الانتقال الديموغرافي: العمر المتوقع للانسان 1-3

جواد الديوان

الحوار المتمدن-العدد: 5495 - 2017 / 4 / 18 - 23:34
المحور: الطب , والعلوم
    

الانتقال من حياة للانسان قصيرة وولادات عديدة ونسب وفيات عالية ونمو سكاني بطيء وشعب شاب الى مجتمع تتناقص فيه نسب الوفيات يتبعها تناقص في الخصوبة وتسارع النمو السكاني وحياة اطول للانسان وشعب يشيخ، يسمى الانتقال الديموغرافي.
البداية في 1800 عندما تناقصت الوفيات في اوربا، وربما يتكامل الانتقال الديموغرافي في 2100. ورافقت ذلك العديد من التغيرات ومنها اعادة تشكيل الاقتصاد وتشكيل الفئات العمرية للسكان (الهرم السكاني) ودورة الحياة الديموغرافية للانسان. وازداد عدد سكان العالم وسيصل الى عشرة اضعافه قبل التغيير في 2100. ويزداد عدد كبار السن في المجتعات بمقدار 50 ضعف، والاطفال 5 اضعاف.
تضاعف عمر الانسان عنه في 1800 وقد يصبح ثلاثة امثال العمر في 1800. ويتناقص عدد الاطفال لكل امراة من 6 الى 2. وتصرف المراة 70% من حياتها في الحمل وتربية الاطفال قبل التغيير اما الان وفي اجزاء عديدة من العالم اصبح 14%، بسبب تناقص الخصوبة وطول الحياة.
التغيرات (تناقص الخصوبة وطول العمر المتوقع وتغير نسبة كبار السن للاطفال) لها تاثيرات اقتصادية على المجتمعات. وقبل ذلك اثر النمو السريع للسكان في العالم الثالث سلبا على التطور الاقتصادي، وللاسف لم يهتم العديد من الاقتصاديين بتأثير النمو السريع للسكان على اقتصاديات دول العالم الثالث، ولم يحذروا منها، بل اعتبروها انجازات لتلك النظم السياسية.
قبل الانتقال الديموغرافي، عدد نفوس البلدان في توازن مع النمو البطيء للاقتصاد. فالنمو السريع للسكان يؤدي الى خفض الاجور وزيادة نسب الوفيات بسبب المجاعة والحروب والامراض (بؤس وشقاء)، وربما هذا كبح ايجابي. كما ان انخفاض الاجور يؤدي الى تاخير وتاجيل الزواج وشيوع الدعارة وغيرها من الظواهر "موانع الحمل" وهذه كابح وقائي. وتعمل الكوابح الايجابي والوقائي على الحد من القابليات الكامنة للمجتمعات للنمو السريع، وتبقى في نموها البطيء.
التطور الاقتصادي ذو فائدة محدودة حيث تنمو المجتمعات الى مستوى توازن جديد، وتعمل الكوابح (الايجابي والوقائي) مجددا لتبقى في نمو سكاني بطيء. وربما الكوابح الاخلاقية (تاجيل الزواج والتعفف مثلا) تعمل لتجاوز الازمة الا ان ذلك مستبعد.
المجتمعات في اوربا ما قبل الصناعة، في توازن مع نمو اقتصادي ضعيف، وتحفظ الكوابح المشار اليها ذلك التوازن. وقد يعمل الطقس او الامراض او الاضطراب السياسي لدفع المجتمعات خارج التوازن، وتضطرب الاجور والايجارات وغيرها، لتعمل الكوابح الى اعادتها الى حالة توازن جديدة.
بدايات التغيير الديموغرافي كانت في شمال غرب اوربا، فحصل انخفاض في نسب الوفيات بعد 1800. وفي كثير من البلدان واطئة الدخل في العالم انخفضت الوفيات في بدايات القرن الماضي، وتسارع الانخفاض بشكل كبير بعد الحرب العالمية الثانية.
الانخفاض في نسب الوفيات نتيجة تناقص الاصابات بالامراض الانتقالية والمعدية (التدرن والكوليرا والجدري وغيرها). وربما البداية في ظهور اللقاح ضد الجدري في نهايات القرن الثامن عشر. كما لعب الطب الوقائي دورا كبيرا في خفض الوفيات في اوربا. وتوفرت المياه الصالحة للشرب والمجاري في نهايات القرن التاسع عشر لتلعب دورا مضافا انخفضت بسببه الوفيات.
عزل الاصابات المعدية اجراءات فعالة في تلك القرون (لا اهمية لدورها في هذه الايام). وتحسن النظافة الشخصية وظهور نظرية الجراثيم اثرت بدور كبير في خفض الوفيات. وزيادة دخل الفرد ادى الى تحسين الحالة الغذائية للفرد، وهي عامل اضافي في خفض نسبة الوفيات. لقد اثر تحسن خزن المواد الغذائية ونقلها في خفض نسب الوفيات في المجاعات، واثر ايجابا في تكامل الناتج الغذائي في العالم. وارتبط طول العمر المتوقع للانسان مع طول الانسان في الدول العالية الدخل، وطول الانسان يعكس التغذية الجيدة اثناء الطفولة.
في البداية الانتقال الديموغرافي في الدول العالية الدخل نتيجة التحسن في التغذية والوقاية من الامراض الانتقالية. وفي النصف الثاني من القرن الماضي لعب تناقص انتشار الامراض المزمنة (امراض القلب مثلا) والامراض الانحلالية ) ترقرق العظام مثلا) دور بارز في تناقص نسب الوفيات وزيادة العمر المتوقع للانسان. وفي هذا القرن سيلعب مشروع Genome وبحوث الخلايا الجذعية دور بارز في زيادة العمر المتوقع وتناقص الوفيات.
ورغم البداية المتاخرة للانتقال الديموغرافي في البلدان واطئة الدخل (بدايات القرن العشرين)، تأثيره واضح، ومن الامثلة العمر المتوقع في الهند 24 سنة في 1920، وفي نهاية القرن الماضي 62 سنة، وفي الصين العمر المتوقع 41 سنة في الخمسينات واصبح 70 سنة نهاية القرن الماضي.
موضوع شائك اهملته الدراسات في العالم الثالث، ومنها العراق. كما تهمل الجامعات البحوث الاحيائية الطبية Biomedical وما يتعلق بها لاسباب يطول شرحها. وسنتناول الانتقال الديموغرافي في العراق لاحقا

#جواد_الديوان (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل