حسن البياتي
الحوار المتمدن-العدد: 5484 - 2017 / 4 / 7 - 20:19
المحور:
الادب والفن
جنود الإحتلال
شعر: حسن البياتي
-1-
ما زلتُ أذكرُ ذلك اليوم الرهيبْ
و الشارعَ النائي ، و قضبانَ القطارْ :
كنا صغار
نلهو و نمرح في الأزقة و الدروبْ
كنا صغار
حين احتوانا ـ و الضحى ـ دربٌ طويلْ
في ذلك اليوم الرهيب
كنا نهرولُ في جنونْ
أقدامنا الرعناء تستبق العيون !
للشارع النائي البعيدْ …
و عيوننا البلهاء تنثر في ذهول
نظراتِها بين الأزقة و الدروب
حتى احتوانا الشارع النائي البعيد
ـ 2 ـ
كانتْ جنود الإحتلالْ
كالسيل تزحف للقتال …
كانتْ ، و أسراب المدافع و الدروعْ
عجلاتها الحمقى تدمدم كالهديرْ !
و الأرض ، كانت تحتها ، تعبى تنوءْ
تعبى تنوء …
كنا حيارى ذاهلين ... و فجأة بين الجموع
تلفتتْ عيناي ، أبحث عن (( رفيق )) ،
أخي الصغير …
و مضيتُ أصرخ في جنونٍ ، و الدموع
تجري و تجري فوق خدي :
(( يا رفيق !
أخي ! ...
حبيبي ! ...
أين أنت ؟
أخي رفيق ! ))
جفّ النداء و لا مجيبْ
إلا صدى صوتي المحشرج بالنحيب -
صوتي الغريب
لكنني ـ و قد استبدّ بيَ التبلد و الذهولْ ـ
لاحت لعيني عند منعطف السبيل
أجساد حشدٍ من رجال هائجينْ
كانوا هنالك عند قضبان القطارْ
يرغون في صخب شديدْ ،
قبضاتهم تعلو و تنذر بالوعيد
و كأنما قد لفهم ثوب الشجار !
فعدوتُ نحوهمو :
(( لعلّ أخي هناكْ ))
لكنني ...
يا هول ما قد أبصرت عيني هناكْ !
ـ 3 ـ
كانت جنود الإحتلالْ
كالسيل تزحف للقتال …
كانت ، و أسراب المدافع في الطريقْ
عجلاتها قد مثلت بأخي رفيق ،
تركته أشلاء مبعثرة يلوّنها النجيعْ …
و مضت إلى سوح القتال ،
عجلى …
و فوق ظهورها كانت جنود الإحتلال
نظراتها الشزراء تهزأ بالجموع
ـ 4 ـ
ما زلتُ أذكر ذلك اليوم الكئيبْ
و عويل أمي …
و الخدودَ الدامياتْ
و الأعينَ المتقرحاتِ من النحيب
و الباكياتِ الناعيات ...
و نساءَ حارتنا يبعثرن الشعورْ
و اللاطماتِ على الصدور …
في بيتنا الخرب العتيقْ
كانوا ، جميعا ً ، ينحبون
و يندبون ...
أخي (( رفيق ))
#حسن_البياتي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