الانتقال الديموغرافي: انخفاض الخصوبة 2-3

جواد الديوان

الحوار المتمدن-العدد: 5499 - 2017 / 4 / 22 - 19:10
المحور: الطب , والعلوم
    

بداية انخفاض الخصوبة كانت في اوربا في السنوات 1890 – 1920، وربما هذه الظاهرة سبقت الزيادة في العمر المتوقع للانسان. وتشير النظريات الاقتصادية الى رغبة العوائل في اطفال يعيشون او يتحملون الظروف التي يعيشونها وليس الرغبة في الولادة فقط. وعند الادراك بان ظروف الحياة تساهم في بقاء طفلهم على قيد الحياة، تنخفض الخصوبة لديهم.
نسبة الوفيات والخصوبة في المجتمع تتفاعل بطريقة معقدة. فزيادة احتمال بقاء الطفل على قيد الحياة يزيد من الاستثمار في الاطفال بعد الولادة. وتحسن نسب بقاء الاطفال او انخفاض وفيات الاطفال كانت الدافع الاهم للابويين للاستثمار بعدد اقل من الاطفال. وهذا يشير الى ان الخصوبة تتاثر بالتغيرات الاقتصادية حيث تتاثر التكاليف والفوائد من انجاب الاطفال.
الحمل وتربية الاطفال تحتاج وقتا طويلا، والتطور التكنولوجي وزيادة مساهمة راس المال الانساني والغير انساني زادت من انتاجية العمل. وتضاعفت قيمة الوقت في كل النشاطات، وزادت كلفة تربية الاطفال بشكل كبير نسبة الى البضائع الاستهلاكية، مما اثر سلبا في الاستثمار في الاطفال اي دفع العوائل لتقليل الانجاب (انخفاض في الخصوبة).
تتحمل النساء المسؤولية في الحمل والمسؤولية الاولى في تربية الاطفال. والتغيرات في انتاج عمل النساء متغير مهم، حيث ان الراسمال الغير انساني ممكن ان يحل مكان القوة البشرية، وهذا ما الغى الفروق بين النساء والرجال في العمل. ودخلت المراة سوق العمل، وهذا ما رفع من كلفة الاطفال (الكلفة الفرصة) (اي مقارنة في انتاج بضاعتين من مصادر محددة، فتكون الغلبة لبضاعة على حساب الاخرى) (وهذا موضوع شائك جدا ادى الى اختفاء الاتحاد السوفياتي في بداية التسعينات نتيجة لصعوبة التوفيق بين انتاج السلاح والسلع المدنية الاخرى عل طول عقود الحرب الباردة، فقد ادخلته الولايات المتحدة في سباق تسلح محموم ومعظم الاحيان خرافي).
العامل المتعلم ذو اهمية في المدخلات في الصناعة، نتيجة تطور وسائل الانتاج (المكننة والاتمتة والكومبيوتر). وهكذا زيادة في الدخل والفرص للمتعلم. فظهر وتعزز حافز لزيادة الاستثمار في التعليم (المدارس والجامعات والدراسات العليا).
وهذه الانماط (انخفاض وفيات الاطفال الرضع، وزيادة انتاج العمل وزيادة الاجور والغاء الفوارق في العمل بين الرجال والنساء والاستثمار في التعليم) لها تاثيرات عديدة منها، زيادة تكاليف ولادة طفل وتربيته وتعليمه. كما انعدمت مساهمة الاطفال في الاقتصاد (اي تاجيل عملهم لحين اكمال التعليم) وقبلها شكلوا جزء من القوة العاملة، ويزداد الوقت للتعليم، وللوقت قيمة عليا لدى الابوين. وهذا ما زاد من فرصة الكلفة لتربية الاطفال. اضافة لما تخصصه العوائل من مصادر مالية لكل طفل، وهذه العوامل مجتمعة تدفع باتجاه اطفال اقل في العائلة اي انخفاض في الخصوبة.
اضافة للنظريات اعلاه عن الخصوبة، فهناك الاسواق عالية التطور وتتعاون مع الحكومات لتعوض العائلة عن الوظائف التقليدية لها (من الوظائف التقليدية للعائلة عدد افرادها اي عدد الاطفال فيها باعتبار ذلك ضمان المستقبل) بامور اخرى مثل المشاركة بالمخاطرة للمجتمع (التامين بانواعه) والتقاعد مما يضعف اهمية ودور الاطفال في حياة العائلة.
خضعت وسائل الحمل لمناقشات عديدة، ومعظم الاطباء والاقتصاديين يجدها ذا تاثير ضعيف على الخصوبة. والدول الاوربية في الماضي تستخدم العزل وسيلة لمنع الحمل. تتناول هذه المناقشات الوصفات التاريخية لمنع الحمل وزيادة الخصوبة منها.
انخفضت الخصوبة في البلدان الاكثر تقدما قبل الحرب العالمية الثانية، واصبحت واضحة بعد الحرب. اما في البلدان الاقل تطورا فقد بدئت في منتصف الستينات وبداية السبعينات من القرن الماضي. وانخفاض الخصوبة في شرق اسيا كان مبكرا وسريعا، وتاخر وبطيء في جنوب اسيا وامريكا اللاتينية. وخلال الفترة 1965 الى 1990 انخفضت الخصوبة من 6 أطفال لكل امراة الى 3 لكل أمراة. والدول الادنى تطورا تشهد انخفاض في الخصوبة في هذه السنوات.
العمر في بداية الزواج والولادة الاولى بشكل عام تتحرك في المجتمعات نحو الاعمار اكبر سنا! بسبب الصناعة والتطور. وهذه الزيادة في العمر في الحمل الاول تقلل نسب الخصوبة في المجتمع.
التغيرات في العراق معقدة، انتقال اقتصادي وتعليم في ظل حروب اهلية وكذلك مع الارهاب، اثر سلبا على الخصوبة، وساتناولها لاحقا

#جواد_الديوان (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل