ضمن فاعليات الدورة - 35 - لمهرجان الفيلم العالمي في روتردام: مخرجون في دائرة الضوء: ستيفن دوّوسْكِن وناكازاكي شون إيجي

عدنان حسين أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 1441 - 2006 / 1 / 25 - 09:54
المحور: الادب والفن
    

ستيفن دوّوكسن: أفلامه أغانٍ لروح المرأة ووجهها وجسدها
في كل دورة يكرّم المهرجان بضعة مخرجين سينمائيين عالميين تكريماً معنوياً، ويضعهم في دائرة الضوء من خلال تخصيص برنامج مكثف لتجاربهم الإبداعية القديمة منها والحديثة على حد سواء، بالرغم من أن حصة الأسد من التركيز ستكون للأفلام الأخيرة أو المُنتَجة حديثاً، ولكن هذا لا يمنع من تقديم تجارب قديمة ضمن برنامج إستعادي الغرض منه هو تأكيد حرص المهرجان على الأفلام الريادية، والطليعية، والتجريبية. يعتبر ستيفن دوّوكسن مخرجاً طليعياً في تاريخ السينما البريطانية منذ ستينات القرن الماضي. وهو أيضاً مؤلف الكتاب المشهور والمؤثر جداً في تاريخ الحركة السينمائية البريطانية والذي جاء تحت عنوان " الفيلم هو. . " والذي صدر عام 1975 والذي تمحور حول تاريخ الحركة الطليعية في إنكلترا. إن أعماله السينمائية هي مزيج ثري من الموضوعات المتنوعة مثل التلصصية، والعلاقات الحميمة، والإيروسية، وكل أشكال العلاقات الإنسانية القائمة على الإلفة والمودة. كان دوّوسكن ضيفاً منتظماً لمهرجان الفيلم العالمي في روتردام منذ بدايته، لذلك فقد كتب العديد من المقالات النقدية التي تحمل الطابع التوثيقي للمهرجان. أما اللجنة المنظمة للمهرجان فمن جهتها ستقدم مختارات من أعماله السينمائية الكاملة، وستركز على عمله الأخير الذي سيعرض أول مرة في روتردام عرضاً عالمياً خاصاً بالمهرجان. وتزامناً مع هذه المناسبة سيتم بيع حافظة " دي في دي " تتضمن أربعة عشر فيلماً من أفلامه التي جاوزت الثلاثين فيلماً روائياً وتسجيلياً طويلاً وقصيراً. وقد سبق لمهرجان الفيلم العالمي في روتردام أن عرض فيلماً روائياً له بعنوان " داينمو " خلال دوراته الأولى عام 1972.
جمالية الجسد عبر العين الثالثة
ولد ستيفن دووكسن في 15 يناير " كانون الثاني " في نيويورك عام 1939. درس الرسم والفن الغرافيكي، وبدأ بتصوير أفلامه التجريبية في بداية الستينات بالإشتراك مع الشركة التعاونية للمخرجين النيويوركين. سافر دووسكن إلى لندن عام 1964 بزمالة دراسية. ودرّس في الكلية الملكية للفنون في لندن. وفي نهاية السبعينات أصبح أستاذاً للدراسات السينمائية في كاليفورنيا وفي عام 1984 حقق دووسكن نجاحاً منقطع النظير في الرسم وفن الغرافيك والتصوير والإخراج السينمائي. حصل على عدد كبير من الجوائز عن أعماله الغرافيكية والتصويرية. تعرض أعماله الفنية بشكل دائم في أشهر المراكز الفنية في العالم مثل مركز جورج بومبيدو في باريس ومتحف الفن الحديث في نيويورك. كما تُعرض أفلامه في أبرز المهرجانات المهمة في فنيسيا، ومالبورن، وسان فرانسيسكو، وسيدني، وكان، ولوكارنو، وروتردام، وأوبرهاوسن وفي أماكن أخر. وفي عام 1987 وصفت صحيفة " الليبراسيون " الفرنسية بأن دوّوسكن ينتمي إلى نخبة من المخرجين العالميين المعاصرين، وأن المشاهدين العاديين يلاقون صعوبة في فهم أعماله الفنية، وخصوصاً تلك الأعمال السينمائية التي تتعاطى مع الجسد البشري، ومكنوناته، ودلالاته الداخلية المعبرّة، إذ إعتمد دووسكن على الجسد في دراساته الخاصة، وقد بدت الأجساد في هذه الدراسات السينمائية جميلة على الرغم من أن بعضها مريضة، ومشوهة، ومعاقة. ولا بد من الإشارة إلى أن دووسكن قد أصيب بالشلل وهو في سن التاسعة، وقد جعل من جسده عنواناً لأفلامه كما هو الحال في فيلم " الآخرون ". كان دووسكن منهمكاً همومه الداخلية، ومكبوتاته، وتابواته، هذه الهموم التي غالباً ما يندمج بها المخرج والممثل والمشاهد. تتميز مجمل أفلامه بالحماس المفرط للمعرفة، والتوق الشديد للإكتشاف، وملامسة الأسرار المتوارية. ولم يكن هذا التوق مقتصراً على معرفه كنهه هو كإنسان يحمل الكثير من الإشكالات، وإنما تعداه إلى معرفة الآخرين، وطرق تفكيرهم، وماذا يحدث في أروقة عقولهم، ودهاليز قلوبهم. كان إصرار دووسكن