أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - عامر راشد - المشاركة الوطنية بين النضج السياسي والشعارات المتطرفة















المزيد.....

المشاركة الوطنية بين النضج السياسي والشعارات المتطرفة


عامر راشد

الحوار المتمدن-العدد: 1440 - 2006 / 1 / 24 - 10:50
المحور: القضية الفلسطينية
    


لعل أبرز شعار تتشارك في طرحه البرامج الانتخابية للأحزاب والقوى المشاركة في الانتخابات التشريعية القادمة في الخامس والعشرين من كانون الثاني/ يناير الجاري هو المطالبة بضمان حق الجميع بالمشاركة في رسم السياسات الوطنية العامة، وإقرارها والمراقبة على تنفيذها، وعلى أحقية هذا المطلب واستناده إلى جوهر مبادئ الديمقراطية التعددية، إلا أنه يطرح قضية إشكالية ومعقدة في ظل غياب فهم موحد أو واضح حول طبيعة المشاركة المنشودة والهدف منها، والقوانين والمبادئ التي تحكمها كنتيجة لغياب الحدود الدنيا من التوافق السياسي بين المكونات الأساسية في النظام السياسي الفلسطيني، وعدم وجود أفق موضوعي وواقعي للوصول إلى مثل هكذا توافق إذا استمر تمسك هذه المكونات برؤاها السياسية الخاصة، على حساب الوطني العام والمشترك،وترافق هذا مع سياسات تمارس على الأرض تُحولُ التعارضات الجزئية إلى تناقض تناحري إقصائي، وتجعل من أية تعارضات موضوعية تنشأ في مجرى العملية النضالية وقوداً لحروب تصفية وإلغاء للطرف أو الرأي الآخر. وواقع الحال أن ممارسة هذه السياسات ليست إلا تعبيراً فاضحاً عن المضمر من سياسات هذه القوى، والتي يتم التغطية عليها بمواقف وإجابات براغماتية عالية، تتحاشى الإجابة الصريحة والمباشرة على القضايا الاستراتيجية والمصيرية، وعلى وجه الخصوص فيما يتعلق بإعادة بناء العملية السياسية والتفاوضية وصولاً إلى تسوية سياسية مقبولة تفضي إلى قيام سلام شامل ومتوازن، يضمن قيام دولة فلسطينية مستقلة على كامل الأراضي الفلسطينية المحتلة في حزيران/ يونيو 1967، ويفتح على حلول لباقي عناصر الصراع على أساس قرارات الشرعية الدولية، والمقصود هنا بالتحديد قضية اللاجئين الفلسطينيين في مخيمات الشتات.
وهنا لا بد من الإقرار بحقيقة أن السياسات المبنية على الشعاراتية المتطرفة عادت لتنعش بسبب عاملين: الأول هو وصول العملية السياسية والتفاوضية الأوسلوية إلى طريق مسدود. والثاني هو محاكاة مزاج قطاع واسع من الرأي العام في الأراضي الفلسطينية المحتلة، لم يستطع بشكل وبآخر أن يواكب التطورات في الفكر السياسي الفلسطيني، ولم يستطع الجمع بين النضالية والمشاركة العالية في فعاليات الانتفاضة وتضحياتها، وبين غاية تحويل هذه التضحيات إلى مكاسب سياسية ملموسة، والتي هي غير ممكنة إلا ببرامج وسياسات ملموسة واقعية، وهو ما يوجد صورة ملتبسة حول أهداف النضال الفلسطيني، ويدعم الإدعاءات الإسرائيلية بأن الفلسطينيين ليسوا ناضجين بعد لتسوية سياسية شاملة لقضايا الصراع في هذه المرحلة، حتى على أساس قرارات الشرعية الدولية، التي تجاهر عدد من القوى السياسية الفلسطينية برفضها أو تفرغها في مضمونها بتفسيرات خاصة وانتقائية غير مفهومة.
إن المشهد السياسي للمناطق الفلسطينية المحتلة كما ترسمه بعض الشعارات الانتخابية وقطاعات من الرأي العام لا يعكس حقيقة المشهد السياسي الفلسطيني العام في الوطن والشتات، ولعل ما سبق يفسر ضعف حضور شعارات القوى السياسية الفلسطينية المتطرفة في الشتات، واستمرار الحضور الواسع لسياسات القوى الديمقراطية والتقدمية، حيث يعكس المزاج الشعبي العام لأبناء المخيمات ثقافة سياسية متجذرة وعميقة بحكم الخبرة المكتسبة من سنوات طويلة من النضال السياسي بفضله تفجرت الثورة الفلسطينية المعاصرة في العام 1965، وأثمر البرنامج المرحلي لمنظمة التحرير الفلسطينية الائتلافية، الذي عبرت فيه القضية الفلسطينية والنضال الفلسطيني من متاهات الإلغاء والوصاية وشطب الهوية الوطنية إلى انتزاع الشرعية الشعبية الفلسطينية والعربية، والتمثيل الوطني المستقل، وإقرار المجتمع الدولي بالحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني، وما كان لكل هذا أن يتحقق إلا بالإقلاع عن الشعاراتية الرنانة والطنانة، والالتزام ببرنامج واقعي يأخذ بعين الاعتبار حقائق توازن القوى المحلية والعربية ـ الإسرائيلية والدولية على الأرض، ويسعى إلى حل يحفظ حقوق الشعب الفلسطيني، وليس إلى إضاعة ما تبقى منها من خلال شعارات "كل شيء الآن في هذه المرحلة أو لا شيء"، وتأبيد الصراع.
إن حالة الاستعصاء التي وصل إليها الصراع الفلسطيني الإسرائيلي لا يمكن حلها من خلال إلغاء أو إنهاء أو شطب الآخر، فسياسة الاحتلال والاستيطان الإسرائيلي وصلت إلى طريق مسدود، أجبر شارون على الانسحاب الأحادي الجانب من غزة، وإسرائيل باتت تسلم من حيث المبدأ بأنها غير قادرة على الاستمرار باحتلالها لكامل أراضي الضفة والقدس، وهي تراهن على إمكانية أن تفرض تسوية تضم من خلالها أجزاءً من أراضي الضفة والقدس،و في حال غياب التسوية المتفق عليها أن تفرض رسم الحدود من جانب واحد، ويساعد في هذا بأن الأوضاع الداخلية الإسرائيلية بعد الانقلابات في الخارطة الحزبية والسياسية باتت مهيأة لتنفيذ هذه السياسة على الأرض.
وفي الجانب الفلسطيني حسم الوعي الجمعي الفلسطيني بعد طول صراع ومعاناة رؤيته للحل على أسس واقعية وموضوعية، بعد أن أصبح البرنامج المرحلي (برنامج النقاط العشر) برنامجاً لمنظمة التحرير الفلسطينية الائتلافية وليس فصيلاً أو جناحاً واحداً منها كما هو الآن منذ اتفاقات أوسلو الجزئية والصغيرة، واعتبر هذا البرنامج نقلة نوعية في مسار تطور الفكر السياسي الفلسطيني، بما هو برنامج ينطلق مما هو ممكن ومكفول بقرارات الشرعية الدولية، دولة مستقلة على كامل الأراضي الفلسطينية المحتلة في العام 1967، وحق تقرير المصير، وحق اللاجئين في العودة كما ينص على ذلك القرار 194، ويؤسس لحل جذري يحفظ الحقوق الوطنية والقومية التاريخية لشعب فلسطين، في ظل دولة ديمقراطية موحدة على أرض فلسطين التاريخية يعيش فيها الجميع بمساواة قومية كاملة. وهذا اعتراف صريح بأن الحل لا يكون بإلغاء الآخر الإسرائيلي و "إلقائه في البحر"، بل في تخليص الفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء من الحركة الصهيونية الاستعمارية التوسعية، واحتلالها الإحلالي الإجلائي لشعب فلسطين.
بناء على ما سبق فإن مجموعة الطروحات السياسية التي تتبناها بعض القوى السياسية بما فيها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين تعيد الفكر والسياسة الفلسطينية إلى المربع الأول من طغيان للشعارات السياسية الطنانة، فما صرحت به من على شاشة تلفزيون فلسطين ضمن الحلقة التلفزيونية المخصصة لكتلة الشهيد أبو علي مصطفى السيدة خالدة جرار عضوة المكتب السياسي في الجبهة الشعبية، والمرشحة على قائمة الانتخابات التشريعية الفلسطينية القادمة، أصابت الكثير من الأوساط الوطنية الديمقراطية والتقدمية الفلسطينية بالدهشة، فالسيدة خالدة تريد مؤتمراً دولياً لكنها ترفض أي شكل من أشكال الاعتراف المتبادل، ونسيت وتجاهلت أن تشرح لنا كيف يمكن انتزاع ذلك تحت المظلة الدولية، وبالأحرى هي تعرف بأنها تتعمد تجاهل ذلك لأنها تريد بطرحها السابق أن تحاكي قطاعاً من المزاج الشعبي الفلسطيني في المناطق الفلسطينية المحتلة انطلاقاً من دوافع انتخابية بحتة، ولعل المتابعين للحملات الانتخابية يلتبس عليهم التفريق بين شعارات الجبهة الشعبية وحركة حماس لولا تضمين شعارات حماس لبعض المفردات الإسلامية.
إن سوق المثال السابق على خطاب الجبهة الشعبية يهدف إلى تأكيد حقيقة أن أزمة الخطاب السياسي الفلسطيني لا تنحصر في اتجاه أو تيار فلسطيني بعينه، بل تتوزع على كل من التيار الوطني، والوطني الديمقراطي، والإسلامي.
وبتقديري الخاص أن السبب الأول لرفض الشعبية قيام تحالف مع قوى قائمة "البديل" الديمقراطي (جبهة ديمقراطية، حزب شعب، فدا، مستقلين) خشيتها من الالتزام ببرنامج وشعارات انتخابية تفقدها هامش المناورة في الأوساط ذات المزاج السياسي الشعاراتي المتطرف في المناطق الفلسطيني المحتلة. والسؤال هنا إذا كانت هذه الشعاراتية السياسية المتطرفة الطاغية على طروحات بعض قوائم الكتل الانتخابية تعبير عن محاولة للانسياق وراء مزاج لدى قطاع شعبي حتى وبفرض كونه واسعاً، فهذه طامّةٌ كبرى لسببين: الأول لأنه كما أسلفنا يرتد بالسياسة والخطاب والفكر السياسي الفلسطيني إلى المربع الأول، إلى ما قبل عام 1974، وتوحيد الشعب الفلسطيني وكل فصائله وقواه، على أساس البرنامج الوطني المرحلي، برنامج الدروس والعبر من نضالات شعبنا والصراع الفلسطيني والعربي ـ الإسرائيلي على امتداد 74 سنة جلبت فيها السياسة المتطرفة النكبة والكوارث لشعبنا وفلسطين، حتى نهوض الثورة الفلسطينية رداً على هزيمة حزيران/ يونيو 1967، وصولاً إلى البرنامج المرحلي بالإجماع الوطني في حزيران/ يونيو 1974، وهذا سيحمل في آثاره وردود الفعل المنعكسة عودة الروح إلى مشاريع الإلغاء واستلاب الهوية والخيارات التي تسقط من الحلول الممكنة الاستقلال الوطني الفلسطيني (الخيار الأردني في الضفة، الإدارة المصرية لغزة)، وإسقاط التمثيل الوطني الفلسطيني المستقل. والسبب الثاني أنه حتى ولو كان جنوح بعض القوى إلى الشعاراتية لتحصيل مكاسب انتخابية ليس إلا، فهذا يدخل بشكل أو بآخر في نطاق تزييف الوعي الجمعي الفلسطيني وإرادته ورؤيته لحل الصراع ونضاله من أجل ذلك، لأن تبني شعارات موجهة إلى قطاع معين لأهداف انتخابية لا يمكن له تحت أية تبريرات منع إيجاد التباس حول حقيقة الخطاب السياسي الفلسطيني على الصعد الدولية والعربية والفلسطينية.
وقبل كل هذا وذاك، فإن الشعاراتية المتطرفة تفرغ مطلب المشاركة السياسية من مضمونه، وتحوله إلى مجرد شعار مبهم، لأن المشاركة السياسية تحتاج إلى وضوح في الرؤية والطرح ونضج سياسي يضع المصالح الوطنية العليا وبرامج القواسم المشتركة فوق المصالح الفئوية والخاصة.



#عامر_راشد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الانتخابات الفلسطينية بين مطرقة البلطجة وسندان المال السياسي
- الانتخابات الفلسطينية … حسابات وانقلابات
- هل أصبحت منظمة التحرير الفلسطينية -لزوم ما لا يلزم-
- استطلاعات الرأي العام في المناطق الفلسطينية المحتلة
- الاستيطان استثمار مربح تحت دعاوى توراتية زائفة
- ثلاث حكايات من مخيم جنين
- الإسلام والمسيحية: علاقة تلاق لا تنافر
- نحو علاقة تفاعلية مع الغرب الخروج من عقدتي الاتهام والدونية
- على ماذا يفاوضون ما الذي سـيتبقـى لنــا ... ؟
- إسرائيل- من خلف الجدران على أبواب خريف الحركة الصهيونية
- اتفاق سويسرا- تسويق البضاعة الفاسدة مرة أخرى
- مشروع -إسرائيلي- مدمر
- جدران العزل العنصرية -الإسرائيلية- تغيير الخارطة الجيوسياسية ...
- عباس في واشنطن الزائر فلسطيني والحصاد -إسرائيلي
- جولة بوش الإفريقية عين على النفط والأخرى على الانتخابات
- أخلاق القوة الباغية
- على أبواب جولة الحوار الفلسطيني الجديدة في القاهرة أسئلة يتو ...
- خطة الطريق إلى أين ؟ هل سيدفع الفلسطينيون والعرب ثمن الإنجاز ...
- معركة -انتصر- فيها الطرف الأضعف حكومة أبو مازن إلى أين...؟
- حكومة محمود عباس بين هبوط طريق -خطة الطريق- ومشروع الإصلاحات


المزيد.....




- الجيش الأمريكي يعلن قصف معسكرات لـ-داعش- في سوريا
- سوريا بعد بشار الأسد.. ما الذي تركز عليه أمريكا وموقفها من ا ...
- الأسطورة وتطورها عبر العصور.. من الخيال المقدس إلى صناعة الو ...
- حرائق ضخمة تلتهم منطقتي كفر سوسة والزبلطاني في دمشق
- رقص وهتافات على الحدود اللبنانية.. السوريون يحتفلون بسقوط حك ...
- سقوط الأسد: سوريون يحتفلون بفرحة العودة ويستعدون لمستقبل بلا ...
- بايدن: سقوط الأسد فرصة تاريخية لكنها محفوفة بالمخاطر
- نتنياهو: ضرباتنا ساهمت بسقوط الأسد
- لبنان.. تعزيز أمن المعابر مع سوريا
- سقوط الأسد.. وتداعيات إقليمية كبرى


المزيد.....

- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت
- معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو ... / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - عامر راشد - المشاركة الوطنية بين النضج السياسي والشعارات المتطرفة