أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - عامر راشد - معركة -انتصر- فيها الطرف الأضعف حكومة أبو مازن إلى أين...؟















المزيد.....

معركة -انتصر- فيها الطرف الأضعف حكومة أبو مازن إلى أين...؟


عامر راشد

الحوار المتمدن-العدد: 471 - 2003 / 4 / 28 - 04:34
المحور: القضية الفلسطينية
    



 
كاتب فلسطيني ـ دمشق

 نتائج المعركة التي دارت رحاها بين رئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات، وبين محمود عباس رئيس وزراء السلطة المقبل، ستجعل عرفات الذي خسرها يعيش الأيام القريبة القادمة أصعب أيام حياته في تاريخ عمله السياسي. وأظهرت الوقائع بأنه بدا فاقداً للقدرة على وقف الهجوم الكاسح الذي شن عليه من اقرب المقربين له، مدعومين بإسناد أمريكي، إسرائيلي، إقليمي واسع، مبني على سياسات متباينة، تتقاطع وتختلف، وبدأ عرفات يفقد صلاحياته الواحدة تلو الأخرى، فبالأمس القريب تم تجريده من كل صلاحياته المالية الواسعة، بما كانت تمثل له من سطوة ونفوذ . وبخسارته معركة تشكيل الحكومة يكون عرفات قد خسر جزءاً هاماً من صلاحياته الأمنية التي هي مصدر قوته الثاني. لكن في الطرف الآخر فإن السيد أبو مازن لا يستطيع الادعاء بأنه الجانب المنتصر لأنه يدرك بأنه أدخل نفسه في دوامة مقامرة كبرى قد تنهي دوره السياسي بشكل مأساوي، حيث جعل سياسته وبرنامجه رهناً بالوعود الأمريكية، وبما ستقدمه حكومة شارون أولا تقدمه.
 إن الحكومة المشكلة ستولد ميتة، فهي حكومة ذات لون سياسي واحد تفتقد إلى قاعدة وطنية أو شعبية عريضة، وتفتقد إلى برنامج إجماع وطني سياسي وإصلاحي ديمقراطي، بل على العكس من ذلك هي تأتي على أرضية خطة "خارطة الطريق" المعلقة باليد الأمريكية، والمثقلة بالشروط الشارونية لتهبيط سقفها وثم تعطيلها كما فعلت مع تقرير ميتشل قبلها، وتشكيلتها تضم الكثير من العناصر الفاسدة التي لا تتمتع بأي مصداقية في الشارع الفلسطيني، لذلك ستكون عرضة للأزمات وربما السقوط أمام أول امتحان لها.
 إن طبيعة المهمات المرسومة لهذه الحكومة هي التي أضفت على معركة تشكيلها طابعاً تناحرياً مرّاً، فمسألة وجود محمد دحلان في الحكومة بالموقع الذي سيشغله لم تكن قضية شكلية فالمطلوب من الجانب الفلسطيني في المرحلة الأولى حسب الجدولة المقترحة لخطة الطريق هو وقف الانتفاضة وكل أشكال المقاومة الوطنية المسلحة، وهو ما يصطلح الأمريكيون والإسرائيليون على تسميته وقف (الإرهاب والعنف الفلسطيني)، كشرط لتنفيذ باقي أجنده الخطة، وبالتالي فإن إعادة تشكيل الأجهزة الأمنية الفلسطينية لجعلها مطواعة وقادرة على تنفيذ ما يطلب منها، هو المدخل الإجباري الذي سيوكل إلى دحلان مهمة رسمه وتنفيذه. وهذا ما عبر عنه الإسرائيليون أكثر من مرة ليس آخرها تصريح المنسق السابق لشؤون الاحتلال (رافي روتشيلد) الذي أعتبر في حديث للإذاعة الرسمية الإسرائيلية: ( أن وجود دحلان في حكومة أبو مازن أمراً حيوياً لضمان سلطة أبو مازن وسيطرته على الحكومة ) ـ الحياة 22/4/2003 ولعل هذا الموقف الإسرائيلي الذي يعطي ثقة شبه مطلقة لشخص محمد دحلان مبني على ما صرح به الأخير مراراً وتكراراً بأنه صاحب رغبة حقيقية في مكافحة الأجنحة العسكرية لفصائل المقاومة الفلسطينية، بغية منعها من تنفيذ أية أعمال عسكرية ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي. من كل هذا يمكن القول بأن برنامج الحكومة سيكون برنامجاً أمنياً أولاً حسب "خارطة الطريق" ضمن جدولة وتواريخ محددة، وبالتالي لن يسمح لهذه الحكومة بالتعامل مع هذه القضايا بزمنِ مفتوح وسيكون هامش المناورة شبه معدوم.
 ويبقى هناك سؤالاً محيراً يطرح نفسه بقوة : ما الذي دفع الأطراف التي سعت إلى إنجاح أبو مازن إلى هذا الأمر ؟!! وهم يعرفون تماماً بأنه أضعف من أن يحمل و ينفذ البرنامج الموكل له، فهو إضافة لكونه لا يتمتع بأية (كارزما) قيادية، فهو لا يتمتع بأي شعبية تذكر في الشارع الفلسطيني، وأفضل استطلاعات الرأي أعطته 3% فقط. ورغم كل الضربات التي وجهت إلى عرفات فإن شعبيته تبقى أكثر بكثير وبما لا يقاس مع شعبية أبي مازن، من هنا يبدو بأن الأمر من الناحية الشكلية يهدف بالأساس إلى إزاحة عرفات وتحويله إلى مجرد رئيس رمزي للسلطة الفلسطينية ولا بأس بأن تكون الحكومة المقبلة مجرد حكومة انتقالية، يرأسها أبو مازن. ولكن في قراءة من زاوية أخرى للموضوع يمكن لنا القول بأن صفات أبو مازن الداعية لوقف المقاومة تحت شعار " لا لعسكرة الانتفاضة " وتعطيل قيام حكومة الائتلاف الوطني وبرنامج القواسم المشتركة بين فصائل وقوى الانتفاضة ومؤسسات المجتمع المدني، هي التي رشحته لنيل ثقة الأمريكيين والإسرائيليين، فنجاحه أو فشله سيبقى رهنا بيد حكومة شارون ودرجة حياد أو انحياز الإدارة الأمريكية لسياسته، وسيبقى عرفات بانتظار اللحظة السانحة للأخذ بثأره من أبي مازن، وبالتالي فمحمود عباس سيبقى بحاجة ماسة ودائمة للإسناد والدعم من قبل الأمريكيين والإسرائيليين، ولو دققنا أكثر سنكتشف بأن الأمر يتعدى إزاحة عرفات إلى أمر أكثر خطورة حيث تلوح في الأفق مخاطر نجاح شارون في نقل المعركة إلى داخل البيت الفلسطيني، حيث أن مجرد محاولة  أبو مازن الشروع في تنفيذ ما هو مطلوب منه قد يفجر صدامات لا تحمد عقباها مع القوى الوطنية الفلسطينية ذات الأجنحة العسكرية، يمكن أن تقود إلى حرب أهلية دموية يكون المستفيد الأكبر منها الاحتلال. وعدا عن هذا وذاك يبدو أن أبو مازن ودحلان كانا الخيار الوحيد المتوفر، يحكم آرائهم ومواقفهم المعلن عنها، والتي يعمل  الإسرائيليون لاختبارها على الأرض قريباً .             
 إن منطق العقل يدفعنا للقول بأن أبا مازن سيتعامل بحذر، فالإسرائيليون لا يُبدون حتى الآن أية مرونة تذكر، وهناك خطوط حمراء فلسطينية لا يمكن له تجاوزها، لم يستطع تجاوزها بالأمس من هو أقوى منه (الانسحاب الكامل إلى حدود 67، القدس، اللاجئين، المستوطنات). وإقدام إسرائيل على مبادرات صغيرة من نمط إطلاق عدد من المعتقلين الإداريين الذين قاربت مدة أحكامهم على الانتهاء ستكون مبادرات دون أية قيمة تذكر.
 إن المخرج الوحيد فلسطينياً لهذه الحكومة هو العودة إلى حوار وطني شامل، واستبدال قانون الانتخابات الحالي بقانون جديد ديمقراطي يقوم على أساس التمثيل النسبي تنبثق عنه حكومة ائتلاف وطني على أساس برنامج قواسم وطنية مشتركة، وبرنامج اصطلاحات جذري. وهو ما دعت له الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين في فحصها ونقدها لتشكيل الحكومة، ويشاطرها الرأي في ذلك غالبية القوى الوطنية الفلسطينية بما فيها أوساط واسعة في فتح، حزب رئيس السلطة ورئيس وزرائه .
 من المؤكد بأن أبا مازن لن يبيض في سلة خطة خارطة الطريق أمناً وسلاماً لإسرائيل، فالإسرائيليون غير راغبين حتى الآن في دفع الثمن المطلوب منهم، ومحاولتهم دفع الكرة إلى الملعب الفلسطيني لن تنجح، وإن كانت ستخلق كثيراً من الارتباكات للفلسطينيين، فالأمريكيون والإسرائيليون يدركون بأنه لا يمكن تحويل جوهر القضية إلى قضية أمنية. وعليهم إذا ما أرادوا إنجاح حكومة محمود عباس، التقدم بتنازلات جوهرية في القضايا الأساسية. يبدو حتى الآن أنهم غير مستعدون لها. ويتوجب عليهم الإقلاع عن سياسة خلط الأوراق. حيث أن الكثير من الاعتراضات الإسرائيلية على خطة خارطة الطريق لا تمثل سوى مناورات الهدف منها ابتزاز أكبر تنازلات ممكنة من الجانب الفلسطيني المفاوض مستغلين في ذلك ما آلت إليه الأوضاع في المنطقة جراء نتائج العدوان الأمريكي ـ البريطاني على العراق، وما خلّفه من اختلال كبير في موازيين القوى لصالح إسرائيل، فالخطة في مرحلتها الأولى وجدولها الزمني وتقديمها شرط وقف المقاومة الوطنية أولاً لا تبتعد كثيراً عن تلبية الشروط التي طالب بها المفاوض الإسرائيلي.
 إن الكثير من الأبواب الفلسطينية ستبقى مغلقة أمام (أبي مازن). فمسؤولية المفاوضات السياسية بقيت بيد عرفات كونه رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وما زال عرفات يتمسك بموقعه كقائدٍ أعلى لقوات الأمن الوطني، وهو ما قد يشكل عقبة جدية في وجه إعادة تنظيم هذه القوات وأجهزتها كما يرغب أبو مازن ومحمد دحلان، ويضاف إلى هذا موقف القوى الوطنية (ومنها كتل في فتح) التي ستكون بالمرصاد لسياساته وجاهزة للرد عليها.
 إن الإصلاحات الدستورية التي تم تنفيذها والتي حَدَتْ من السلطات الواسعة التي كان يحتكرها رئيس السلطة، تبقى مهمة بحد ذاتها وتشكل تطويراً حقيقياً في النظام السياسي الفلسطيني ولا يقلل من هذه الأهمية معركة المصالح والنفوذ اللامبدئية، التي سبقت وأعقبت إقرارها، وواهم من يظن بأن الشعب الفلسطيني سيكون معنياً بالاصطفاف خلف أحد طرفي الصراع خلافاً لمصالحه الوطنية.
 ما بين استمرار إبقاء عرفات محاصراً فيما تبقى من مقره في رام الله و بين الوعود الأمريكية لأبي مازن الذي عاد من ( حردٍ ) لم تطل أيامه كثيرًا خيط واصل، فبمقدار ما سيستطيع أبو مازن تحقيقه سيزيد الخناق من حول عرفات، وفي نهاية المطاف هذا ما سيقرره الإسرائيليون وحدهم، إلا إذا قرّرَ عرفات إحداث تغيير جذري ودراماتيكي في سياسته التي طالما مارسها، وعاد إلى جماهير شعبه مسلحاً ببرنامج إجماع وطني، وإعادة بناء الوحدة الوطنية بانتخابات جديدة وبقانون انتخابات ديمقراطي يقوم على مبدأ التمثيل النسبي لكل مؤسسات السلطة الفلسطينية، وعندها فقط يمكنه الاعتماد على الجماهير التي حمته من جرافات الاحتلال في اللحظة الأخيرة ليل 20 ـ 21 أيلول/ سبتمبر 2002، فهي قادرة على حمايته مرة أخرى.



#عامر_راشد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكومة محمود عباس بين هبوط طريق -خطة الطريق- ومشروع الإصلاحات


المزيد.....




- مشتبه به في إطلاق نار يهرب من موقع الحادث.. ونظام جديد ساهم ...
- الصين تستضيف محادثات بين فتح وحماس...لماذا؟
- بشار الأسد يستقبل وزير خارجية البحرين لبحث تحضيرات القمة الع ...
- ماكرون يدعو إلى إنشاء دفاع أوروبي موثوق يشمل النووي الفرنسي ...
- بعد 7 أشهر من الحرب على غزة.. عباس من الرياض: من حق إسرائيل ...
- المطبخ المركزي العالمي يعلن استئناف عملياته في غزة بعد نحو ش ...
- أوكرانيا تحذر من تدهور الجبهة وروسيا تحذر من المساس بأصولها ...
- ضباط وجنود من لواء المظليين الإسرائيلي يرفضون أوامر الاستعدا ...
- مصر.. الداخلية تكشف ملابسات مقطع فيديو أثار غضبا كبيرا في ال ...
- مصر.. الداخلية تكشف حقيقة فيديو -الطفل يوسف العائد من الموت- ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - عامر راشد - معركة -انتصر- فيها الطرف الأضعف حكومة أبو مازن إلى أين...؟