وصبره لا حدود لهما، فحينما كان يقف على تصوير بعض اللقطات المعبرّة لا يهمه كم من الوقت قد إستغرق، فالغرض من اللقطة هو دراسة الموقف، وتحليله، وتحميله بالرموز والمعطيات الدالة. كان يستقصي تفاصيل الجسد، وينتظر ردود الأفعال حتى قال عنه أحد النقاد أن أفلامه أغانٍ أو أناشيداً لوجه المرأة ولجسدها. وما يهمه في الجسد، ليس صحته، وعافيته المتفتقتين، وإنما طاقته الإيروسية أيضاً. أنجز دوّوكسن خلال مشواره الفني الممتد بين عام 1961 و 1997 نحو أربعين فيلماً روائياً وتسجيلياً، طويلاً وقصيراً، ومن أبرز هذه الأفلام نذكر " نوم، حلم أمريكي، أما ونفسي، مناجاة، خذني، قذر، لحظة، أوقات، دم المسيح، داينمو، إنتظر فقط، فتاة، السوق المركزي، الطائر الأصغر، الصرخة الصامتة، خارج الداخل، ظل من الضوء، الباليه السوداء، محاولة لتقبيل القمر، والموت هو. . "
المخرج الياباني ناكازاكي شون إيجي " قلب ينبض في الظلام "
سيُفتتح مهرجان الفيلم العالمي في روتردام في دورته الخامسة والثلاثين بالفيلم الياباني ذائع الصيت " قلب ينبض في الظلام " للمخرج ناكازاكي شون إيجي، وهو عرض أوروبي أول. وبالرغم من حضوة المخرج بإفتتاح هذا المهرجان الكبير فإنه سيكون ضمن برنامج " مخرجون في دائرة الضوء " حيث يُعرض له وحده ثلاثة عشر فيلماً في هذا المهرجان، إضافة إلى الأفلام التي ستعرض لزميله البريطاني ستيفن دوّوكسن " أمريكي الأصل ". وقد صرّحت ساندرا دن هامر للصحافة الهولندية قائلة: " إن فيلم " قلب ينبض في الظلام " من إنتاج 2005 هو فيلم ممتاز، وإستثنائي، مؤلف من طبقات تعبيرية متعددة عن السينما نفسها، لذلك فإن إختياره كفيلم إفتتاح للدورة الخامسة والثلاين هو إختيار مناسب ودقيق جداً. إن هذا المهرجان يحتفي بالفيلم كنوع فني خلاق. ". تجدر الإشارة إلى أن فيلم " قلب ينبض في الظلام " هو تكملة للفيلم الذي يحمل الإسم ذاته، والذي أخرجه ناكازاكي عام 1982.
ولد ناكازاكي شون إيجي في يوكوسوكا عام 1956. وقد واضب خلال تجربته الفنية تقديم سلسلة من الأفلام المثيرة والمُتسمة بطابع التحدي لسنوات عديدة. وغالباً ما كان ناكازاكي يدفع بشخصيات أفلامه إلى أقصى المديات الممكنة ومن خلال الحالات غير المتوقعة. يعتبر ناكازاكي واحداً من الفنانين اليابانيين الطليعيين المستقلين الذين كانوا ينتمون إلى المشهد السينمائي الحداثي الذي كان يعمل على وفق مقاسات 8 ميليمتر في أواخر السبعينات، ثم عمل لاحقاً بمقاسات سوبر 8 ملم، و16 ملم، و35 ملم في الفيديو والديجيتال فيديو. وهذه هي أول مرة يُخصص فيها لناكازاكي برنامج إستعادي كبير لأفلامه في مهرجان عالمي خارج اليابان، إذ سيعرض له ثلاثة عشر فيلماً بينها النسخة الأصلية من فيلم " قلب ينبض في الظلام " الذي أنجز عام 1982، والقلوب الوحيدة لفرقة النادي في سبتمبر 1982، والإفتتان 1989، والآخرون. ومن الأفلام الأخر التي ستعرض في البرنامج الخاص " الصيف الذي تخلى فيه يوكي عن موسيقى الروك " 1978، وبعد ذلك 1982، الإتصال بلندن 1985، الغريب،1991، الجانب الوحشي 1996، كلاب 1998، مكان لطيف 2001. ومن بين أفلام ناكازاكي المهمة هو فيلم الرعب " شيكوكو "، كتب قصته كونومي ماندا وتيكنوري سينتو، وأنتجه ناكازاكي نفسه. ثمة تورية في عنوان هذا الفيلم في اللغة اليابانية، فكلمة شيكوكو قد تعني " أربعة بلدان " وهي إسم الجزيزة التي صور فيها هذا الفيلم، وقد تعني أيضاً " أرض الموتى ". وقصة هذا الفيلم المرعب مفادها أن " هيناكو " بعد سنوات من إنتقالها مع أبيها إلى طوكيو، تعود إلى قريتها الأصلية " شيكوكو " ثم تعرف في الحال أن صديق طفولتها " سايوري " قد مات منذ سنوت عدة، وأن أم " سايوري " التي كانت تقوم بجلسات لإستحضار الأرواح أو طرد الأرواح الشريرة من أجساد المعتوهين، قد جُنّت هي الأخرى من الحزن والياس بعد أن رأت شبح سايوري عدة مرات في الليل. وحينما تستشير هيناكو " بعض الخبراء والعارفين المحليين عن الأشياء الخارقة أو المتعذر تحليلها علمياً تكتشف بأن أم سايوري قد وضعت بعض الخطط الخفية لإبنتها.

#عدنان_حسين_أحمد (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات