية بإنتاج أفضل وأجود أنواع الأعناب العراقية والتمر ، وسبب شهرتها هذه فلاح فطري أطبقت سمعته الأفاق وعرف من قبل وزراء ومدراء دوائر الزراعة العراقية المتعاقبون ، أنه شهيد انتفاضة آذار الخالدة ( الشعبانية ) السيد ( ضايع كريم عباس آل أمجدي الموسوي الحسيني ) ، كان الرجل من وجهاء الحلة ووجيه قرية ( الحصين ) والمتنفذ فيها ، لم تكن خمسينات وستينات القرن الماضي تهتم بلعب الأطفال كالاهتمام بها أيامنا هذه ، وكانت لعب الأطفال عبارة عن ( المرصع والدعبل والكزوة والكلكلي والجعاب ) ، وحتى كرة القدم لم تكن ميسورة آنذاك إلا لأبناء أغنياء المدن ، وظهرت تلك الفترة لعبة لا أعرف من أبتكرها ، وتختلف تسميتها من مدينة لأخرى ، وربما من قرية لقرية ، وأسميناها نحن أطفال الحلة ( الطكاكية ) ، لأنها تصدر صوتا قويا كأنه طلق ناري ( طك أو طق ) ، وصناعتها بسيطة جدا ، نأخذ مفتاحا قديما يكون مجوفا من داخله ونربطه ربطا محكما لعصا بعد أن تشرخ تلك العصا ويوثق عليها ذلك المفتاح بواسطة ( سيم ) أو ( تك كزوة ) ، و( تك الكزوة ) يؤخذ من أنبوب أطار سيارة مستهلك ( جوب ) ، نقطعه بواسطة المقص بأطوال متفاوتة وأفضل الأنواع هو ( الجوب الأحمر ) ، بعد ربط المفتاح على العصا المطلوبة نفتش عن مسمار ندخله لذلك الشق في المفتاح فيحكم فوهته بشكل جيد ، ونربط المسمار أيضا على العصا ولنضمن عدم سقوطه أثناء عملية الإطلاق ، وليس هذه الطريقة الوحيدة ولكنها المثلى ، فمنهم من يستعمل صفيحتين معدنيتين نضع واحدة على الأخرى لكي نمارس لعبتنا ، وقسم أخر يثقب الأسمنت أو قار الشارع بمقدار دخول المسمار ، وطريقة الاستعمال لا تختلف في كل الحالات ، يؤخذ عيدان الثقاب ( الشخاط ) وينزع الكبريت عن عيدانه ونضعه بتلك التجاويف ، ونبدأ بسحنه ليكون أشبه بمادة الطحين ، نضع المسمار فوقه ونحكم غلقه جيدا ، ثم ترفع اليد عاليا ونهوي بها على أي مادة صلبة ( أسمنت ، تيل كهرباء ، بناء حجري ) فينفجر البارود – الكبريت – لأن شرارة نارية أوقدته فيصدر صوتا قويا تبعا لكمية البارود المستعمل ، وتستمر العملية هكذا ، وتسبب إزعاجا لرجال ولنساء وشباب المدينة أو القرية ، أشتكى أبناء قرية الحصين لوجيه قريتهم ( السيد ضايع ) تلك الحال ، أجتمع مجلس وجهاء القرية وقرروا ما أشار به السيد ( ضايع ) فأرسل مناديا يجوب القرية وهو يقول على كل من يملك ( طكاكية ) الحضور الى مضيف السيد ( ضايع ) الساعة الخامسة مساءا ليستلم منه ( شخاطتان ) ، ازدحم المكان بالأطفال مؤملين أنفسهم ( بشخاطتين ) ، قال لهم السيد ( ضايع ) أنكم مصدر قلق وإزعاج لأبناء القرية ، وأشتكى الناس عملكم هذا لذا عليكم أن تجدوا غير هذه اللعبة والآن أذهبوا لبيوتكم لن نعطيكم هذه ( الطكاكيات ) ، حزن الأطفال كثيرا ولم يقنعهم هكذا حل جائر ، أتفق الأولاد بينهم ليذهبوا الى شاعر وخطيب القرية السيد ( سليمان السيد مرزه الحلي ) ليجد لهم حلا بذلك ، وجَد السيد ( سليمان ) تلك المسألة حَرية بأن تكبر لتصبح طرفة أهل القرية ، جمع الأولاد وعلمهم أهزوجة لا يمكن للسيد ( ضايع ) إلا أن ينفذها ويعيد ( الطكاكيات ) لأصحابها الأطفال ، رجع الأطفال جميعهم الى مضيف السيد ( ضايع ) واستأذنوا بالدخول فأذن لهم ، وقف الأطفال متحلقون بدائرة واحدة وهتف أحدهم ممن حفظ الأهزوجة قائلا
طبينه المضيفك هام يردم هام
وأحنه جنود ( عامر ) نطلب أسترحام
نشوفنك ( يضايع ) مثل سيد ( دهام )
( ضاف التركي وكام أيسلب بيه )
( الهام ) بمعنى الرأس ، عامر الولد الوحيد للسيد ( ضايع ) أعتبره المهوال قائدا لهؤلاء الأطفال لكونه بعمرهم ، ضحك الجميع ودفع السيد ( ضايع ) لكل طفل لعبته وأمرهم ترك هذه اللعبة المزعجة للقرية جميعا ، لم تنتهي المسألة على هذا الشكل فقط ، وصل خبر هذه الأهزوجة الى أولاد وأحفاد ( سيد دهام ) فثارت ثائرتهم وحشدوا أبنائهم وأبناء عمومتهم وعشيرتهم لهذه الإهانة الكبيرة التي ألحقها بهم مضيف السيد ( ضايع ) ، ويذكر أن السيد ( دهام ) وهو من أبناء قرى ( المدحتية ) ضيّف بمضيفه ضباطا وجنودا أتراك عام 1914 م فترة الحرب العالمية الأولى ، وبعد أن أكلوا وشربوا ونام أفراد تلك القطعة العسكرية نهب رجال السيد ( دهام ) أسلحة الضباط والجنود الأتراك ، وشاع خب تلك الضيافة بين القبائل والعشائر المتواجدة في تلك المنطقة ، وأعتبرها قسم منهم أنه تصرف غير أخلاقي ، وأعتبره آخرون أن فعل تلك العشيرة يدخل في سياق تجريد العدو من سلاحه ومهما تكن جنسيته .
تدخل رجال العشائر وشيوخها ووجهاء المدينة لإرضاء أبناء وأحفاد السيد ( دهام ) ودفع دية لدرء خطر تلك الفتنة التي أججتها أهزوجة شعبية .



#حامد_كعيد_الجبوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سوريا وقمة النائمين !!!
- ( سلاماً شام ) / مهداة للشعب العربي السوري
- جيش العراق ولم أزل بك مؤمنا
- ( أنت كالكلب ، وإياك أعني )
- ( صافيتا )
- هزت مريم جذع النخلة
- ( خصائصُ الأسلوب والجهد الجزائري ) / حامد كعيد الجبوري
- قراءةٌ وعرض كتاب ( لدمشق هذا الياسمين )
- حكاية دارمي : ( متكشف ومنضاك جدري أعله غلكه )
- من التراث الشعبي ... حكاية ( دارمي ) !!!
- عرض كتاب : ( معجم الشعراء الشعبيين في الحلة )
- مقطعان صغيران وقصيدة للعيد 82 للحزب الشيوعي العراقي
- ( هيهات المذلة ) / قصيدة شعبية ألقيت في تظاهرة يوم الجمعة 26 ...
- ( حرامية الخضرة ) / قصيدة شعبيه / ( الخضره ) أعني بها الخضرا ...
- ( يهتز العرش ) / قصيدة شعبية
- إضاءة / إصلاحٌ أم ضحك على ذقون البلهاء ؟ / القراءة الاولى
- تاريخ العزاء الحسيني / الحلة أنموذجا
- ( الفرق بين الهوسة والعكيلية )
- سدها بابك !!!
- مزاد الساسة الجوي في العراق / العميد الطيار الركن المتقاعد ر ...


المزيد.....




- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حامد كعيد الجبوري - أهزوجةٌ شعبية توقد نارا عشائرية