فلاديمير بوتين أول رئيس روسي يزور هولندا بعد ثلاثة قرون: هولندا تحلم بالغاز الروسي، وتغض النظر عن تراجع الحريات في روسيا الاتحادية!

عدنان حسين أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 1367 - 2005 / 11 / 3 - 11:29
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

قُوبلت زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى هولندا باهتمام منقطع النظير من قبل وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة. وقد تناولت الصحف الهولندية برمتها خبر هذه الزيارة التاريخية لأسباب متعددة لعل أبرزها هو أن هولندا لم تحضَ بزيارة أي رئيس روسي سابق منذ ثلاثة قرون، وهم يرون أن الزيارة الخاطفة التي قام بها بوتين العام الماضي إلى لاهاي إنما تتعلق بالاتحاد الأوروبي، ولم يخص الرئيس الروسي هولندا بهذه الزيارة. أما هذه الزيارة الرسمية التي استغرقت يومين فقد وصفتها صحيفة " ألخمين داخبلاد " بأنها " نصر دبلوماسي للاهاي "، وأن وجود بوتين لمدة يومين كاملين " يوّضح مدى الأهمية التي تعلّقها روسيا على العلاقات الطيبة مع هولندا " باعتبارها أحد الشركاء التجاريين الرئيسيين مع روسيا. بينما رأت صحيفة الـ " تراو " أن مفردة " الغاز " هي الكلمة السحرية بالنسبة للهولنديين الذين يتطلعون إلى رؤية أنبوب الغاز وهو يمتد من البلقان عبر ألمانيا إلى هولندا التي تطمح أن تكون مركزاً رئيساً لتوزيع الغاز في أوروبا الغربية. وقد خص الرئيس بوتين صحيفة " آر. أن. سي. هاندلسبلاد " بحوار مطوّل أجاب فيه على عدد من الأسئلة التي تدور في أذهان المواطنين الروس، ومن بينها إن كان يحاول البقاء لدورة رئاسية ثالثة بالرغم من أن الدستور الروسي ينص على وجوب تنحي الرئيس عن منصبة في نهاية ولايته الثانية مهما كانت الأسباب والذرائع والتخرصات فأجاب قائلاً: " لو أن كل رئيس جديد عدَّل في الدستور كما يروقه، فإن الدستور لن يبقى منه إلا القليل."، لكنه لم ينفِ أن سنة 2008 ستكون سنة تحدٍ كبير، واختبار جدي لإستقرار روسيا الفيدرالية، خصوصاً وأنها تواجه المتمردين الشيشانيين الذين يسعون لإقامة دولتهم المستقلة، وراهن بوتين على أن الشعب الروسي قد عرف أهمية الإستقرار الذي تحقق في عهده، والإنفراج الإقتصادي الذي شهدته روسيا خلال فترة حكمة، وهي التي عانت كثيراً من الكساد الإقتصادي في عهد بوريس يلتسين. ورداً على سؤال محرج أثارته الصحيفة نفسها إن كانت روسيا ستسمح للشيشانيين بالإنفصال عن روسيا الفيدرالية فأجاب: " أُفضل أن أفكر فيما يُوحِّد بلادنا، لا فيما يقسِّمها ". وقد استشهد بالإضطرابات التي تحصل في آيرلندا الشمالية منذ أربعة قرون لكن ذلك لم يدفع إنكلترا للقبول بفكرة الإنفصال حتى هذه اللحظة. وهي ذات الأسئلة التي كانت تدور في أذهان أعضاء البرلمان الهولندي الذي إنقسم على نفسه إلى مؤيدين لنتائج هذه الزيارة، ومعترضين عليها. فحزب العمل الهولندي المعارض " PVDA" قد أعرب عن قلقه من تراجع حرية الصحافة، وخشيته من عودة بعض مظاهر النظام الشمولي السابق، كما تطرّق إلى موضوع قمع الحريات في الشيشان، بينما ركزت أحزاب التآلف الحاكم المكوّنة من الـ " CDA و VVD و D66 " على ضرورة تحسين العلاقات الإقتصادية والتجارية إضافة إلى مناقشتها لموضوع الإرهاب العالمي الذي يقلق المجتمع الدولي بأسره. وقد أكد أعضاء البرلمان الذين ينتمون إلى هذا التحالف على أهمية عقد الإتفاقيات الإقتصادية بين البلدين، وعدم حشر إشكالية حقوق الإنسان، وحرية الصحافة، وطبيعة شكل الحكم في روسيا الإتحادية مراعاة للمصالح الهولندية قبل كل شيء. وقال عضو البرلمان كوندرز " علينا ألا نتصرف مثل المستشار الألماني شرويدر. " وأضاف " نحن نحتاج إلى الغاز، ولذلك فنحن أصدقاء حميمون لبوتين. ". كما تمنى البرلماني فان بالين على بالكينندة أن يقنع بوتين بأهمية فرض عقوبات اقتصادية على إيران لأن هذه الأخيرة تريد المضي في مشروعها النووي، كما أن تصريحات الرئيس الإيراني الجديد بدت مخيبة للآمال في الأسابيع الأخيرة عندما توعد بمسح إسرائيل من الخارطة. واقترح أوميل، عضو الحزب الديمقراطي المسيحي " CDA " وعضو البرلمان على روسيا أن تعقد إتفاقية للتعاون المشترك بين العلماء الروس والهولنديين من أجل القضاء على مرض إنفلاونزا الطيور. كما طالب الحكومة الهولندية بأن تساهم بكل ما في وسعها من أجل تنظيف روسيا من النفايات النووية التي تشكل خطراً جدياً على حياة المواطنين. وتضمن برنامج الرئيس الروسي زيارة خاصة إلى بيت القيصر الروسي بيتر الأعظم الذي زار هولندا عام 1696، ومكث في هذا البيت مدة ثمانية أيام ليأخذ فكرة عن صناعة السفن الحربية في زاندام. وقد فسّر المحللون هذه الزيارة بأنها أبعد من كونها جولة سياحية لرؤية معلم تاريخي لأن بوتين يرى تشابهاً كبيراً ما بينه وبين القيصر الروسي بيتر الأعظم. ومن اللافت للنظر أن الرئيس بوتين لا يزيّن جدران مكتبه بصورة لينين، وإنما بصورة القيصر بيتر الأعظم، لأن هذا القيصر هو الذي ساهم في انفتاح روسيا على البلدان الأوروبية، وعزز علاقاتها الإقتصادية مع مختلف بلدان العالم. ويرى الرئيس بوتين أن بينه وبين القيصر بيتر الأعظم العديد من أوجه الشبه في الخصال والرؤى والتطلعات، فكلاهما حاكم قوي، ومصلح في الوقت ذاته، وكلاهما يريد تحديث روسيا، وتحريرها من عزلتها الذاتية.

#عدنان_حسين_أحمد (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات